Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف سيتأثر الاقتصاد التركي بالحرب الروسية - الأوكرانية؟

تشير الأرقام إلى أن أنقرة التي تعاني بالفعل ضائقة ضخمة ستضرر على نحو أوسع جراء المعارك الجارية

من المرتقب أن تواجه تركيا أزمة في استيراد الغاز الطبيعي كتداعيات لحرب روسيا وأوكرانيا   (أ ف ب)

يوم تاريخي بالنسبة إلى الرأي العام العالمي، لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام بخطوة أنهت فعلياً المبادرات الدبلوماسية، عندما أعلن بالاعتراف بـ"دونيتسك" و"لوغانسك" واعتبرهما جمهوريتين مستقلتين في شرق أوكرانيا، وبالفعل قام الجيش الروسي بعملية عسكرية بالمنطقة.

بطبيعة الحال، ستعاني أوكرانيا وشعبها أكثر من غيرهم في مثل هذه الحرب، ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه الحرب سترهق روسيا أكثر من غيرها على المدى الطويل. على وجه الخصوص، فإن قول بوتين أمام الكاميرات لصبي، "روسيا ليس لها حدود"، أعاد إلى الأذهان أدولف هتلر وحقبته المأساوية.

وربما حققت موسكو في السنوات الأخيرة النتائج التي تتوخاها عندما تخلت عن أسلوب الحوار الدبلوماسي واتبعت استراتيجية الحرب في بيلاروس وأرمينيا وكازاخستان. ولكن إذا استمرت في سياساتها العدوانية فقد تصبح أوكرانيا ثاني أفغانستان بالنسبة إلى روسيا.

تركيا ثالث أكثر البلدان تضرراً من هذه الأزمة

إذن كيف تتأثر تركيا اقتصادياً بهذه الحرب، وهل سينخفض ​​حجم التجارة و​​عدد السياح الوافدين؟ من واقع البيانات الرسمية "فإن 34 في المئة من الغاز الطبيعي التركي الذي تستخدمه تركيا يأتي من روسيا"، مما يعنى أن أهم قضية بين البلدين هي الغاز الطبيعي، كما أن الاعتماد على الغاز الروسي قضية تقلق ليس فقط تركيا ولكن أيضاً العديد من البلدان، بخاصة أوروبا، إذ تستورد تركيا معظم مواردها في الطاقة من روسيا. وبالنسبة إلى الغاز الطبيعي فتشير بيانات هيئة تنظيم سوق الطاقة (EPDK) إلى أن روسيا أكثر الدول التي تستورد منها تركيا الغاز.

وحسب بيانات عام 2020، استوردت تركيا 16.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا. وتعادل هذه الكمية 34 في المئة من الغاز الطبيعي الذي تستورده البلاد. صحيح أن كمية الغاز الطبيعي الذي تستورده الأولى من الأخيرة كل عام تتناقص تدريجياً، حيث إن أنقرة كانت قد استوردت 58 في المئة من الغاز الطبيعي الذي استخدمته في عام 2011 من موسكو، لكن النسبة لا تزال مرتفعة.

هل سيتوقف تدفق الغاز الطبيعي إذا تفاقمت الأزمة؟

ليس من المتوقع ذلك في الوقت الحالي، علماً بأن هناك بدائل أخرى وعلى رأسها غاز أذربيجان، في عامي 2019 و2020 أصبحت أذربيجان ثاني أكبر الدول التي تصدر الغاز الطبيعي إلى تركيا بعد روسيا، إذ استوردت تركيا منها الغاز بنسبة 24 في المئة. كما أن روسيا لن تبادر بمثل ذلك، وكثيراً ما لا تربط بين علاقاتها التجارية والسياسية إذا رأت لنفسها مصلحة في ذلك. حيث إنها حتى في أزمة إسقاط الطائرة الروسية في عام 2015 لم تهدد روسيا تركيا بقطع الغاز، بالإضافة إلى أن اتفاقية الغاز بين البلدين أبرمت بحيث لا تتأثر بمثل هذه الأزمات. وغاية ما تستطيع روسيا فعله هو رفع الأسعار بشكل باهظ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن المجالات الأخرى التي يمكن أن تتأثر فيها تركيا بالتوترات بين روسيا وأوكرانيا التجارة الخارجية، إذ إن موسكو أحد أكبر الشركاء التجاريين لأنقرة، إذ استوردت الأخيرة من الأولى بمبلغ 29 مليار دولار، مما جعلها في المرتبة الأولى. وبلغ حجم التجارة بين البلدين 34.7 مليار دولار في عام 2021.

