Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا سيقدم حلف الـ"ناتو" لأوكرانيا بعد الاجتياح الروسي؟

"كييف" تطالب بتسليحها وفرض عقوبات قاسية ضد موسكو... وقمة طارئة للحلف لبحث الرد الفوري

ستولتنبرغ متحدثاً خلال مؤتمر صحافي في مقر الناتو ببروكسل، الخميس 24 فبراير الحالي (أ ف ب)

تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانتقام من كل مَن يحاول التدخل في شؤون بلاده أو إيقافها عن عمليتها العسكرية التي أطلقتها صباح يوم الخميس 24 فبراير (شباط) الحالي، في أوكرانيا، بينما عزز حلف شمال الأطلسي (ناتو) قواته في الجناح الشرقي للحلف، وكشف الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي عقده الخميس 24 فبراير (شباط) الجاري، عقب أول اجتماع يعقده الـ "ناتو" بعد ساعات من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، "إن الحلف سينشر قدرات وقوات على أراضيه"، وإنه وضع أكثر من 100 طائرة حربية في حالة تأهب قصوى.
ودعا الـ"ناتو" موسكو إلى وقف فوري للعملية العسكرية "غير المبررة"، متوعداً روسيا بأنها "ستدفع ثمناً اقتصادياً وسياسياً باهظاً للغاية"، فيما بحثت الولايات المتحدة وحلفاؤها في إطار مجموعة السبع، الإجراءات العقابية التي ستتخذها المجموعة إزاء روسيا عقب غزوها لأوكرانيا الذي وصفته المجموعة بأنه "تهديد خطير للنظام العالمي" وأن بوتين بقراره العسكري وضع نفسه "في الجانب السيء من التاريخ".
وكشف الأمين العام للحلف في مؤتمر صحافي بعد أن ترأس اجتماعاً طارئاً الخميس، أن "لا خطط بشأن إرسال قوات من التحالف إلى أوكرانيا"، وأنه من المنتظر أيضاً أن يجتمع سفراء الدول الثلاثين بحلف شمال الأطلسي بشكل عاجل يوم الجمعة (25 فبراير)، بعدما أعلنت 4 دول من الحلف وهي بولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا، يوم الخميس، تفعيل البند الرابع من معاهدة حلف شمال الأطلسي. وبموجب هذه المادة "ستتشاور الأطراف معاً، بطلب أي من الدول الأعضاء، حول سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي أو أمن أي من الدول الحلفاء".
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ودول غربية منحت أوكرانيا كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية على مدار الأسابيع الماضية، يستبعد مراقبون أن يؤدي رد فعل دول "ناتو" على المستوى العسكري إلى التأثير على التحرك العسكري الروسي في أوكرانيا، فيما طالب مسؤولون أوكرانيون دول الحلف بتزويد بلادهم بما تحتاجه من الأسلحة وفرض عقوبات قاسية على موسكو.

تهديد لأوروبا ورد باهت

ووصف حلف شمال الأطلسي الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا بأنه "غير مبرر"، واعتبر في بيان أن تصرفات روسيا تشكل "تهديداً خطيراً" للأمن الأوروبي الأطلسي، مشدداً على أنه ستكون هناك عواقب "جيوستراتيجية". وقال ستولتنبرغ "يجب أن نرد بعزم متجدد ووحدة أقوى. ما نفعله هو إجراء دفاعي"، مؤكداً أن روسيا أغلقت الباب أمام العمل السياسي.
من جهتها، قالت الحكومة الإستونية في بيان، الخميس، إن رئيس الوزراء، كاجا كالاس، يعتبر الاجتياح الروسي لأوكرانيا "تهديداً لأوروبا بأكملها"، وذلك بعدما فعّلت بلاده البند الرابع من ميثاق الحلف الذي يسمح باتخاذ إجراءات على المستوى الجماعي للحلف بحال تعرض أحد أعضائه لتهديد.
كما أعلنت ليتوانيا الخميس، أنها ستفرض حالة الطوارئ على أراضيها. وقال الرئيس الليتواني غيتاناس نوسيدا بعد اجتماع لمجلس الأمن الوطني، "اليوم سأوقّع مرسوماً يفرض حال الطوارئ". وأضاف أن "ليتوانيا ستطلب تفعيل المادة الرابعة من ميثاق حلف شمال الأطلسي".
ويرى محمود قاسم، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، إن "الأزمة الأوكرانية والتصعيد الدائر بين روسيا والغرب، يُعتبر بمثابة الأزمة الكبرى والتهديد الأخطر الذي يواجه التحالف عبر الأطلسي منذ الحرب العالمية الثانية، إذ تضع الغرب وواشنطن في اختبار جاد في وقت كان يعاني الحلف من تباين وانقسامات بين أعضائه، وعلاقات متأزمة اتخذت منحى شديد التعقيد في ظل فترة حكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب".
وقال الرئيس الروسي إن بلاده قامت بالعملية العسكرية التي استهدفت عشرات المواقع العسكرية من أجل نزع سلاح أوكرانيا، وبشأن مسار الأزمة وما يمكن أن يتخذه الناتو من إجراءات، رجّح قاسم، ألا يمتد الغزو الروسي للسيطرة على أوكرانيا بالكامل، "حيث ستظل الضربات الخاطفة أو الحرب المحدودة بمثابة السيناريو الأكثر ترجيحاً، وأن هجمات روسيا على المواقع الحيوية والمنشآت العسكرية ومراكز السيطرة والقيادة في أوكرانيا تدخل ضمن استراتيجية موسكو الرامية إلى شل حركة القوات الأوكرانية ومنعها من تقديم إمدادات إلى شرق أوكرانيا".
وبدوره، قال بهاء محمود، الباحث في مركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، إن "العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا تمثل مرحلة جديدة من إظهار ضعف الغرب الأميركي والأوروبي، الذى ظل لأشهر عاجزاً عن أي تحرك فعلي بخلاف التنديد والشجب والتهديد بتوقيع عقوبات اقتصادية على روسيا، كما يظهر أن الغرب ورّط أوكرانيا في حرب لا قبل لها بها، وهو الآن يتخاذل عنها، بحجة إنها ليست عضواً في حلف ناتو"، مضيفاً "بالطبع ما كان لبوتين اتخاذ تلك القرارات المتلاحقة سواء بالاعتراف بالجمهوريات الانفصالية في دونباس أو العمليات العسكرية، إلا وهو يدرك موقف الغرب من هذه المغامرة التي يبدو أنه يدرك مخاطرها، فلم يبدِ الغرب مواقف أكثر شدة تردع روسيا، حيث كانت المؤشرات تقول إن الموقف الغربي يُعد مشابهاً لما بعد ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 وأن المرحلة المقبلة ستشهد صعوداً قوياً لروسيا يمكن أن يمثل عودة مرحلة ثنائية القطبية وعودة انقسام العالم إلى معسكرين غربي وشرقي".
ولفت الباحث إلى أن "الأزمة لها انعكاساتها أيضاً على أمن الطاقة الأوروبي الذي يعتمد على الغاز والنفط الروسي". وأضاف "تبقى ألمانيا وهي أكثر الدول تضرراً، وهو ما يبرر تردد الموقف الألماني طوال فترة الأزمة وحتى اشتعالها اليوم. وأخيراً يُتوقَع ألا تستمر العمليات العسكرية طويلاً وأن يجلس الجميع لوضع خريطة طريق جديدة للمنطقة ولكن بشروط بوتين على الأقل وفق المعطيات الحالية إن لم تشهد الإزمة تغيرات من قبيل دعم عسكري يغيّر من المعادلة وهو ما يطرح التساؤل: هل سيكون لتركيا وبريطانيا دور أم لا؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


حلف الناتو "يتأهب"

وأعلن الـ "ناتو" نشر قوات برية وجوية دفاعية إضافية في الجزء الشرقي من الحلف، إضافة إلى القطع البحرية، كما أوضح أنه عزز استعداد قواته من أجل الاستجابة لجميع الحالات الطارئة. واتفق أعضاء الحلف على تعزيز قوات الحلف البرية والبحرية والجوية على جانبه الشرقي بالقرب من أوكرانيا وروسيا.
وذكر الحلف في بيان أيضاً أنه قرر اتخاذ خطوات إضافية لزيادة "الردع والدفاع" عبر دوله، موضحاً أن إجراءاته "وقائية" وليست "تصعيدية". وبتفعيل بولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا البند الرابع من ميثاق الحلف، سيتيح ذلك إجراء مشاورات طارئة بين الدول الأربع، في حال تعرّض أحدها للتهديد، مما قد يؤدي إلى إجراء على مستوى الأعضاء الثلاثين.
ومن المقرر أن يعقد قادة دول حلف شمال الأطلسي الجمعة (25 فبراير) قمة عبر الفيديو، وذلك بعد أن طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بذلك "في أسرع وقت ممكن". وقال محمود قاسم، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن "خيارات الناتو تجاه الضربات الحالية ومساحة حركته تظل محدودة لاعتبارات عدة، أبرزها أن الهجمات لا تزال تدور داخل أراضي دولة ليست عضواً في الحلف، بالتالي لا توجد أي التزامات أو مسؤولية لإرسال قوات إلى الأراضي الأوكرانية، والأمر الثاني أن حسابات الدول الأوروبية الكبرى الأعضاء في الحلف بخاصة ألمانيا وفرنسا لا تزال تعوّل على الأداة الدبلوماسية ومن ثم لن تُقبل على أي مغامرة غير محسوبة في ظل الاحتياج لروسيا في ما يرتبط بالغاز الطبيعي".

