Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نواب بريطانيا مجمعون على إدانة بوتين والتصدي لعدوانيته

اتفق الجميع على تخطئة جيريمي كوربين ووصف رئيس روسيا بالمعتدي الشنيع وضرورة بذل جهد إضافي

بوريس جونسون متحدثاً عن الأزمة الأوكرانية أمام مجلس العموم عقب الغزو الروسي في الصباح، 24 فبراير 2022 (أ ف ب)

ثمة طيف ترصّد مناقشة مجلس العموم حول أوكرانيا، هو طيف [مفترض، بمعنى أنه يأتي من افتراض، لأن كوربين لم يتسلم رئاسة الوزراء في بريطانيا] رئيس الوزراء جيريمي كوربين. ولو فاز كوربين في انتخابات 2017، لربما كان قد أدلى ببيان اليوم [الذي ألقاه بوريس جونسون] في رد على غزو فلاديمير بوتين المتجدد لأوكرانيا.

لقد تسلل الشبح [الطيف[ نفسه إلى قاعة المجلس، و[جلس] بين نواب المعارضة في الزاوية الأبعد عن كرسي رئيس المجلس، بعد ربع ساعة من بدء رئيس الوزراء بالحديث. ربما كان سيطرح سؤالاً كما فعل [النائب جيريمي كوربين] مع وزير الدفاع أمس. لكن، لا، فقد تسلل [الشبح المفترض وجوده لو كان كوربين في منصب رئيس الوزراء] خارجاً من المجلس مرة أخرى، بعد بضع دقائق.

 وبغضّ النظر عن هذا الظهور القصير، لم يكُن في المجلس اليوم أي من أعضاء البرلمان الذين وقّعوا على بيان "تحالف أوقفوا الحرب" حول أوكرانيا الأسبوع الماضي. إلا أن آراءهم التي تنصّ على أن بوريس جونسون مذنب بـ"التهديد على نحو صاخب بالحرب"، وأن أوكرانيا لا تتمتع بـ"حق سيادي" في التطلع إلى الانضمام الى حلف "ناتو"، ألقت بظلها الثقيل على مجريات الجلسة.

لقد عرض كير ستارمر في رده على البيان الذي ألقاه جونسون، دعم حزب العمال القاطع الذي لا لبس فيه لـ"وابل العقوبات" التي تفرضها الحكومة على نظام بوتين. وتعهد بدعم حرية أبناء الشعب الأوكراني "وحقهم في تقرير مستقبلهم بأنفسهم، من دون أن يكون هناك مسدس إمبريالي مصوب إلى رؤوسهم".

بالتالي، كانت تلك بمثابة طريقة للإشارة إلى إن حزب العمال بات في ظل إدارة جديدة [بمعنى أنها تحت قيادة ستارمر، بعد قيادة كوربين]، ولم يعُد خاضعاً لإدارة أشخاص يعتقدون بشكل أوتوماتيكي أن الإمبريالية هي شيء نمارسه نحن والولايات المتحدة [إشارة إلى كوربين صاحب الميل اليساري]. وفهم رئيس الوزراء الشيفرة التي انطوت عليها كلمات الزعيم العمالي، فبدأ رده على ستارمر بالتعليق على "التغيّر المرحّب به في النهج الذي اتبعته المعارضة خلال العامين الأخيرين". ولم يعجب ذلك نواب حزب العمال، فقد بدت نقطة متحيزة حزبياً لا لزوم لها في وقت توحدت مواقف الأحزاب كلها. إلا أن جونسون اعتقد أنه يعبّر عن وقوفه إلى جانبهم ضد أنصار كوربين المستترين. وكان يحاول أن يثني على ستارمر، الذي صار زعيماً قبل 22 شهراً، فكرر جملة "خلال العامين الأخيرين".

وحافظت أليسون ماكغفرن، وهي نائبة عن حزب العمال، على روح الإجماع بين مختلف الأحزاب، إذ ذكرت أن "سوريين عدة سيعرفون أن استمرار عدوان بوتين لم يكُن متوقعاً فحسب، بل جرى التكهن به بالفعل على جانبي هذا المجلس". وفي ما بدا أنه ليس توبيخاً لكوربين وحده، بل أيضاً لإد ميليباند سلفه على رأس حزب العمال، الذي ساعد في إحباط رد على استعمال الأسلحة الكيماوية من قبل حليف بوتين [بشار] الأسد في 2013، مضت ماكغفرن لتشير إلى أنه "كما كان الأمر صحيحاً في ما يتعلق بسوريا، فإن الرد الوحيد على العدوان هو تصميم دولي منسق".

