Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطات الروسية تتشدد في الداخل في خضم غزو أوكرانيا

عززت الضغط على وسائل الإعلام المستقلة القليلة من أجل السيطرة على الرواية التي تقدمها عن النزاع

وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانوناً ينص على أحكام بالسجن تصل إلى 15 عاماً لنشر أخبار كاذبة عن الجيش الروسي، في الوقت الذي تتابع فيه موسكو غزوها لأوكرانيا.

ووقع بوتين أيضاً قانوناً تُفرض بموجبه غرامات أو أحكام بالسجن على المطالبين بفرض عقوبات على روسيا، فيما تواجه موسكو عقوبات اقتصادية غير مسبوقة من العواصم الغربية بسبب الغزو.

وكان النواب الروس (الدوما) أقروا في قراءة ثالثة الجمعة نصاً يتضمن عقوبات بالسجن وغرامات شديدة لكل من ينشر "أخباراً كاذبة" عن الجيش. وينص هذا التعديل على عقوبات مختلفة بالسجن لمدة يمكن أن تصل إلى 15 عاماً إذا أدت "أخبار كاذبة" إلى "عواقب خطرة" على القوات المسلحة.

وينص تعديل منفصل أقر الجمعة أيضاً على معاقبة مطلقي "الدعوات إلى فرض عقوبات على روسيا" التي تواجه إجراءات انتقامية غربية قاسية لغزوها أوكرانيا.

ونقلت وكالة "إنترفاكس" عن رئيس لجنة السياسة الإعلامية في الدوما ألكسندر خينشتين قوله إن "القانون يشمل جميع المواطنين وليس فقط مواطني روسيا".

وأعلنت الهيئة الناظمة في روسيا "روسكومنادزور" الجمعة حجب "فيسبوك" في البلاد على وقع الحرب مع أوكرانيا، متهمة شبكة التواصل الاجتماعية بـ"التمييز" في حق الإعلام الروسي. ولفتت لاحقاً إلى أنها بدأت "تقييد الوصول" إلى "تويتر"، حسبما أفادت وكالات الأنباء الروسية.

الضغط على وسائل الإعلام

من أجل السيطرة على الرواية التي تقدمها عن النزاع إلى الشعب الروسي، عززت السلطات الضغط على وسائل الإعلام المستقلة القليلة التي تمكنت من العمل في السنوات الأخيرة على الرغم من المناخ العدائي.

فقد أعلنت "روسكومنادزور" الجمعة أنها فرضت قيوداً على الوصول إلى أربع وسائل إعلام مستقلة، بما فيها النسخة الروسية من "بي بي سي" بطلب من النيابة.

وقالت "روسكومنادزور" إن الاطلاع على المواقع الإلكترونية لخدمة اللغة الروسية التابعة لـ"بي بي سي" و"دويتشه فيلي" و"ميدوزا" و"راديو سفوبودا"، الفرع الروسي لإذاعة أوروبا الحرة، أصبح "محدوداً".

وأوضحت أن هذه القرارات اتخذت بطلب من النيابة صدر في 24 فبراير (شباط) اليوم الذي بدأ فيه غزو أوكرانيا. وعلى مجلس الاتحاد المصادقة الجمعة على هذه النصوص التي تنطبق على وسائل الإعلام والأفراد الروس والأجانب سواء.

تسمح هذه الإجراءات للسلطات بتعزيز وسائلها للسيطرة على المعلومات التي تقدمها للشعب الروسي عن غزو أوكرانيا الذي قدم على أنه عملية محدودة تهدف إلى حماية الناطقين بالروسية من "الإبادة الجماعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفتحت الصفحات الرئيسة لـ"بي بي سي" و"دويتشه فيلي" بشكل متقطع لكن تعذر الاطلاع على بعض المقالات حول الحرب في أوكرانيا، حسب صحافيين من وكالة الصحافة الفرنسية في موسكو.

وأعلن رئيس هيئة "بي بي سي" تيم دايفي الجمعة أن المؤسسة الإعلامية البريطانية ستوقف تغطيتها في روسيا بعد إقرار التشريع الجديد، على أن تواصل التغطية من خارج روسيا.

وأضاف أن هذا الأمر "لا يترك لنا أي خيار آخر سوى التعليق المؤقت لعمل كل صحافيي الأخبار في بي بي سي وطواقم الدعم لهم داخل اتحاد روسيا، في حين نقيم التداعيات الكاملة لهذه المستجدات المؤسفة".

وتعذر الوصول إلى الصفحتين الرئيستين لـ"ميدوزا" و"سفوبودا". وتمول خدمة اللغة الروسية في "بي بي سي" وأوروبا الحرة و"دويتشه فيلي" من قبل لندن وواشنطن وبرلين على التوالي.

