Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينذر اقتراب النفط من 100 دولار بمواجهة بين "أوبك+" والإدارة الأميركية؟

محللون لـ"انبدندنت عربية": صعود الأسعار سيجدد مطالب المستهلكين بزيادة الإمدادات بحجة "تهدئة الأسواق"

توقعات برفض زيادة الإنتاج من "أوبك+" بالرغم من الضغوط الأميركية (رويترز)

أثار صعود أسعار النفط قرب 100 دولار للبرميل توتر الدول المستهلكة، التي ما زالت تحاول تخفيف آثار التضخم المرتفعة والتي وصلت إلى أعلى المستويات منذ عقود، مما ينذر بمواجهة جديدة بين المنتجين في تحالف "أوبك+" والدول الكبرى في مقدمتها الولايات المتحدة. إلى ذلك، توقع محللون نفطيون في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، بأن محاولة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التأثير في سياسات "أوبك+" ودفعها إلى زيادة الإنتاج قد لا تؤتي ثمارها، بحيث  يتمسك "الكارتل النفطي" بسياسته الحالية للإنتاج، معتبرين أن الأمر يتطلب إجراءات أكبر من ذلك وسط محدودية دول التحالف أيضاً في زيادة الإنتاج باستثناء بعض الدول التي لديها جاهزية لضخ المزيد.

ويعترض تكتل "أوبك+"، الذي يضم المنتجين الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاءها، على المطالب الأميركية بزيادة إنتاج النفط لدعم الاقتصاد العالمي. وقال المنتجون إنهم لا يريدون عرقلة التعافي الهش الذي شهدته صناعة الطاقة بالتسبب في تخمة جديدة في المعروض. واتفق تحالف "أوبك+" على استمرار سياسة الإنتاج من دون تغيير، بزيادة 400 ألف برميل يومياً في شهر مارس (آذار) المقبل.

وكانت إدارة الرئيس بايدن جددت مساعيها لإقناع دول منتجة، برفع مستويات الإنتاج لتفادي مزيد من الصعود في أسعار الطاقة، لا سيما مع تزايد المخاوف الغربية من تحركات روسيا على الحدود مع أوكرانيا، وما قد يؤول إليه الغزو الروسي من تداعيات تلقي بظلالها على أسواق الطاقة العالمية. إلا أن المحاولات الأميركية التي انقدحت شرارتها العام الماضي، بعد ارتفاع كبير في أسعار الطاقة، باءت على ما يبدو بالفشل مجدداً، في الوقت الذي تواصل السعودية تمسكها باتفاق "أوبك+" الذي حدد إنتاج النفط عند مستوى معين بالتوافق مع أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها.

  رفض الضخ مجدداً

وبحسب متخصصين، فإن تأكيد السعودية على تمسكها باتفاق "أوبك+" يدل على أن الرياض رفضت مجدداً ضخ كميات أكبر من النفط، لتجنب خرق الاتفاق الذي توصل إليه المنتجون الرئيسون العام الماضي، بعد تجاذبات علنية نادرة. وتحدثت الأسبوع الماضي صحيفة "وول ستريت جورنال" عن أن الرياض تجاهلت دعوة واشنطن لزيادة الإنتاج النفطي، كما أن السعودية أكدت الالتزام باتفاق "أوبك+"، الذي تشارك روسيا فيه، مع اقتراب النفط من 100 دولار للبرميل. وذكرت "وول ستريت جورنال" أن المسؤولين السعوديين قالوا إنهم لن يضخوا مزيداً من النفط لخفض أسعار الخام، التي صعدت إلى أعلى مستوى في 7 أعوام، على الرغم من الدعوات الأميركية لزيادة إنتاج النفط. وأشارت الصحيفة إلى أن "ارتفاع أسعار النفط والمخاوف من احتمال حدوث الغزو الروسي لأوكرانيا وضع السعودية أمام معضلة: مساعدة الغرب عن طريق ضخ مزيد من النفط الخام لخفض الأسعار أو الوقوف إلى جانب تحالف نفطي عمره خمسة أعوام يساعد موسكو على حساب واشنطن". وأفادت بأن بايدن دعا مراراً المنتجين في الخليج إلى ضخ مزيد من النفط لخفض أسعاره، بالتالي خفض أسعار البنزين في الولايات المتحدة، وأصبحت هذه الدعوات أكثر إلحاحاً مع اقتراب برميل النفط من مستوى 100 دولار، وسط توقعات بارتفاع الأسعار أكثر مع زيادة التوتر المرتبط بأوكرانيا.

رفض سعودي

وفي سياق متصل، ذكرت شبكة "سي أن أن" الأربعاء 16 فبراير (شباط)، أن "منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط بريت ماكغورك ومبعوث وزارة الخارجية للطاقة عاموس هوكستين زارا الرياض، الأربعاء، في محاولة لتعزيز العلاقة مع السعودية ومناقشة سبل ضمان استقرار أسواق الطاقة مع المسؤولين السعوديين وسط ارتفاع الأسعار ومخاوف من غزو روسي لأوكرانيا". وكشف مسؤول أميركي كبير للشبكة عن أن "السعوديين يقاومون أي تغييرات في الإنتاج بسبب التزاماتهم تجاه أوبك+، وهو تحالف من الدول المنتجة للنفط يضم روسيا".