ولسوء الحظ، باعتبار أن كوربين قد غادر المجلس حين حل ذلك الوقت، لم نتمكّن على الإطلاق من اكتشاف كيف كانت حكومة بريطانية يقودها [كوربين] ستستجيب لجهود حفظ السلام التي يقوم بها بوتين في أجزاء تتمتع بالحكم الذاتي في الاتحاد السوفياتي السابق. ولكان من الممتع أيضاً رؤية كيف طوّر [كوربين] طريقة التفكير التي أوحى بها السؤال الذي وجّهه أمس إلى بن والاس، وزير الدفاع وجاء فيه "إذا انسحب الروس، هل سيكون مستعداً لتأييد أي خفض لوجود حلف ناتو على الحدود من أجل تحقيق سلام آمن على المدى الطويل في المنطقة؟".

في غيابه [الشبح المفترض لكوربين]، كان مجلس العموم موحداً في خطاب شرس النبرة ضد عدوان بوتين، إلا أنه  وجد إجماعه غير مُرضٍ إلى حد ما. كان البيان الذي تلاه رئيس الوزراء مكتوباً بشكل حسن، لكن حتى هو بدا غير مبهور بعض الشيء بالخطوات التي اقترحها على سبيل معاقبة التوغل الجديد، وهي تجميد أصول خمسة بنوك لم نسمع بها على الإطلاق وإلغاء حق السفر إلى المملكة المتحدة لثلاثة أشخاص أحدهم يُدعى بوريس، وتبيّن أن اسمه كان مدرجاً سلفاً في قائمة الرفض الأميركية منذ أربعة أعوام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد حاول ستارمر أن يبدو غاضباً حيال "المال الروسي" الذي سُمِح له بـ"التأثير في سياستنا"، لكن حتى هو لم يبدُ مقتنعاً بتلك التهمة. ولم يكُن ذلك مفاجئاً إلا بالكاد، لأنه على الرغم من الضجيج الواسع حول محاولة بوتين التدخل في الانتخابات البريطانية، لم يكُن هناك على الإطلاق أي دليل مقنع على وجود ما يرقى إلى أكثر من نظريات مؤامرة يجري بثها من قبل "روسيا اليوم"، القناة التلفزيونية التابعة للحكومة الروسية، وإنشاء عدد قليل من الحسابات [التي تتبناها] على "تويتر". ومع ذلك، فقد دعا ستارمر إلى إغلاق "روسيا اليوم"، وهو أمر سيكون سهلاً بشكل كافٍ.

في المقابل، ثمة شيء افتقر إليه مسرح الوحدة في البرلمان، يتمثّل في وجود أي فكرة عما ينبغي فعله بشأن القضية الجوهرية المتمثلة في اعتماد بقية دول أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي. كان إعلان جونسون أنه لن يُسمح لروسيا باستضافة مباريات دولية في كرة القدم جيداً، بيد أن العقوبات الوحيدة التي يمكنها حقاً أن تؤذي المصالح الاقتصادية الروسية ستكون مؤلمة لبريطانيا وللاتحاد الأوروبي أيضاً.

في ذلك الصدد، ذكر رئيس الوزراء أنه كان "من الأهمية بمكان أن نحتفظ بمزيد من العقوبات القوية على سبيل الاحتياط، نظراً إلى ما يمكن أن يفعله الرئيس بوتين تالياً"، وهو كلام بدا شبيهاً بأهوال "الملك لير" في الأرض، إذ لا يعلم جونسون ما ستكونه [أفعال بوتين اللاحقة] أو مدى إمكانية أن يتفق [جونسون] عليها مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. [في مسرحية "الملك لير" التي كتبها ويليام شكسبير، تأتي مأساة الملك من أنه أعطى ممتلكاته وسلطاته إلى بنتيه، من دون أن يعلم فعلياً ما تفكران به. ففقد عرشه، وعاش في هوان].

وبالنتيجة، لقد اتفق جميع من كانوا في مجلس العموم على تخطئة جيريمي كوربين ووصف رئيس روسيا بالمعتدي الشنيع وضرورة بذل جهد إضافي. لكن ماذا بالضبط [ما هي الأشياء الإضافية التي يتوجب فعلها]؟ عند تلك النقطة، تبددت كل الإدانات الطنانة الرنانة هباءً في الهواء.

© The Independent

المزيد من تحلیل