وفي روسيا ينشر صحافيو هذه الخدمات باستمرار تحقيقات تنتقد الكرملين. وكانت "دويتشه فيلي" منعت الشهر الماضي في روسيا وأجبر مراسلوها على التوقف عن العمل، لكن موقعها الإلكتروني واصل عمله.

حظر استخدام بعض الكلمات

وتصف المنظمات غير الحكومية روسيا باستمرار بأنها واحدة من الدول الأكثر تقييداً لحرية الصحافة، لكن الوضع تفاقم منذ بدء غزو أوكرانيا.

وفي هذا الإطار، منعت السلطات الروسية وسائل الإعلام من استخدام معلومات غير البيانات الرسمية حول غزو أوكرانيا. كذلك، حظرت استخدام كلمات مثل "الحرب" و"الاجتياح".

وقالت صحيفة نوفايا غازيتا الروسية المستقلة الجمعة إنها ستزيل محتوياتها المتعلقة بأوكرانيا. وقالت في بيان على "تلغرام" "لقد انتقلت الرقابة العسكرية في روسيا بسرعة إلى مرحلة جديدة: من التهديدات إلى حجب وإغلاق المطبوعات، انتقلت إلى التهديد بالمقاضاة الجنائية. ما من شك في أن هذا التهديد سيُنفذ".

وكانت إذاعة "صدى موسكو" أعلنت الخميس حل نفسها بينما علقت قناة "دوجد" بثها بعد تعطيل موقعيهما الإلكترونيين. وحذا موقع "زناك" الإخباري حذوهما وأعلن الجمعة توقفه عن العمل "بسبب كثرة القيود التي فرضت أخيراً على عمل وسائل الإعلام في روسيا".

أما موقع "ذي فيليدج" الذي يشكل مرجعاً للحياة الثقافية في موسكو، فقد قرر إغلاق مكتبه في العاصمة الروسية للانتقال إلى وارسو ببولندا. واتهمت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفينكو الغرب بـ"شن حرب إعلامية ضد روسيا غير مسبوقة في نطاقها وعدوانيتها".

"عميل للخارج"

وتكشف هذه الإجراءات عن حجم القمع الواسع في روسيا فلاديمير بوتين منذ 2020. وقد اتخذ منحى جديداً مع غزو أوكرانيا وإقرار النواب قوانين قمعية حيال حرية التعبير.

وصنف عدد كبير من المطبوعات والصحافيين ضمن فئة "عميل للخارج" مما يعرضهم خصوصاً لإجراءات إدارية صارمة وملاحقات قضائية في حال حدوث انتهاكات بسيطة. وسجن المعارض الرئيسي للكرملين أليكسي نافالني بعدما نجا من عملية تسميم وحلت منظمته التي أنشئت لمكافحة الفساد.

وأعلن القضاء الروسي في ديسمبر (كانون الأول) حل المنظمة غير الحكومية "ميموريال" التي تشكل رمزاً في الدفاع عن حقوق الإنسان وتحفظ ذكرى الملايين من ضحايا جرائم الاتحاد السوفياتي. وثبت القضاء الحكم الاثنين الماضي.

وأعلنت "ميموريال" عن عمليات تفتيش الجمعة في مكاتبها في موسكو. وقالت على حسابها على تطبيق "تلغرام" إن "عمليات تفتيش ميموريال جارية في مكتبيها في شارعي كاريتني رياد 5/10 ومالي كاريتني 12" في العاصمة الروسية.

كذلك أعلنت المنظمة غير الحكومية الروسية العريقة لمساعدة المهاجرين "لجنة المساعدة المدنية" الجمعة إن عمليات تفتيش استهدفتها. وقالت على مواقع التواصل الاجتماعي "عمليات تفتيش تجري في مكتبنا في موسكو" و"السبب غير معروف".

إلى ذلك، أعلنت المنظمة غير الحكومية "أو في دي-انفو" توقيف أكثر من ثمانية آلاف شخص في روسيا لتظاهرهم لا سيما في موسكو وسانت بطرسبرغ، ضد غزو أوكرانيا منذ 24 فبراير يوم بدء الهجوم.

وفي مواجهة الأصوات المعارضة لهذا التدخل، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الجمعة إن الوقت "ليس للانقسام بل للاتحاد. والاتحاد حول رئيسنا". ويؤثر هذا القمع في الروس أولاً، لكن أصواتاً بدأت تهاجم المنظمات الأجنبية أيضاً.

واتهم فاليري فاديف رئيس مجلس الكرملين لحقوق الإنسان وسائل الإعلام الأجنبية بنشر معلومات كاذبة حول النزاع في أوكرانيا. وقال "أطلقنا مشروعاً (...) لمواجهة الكم الهائل من الأخبار الكاذبة الصادرة من أوكرانيا والدول الغربية".

المزيد من دوليات