Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر تعزز دورها في غزة بعد التوسط في هدنة العام الماضي

في الأشهر التي تلت وساطة وقف إطلاق النار بقطاع غزة في مايو (أيار) الماضي، أرسلت القاهرة فرق عمل لإزالة الأنقاض ووعدت ببناء مجمعات سكنية جديدة واسعة

نفوذ مصر في غزة بادٍ للعيان (أ ب)

بعد سنوات من النشاط وراء الكواليس في قطاع غزة، تميط مصر اللثام عن أعمالها هناك. ومنذ أداء دور الوسيط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسيطر على غزة، أرسلت القاهرة فرقاً لإزالة الأنقاض ووعدت ببناء مجمعات سكنية جديدة واسعة. وهكذا، انتشرت الأعلام المصرية واللوحات الإعلانية التي تمجد الرئيس عبد الفتاح السيسي في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.

وعليه، برزت صورة جديدة للمصريين، الذين أمضوا سنوات في العمل بهدوء من أجل تشجيع محادثات الهدنة بين إسرائيل وحركة "حماس" والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة.

في الواقع، قد يسهم هذا التحول في الحؤول دون جولة أخرى من العنف، أو على الأقل تأخيرها. وبطريقة موازية، يمكن لمصر أيضاً، من خلال تقديم نفسها على أنها صانعة سلام في الشرق الأوسط، أن تقوض الجهود التي تبذلها إدارة بايدن وبعض المشرعين الأميركيين لمحاسبة البلاد على انتهاك حقوق الإنسان.

ووفق ما قالته حفصة حلاوة، خبيرة في شؤون مصر في "معهد الشرق الأوسط" وهو مركز بحوث في واشنطن، فحرب غزة التي استمرت 11 يوماً في مايو (أيار) الماضي "سمحت لمصر بتقديم نفسها مرة أخرى كشريك أمني لا غنى عنه لإسرائيل في المنطقة، وهي فعلاً كذلك، ما يجعلها في المقابل شريكاً أمنياً لا غنى عنه للولايات المتحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت في ذلك الإطار: "تعتبر غزة خير مثال للجميع، على أنه لا يمكن القيام بشيء يذكر من دون مصر [في القطاع]".

والجدير بالذكر أن المساعدات الموسعة، إلى جانب سيطرة مصر على رفح، وهو المعبر الحدودي الوحيد لغزة الذي لا يمر عبر إسرائيل، تمنح القاهرة وسيلة ضغط على حركة "حماس" التي سيطرت على غزة منذ طرد القوات الموالية للسلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً في عام 2007.

وبعد التفاوض على وقف إطلاق النار غير الرسمي الذي أنهى حرب غزة، تعهدت مصر بتقديم 500 مليون دولار لإعادة بناء القطاع وأرسلت فرق العمل لإزالة الأنقاض.

وفي حين لم تتضح بعد قيمة المبلغ الذي جرى تسليمه من تلك الأموال، تمول مصر الآن تشييد ثلاث بلدات من المقرر أن يسكن فيها حوالى 300 ألف شخص، وفقاً لناجي سرحان، نائب مدير وزارة الإسكان التي تمسك بمقاليدها حركة "حماس". وعلى نحو مشابه، يجري العمل على تطوير الطريق الساحلي الرئيس في غزة. وبحسب ما قاله سرحان، ستستغرق المشاريع عاماً ونصف العام.

وأضاف: "نتمنى أن تكون هناك حزم كبيرة من المشاريع في المستقبل القريب خصوصاً لبناء الأبراج التي دمرت في الحرب". وكانت إسرائيل دمرت أربعة مبان شاهقة خلال النزاع، وقالت إنها كانت تضم بنى تحتية عسكرية تابعة لـ"حماس"، غير أنها لم تنشر أدلة علنية تدعم تلك المزاعم التي تنفيها الحركة. والجدير بالذكر أن شحن مواد البناء سيتم عبر معبر رفح.