بصفتها أكبر مستورد للمنتجات الزراعية من روسيا في عام 2021، بلغ إجمالي واردات تركيا من المنتجات الزراعية منها 4.3 مليار طن. وفي عام 2021، تم استيراد ما قيمته 1.8 مليار دولار من القمح من روسيا، ما يعني أنها شريك غذائي مهم بخاصة في الأغذية الجافة.

كما تحتل تركيا المرتبة الأولى في واردات زيت عباد الشمس من روسيا، إذ زادت في عام 2021 وارداته منها بنسبة 42 في المئة. ودفعت تركيا 1.1 مليار دولار لروسيا عام 2021 مقابل زيت عباد الشمس.

حجم التجارة بين تركيا وأوكرانيا

يبلغ حجم التجارة مع أوكرانيا، التي تدعمها تركيا ضد روسيا، خُمس حجم التجارة مع روسيا. فقد بلغ حجمها بين البلدين 7.4 مليار دولار في عام 2021.

وتعتبر أوكرانيا الدولة الثانية التي تستورد تركيا منها أكبر كمية من القمح بعد روسيا. وفقاً لبيانات وزارة التجارة، "فإن 13.4 في المئة من واردات القمح من أوكرانيا". كما أن 70 في المئة من صادرات الأخيرة إلى الأولى تتكون من الحبوب والمنتجات المعدنية.

روسيا وأوكرانيا من أكثر البلدان شراء للعقارات في تركيا

بعد ارتفاع أسعار الصرف في تركيا خلال السنوات الأخيرة أصبح من الأسهل على الأجانب شراء العقارات في هذا البلد، وفقاً لبيانات معهد الإحصاء التركي (TUIK) لعام 2021، "فإن الروس في طليعة الأجانب الذين يشترون العقارات في تركيا". كما تشير الإحصاءات إلى "أن أعلى نسبة من المواطنين الروس يشترون المساكن خارج روسيا هي 24.9 في تركيا، حيث اشترى 5379 مواطناً روسياً مساكن في تركيا". كما أن عدد الأوكرانيين يتزايد كل عام.

وتشير بيانات المعهد أيضاً إلى "أن عدد الأوكرانيين الذين اشتروا مساكن في تركيا خلال عام 2021 بلغ 1246". ويعد قطاع البناء أيضاً أحد أكبر مجالات الاستثمار بين تركيا وروسيا.

ووفقاً لبيانات وزارة التجارة لعام 2021، فإن حجم التجارة للمقاولين الأتراك بلغ 29.3 مليار دولار بواقع 384 مشروعاً في 67 دولة. وتشير بيانات اتحاد المقاولين الأتراك إلى أن روسيا احتلت المرتبة الأولى بواقع 11.2 مليار دولار لاستثمارات المقاولين الأتراك في مشاريع البناء.

وتحتل أوكرانيا المرتبة الرابعة بين الدول التي لديها أكبر عدد من المشاريع التركية؛ حيث نفذ المقاولون الأتراك في أوكرانيا مشاريع بقيمة تصل إلى 1.6 مليار في عام 2021.

تركيا البلد الأكثر جاذبية للسياح من البلدين المتحاربين

يرى مواطنو روسيا وأوكرانيا تركيا دولة مفضلة لهم بالنسبة إلى السياحة، ولكن بعد التوترات الأخيرة لا ندري كيف سيتأثر مواطنو هذين البلدين، اللذين يشكلان ما يقرب من ربع السياح القادمين إلى تركيا. وفي عام 2021، جاء ما مجموعه أربعة ملايين و694 ألف سائح من روسيا، وهي الدولة التي ترسل أكبر عدد من السياح إلى تركيا منذ سنوات عديدة، وقد تجاوز عدد السائحين القادمين إلى تركيا من روسيا سبعة ملايين سائح في عام 2019.

وزار المواطنون الأوكرانيون تركيا برقم قياسي في عام 2021، إذ تشير البيانات إلى أن عدد السياح الأوكرانيين القادمين إلى تركيا في عام 2021 بلغ مليونين و60 ألفاً، وقد ارتفع عدد السياح من روسيا في عام 2021 بنسبة 120 في المئة مقارنة بالعام السابق، وزاد عدد السياح من أوكرانيا بنسبة 106 في المئة.

كل هذه الأرقام تشير إلى أن تركيا التي تعاني بالفعل ضائقة اقتصادية ستتأثر بشكل أو بآخر من جراء هذه الأزمة، وسيزيد ذلك من الصعوبة أمام حكومة حزب العدالة والتنمية في هذه الظروف التي ستكون فيها تركيا على مشارف الانتخابات التي هي مصيرية بالنسبة إلى السلطة السياسية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل