Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعارضة في الجزائر تبحث عن التحالفات لتفعيل العمل السياسي

الهدف السعي لإحداث التوازن من خلال تكوين قوة موازية لأحزاب الموالاة

جانب من لقاء تشاوري للمعارضة الجزائرية خلال الحراك الشعبي (التلفزيون الجزائري)

استيقظت أحزاب محسوبة على المعارضة في الجزائر بعد فترة من الغياب، ودعت إلى ضرورة التنسيق في ما بينها من أجل "التصدي" لمضايقات السلطة ومحاولات تهميش جزء من الطبقة السياسية، وأجمعت على أهمية تأسيس تحالفات تسمح بوقف ممارسات السلطة التي تستهدف ما وصفتها بإقصاء المعارضة.

تراجع حرك المعارضة

وتعيش الساحة السياسية في الجزائر حالة من تراجع النشاط بخاصة ما تعلق بأحزاب المعارضة التي باتت تكتفي ببيانات محدودة في التعاطي مع قرارات وإجراءات السلطة، غير أن الوضع فتح المجال لمحاولات إعادة الاعتبار للعمل السياسي ولممارسة المعارضة الديمقراطية، وشهدت أحاديث الأحزاب المحسوبة على المعارضة، خلال نشاطات متفرقة، دعوات إلى مواجهة سلوكيات تمييع الساحة السياسية.

وأبرز حزب "جبهة العدالة والتنمية"، في بيان، أن القوى السياسية والمعارضة الجادة مدعوتان إلى التنسيق من أجل إعادة الاعتبار للفعل السياسي المنظم، ومحاولات إبعاد دور الأحزاب والفاعلين السياسيين عن الساحة وتحييدهم عن الدور المنوط بهم دستورياً في تأطير المجتمع والمساهمة في تسيير شؤونه العامة، منتقداً ما وصفه بـ"التضييق الممنهج على الحياة السياسية والغلق الإعلامي، وكذلك الاعتقالات والمضايقات بسبب الآراء والمواقف السياسية"، وقال إن "الجنوح للقبضة الأمنية في التعامل مع أي احتجاج قد يوجد حالة من الاحتقان، ويعمق الشعور بأنه لم يتغير أي شيء".

حوار سياسي

ودعت "جبهة العدالة والتنمية" إلى حوار سياسي بين قوى المعارضة، مشددة على أن "الجزائر اليوم، أمام مأزق ومرحلة دقيقة من تاريخها تستدعي مشروعاً وطنياً جامعاً". وأشارت إلى أن عدم وجود تنسيق بين القوى السياسية في السابق، "لم يسمح ببناء وهيكلة ميزان قوى حقيقي لسلطة الأمر الواقع، وعجّل بفشل مسار وطني جامع". وقالت إنه "لم يفت الأوان بعد، ولا تزال الفرصة قائمة للشروع في مسار وطني جامع يصون الدولة الوطنية ويحمي مكوناتها ومقوماتها ويؤسس لعهد جديد، عهد دولة القانون والديمقراطية، عهد يضمن الرقي والازدهار للجزائريين والجزائريات".

من جانبه، عبر حزب "حركة مجتمع السلم"، عن دعمه أية مبادرات للحوار والعمل مع القوى السياسية والمعارضة الحكيمة، داعياً "القادة الحكماء الأذكياء في المعارضة إلى التفكير في إعادة بناء تجربة العمل المشترك". وأوضح رئيسه عبد الرزاق مقري، أن "القادة من أصحاب البذل والعطاء، الذين يعملون أكثر مما يتكلمون، ممن هم على صلة مباشرة ودائمة مع المواطنين، قادرون على صناعة المستقبل بالاستفادة من تجارب التاريخ".

واعتبر حزب "جيل جديد"، أن "الإغلاق غير المبرر للمجال الإعلامي، ومواصلة الحجب عن بعض المواقع، ومحدودية الممارسة السائدة في قطاع الإعلام العام والخاص، وغياب النقاشات السياسية، كل هذا أسهم في خنق القدرة الوطنية على توضيح القضايا وإلهام الأمل وخلق الابتكار وحشد الوعي". وقال رئيسه جيلالي سفيان، إنه "من غير المفهوم أن تتمكن قلة من الأفراد ذوي الولاءات والسلوكيات المشكوك فيها من السيطرة على جزء مرتبك من الرأي العام، من دون أن يواجه ذلك بإجابة جدية، مهنية وكافية، من طرف الدولة، وبطريقة أوسع من طرف جهاز الإعلام الوطني".