أثر سلبي

وتوقع المتخصص في الشؤون النفطية خالد بودي أن يحاول تحالف "أوبك+" الحد من التصاعد المستمر في أسعار النفط لأن هذه الأسعار قد يكون لها أثر سلبي في استدامتها مستقبلاً من حيث اضطرار بعض الدول المستهلكة محدودة الدخل إلى تخفيض الكميات المستوردة من النفط بسبب ارتفاع الأسعار وضعف قدرتها على شراء مزيد من الخام في ظل الأسعار الحالية وهذا يعني تراكم الفوائض النفطية في السوق الذي يؤدي بدوره إلى تراجع الأسعار مستقبلاً. وأشار بودي إلى أن السعر ما بين 75 إلى 80 دولاراً للبرميل قد يكون مقبولاً للمنتجين والمستهلكين على حدٍ سواء، لذلك ربما يسعى تحالف "أوبك+" إلى زيادة الإنتاج لتهدئة الأسعار وهذه الخطوة قد تتوافق مع رغبة كبار المستهلكين وعلى رأسهم الولايات المتحدة بخفض الأسعار ولكن ليس انحدارها إلى مستويات قد تكون ضارة بالمنتجين في أوروبا والولايات المتحدة فضلاً عن إضرارها بدول "أوبك" وحلفائها. وأضاف بودي: "أما بالنسبة إلى تأثير التوترات الحالية بين روسيا والغرب في أسعار النفط، فهو محدود ولكن لو اشتدت الأزمة أكثر، فهذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى تصاعد الأسعار... لكن في جميع الأحوال، فإن تأثير هذه التوترات يكون مؤقتاً ويزول بانتهاء الأزمة".

رد واضح 

من جهته، قال المحلل النفطي كامل الحرمي لـ"اندبندنت عربية" إن دول "أوبك+" كان ردها واضحاً على الضغوط من كبرى الدول المستهلكة مثل الولايات المتحدة والصين التي طالبت بكبح جماح أسعار النفط التي تقترب من مستوى 100 دولار للبرميل بأن "لا يوجد مزيد من النفط"، متوقعاً استمرار تجاهل التحالف النفطي للضغوط الأميركية الأخيرة.وأضاف أن الإدارة الأميركية باتت عاجزة عن زيادة إنتاج النفط الذي ارتفع إلى 11.7 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى منذ مايو (أيار) 2020 أثناء تفشي جائحة كورونا، وكانت الطاقة الإنتاجية القصوى للشركات الأميركية في السابق تبلغ 13 مليون برميل، لافتاً إلى أن خطوة السحب من الاحتياطي الاستراتيجي "لم تؤتِ أكلها" بوقف صعود الأسعار، وستضرها لاحقاً لملء الاحتياطي الاستراتيجي إلى سعته التخزينية المرخص بها والتي تبلع 727 مليون برميل. وأشار إلى التناقض في مواقف الإدارة الأميركية، فمن ناحية تحث الشركات النفطية على عدم الاستثمار في القطاع النفطي لاعتبارات بيئية، ومن ناحية أخري فهي في أمس الحاجة إلى طاقات إنتاجية جديدة بهدف زيادة المعروض ومعه تحقيق هدفها المنشود في خفض الأسعار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الحرمي أن "الولايات المتحدة عينها حالياً على النفط الإيراني وهو ما يدفعها إلى السعي لإنجاز المحادثات غير المباشرة مع إيران لإنقاذ اتفاق 2015 الذي يحدّ من أنشطة طهران النووية". وأشار إلى أن "الإدارة الأميركية يمكنها خفض الضرائب على الشركات النفطية من 15 في المئة إلى 10 في المئة، بالتالي تعويض المستهلك الأميركي بطريقة غير مباشرة".

بدائل محدودة

من جهته، قال أحمد حسن كرم، محلل أسواق النفط العالمية" إن البدائل محدودة أمام الإدارة الأميركية للمساهمة في خفض أسعار النفط بالقدر الكافي، ما يحد من القدرة على تهدئة حدة التضخم"، مؤكداً أن تحالف "أوبك+" صاحب التأثير الأكبر حالياً في الأسواق. وأضاف أن "الطلب المرتفع على الوقود وسط تقلص المعروض والتأثر بالتوترات الجيوسياسية يقلّل من أهمية إتاحة جزء من احتياطيات النفط الاستراتيجية التي يكون تأثيرها مؤقتاً مثلما حدث خلال الأشهر القليلة الماضية".

جميع الخيارات مطروحة

وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي مطلع الشهر الحالي أن إدارة الرئيس جو بايدن تجري محادثات مع كل من الدول المنتجة والمستهلكة للنفط لمواجهة ارتفاع أسعار الخام، قائلة إن جميع الخيارات مطروحة لتحقيق ذلك. وأضافت ساكي للصحافيين، "نتحدث عن زيادات مقترحة في الإنتاج مع الدول المنتجة للنفط. ونتحدث مع الدول المستهلكة عن السحب من الاحتياطيات الاستراتيجية". وكانت الولايات المتحدة أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن خطط لسحب 50 مليون برميل من النفط الخام من احتياطيها الاستراتيجي للمساعدة في خفض الأسعار، لكنها الآن قريبة من أعلى مستوياتها في سبعة أعوام.‫

المزيد من البترول والغاز