Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقرير فرنسي ربما يوتر العلاقات بين باريس والجزائر

يتناول التسلح ويقلل من حقيقة استقرار الوضع السياسي ويحذر من حرب محدودة مع المغرب

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستقبل وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان (التلفزيون الجزائري)

على الرغم من رسائل التهدئة الموجهة من السلطات في الجزائر وفرنسا، والإشارات الإيجابية المرافقة لتحركات مسؤولين من البلدين، يبدو أن العلاقات بينهما مرشحة للتوتر مجدداً، خصوصاً بعد إصدار البرلمان الفرنسي تقريراً يقلل من حقيقة استقرار الوضع السياسي في الجزائر، ويحذر من حرب محدودة بينها والمغرب.

تقرير يتشاءم سياسياً ويحذر عسكرياً

يقول التقرير الفرنسي إن الوضع السياسي الجزائري يدعو إلى التشاؤم وإن "الجزائر تقف في المنعرج، إما نجاح الانتقال السياسي أو الغرق في الفوضى". ويلفت إلى أن القراءات مبنيّة على شهادات خبراء وممثلين لوزارة الدفاع الفرنسية، منهم الملحق العسكري الفرنسي في الجزائر، مضيفاً أن هامش المناورة أمام النظام السياسي تراجع بسبب ضعف مداخيل المحروقات وتآكل احتياطي الصرف، إضافة إلى تبعات الأزمة الصحية.

ويورد التقرير الذي حمل عنوان "رهانات الأمن في البحر الأبيض المتوسط" وقد أُنجز لمصلحة لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية الفرنسية، أن العزوف عن التصويت في الانتخابات التشريعية يعبّر عن عدم ثقة سياسية، معتبراً أن استقرار الجزائر يعتمد على قدرة النظام على الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب، لأنه بخلاف ذلك من غير المستبعد وقوع فوضى كبيرة على المدى المتوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتطرق التقرير إلى ما يسمّيه بـ"الاختفاء المفاجئ" لنظام حزب جبهة التحرير الوطني، المتحكم في مقاليد الدولة، مستنتجاً أن ذلك لا يمكن أن يتم من دون جرّ البلد إلى الفوضى.

وفي السياق ذاته، يقول محررا التقرير، وهما البرلمانيان جون جاك فيراري من "حزب الجمهوريين" وفيليب ميشال كليباور من "الحزب الديمقراطي الحر"، إن الجانب الجزائري يتوجس من تطورات الوضع في منطقة الساحل، ومن مشروع فرنسا القديم المتمثل في إنشاء دولة الطوارق أو الأزواد الكبرى.

ويخصص التقرير حيّزاً مهماً لموضوع القدرات العسكرية الجزائرية وسباق التسلح القائم مع المغرب، مع اهتمام خاص بتنامي القوة البحرية التي كشف عن توافرها على أسطول من طرادات وفرقاطات وغواصات، إضافة إلى أنظمة رادارات متطورة وأنظمة دفاع جوي قوية، مشيراً إلى أن الجزائر أنفقت حوالى 100 مليار دولار خلال 10 أعوام لتحديث جيشها وترسانتها.

يفتقد إلى العقلانية؟

وترى المتخصصة في العلاقات الدولية شروق مستور أن "الجزائر كغيرها من الدول تمتلك استراتيجية دفاعية لحماية أمنها القومي وإقليمها من المخاطر والتهديدات". وتقول إن "هذا التقرير يفتقد إلى العقلانية، إذ إن مراقب المشهد العام في المنطقة يدرك أن التحركات الجزائرية تهدف إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار"، مشددة على أن "السلطات في الجزائر هي الوحيدة القادرة على تحليل نوع المخاطر المحتملة والاستراتيجية اللازمة لجبه التهديدات".

