Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيلا حديد تناصر المحجبات في وقت عصيب تمر به النساء المسلمات

بعد ارتدائها تصميماً يغطي الرأس في أسبوع الموضة في نيويورك، تحدثت العارضة عبر السوشال ميديا عن الأحداث الأخيرة التي تواجهها المحجبات في فرنسا والهند

ربما تساعد الموضة في تبديد المفاهيم الخاطئة عن المرأة المسلمة وتأييد حريتها في ارتداء الملابس التي تريد (غيتي)

عندما رأيت صور بيلا حديد لأول مرة وهي ترتدي بلوزة تغطي الرأس ضمن عرض تصاميم علامة "بروينزا شولر" في أسبوع الموضة في نيويورك، لم أتمالك شعوري بالانزعاج. مرة أخرى، تقوم صناعة الأزياء بإضافة لمسة من الألق على قطعة ثياب تغطي الرأس، بينما تُحرم النساء المحجبات في أماكن مثل فرنسا والهند من الحق في تغطية شعورهن.

للأسف، كان هذا الشهر حافلاً بالأحداث بالنسبة إلى النساء المحجبات في أوروبا وجنوب آسيا. هذا الأسبوع فقط، تم في فرنسا تمرير مشروع قانون يقترح حظر ارتداء الحجاب في الرياضة إلى المجلس الوطني في البلاد، حتى بعد إثارة استياء واسع النطاق من المسلمين في جميع أنحاء العالم. خططت مجموعة من الرياضيات المحجبات الفرنسيات تحمل اسم ’المحجبات’ Les Hijabeuses ، للخروج في تظاهرة تأخذ شكل مباراة كرة قدم تقام خارج المجلس الوطني في وقت سابق من هذا الشهر - لكن الشرطة الفرنسية منعت التظاهرة في نهاية المطاف.

وفي الطرف الثاني من العالم، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور الطالبات والمعلمات المسلمات اللواتي أجبرن في الهند على خلع حجاباتهن قبل دخول المدرسة، بعدما حظرت المعاهد التعليمية الحجاب في جنوب الهند (وهي دولة تضم أكثر من 200 مليون مسلم) في خطوة مثيرة للجدل. انتشرت تلك المقاطع المهينة عبر منصتي "إنستغرام" و"تويتر"، حيث عبّر عديد من غير المسلمين عن ازدرائهم لهذا التصرف المعادي للإسلام بشكل صارخ.

في هذه الأثناء، عندما ظهرت بيلا حديد ضمن عرض أزياء علامة "بروينزا شولر" في نيويورك مرتدية بلوزة بقبعة ضيقة تغطي الرأس، لم يسعني إلا أن أعيش ذلك الشعور المزعج مجدداً - ذلك الإحساس الذي لم أستطع التخلص منه عندما ارتدى كاني ويست قناعاً يغطي وجهه بالكامل في باريس في انتهاك لحظر النقاب في البلاد، أو عندما أشادت النسخة الفرنسية من مجلة "فوغ" بحجاب جوليا فوكس، لكنها التزمت الصمت عندما صوت مجلس الشيوخ في البلاد على حظر الحجاب على النساء دون سن الثامنة عشرة، أو عندما ارتدت كيم كارداشيان في حفل ’مِت غالاً’ زياً أسود يغطيها من الرأس إلى أخمص القدمين يشبه البرقع بطريقة غير مريحة.

لم يكن ظهور بيلا في أسبوع الموضة في نيويورك مغطاة الرأس بأي حال من الأحوال أول إطلالة تشبه الحجاب نراها على منصات عروض الأزياء الغربية، لكنه حدث في وقت كانت المشاعر تجاه الحجاب في قمة تأججها في جميع أنحاء العالم. لحسن الحظ، استخدمت عارضة الأزياء الشهيرة حساباتها الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل يومين للمساعدة في تسليط الضوء على محنة النساء المحجبات اللائي يواجهن الظلم في جميع أنحاء العالم من خلال نشر سلسلة من صور لنساء محجبات على "إنستغرام". ورد في تعليق مرافق لإحدى الصور: "ليست مهمتكم أن تقولوا للنساء ما إذا كان بإمكانهن الدراسة أو لعب الرياضة، بخاصة عندما يتعلق الأمر بإيمانهن وسلامتهن".

وجاء في تعليق آخر: "على الرغم من أن الموضة هي وسيلة لتخطي الحدود وجعل الأمور مقبولة أكثر إلى حد ما، أريد أن نتذكر مصدر الحجاب، ولماذا هو مهم جداً بالنسبة إلى النساء المسلمات في جميع أنحاء العالم ... إذا كنا نرى تقديراً وانتشاراً متزايداً للحجاب في الموضة وأغلفة المجلات، علينا أن نعترف أيضاً بالإساءة المتكررة التي تتعرض لها النساء المسلمات من جميع الأعراق المختلفة العاملات في الموضة بشكل منتظم داخل دور الأزياء، بخاصة في أوروبا وأميركا. دافعوا عن صديقاتكم المسلمات. إذا رأيتم شيئاً، لا تقفوا صامتين".

كما لفت منشور ثالث على "إنستغرام" الانتباه إلى فتاة محجبة تدعى هدى، تعرضت للهجوم والضرب في مدرستها في نيوزيلندا في التاسع من فبراير (شباط). كتبت بيلا: "يثير الأمر غضبي واشمئزازي. نحن بحاجة إلى تغيير عقلية إثارة الأحكام المسبقة بشكل فوري، وأن نعلم أصدقاءنا وأطفالنا وأولياء أمورنا وعائلاتنا أن ارتداء الحجاب أو أن كون المرء مسلماً أو أي شيء آخر غير الأبيض، لا يعني بشكل عام أنه يشكل تهديداً أو أنه مختلف عن أي شخص آخر. علموهم أن يحبوا قبل أن يكرهوا. أن يتثقفوا قبل إصدار الأحكام. أن يحموا الآخر قبل تعرضه للتنمر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلى جانب غطاء الرأس الذي ارتدته حديد في عرض علامة "بروينزا شولر"، تمت رؤية القبعات التي تغطي الوجه والقبعات الصوفية ضمن تصاميم الملابس اليومية التي ارتداها الضيوف الحاضرون لأسبوع الموضة. وصباح اليوم فقط، عندما كنت أتصفح عروض "التشكيلات الجديدة" على موقع "آزوز" ASOS للأزياء، أدهشني وجود تصاميم عدة متنوعة للبلوزات التي تحتوي على قبعات - مثلاً، أطلق على أحدها اسم قبعة صوفية مقنّعة - حيث يغطي بعضها الوجه بالكامل، باستثناء عيني مرتديها.

كتبت سارة معين الدين في كتابها "إزالة الغموض عن النقاب"، "الدول الغربية نفسها التي تحظر غطاء الوجه أو تكرهه تستخدمه كرمز لإضافة الغموض على شخصيات أفلام حرب النجوم وعارضات الأزياء". تُحرم النساء المسلمات من حقهن في التغطية في جميع أنحاء العالم، بينما يتم في هذه الأثناء بشكل دائم التباهي بالملابس الشبيهة بالحجاب على أنها "رائعة" و"عصرية".

ولكن هل يجب إلقاء اللوم حقاً على الموضة لتبنيها المعايير المزدوجة التي يتعامل بها المجتمع مع تغطية الرأس؟ في الواقع، من المحتمل أن الصناعة ساعدت النساء المسلمات من خلال احتفالها الأخير بحركة "الموضة المحتشمة" وإدراج عارضات الأزياء المحجبات على منصات العرض وفي الحملات الترويجية. حتى أن عام 2018 شهد إطلاق معرض ’الموضات الإسلامية المعاصرة’ في متحف دي يونغ في سان فرانسيسكو، الذي قام باكتشاف الأزياء المحتشمة في أميركا واحتفى بها وصادق عليها.

الآن، وفي حين تجد النساء المسلمات في جميع أنحاء العالم أنفسهن على مفترق طرق عندما يتعلق الأمر بالسياسات التي تؤثر على حرياتهن في تغطية شعورهن، ربما تساعد الموضة - وهي صناعة ساعدت في الدفاع عن قضايا أخرى مثل الاستدامة والشذوذ والنظرة الإيجابية للجسد - في دفع مزيد من التغيير وتبديد المفاهيم الخاطئة عن المرأة المسلمة وتأييد حريتها في ارتداء الملابس التي تريد.