وفي سياق متصل، صرح علاء العراج، من نقابة المقاولين الفلسطينيين، بأن 9 شركات فلسطينية ستشارك في المشاريع المصرية، ما سيوفر حوالى 16 ألف فرصة عمل تمس الحاجة لها في تلك المنطقة الفقيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن الوجود المصري واضح وملموس، إذ إن وفوداً مصرية تزور غزة كل أسبوع تقريباً لتفقد العمل، كما أنها فتحت مكتباً في أحد فنادق مدينة غزة للممثلين الفنيين الدائمين.

إضافة إلى ذلك، ترفرف الأعلام المصرية ورايات الشركات المصرية فوق الجرافات والشاحنات وأعمدة الكهرباء. فضلاً عن وصول عشرات العمال المصريين إلى هناك، وهم ينامون في نزل مؤقتة في مدرسة بمدينة غزة.

وإلى ذلك، تتجه الشاحنات المصرية خمسة أيام في الأسبوع إلى غزة محملة بمواد البناء عبر معبر رفح، في تناقض واضح مع الشحنات المتفرقة التي تصل عبر معبر تسيطر عليه إسرائيل.

وفي ذلك الإطار، أشار سهيل سقا، مقاول من غزة يشارك في إعادة الإعمار، إلى أن التدفق المستمر للمواد المصرية أمر بالغ الأهمية.

وتابع أن "السلع غير ملزمة بالمرور في المعابر الإسرائيلية، وهذا يجعلها مهمة جداً".

في الواقع، تشكل تلك المشاريع جزءاً من عملية إعادة تنظيم واسع النطاق بعد سنوات علقت خلالها غزة في نزاع الدول العربية في أعقاب احتجاجات الربيع العربي 2011.

تجدر الإشارة إلى أن الدور المصري المتنامي يمنح القاهرة أداة قوية لفرض التزام "حماس" بالهدنة، فهي في الحقيقة قادرة على إغلاق معبر رفح متى شاءت، ما يجعل من المستحيل تقريباً على أي شخص الدخول أو الخروج من غزة، التي يقطنها أكثر من مليوني فلسطيني.

وتعتبر إسرائيل ومعظم الدول الغربية حركة "حماس" منظمة إرهابية بسبب رفضها قبول وجود إسرائيل وبسبب تاريخها الطويل الحافل بالهجمات المميتة.

وقد فرضت إسرائيل سياسة الفصل بين الضفة الغربية الخاضعة لها وقطاع غزة الواقع بمحاذاتها، والذي سيشكل يوماً ما جزءاً من دولة فلسطينية بموجب اقتراح معتمد دولياً.

والجدير بالذكر أن الحكومة الإسرائيلية الحالية استبعدت أي مبادرات سلام رئيسة، حتى مع الرئيس الفلسطيني في الضفة الغربية محمود عباس المدعوم من الغرب، لكنها اتخذت خطوات ترمي إلى تحسين الظروف المعيشية، بما في ذلك إصدار حوالى 10 آلاف تصريح لسكان غزة من أجل العمل داخل إسرائيل.

وفي العام الماضي، تعاظم التدهور في العلاقات بين "حماس" وحركة "فتح" التي يتزعمها عباس، بعد أن ألغى أول انتخابات منذ أكثر من 15 عاماً. وقد فشلت محاولات المصالحة المتكررة، التي توسطت مصر في كثير منها.

في منحى مقابل، قد يكون الحفاظ على الوضع الراهن في غزة كافياً بالنسبة إلى مصر وإسرائيل والإدارة الأميركية التي تصب اهتمامها على أزمات أكبر في أماكن أخرى.

وفي ذلك السياق، صرح طلال عوكل، المحلل السياسي المقيم في غزة بأن "مصر تريد التفاهمات أو حتى الضغط على حماس حتى لا ينفجر الوضع".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط