Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تريد أوروبا إعادة إحياء العلاقات مع أفريقيا؟

قمة مشتركة في بروكسل وسط توتر العلاقات حول ملفات عدة من اللقاحات إلى مكافحة الإرهاب

قادة أوروبيون وأفارقة في القمة السادسة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في بروكسل (رويترز)

يسميه شارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي، "تحالفاً جديداً بين أفريقيا وأوروبا"، ويشير إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باعتباره "صفقة جديدة مع أفريقيا"، وفي الأسبوع الماضي، وعدت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، باستثمارات بقيمة 150 مليار يورو (170.3 مليار دولار أميركي) في القارة بحلول عام 2027 كجزء من البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي، وهو العرض المضاد لمبادرة الحزام والطريق الصينية، ومع ذلك، ومع وصول القادة من القارتين إلى بروكسل، الخميس 17 فبراير (شباط) لبدء قمة الاتحاد الأوروبي وأفريقيا التي تأخرت كثيراً لمدة يومين، يتساءل بعض المندوبين الأفارقة عن ماهية التحالف الجديد؟.

تقول ليديت تاديسي شيفيرو، المديرة المساعدة للمركز الأوروبي لإدارة سياسة التنمية لـ "فايننشال تايمز"، "أعتقد أن هناك إثارة من الجانب الأوروبي أكثر قليلاً من الجانب الأفريقي". وأضافت، "الاتحاد الأوروبي شريك مهم للقارة الأفريقية، لكنه لم يعد الشريك الرئيس أو الأهم"، وتابعت، "يمكن أن يهيئ الاتحاد الأوروبي نفسه للفشل من خلال الإعلان عن العديد من المشاريع الرائدة لجذب الجانب الأفريقي."

وتأتي القمة في وقت العلاقات متوترة، إذ تستعد فرنسا لسحب قواتها من مالي بعد أن استأجرت الحكومة العسكرية في باماكو مرتزقة روس لمحاربة الإرهابيين وطردت السفير الفرنسي، وراقبت أوروبا بقلق جنرالات في مالي وبوركينا فاسو وغينيا قد أطاحوا بحكومات مدنية، ومع كسب فروع تنظيم "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى أراضي من الساحل إلى وسط أفريقيا.

لقاح الفصل العنصري وحظر السفر التمييزي

لقد ضاع كثير من النوايا الحسنة بسبب لقاحات كورونا مع اتهام أوروبا بالمساعدة في نشر "لقاح الفصل العنصري" من خلال انتزاع اللقاحات، ومعارضة التنازل عن حقوق الملكية الفكرية لها، كما تعرضت أوروبا لانتقادات بسبب حظر السفر التمييزي المزعوم على دول مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا، حيث نبهت الأخيرة العالم إلى سلالة "أوميكرون" في نوفمبر (تشرين الثاني).

القلق الأفريقي

يشعر العديد من القادة الأفارقة بالقلق من أجندة أوروبا الخضراء، التي يرون أنها محاولة لعرقلة مشاريع الهيدروكربونات التي يجادلون بأنها ضرورية للتصنيع ولتوصيل الكهرباء إلى 600 مليون أفريقي من دونها. وفي خطابه الافتتاحي كرئيس للاتحاد الأفريقي، قال ماكي سال، رئيس السنغال، إن إنهاء تمويل مشاريع الغاز من شأنه أن "يحبط جهودنا من أجل التنمية الاجتماعية، من المشروع أن تطالب بلداننا بانتقال عادل ومنصف للطاقة".

الهجرة الأفريقية شوكة في خاصرة الأوروبيين 

وقال أونو أديوي المحلل في "تشاتام هاوس"، وهي مؤسسة فكرية بريطانية، إن القادة الأوروبيين والأفارقة يقضون كثيراً من الوقت في التحدث مع بعضهم البعض، وأضاف، "يبدو أن هناك انفصالاً في ما يتعلق بالأولويات لكلا الجانبين"، مستشهداً على سبيل المثال بآراء مختلفة حول الهجرة إذ "يهتم الأوروبيون في الغالب بوقف تدفق المهاجرين، بينما تهتم الدول الأفريقية بتنمية اقتصاداتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يشعر الأوروبيون، عن حق أو خطأ، بالحاجة إلى التحدث عن حقوق الإنسان، وسيادة القانون، يقول أديوي، إن الأوروبيين لا يلتزمون دائماً بمعاييرهم الأخلاقية، "في ليبيا، يدفع الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي تكاليف خفر السواحل الليبي لإبقاء الناس تحت المراقبة، ويستخدم هؤلاء الأشخاص تكتيكات لن تكون مقبولة على الأراضي الأوروبية."

أوروبا وخسارة أفريقيا للصين

وبصرف النظر عن المخاوف بشأن تدفقات المهاجرين من القارة التي من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها تقريباً إلى 2.5 مليار نسمة بحلول عام 2050، فإن الكثير من محاولات أوروبا لإعادة صياغة العلاقة هي رد فعل على نجاح الصين الملحوظ في تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية. وارتفعت التجارة بين الصين وأفريقيا في العقدين الأولين من القرن، لتصل إلى 176 مليار دولار في عام 2020، أما التجارة بين دول الاتحاد الأوروبي وأفريقيا، على الرغم من ارتفاعها بنحو 225 مليار يورو (255.6 مليار دولار أميركي) في عام 2020، فقد شهدت ركوداً خلال العقد الماضي.

وقال غيرت لابورت، مدير مجموعة "ثينك تانكس" الأوروبية، "أعتقد أن الأوروبيين قلقون للغاية بشأن خسارة الأرض في أفريقيا"، مضيفاً أن الصين وروسيا وتركيا ودول أخرى حققت نجاحات كبيرة، وعبّر لابورت عن إحباط أوروبي مما وصفه بعلاقة معاملات أساسية على الرغم من كل الحديث عن القيم والتحالفات المشتركة، قائلاً، "يقول الطرفان دائماً إننا نريد شراكة تتجاوز التمويل وتتجاوز المساعدات، لكن دائماً ما يدور كل شيء حول المال."

من جانبه يجادل يونان تشين، كبير الباحثين في معهد التنمية الخارجية، وهي مؤسسة فكرية بريطانية، بأن أوروبا يمكن أن تنافس الصين "على القوة الاقتصادية والناعمة"، ولكن فقط إذا علمت ما حققته الصين، التي ليست لديها أعباء استعمارية، مثل أوروبا، إلى جانب حقيقة التقصير تجاه القارة السمراء، ويقول تشين، "لا ينبغي أن يُنظر إلى أفريقيا ببساطة على أنها مكان للمنافسة الاستراتيجية، بل مكان يحمل فرصة جوهرية".

مايكل تانشوم، زميل السياسة في برنامج أفريقيا التابع للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، يطرح قضية من منظور مختلف لأفريقيا، ويقول إنه عندما تنظر إلى السنوات الـ 20 المقبلة تسأل، "أين هو المعروض من العمالة الميسورة وأين الأسواق؟". ويضيف، "أي بلد ليست لديه علاقة بناءة مع أفريقيا سوف يفقد مكانته النسبية في الاقتصاد العالمي."

وقال ريمي ريو، الرئيس التنفيذي لوكالة التنمية الفرنسية، إن أوروبا تعمل بشكل أفضل في تنسيق عروضها المالية عبر الدول الأعضاء والمؤسسات. وأضاف، "لا توجد منطقة أخرى لديها مثل هذا الوجود على الأرض، لذا فإن الأمر يتعلق حقاً بتنظيم "فريق أوروبا"، نحن نتقدم بسرعة كبيرة وهذه القمة ستعزز ذلك فقط".

وقال تاديسي شيفيرو من المركز الأوروبي لإدارة سياسة التنمية، إن المحادثة قد تغيرت، مضيفاً أن حركة إنهاء الاستعمار وحركة "حياة السود مهمة" قد غيرت التوازن بين أفريقيا وأوروبا، وتابع، "كان هناك تحول عقلي وسلوكي على مستوى العالم. أوروبا تتفهم ذلك، لكنها تكافح من أجل مواكبة ذلك".

المزيد من دوليات