واستبعد قاسم "أن يقبل الحلف، على الأقل في الوقت الراهن، بالضمانات الأمنية التي ترغب موسكو في الحصول عليها، بخاصة ما يتعلق بالتعهد المكتوب بعدم انضمام أوكرانيا إلى الحلف، لأن ذلك من شأنه أن يضع الحلف وواشنطن في صورة المستسلم والمهزوم أمام بوتين. كما أن فكرة انضمام أوكرانيا لا تزال مستبعَدة في الوقت الحالي على الأقل، فمنذ قمة بوخارست في عام 2008 وطرح فكرة انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف، لم تُتخَذ أي خطوات جادة في هذا الملف، بالتالي يرى الحلف أن ذلك يُعتبر ضمانة كافية لموسكو". وأوضح قاسم أيضاً أنه لا يرجح أن تصل المواجهات الحالية إلى الاشتباك المباشر والحرب المفتوحة بين الطرفين، "وكل ما يحدث من جانب روسيا هو من أجل رفع سقف التفاوض ومن ثم الحصول على مزيد من المكاسب عند الجلوس إلى طاولة المفاوضات".

عزل موسكو وتسليح كييف

وطالبت بلدان أوروبية عدة بضرورة ألا يمر الهجوم الروسي على أوكرانيا من دون عقاب، وفي كلمة له عبر الفيديو، طالب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، باستبعاد روسيا من نظام "سويفت" للتعاملات المصرفية العالمية. وقال زيلينسكي إن "ستاراً حديدياً جديداً" بات يفصل روسيا عن "العالم المتحضّر"، فيما أعلن رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، الخميس أن بلاده أوقفت إصدار تأشيرات دخول للمواطنين الروس إثر الهجوم الروسي على أوكرانيا.

وطالب السفير الأوكراني لدى ألمانيا أندريه ميلنيك، الدول الغربية بتسليح كييف للرد على الاجتياح الروسي. وقال في تغريدة رداً على إضاءة بلدية برلين بوابة براندنبورغ الشهيرة بألوان علم بلاده، "شكراً لهذه الخطوة الرمزية المتأخرة، لكن ما تحتاجه حقاً أوكرانيا الآن هو أسلحة دفاعية...، برنامج مساعدة اقتصادية بمليارات عدة وعقوبات هائلة على روسيا"، فيما أعلنت فرنسا على لسان وزير خارجيتها، جان-إيف لودريان، أن باريس ستعزز دعمها لأوكرانيا "بكل أشكاله".

ويرى الباحث السياسي المختص في الشؤون الدولية رامي إبراهيم، إن "الغرب سيعزز سلاح العقوبات الاقتصادية القصوى ضد روسيا لتجنب الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع الروس، أو الظهور في حالة ضعف حيال الهجوم الواسع على أوكرانيا"، مستبعداً "الإنزلاق إلى حرب عالمية ثالثة"، ومؤكداً أن حلف الـ "ناتو" ربما يلجأ إلى مزيد من تسليح أوكرانيا ودعمها عبر جسر جوي جديد من المساعدات العسكرية، مضيفاً أن "الدول الأوروبية ستكون أكثر المتضررين من توسيع دائرة الحرب، ولكن حلف شمال الأطلسي سيكون أيضاً مطالَباً بحماية سيادة الدول الأعضاء وتوفير التعزيزات العسكرية الرادعة لتوسع الهجوم الروسي"، مضيفاً أنه "في هذا الإطار يمكن فهم لجوء الحلف إلى الاكتفاء بدعم الدول الأعضاء عسكرياً وتعزيز تواجده على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي في إطار خطة دفاعية تتجنب المواجهة المباشرة مع الروس، مع فرض أقصى قدر ممكن من العقوبات الاقتصادية المؤلمة".

المزيد من متابعات