من جهته، اعترض حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، على "استمرار حالة الإغلاق الإعلامي والسياسي الذي يهدف إلى منع أي نقاشات سياسية حول الوضع العام في البلاد"، محذراً من أن "التهرب من الواقع والالتفاف المتكرر على الإرادة الشعبية ليسا الحل للأزمة المتعددة الأبعاد التي تمر بها بلادنا".

من أجل إحداث التوازن

وفي سياق متصل، اعتبر الناشط السياسي حليم بن بعيبش، أنه ممكن جداً أن يتم تأسيس تحالف لأحزاب المعارضة، وقال، "لكن هذا التحالف ليس للمواجهة، لأن العمل السياسي ليست في قاموسه المواجهة". مضيفاً أن التحالف السياسي هو من أجل إحداث التوازن من خلال تكوين قوة سياسية موازية لأحزاب الموالاة، ويكون هناك صوت مسموع للمعارضة، وذلك من أجل الرد على الاعوجاج الذي بدأ يظهر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وواصل بن بعيبش أن أصل المعادلة السياسية مبنيّ على ثلاثية السلطة والمعارضة والشارع، و"عند تفكيك هذه المعادلة، نجد أن الشارع بات يعتبر السياسة آخر اهتماماته، لأنه في رحلة تأمين لقمة العيش في ظل ارتفاع الأسعار وانهيار القدرة الشرائية"، ليبقى الأمر مرتبطاً بين السلطة والمعارضة، وعليه، فإن كان هناك نشاط سياسي وتجاوب من السلطة، بكل تأكيد، ستكون هناك سياسة، أي "فعل ورد فعل"، لكن في الجزائر، السلطة لا تزال لديها مشكلة مع الأحزاب أو عقدة إن صح التعبير.

لا سوابق ناجحة

ولا تملك المعارضة الجزائرية باعاً في التحالفات، فمنذ إقرار التعددية الحزبية في البلاد سنة 1989، لم تحقق نجاحات في معارضتها السلطة على الرغم من المحاولات المتقطعة، وكان آخرها مع اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، إذ سارعت الأحزاب التي تصنف نفسها في خانة المعارضة إلى التكتل ضمن "فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب"، وعلى الرغم من اللقاءات المتكررة التي تم تنظيمها تزامناً مع استمرار الحراك، فإنها لم تصل إلى أية نتائج، بل على العكس، عرفت تصدعات وانشقاقات.

الخناق السياسي

الإعلامي المهتم بالشؤون السياسية، هشام زروقي، قال بدوره إنه حتى بعد الحراك الشعبي، ما زالت أحزاب السلطة في الواجهة، التي حصدت حصة الأسد في الانتخابات التشريعية، عكس أحزاب المعارضة التي وجدت نفسها تائهة ضائعة من دون ورقة طريق واضحة المعالم، ما زاد في تراجعها. مضيفاً أن التحالفات السياسية واحدة من الحلول لفك الخناق السياسي، لكن ليست هي الحال بالنسبة إلى الأحزاب المعارضة في الجزائر التي تعتبر المسؤولة عن الوضعية التي تشهدها اليوم، حيث غابت تماماً عن المشهد السياسي فاسحة بذلك المجال لأحزاب السلطة.

أضاف زروقي أن فكرة إقصاء واستبعاد الأحزاب تدخل ضمن اللعبة السياسية بين الحكومة والمعارضة، غير أنه على الأحزاب المعارضة أن تفرض وجودها وتثبت أهميتها وضرورتها من خلال نشاطها الفعلي في الميدان، الأمر الذي غاب تماماً في السنوات الأخيرة، وختم أن المشكل ليس في التكتلات بقدر ما هو في الأفكار والرؤى واضحة المعالم.

المزيد من تقارير