Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل ترصد "الزحف الهادئ" لإيران في سوريا وتستعد لـ "الحرب بين حربين"

نشرت صوراً لقصف مطار قرب حمص وأنشأت وحدة استخبارية جديدة لمراقبة "حزب الله"

صورة تظهر مطار T4 السوري قبل وبعد القصف الإسرائيلي (الجيش الإسرائيلي)

كشف الجيش الإسرائيلي عن إنشاء وحدة استخبارية خاصة بتكلفة مئات آلاف الدولارات، نشر عناصرها على طول الحدود مع سوريا ولبنان، ومقابل الجولان المحتل بشكل خاص، لصد ما سمته إسرائيل "الزحف الهادئ" لحزب الله نحو الحدود المحاذية للجولان.

وفي المقابل كشفت إسرائيل عن صور لما اعتبرته إنجازات سلاح جوها في قصفه مطار T4 (في سوريا) في وقت نشبت خلافات مالية حول ما يرصده الجيش من موازنة عسكرية لمواجهة الانتشار الإيراني في سوريا.

وبحسب الجيش فإن وحدة "مواجهة الزحف الهادئ" هي وحدة غير مسبوقة من حيث حجمها ونوعية نشاطها وتركيبتها، وعبارة عن منظومة متكاملة لجمع المعلومات الاستخبارية ومعالجتها، مقرها في مجمع سري كبير وتديرها الفرقة العسكرية اللوائية "بشان"، وهي فرقة تضم نخبة من الجنود وتتولى مسؤولية الجولان السوري، الذي تعتبره إسرائيل الأكثر حساسية وأهمية لضمان أمنها من تلك الحدود.

وفي تقرير للجيش حول الوحدة قال إنه اضطر لإقامتها بعد رصده تحركات مكثفة لعناصر حزب الله باتجاه الجولان السوري غير المحتل، ليتمركز هناك ويقيم محطة لوصوله إلى الحدود المحاذية للجولان، لينفذ عملياته ضد إسرائيل. وادعى الجيش أن الناشط في حزب الله، موسى عباس دقدوق المعروف بـ "أبو حسين ساجد"، يقف خلف إقامة بنى تحتية عسكرية في الجولان السوري. وبحسب الجيش فإنه قد كشف هوية دقدوق مطلع العام الحالي، حيث يعمل مع العشرات من العناصر على تجنيد المئات من المحليين في الجولان السوري غير المحتل والمحتل.

وعدّد الجيش عمليات يتهم فيها حزب الله بينها إطلاق نيران مرة باتجاه طائرة حربية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، ومرة أخرى بإطلاق صاروخين باتجاه جبل الشيخ. وعلى الرغم من أنه لم يُعرف بعد مصدر النيران، إلا أن الجيش الإسرائيلي ادعى أن حزب الله نفذها وأن المجال أمامه مفتوح إزاء ضعف الجيش السوري في السيطرة على المنطقة.

ضباط ومحللون وعسكريون

وما يميز وحدة الاستخبارات أنها تقام في موقع سري على بعد كيلومترات قليلة من الحدود وتشمل قوة استخبارية كبيرة، يعمل فيها مئات المحللين ومفعِّلي الأجهزة اللاسلكية، والباحثين وضباط لتشغيل معدات إلكترونية متطورة، وضباط مهمات خاصة، ومشغلي عملاء، وراصدي المعلومات والأحداث. جدران غرفة العمليات التابعة للوحدة الاستخبارية، بحسب التقرير الإسرائيلي، تغطيها نحو 100 شاشة بأحجام مختلفة، وفي الغرفة المجاورة تجلس فيها راصدات في جمع المعلومات، عن شخصيات يتابعها الجيش الإسرائيلي، بواسطة منظومات متعددة المجسَّات ومنظومات رصد متطورة، مع كاميرات تصوير بجودة عالية، ورادارات سريعة وسيطرة على الأرض. وبالنتيجة فإن أي تغيير صغير في صور الأقمار الصناعية يستخلصه جنود الوحدة ومن ثم تتم ترجمته إلى مهمة لجنود الوحدة "8200".

ونقلت مصادر إعلامية إسرائيلية قول ضابط استخبارات إسرائيلي في الفرقة العسكرية، إنه "يجري حالياً، في الطرف السوري، تشكيل نواة والتي يفترض أن تنشط ضد إسرائيل في سيناريوهات مختلفة، ويحاول عناصرها الحصول على وسائل قتالية، ويجرون تدريبات في الجولان، ويقومون بجولات قرب السياج الحدودي لجمع معلومات استخبارية، ويفعلون ذلك بينما يرتدون زي الجيش السوري في بعض الأحيان".

وضمن ما تروِّج له إسرائيل لقدراتها الاستخبارية ادعت أن معلوماتها الاستخبارية تؤكد أنهم "في الطرف الآخر من الحدود يطلقون على الوحدة "ملف الجولان"، وتعمل بشكل منفصل ومواز لـ"قيادة الجنوب" التابعة لحزب الله بقيادة "الحاج هاشم"، والتي تتخذ من دمشق مقراً لها، ولم تنسحب بعد إلى لبنان، بل يعمل ضباطها إلى جانب الضباط السوريين في الكتائب والألوية والفرق التابعة للجيش السوري للاستفادة من خبرتهم القتالية"، وفق التقرير الإسرائيلي حول هذه الفرق، الذي أضاف أنه لا وجود ثابتاً للإيرانيين في الجولان، بينما ترى إسرائيل علامات إيجابية في عودة قوات فضّ الاشتباك (أوندوف) إلى مواقعها في الجانب السوري، وجنود الشرطة العسكرية الروسية المنتشرين على الحواجز في المنطقة، أما حزب الله فيعمل على تجنيد ناشطين محليين سراً في إطار وحدة "ملف الجولان"، بينما تنشط "قيادة الجنوب" داخل قواعد الجيش السوري.

ولم يخف الإسرائيليون، في استعراضهم هذه الوحدة الاستخبارية، قلقهم من تكثيف وجود حزب الله. ونقل عن ضابط إسرائيلي كبير إن إسرائيل "لا تريد أن يتحول جنوب سورية إلى جنوب لبنان، وذلك لن يكون قريباً ولا بالحجم نفسه، ولكن ما يقلق الإسرائيليين أن هذه التحركات تأتي على رغم عدم وجود مصلحة للرئيس السوري، بشار الأسد، في إشعال الحدود"، مضيفاً أن "رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، طلب معرفة ما يفعله ناشطو حزب الله في المنطقة يومياً".

منظومة الطائرات الإيرانية المسيرة

واستمراراً لتفاخرها بالإنجازات الاستخبارية نشرت إسرائيل صوراً التقطت عبر الأقمار الصناعية لشركة ImageSat International الإسرائيلية (isi)، تدعي أنها أثناء قصفها مطار T4، نجحت في القضاء على منظمة الطائرات الإيرانية المسيرة. وحلل الخبراء الإسرائيليون صور الأقمار الصناعية على أنها تظهر، على الأقل، مركباً واحداً أو اثنين، متعلقين بمنظومة الطائرات المسيرة الإيرانية.

وكان تقرير إسرائيلي، نشر في شباط (فبراير)، من هذه السنة، أن إيران بصدد نقل القاعدة التي تحتفظ بها في محيط مطار دمشق، التي يتم عبرها استقبال نقليات السلاح، إلى قاعدة "T4" القريبة من مدينة حمص.

وادعت صحيفة "هآرتس"، في تقرير لها حول وجود إيران في سوريا أن التوجه الإيراني لمغادرة محيط مطار دمشق، جاء بناء على طلب النظام السوري الذي شعر بالإحراج بسبب تكرار الهجمات التي تشنها إسرائيل، وتستهدف المنطقة، من دون الرد السوري عليها".

يُشار هنا إلى أن إسرائيل هاجمت المطار مرات عدة، وفي كل مرة كانت تدعي إسرائيل أن القصف جاء في أعقاب تحركات إيرانية لإقامة منظومة جوية لها في سوريا.

إيران مصدر خلاف إسرائيل

وإزاء ما تظهره التقارير الإسرائيلية من اهتمام المؤسستين العسكرية والسياسية بملاحقة ما تسميه إسرائيل "التموضع الإيراني في سوريا"، أثار هذا الملف خلافات بين المالية الإسرائيلية والجيش، في أعقاب الخطة التي وضعها الجيش لتحقيق أهدافه في سوريا.

وأعلنت وزارة المالية أنها لن توفر الموازنة أو التغييرات التي يطالب بها الجيش وبينها زيادة الخدمة الإلزامية النظامية وإلغاء هبات مالية للضباط المسرحين أو تقليصها. وعّبر ضابط إسرائيلي عن خشية القيادة العسكرية من إرجاء الخطة سنوات وبالتالي عدم القدرة على تحقيق هدف منع تموضع إيران في سوريا.

ويأتي احتجاج المالية بعد طلب تقدم به رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، لتقصير فترة اتفاق الميزانية بسنة، وإنهائه هذه السنة بدل السنة المقبلة، معلناً أن التغيرات الحاصلة في المنطقة تتطلب وضع ميزانية جديدة "تلائم الجيش ومنظوره العسكري في السنوات المقبلة".

ونقلت مصادر في وزارة المالية أن "الميزانية المقبلة ستشكل تحدياً بالنسبة لجميع الوزارات وللجيش الإسرائيلي. ودعم ميزانية الأمن يعني المس بالنمو الاقتصادي لإسرائيل".

وطالبت وزارة المالية الجيش بالتنازل عن الخطة المتعددة السنوات والعودة إلى ميزانية سنوية، مثلما كان الوضع في الماضي، على الرغم من أن "ذلك يشكل صعوبة على تخطيطات الجيش للمدى البعيد"، وفق مسؤول عسكري.

وفي جانب آخر من الخلاف احتجّ الجيش على رفض المالية الموازنة التي خصّصها لتمويل عمليات عسكرية وتجسّسية، أو ما سبق وأطلق عليها الجيش "الحرب بين حربين"، في إشارة إلى الأنشطة الإسرائيلية في الحلبة السورية خصوصاً، وهدفها المعلن هو منع التموضع الإيراني في سورية ومنع نقل أسلحة إلى حزب الله، من دون شنّ حرب. ويدّعي الجيش أن هذه العمليات تستوجب استخدام ذخيرة متطوّرة بكميات كبيرة، وإضافة ساعات طيران وتوسيع منظومة الدفاعات الجوية. يشار هنا إلى أن حصة الموازنة العسكرية هي الأعلى بين الدول الغربية.

المزيد من الشرق الأوسط