وتضيف "على الرغم من الخلافات والتوتر في العلاقات مع المغرب والاستفزازات المتكررة، إلا أن السلطات في الجزائر حافظت على ثباتها في وضع قرارات وسياسات خارجية تحافظ على سيادتها ولا تخرج عن إطار القانون الدولي، وكل التجهيزات والإجراءات الأمنية ما هي إلا ضرورة يفرضها الوضع الإقليمي المضطرب في ليبيا ومالي ومناطق أخرى".

وتعتقد أن "مثل هذه التقارير واردة، وهي لا تعبّر بالضرورة عن التوجه العام، فالتقرير لا يتعدى أن يكون تقريراً لشخصيات محددة، ليس لزاماً أن يكون لها ثقل أو تؤخذ في الاعتبار، والاستراتيجيات تختلف من دولة إلى أخرى، والدول كلها مستقلة في اختيار التوجه الدفاعي الذي يناسب بيئتها الإقليمية والعقيدة الأمنية الخاصة بها".

وترى مستور أن "هذا التقرير تغلب عليه الذاتية وتغيب عنه الموضوعية، فالإنفاق العسكري مسألة طبيعية، وهي ضرورة في مختلف جيوش العالم حتى في فترات السلم".

تقارير تتوقف عند التسلح

ويوضح تقرير موقع "إنفو ديفنسا" أن الجزائر رفعت موازنتها العسكرية بقيمة 700 مليون دولار لعام 2022، بزيادة نحو 7.8 في المئة مقارنة بعام 2021، لتصل إلى 9.7 مليار دولار. وتبيّن أرقام "معهد ستوكهولم للسلام" أنه في الأعوام الخمسة الماضية، سيطرت الجزائر على صدارة واردات القارة الأفريقية من السلاح، فشكّلت 52 في المئة من الواردات، إذ تقتني قطعها العسكرية من روسيا بنسبة 59 في المئة، كما أنها تُعتبر ثالث أكبر مشترٍ للسلاح الصيني على مستوى العالم.

وبحسب أحدث تصنيف لقوة الجيوش لمؤسسة "غلوبال فاير باور" الخاص بـ 2021، يحتل الجيش الجزائري المرتبة الثانية بين أقوى الجيوش في القارة الأفريقية بعد الجيش المصري، فيما يحتل الجيش المغربي المرتبة الخامسة، بينما يحتل الجيش الجزائري المرتبة 27 بين أقوى 140 جيشاً في العالم.

تشويش

إلى ذلك، يعتقد الحقوقي عابد نعمان أن "التقرير الفرنسي تشويش لا غير على الرأي العام، وهو يترجم نظرة طرف معروف التوجهات"، مضيفاً أن العارفين بخبايا الحسابات يدركون أن وضع الجزائر الجيوستراتيجي تخطى مرحلة لفت الأنظار وإثارة المخاوف ضده من أجل صدّه، لأنه بات في مرحلة الثبات إقليمياً ودولياً، خصوصاً على مستوى حوض المتوسط".

ويتابع نعمان أنه "من الناحية الرسمية، باريس أصبحت تتجنب التصريح، بينما الطرف البرلماني يضغط لتدويل مسألة التسلح التي تمسّ بالسلم والأمن العالميين في حوض البحر المتوسط، بهدف إلهاء الجزائر عن لعب أي دور إيجابي محتمل، ومحاولة إعادة الجزائر إلى الحضيرة الفرنكوفونية بعد تغيّر أجندة التعامل الدولي الجزائري الرسمي وإخراج فرنسا وأوروبا نوعاً ما من دائرة الاهتمام الاستراتيجي، مثلما كانت عليه الحال سابقاً".

مخاوف إسبانية

يُذكر أنها ليست المرة الأولى التي يُثار فيها موضوع التسلح الجزائري بشيء من "التخوف"، فقد أدلى نائب قائد القوات البحرية الإسبانية الأدميرال مانويل غارات بتصريحات جذبت الصحافة الإسبانية، عندما قال إن لدى الجزائر إمكانات في مجال الغواصات أعلى من إسبانيا، وهذه سابقة. وأشار إلى القول المأثور "من يسيطر على البحار هو من يسيطر على الأعماق وليس السطح".

المزيد من العالم العربي