قد نعتقد أن الموضة متقلبة، وتهتم فقط بالجماليات، ولا شيء أعمق من ذلك. لكن القرار الشجاع الذي اتخذته بيلا بالتعامل مع التحريفات التي تواجهها النساء المحجبات حالياً يُظهر أن هدفها يتجاوز بكثير أن تكون مجرد أداة لعرض الملابس لا صوت لها. إنها تقدم نفسها كحليفة لأخواتها المسلمات اللواتي لا يُمنحن نفس الامتيازات التي تتمتع بها، مثل حرية تغطية شعرها بلا مبالاة من دون الخوف من التعرض للهجوم أو الغرامة. إنها أيضاً دليل على حقيقة أن المرء لا يحتاج إلى أن يكون امرأة مسلمة "شديدة الالتزام"، أو مصممة أزياء "محتشمة"، حتى يتعاطف مع النساء المحجبات - يحتاج المرء فقط لأن يكون مدافعاً عن اختيار المرأة وتفويضها. في تعليق آخر على "إنستغرام" استشهدت عارضة الأزياء المحجبة تقوى بنت علي (التي كانت مصدر إلهام للمصمم جان بول غوتييه، وتعاونت أخيراً مع علامة أديداس): "كما تعلمون، لو بحثنا عن جذور ما يحدث، لوجدنا أنه أعمق بكثير من الإسلاموفوبيا، إنه تحيز جنساني محض وكره للنساء. بغض النظر عن البلدان أو العصر، يريد الرجال دائماً التحكم في ما تفعله المرأة وترتديه".

من بيلا وتقوى، إلى حليمة عدن وروضة محمد (التي تم تعيينها أخيراً محررة أزياء في نسخة الدول الاسكندنافية من مجلة فوغ)، تتحدث النساء المسلمات الموجودات في عالم الموضة عن الحجاب. والسؤال هو: هل يمكن أن ينتشر الزخم المحيط بهذه الحركة إلى المستويات العليا في الصناعة؟

من الواضح أن الموضة يمكن أن تكون سياسية، وغالباً ما تشهد الصناعة حملات ناشطة حتى في عروض أسبوع الموضة. من يستطيع أن ينسى قمصان ماريا غراتسيا كيوري الشهيرة التي صممتها لصالح علامة "ديور" وتحمل شعار "يجب أن نكون جيمعنا نسويات" (المقتبس من مقال للكاتبة النيجيرية شيماماندا نغوزي أديتشي) التي خطفت الأضواء في عروض أزياء ربيع عام 2016 في باريس؟

ينعقد أسبوع الموضة في لندن، الذي بدأ يوم الجمعة 18 فبراير، في مرحلة من التاريخ بات فيها النفاق المحيط بـ "الحجاب" أوضح من أي وقت مضى. أصبحت القبعات التي تغطي الوجه وأغطية الرأس رائجة، ونحن نرتدي الكمامات بسبب الوباء لما يقارب السنتين. مع ذلك، وبسبب السياسات والنهج السياسية المعادية للإسلام، يتم في فرنسا والهند وأماكن أخرى "تغريب" النساء المسلمات وإجبارهن على نزع الحجاب.

عندما فرضت فرنسا حظر الحجاب لأول مرة على القاصرات العام الماضي، ردت النساء المسلمات في جميع أنحاء العالم بحملة ’لا أحد يمس حجابي’ #handsoffmyhijab عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هل سيكون من المبالغ به لو طلبنا من مصممي الأزياء المشاركين في أسبوع الموضة في لندن طباعة هذه الجملة، التي تعد نسوية تماماً مثل نسوية شعار علامة "ديور" الشهي، على بلوزة قطنية، أو الأفضل من ذلك، على بلوزة بقبعة تغطي الرأس - والاستعانة بنساء محجبات لعرضها على المنصة هذا الأسبوع؟ ففي النهاية، استثمرت علامات الأزياء البريطانية عامل الحشمة لاستهداف القوة الشرائية للمسلمين، وتعرضت للنقد لكونها رمزية وذات دوافع مالية. لو سألتموني، أعتقد أن هذه الطريقة قد تكون أكثر جدوى لدعم هذه الشريحة السكانية والتواصل معها، التي هي حالياً في أمس الحاجة  إلى دعم وتحالف دوليين.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء