Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

براءات الاختراع في العالم العربي أرض ليست خصبة

محمية بالقانون لكن دعم الدول شبه معدوم وغياب لمخصصات البحث العلمي

يجد المخترعون أنفسهم في مواجهة عقبات تتعلق بكيفية حماية اختراعاتهم (غيتي)

"لا يمكنني أبداً تحديد ما إذا كانت أحلامي نتيجة أفكاري، أم أن أفكاري نتيجة أحلامي". مقولة ارتبطت بالأديب البريطاني الشهير ديفيد هربرت لورانس، وكأنه يعبّر بكلماته عن صراع الأفكار الذي لا ينتهي داخل عقول المبدعين، خاصة المخترعين الشباب الذين يحلمون بتحويل أحلامهم إلى أفكار، وأفكارهم إلى أحلام، يمكنها أن تشتبك مع الواقع دون أن يتوقفوا عند عتبات "ما الذي شغل بالهم أولا"ً.

وبعيداً من ثنائية "الحلم المصحوب بالفكرة"، يجد المخترعون أنفسهم في مواجهة عقبات تتعلق بكيفية حماية اختراعاتهم (منذ لحظة ميلادها كحلم أو فكرة) وحتى لحظة وصول تلك الاختراعات إلى بر الأمان والحصول على "براءة اختراع" تساعدهم على تحويل أفكارهم إلى منتجات تجتاح الأسواق. فهي رحلة تتطلب من "المخترع" أن يكون على دراية بالوسائل التي تحميه من السقوط في شباك "سارقي براءات الاختراع" و"منتهكي حقوق الملكية الفكرية".

لكن هذه المشكلة، قد لا تكون الوحيدة التي تواجه المبدعين، اذ تغيب في عالمنا العربي الموازنات المعقولة المخصصة للبحث العلمي والدراسات التطويرية، وقد تكون معدومة في عدد من الدول، أو تُقَر في الموازنات، لكنها تبقى حبراً على ورق.

"اندبندنت عربية" تنقّلت بين عدد من الدول العربية، وناقشت حقوق المبدعين، والقوانين التي تحمي أعمالهم، وكيفية الحصول على براءات الاختراع.

استدراك رسمي لبراءات الاختراع في الجزائر

أثار "التجاهل" الرسمي والإعلامي الذي رافق زيارة العالم الجزائري المقيم بأميركا، بلقاسم حبة، ضجة كبيرة، خاصة أنه قدم إلى بلاده من أجل تقديم محاضرات في جامعات محافظات الجنوب، لكن ما زاد من حدة الاستياء امتلاك هذه الشخصية لـ1296 براءة اختراع في الخارج.

تدارك ضمن الحيز الضيق

وبالنظر إلى الأعداد الكبيرة والمتصاعدة سنوياً للأدمغة الجزائرية المهاجرة نحو الخارج، تظهر مكانة الكفاءات في مخيال المجتمع، سواء سياسياً أو شعبياً، وهو ما يحيل إلى التساؤل حول نظرة الجزائري لاختراعات أبناء جلدته.

وفي حين تداركت السلطة "التجاهل" عبر منح الرئيس عبد المجيد تبون وسام استحقاق وطني للباحث بلقاسم حبة، كتقدير وتكريم لما يقدمه من اختراعات علمية، والتي بلغت 1296 اختراعاً، كلها في مجال الإلكترونيات والتكنولوجيا الدقيقة، وفقاً لآخر الإحصائيات التي يقدمها دورياً الموقع المتخصص "فري باتنت أونلاين"، إلا أن الاهتمام الرسمي بموضوع الاختراع يبقى ضمن الحيز الضيق المقترن بالمناسبات.

تكفل رسمي أمام نصوص 2003

كما أكد تبون ضرورة تكفل الدولة بحماية براءات اختراع الشباب الجزائري، وتقديم مزيد من التشجيع والتحفيزات للشباب لإنشاء مؤسسات ناشئة وإبراز تجاربهم الناجحة في وسائل الإعلام، مشيراً إلى مصادقته على مشروع قانون لإنشاء الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيا، لتكون أعلى هيئة علمية في البلاد.

 

 

في المقابل، قدم المشرع الجزائري عام 2003، مجموعة من التدابير الخاصة بالاختراعات التي كانت موضوعاً للملكية الصناعية، كقانون البراءات الأول في الجزائر الذي يحمي المبدعين والمبتكرين الجزائريين، حيث يعتبر المعهد الجزائري للملكية الصناعية المسؤول عن الفحص والتسجيل والتحكم والتحقق من صحة الابتكارات، ومنح براءات الاختراع والابتكار.

ثلاثة شروط

يقول الباحث الأكاديمي في إدارة الأعمال، أنور سكيو، أنه في السنوات الأخيرة، ركز معهد الملكية الصناعية على مهام أكثر تكيفاً مع العصر الرقمي، وفي أعقاب الارتباك الواضح حول مفهوم الملكية الصناعية في الجزائر، شرع هذا الكيان في عمل حوافز جديدة، وبشكل أكثر تحديداً، حيث إنها تهدف إلى إتاحة الوصول للمعلومات المتعلقة بتدابير تسجيل براءات الاختراع بطريقة غير مباشرة وتطوير القدرة على الابتكار مع المخترعين.

ويضيف سكيو، أن قانون براءات الاختراع في الجزائر واضح، "حيث إنه لكي تكون الاختراعات محمية ببراءة اختراع، يجب أن تكون اختراعات جديدة، تنتج عن خطوة ابتكارية وقابلة للتطبيق الصناعي"، أي يخضع لثلاثة شروط، أولها أن تكون الاختراعات جديدة، ثم أن يكون الاختراع قابلاً للتطبيق على النشاط الصناعي، وثالثاً أن يكون الاختراع منتجاً، وأيضاً طريقة ذات طبيعة تقنية يقترحها المبتكر كحل للمشكلة.

اهتمام لفعل الاختراع

وفي سياق الاهتمام الذي توليه السلطة منذ تولي الرئيس تبون الحكم لفعل الاختراع، على غير العادة، أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ضرورة وضع نموذج اقتصادي يعطي مكانة أكثر أهمية لبراءات الاختراع في الصناعة الصيدلانية، وذلك من أجل تطوير القطاع على المستوى الوطني، مشيراً إلى أن مسالة براءات الاختراع في جوانبها المتعلقة بالاقتناء والاستغلال، يجب أن تعالج بكثير من الاهتمام، بما في ذلك براءات الاختراع في المجال العمومي، وشدد على أهمية إدماج مفاهيم قوانين الملكية الفكرية والمعايير الصحية، وكذا ترقية مهمة اليقظة الاستراتيجية في النموذج الاقتصادي للقطاع.

وبخصوص تمويل الابتكار، فقد اقترح المجلس أن تعمل الحكومة على مفهوم رأس مال المخاطر ورأس المال الاستثماري، مضيفاً أنها أموال تمنح للمؤسسات الناشئة أو إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أجل تطوير منتوج جديد في سوق غالباً ما يكون غير مستقر.

طلبات براءة اختراع

وكعيّنة، سجل المعهد الجزائري للملكية الصناعية ما لا يقل عن 120 طلب براءة اختراع مقدمة من طرف جزائريين خلال 2019، حسب ما أكده المدير عام للمعهد، عبد الحفيظ بلمهدي، الذي أوضح أن الطلبات بلغت 145 في 2018، والعدد نفسه سجل في 2017، مشيراً إلى أنه من بين قطاعات النشاط التي كانت موضوع إيداع براءات اختراع، الإلكترونيك والمنتجات الصيدلانية وشبه صيدلانية والميكانيك.

من جانبه، أكد مدير المكتب الخارجي للمنظمة الدولية للملكية الفكرية بالجزائر، محمد سالك أحمد عثمان، أن "المعدل الدولي لمساهمة النساء في الابتكار يقارب 33 في المئة، وفقاً للبراءات المودعة منذ 2015 على مستوى المنظمة الدولية للملكية الفكرية".

تعزيز اقتصاد المعرفة

وتضمن مخطط عمل الحكومة الأخير، تدابير جديدة ترمي لتعزيز اقتصاد المعرفة والبحث والتطوير والابتكار علاوة عن ترقية منظومة حاضنة للمؤسسات الناشئة والاقتصاد الرقمي، ففي إطار تعزيز اقتصاد المعرفة، تلتزم الحكومة بإعداد قانون إطار حول اقتصاد المعرفة وإعداد استراتيجية وطنية لنقل التكنولوجيا ووضع آليات ملائمة لتمويل أشغال وضع النماذج والبحث والتنمية لصالح المؤسسات الناشئة، وكذا استحداث محفزات جبائية لتشجيع المؤسسات على الاستثمار في مجال البحث والتنمية.

وتعتزم الحكومة وضع إطار تنظيمي لضبط النفقات التي يمكن تصنيفها بنفقات البحث والتنمية في المؤسسات واتخاذ تدابير تحفيزية لتشجيع أطروحات البحث في المؤسسة ووضع آلية لدعم إيداع براءات الاختراع على المستوى الدولي، مع تشجيع تشغيل اليد العاملة، ذات التأهيل العالي في المؤسسات واستحداث الوضع القانوني للباحث في المؤسسة، حيث يتضمن المخطط رقمنة إجراءات إيداع براءات الاختراع واستحداث مناطق تكنولوجية حرة، علاوة عن تشجيع أصحاب براءات الاختراع على إنشاء مؤسساتهم الناشئة.

وينص المخطط أيضاً على تشجيع التعاقد الخارجي لإنجاز أعمال البحث والتنمية من خلال استحداث إطار تنظيمي للاختراع المفتوح واستحداث ورش وضع النماذج لصالح حاملي المشاريع الابتكارية، وكذا اللجوء إلى مقدمي الخدمات الجزائريين في قطاع الرقمنة والتكنولوجيات الجديدة للحد من التبعية التكنولوجية، زيادة على ذلك، تسعى الحكومة إلى إحصاء التصنيفات الدولية المتعلقة بالمؤسسات الناشئة والاختراع واقتصاد المعرفة وتحسين مرتبة الجزائر وتقليص أعباء أرباب العمل لصالح المؤسسات الناشئة وتشجيع رأسمال المخاطر، بالنظر إلى دوره الأساسي في تمويل الابتكار وتخفيف الإجراءات الإدارية لإنشاء صندوق للاستثمار وصندوق إيداع مشترك للابتكارات.

 

 

1753 براءة اختراع ممنوحة في لبنان  

عانى لبنان ولا يزال من التقليد، ونذكر كيف كانت الألحان والأغاني تباع في الشوارع على عربات الخضار دون حسيب أو رقيب، على الرغم من أن البلد أقر قانون الحماية الملكية. ولنطلع أكثر على هذا الموضوع، توضح المحامية والمتخصصة القانونية كرستينا أبي حيدر، عن القوانين التي تحكم براءات الاختراع في لبنان، مستندة إلى تعريف المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO قائلة، "البراءة حق استئثاري يُمنح نظير اختراع يكون إنتاجاً، أو عملية تتيح طريقة جديدة لإنجاز عمل ما، أو تقدم حلاً تقنياً جديداً لمشكلة ما".

مجالات براءة الاختراع 

وتوضح أن "الاختراع يجب أن يكون قابلاً للحماية إذا كان جديداً ومنطوياً على نشاط ابتكاري وقابلاً للتطبيق الصناعي، وتصدر براءة لكل اختراع يتعلق بمنتج صناعي جديد، بطريقة جديدة تؤدي إلى منتج صناعي معروف أو نتيجة صناعية معروفة، بكل تطبيق جديد لطريقة أو لوسيلة صناعية معروفة، بمجموعة جديدة لطرق أو لوسائل معروفة، بالكائنات الدقيقة الجديدMicro Organisms، والمنتجات النباتية الجديدة المستحدثة أو المكتشفة إذا كانت تتوافر فيها الشروط التالية مجتمعة: أن تختلف عن الأنواع المماثلة المعروفة من قبل بميزة مهمة دقيقة وقليلة التقلب، أو بعدة ميزات تشكل في مجموعها نوعاً نباتياً جديداً، وأن تكون متجانسة بالنسبة إلى مجموع ميزاتها، وأن تكون لها صفة الاستقرار، أي أنها تبقى مطابقة لتعريفها الأول بنهاية كل دورة إنتاجية، ويعتبر الاختراع جديداً إذا لم يكن داخلاً في حالة التقنية السابقة".

وتضيف "ويعتبر الاختراع منطوياً على نشاط ابتكاري إذا لم يكن من البديهي لرجل المهنة العادي التوصل إليه بالاستناد إلى حالة التقنية السابقة، وتشمل حالة التقنية السابقة كل ما كان قبل تاريخ تقديم طلب البراءة أو تاريخ الأولوية المطالب بها بموجب المادة 4 من اتفاقية اتحاد باريس لعام 1883 المعدلة، بمتناول الجمهور في أي مكان أو زمان، سواء بوصف خطي أو شفهي أو بالاستعمال أو بأي طريقة أخرى. على أن تراعي أحكام المواد 89 إلى 94 ضمناً من القرار 2385/ 24 المعدل والمتعلق بالاختراعات، التي حازت شهادة ضمان في المعارض والأسواق التجارية الرسمية بمفهوم المادة 11 من اتفاقية اتحاد باريس لعام 1883 المعدلة، يعد الاختراع قابلاً للتطبيق الصناعي إذا أمكن صنعه أو استعماله في أي نوع من أنواع الصناعة، ويجب أن يفهم اصطلاح الصناعة بأوسع معانيه كما هو محدد في المادة الأولى من اتفاقية اتحاد باريس لعام 1883 المعدلة".

شروط القانون اللبناني

أما بالنسبة إلى شروط القانون اللبناني للحصول على براءة الاختراع، توضح أبي حيدر أنه يجب أن يكون "اختراعاً جديداً، وليس موجوداً من قبل، وأن يكون مبتكراً، وأن يكون قابلاً للاستخدام أو الاستعمال".

وعن الإجراءات للحصول على براءة الاختراع وفقاً للقانون اللبناني، توضح أبي حيدر أنه "أولاً، يجب أن يقدم طلب الحصول على البراءة من قبل طالب البراءة أو وكيله، إلى رئيس مصلحة حماية الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد والتجارة، وإذا كان طالب البراءة غير لبناني أو غير مقيم في لبنان، وجب عليه تعيين وكيل عنه مقيم في لبنان. ثانياً، يجب أن يرفق الطلب بتوكيل ذي توقيع خاص إذا تمثل طالب البراءة بوكيل وبغلاف مختوم يحتوي على نسختين من كل من الأوراق الآتية: وصف الاختراع وملخصه، ولائحة بالمطالب تبرز عناصر الجدة والابتكار المراد حمايتها، وملخص لوصف الاختراع باللغة العربية، والرسوم التوضيحية للاختراع إذا كانت ضرورية لفهمه، وخامساً قائمة بالأوراق المرفقة".

أما في حال كان الاختراع يتعلق بمنتج نباتي أو بكائن دقيق، تشير أبي حيدر إلى أنه يجب أن "يودع نموذج منه لدى المختبر المركزي في وزارة الصحة العامة، الذي يسلم طالب البراءة إفادة برقم وتاريخ إيداعه، ضمن مهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ الطلب، وتأخذ مصلحة حماية الملكية الفكرية علماً بذلك"، موضحة أن "براءة الاختراع تصدر في غضون 60 يوماً من تقديم طلب البراءة ما لم يطلب مقدم الطلب تأخير الإصدار، وعادة ما تكون هناك حاجة إلى 24 إلى 48 ساعة لدفع الرسوم الرسمية، ويعد تاريخ الدفع هو تاريخ منح براءة الاختراع، ويسري الحق الحصري باستثمار الاختراع موضوع البراءة مدة عشرين سنة ابتداءً من تاريخ إيداع الطلب المنصوص عليه وفقاً لأحكام المادة العاشرة من القانون رقم 240. وتدفع رسوم الصيانة السنوية في اليوم الأول من السنة التي تلي تاريخ تقديم الطلب، غير أنه يمكن إعطاء مقدم الطلب فترة سماح لمدة ستة أشهر". لافتة إلى أنه "وفق إحصاءات المنظمة العالمية للملكية الفكرية لغاية نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2021، هناك 1753 براءة اختراع ممنوحة لأفراد مقيمين في لبنان أو في الخارج".

الثغرات القانونية

وعن الثغرات الموجودة في التشريعات اللبنانية المتعلقة ببراءات الاختراع، تكشف أبي حيدر أن "نظام التسجيل الثابت لبراءات الاختراع هو نظام إيداع، أي أن تعزيز دور السلطات العامة في التسجيل، لأن الفجوة الرئيسة هي أن طالبي براءات الاختراع يستخدمون الشركات الخاصة لتسجيل براءة الاختراع والإذن بها في جميع أنحاء العالم". لافتة إلى أن "لبنان ليس عضواً في معاهدة التعاون بين البلدان لإصدار براءات الاختراع، والمعاهدة تجعل من الممكن التماس حماية براءات الاختراع في وقت واحد في عدد كبير من البلدان من خلال تقديم طلب براءة اختراع دولية. ويجوز لأي مواطن أو مقيم في دولة ملتزمة بالمعاهدة أن يقدم هذا الطلب. ويمكن عموماً إيداعها لدى المكتب الوطني لبراءات الاختراع في الدولة المتعاقدة التي يكون مقدم الطلب مواطناً أو مقيماً فيها، أو، حسب اختياره، لدى المكتب الدولي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية في جنيف".

أما الثغرة الأخرى فهي بحسب أبي حيدر "غياب الاستشارات في مجال كيفية الحصول على براءات الاختراع في لبنان". وختمت، "كل من يرغب حماية اختراعه عليه أن يسجله، ويستحصل على البراءة، أما موضوع الفساد فإن القوانين والمحاكم اللبنانية يمكن اللجوء إليها للتقاضي وحماية حقوقه في هذا المجال".

براءة الاختراع في تونس: ثقافة غير متجذرة

على الرغم من وجود قانون ينظم مجال الملكية الفكرية وبراءة الاختراعات في تونس، فإن هذه الثقافة ليست متجذرة بين أدمغة البلاد وكفاءاتها، في هذا السياق كتب دكتور مكرم السافي، باحث بيولوجي بمعهد باستور بتونس، في مقال نُشر له تحدث فيه عن غياب ثقافة الملكية الفكرية والصناعية في مجال منظومة البحث العلمي في بلاده.

 

وقال السافي "الأدمغة التي اختارت أن تعمل على أرض الوطن نجدها تقوم في غالب الأحيان بنشر أعمالها واكتشافاتها على صفحات المجلات العلمية وعرضها في المؤتمرات الدولية، من دون أي حماية قانونية عبر آلية إيداع براءات الاختراع لدى الهياكل الوطنية والدولية المختصة".

كما تحدث عن صعوبة مطالب البراءات وكتابتها في تونس وعدم وجود مكاتب دولية يضمن فيها المخترع حماية إبداعاته أو ابتكاراته في أسواق عالمية منافسة.

وكشف المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية عن أن المعهد يمنح بمعدل 500 براءة اختراع سنوياً منها 40 في المئة لفائدة مخترعين مستقلين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مدير عام المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية، رياض السوسي، خلال مؤتمر صحافي إن "بقية براءات الاختراع تم منحها لمراكز بحوث وجامعات وكذلك لشركات خاصة"، مبيناً أن "توزيع براءات الاختراع عادل بين جميع القطاعات ولكن بنسبة أقل في قطاعي الاتصالات والنسيج اللذين يتميزان بتطور تكنولوجي سريع".

وأوضح أنه مع إطلاق قانون المؤسسات الناشئة، "نعتقد أنه بإمكاننا الترفيع في هذا العدد خلال السنوات المقبلة".

وترى مدير الإبداع بالمعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية سيدة بن عاشور في تصريح خاص أنه "لدينا قانون يخص حماية البراءات في تونس، وهو القانون عدد 84 لسنة 2000"، موضحة "نشتغل بهذا القانون الذي ينص فيه على شروط قبول البراءات وكيفية التأكد منها أو فحصها، ويغطي القانون العديد من الجوانب المهمة المتعلقة بالمنح، ومتطلبات تسجيل براءات الاختراع ونشرها، وحق الأولوية، وكذلك انتهاء صلاحية حقوق براءات الاختراع وإبطالها".

وحول أهم المعايير للحصول على براءة الاختراع في تونس تفيد بن عاشور أنها "المعايير نفسها المعمول بها في كل أنحاء العالم"، وأهمها من أجل الحصول على براءة الاختراع "أن تكون الفكرة جديدة، ثم الشرط الثاني النشاط الابتكاري، والمعيار الثالث هو أن يكون الاختراع قابلاً للتطبيق الصناعي".

ضمان الشفافية

أما بخصوص التصنيفات فتقول بن عاشور إنه يوجد تصنيف دولي للبراءات في العالم، وهي ثمانية قطاعات كبرى، قطاعات حياتية كصناعة الأدوية أو الصناعات الغذائية والفلاحية، ثانياً الصناعات المتعلقة بالنقل، ثم الصناعات الكيميائية، ثم النسيج والورق، ثم البنايات الثابتة، ثم الصناعات الميكانيكية والصناعات الفيزيائية، وأخيراً الصناعات الكهربائية.

وحول القطاعات التي تشهد أكثر حركة في طلب براءات الاختراعات في تونس، فهي قطاع صناعة الأدوية المتطور في البلاد، ومن ثم الصناعات الحياتية المتعلقة بالغذاء والفلاحة والنسيج ثم الصناعات الكيميائية، والتقنيات الصناعية، والبقية بنسبة ضئيلة.

وتوضح بن عاشور أنه "لا توجد حماية دولية لبراءات الاختراع بل هناك حماية في كل دولة، فطالب البراءة في مجال صناعة السيارات مثلاً يطلب الحماية في كل الدول التي تشهد تطوراً في هذا المجال".

وبخصوص ضمان شفافية العملية تقول "نقوم بفحص لمطلب البراءة إلى أن يتم منحها وذلك طبق الشروط والقانون المنظم، ونحن لسنا محققين من أجل معرفة هل أن الأفكار خيالية أو مسروقة، فصاحب الفكرة هو الذي يسعى إلى حماية أفكاره وهو من يستطيع تقديم قضية في صورة ما تمت سرقة ابتكاره، وذلك بطلب الطعن في البراءة التي يرى أنها غير قانونية". مضيفة "دورنا يقتصر على تفحص المطالب طبق القانون وعن طريق الخبراء الذين نعتمدهم في إدارتنا، ولمزيد الشفافية ننشر كل مطالب براءات الاختراعات في منصة إلكترونية، أي إنها متاحة للجميع".

إمكانات ضعيفة في السودان لأصحاب براءات الاختراع 

فيما يتعلق بمجال براءات الاختراع في السوق السودانية، تقول نادية أبو بكر، مسجل عام الملكية الفكرية في السودان، "بدأ السودان اهتمامه فعلياً ببراءات الاختراع في ثمانينيات القرن العشرين، وتشمل براءات محلية، وأخرى يتم إيداعها خارجياً وفقاً لاتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية، حيث يعد السودان من أولى الدول التي انضمت لهذه الاتفاقية في عام 1984، وبالنسبة إلى الطلبات المحلية يتم فحصها للتأكد من مدى استيفائها للشروط، ويكون الفحص شكلياً، وليس موضوعياً، لعدم توافر الإمكانات، لذلك نقوم في كثير من الأحيان خشية من حدوث ضرر للمستهلك بإخضاع تلك البراءات للفحص بواسطة جهات مختصة في ذات المجال، بخاصة فيما يتعلق ببراءلت الاختراع التي تتعلق بالبيئة والصحة والأمن القومي، حيث يتم تحويل طلباتها لجهات الاختصاص وعلى ضوء ردّها نحدد موافقتنا من عدمها. وما اضطرنا لهذه الخطوة ملاحظتنا لعدد من يتقدم ببراءة اختراع في مجال الأعشاب يقوم بوضع البراءة أمام محالّه وكأنها ترخيص لتداول مُنتجه، ما يعد خداعاً واضحاً وبيّناً".

وتتابع أبو بكر "من أكثر التحديات التي تواجه هذا النشاط، نجد أن القانون المعمول به صادر في عام 1971، ولم يتغير حتى الآن، فرسوم تسجيل براءة الاختراع كانت شبه مجانية، لكن في أغسطس (آب) 2021 تم تعديل اللائحة برسوم جديدة تتناسب والواقع الاقتصادي المعيش حالياً، لكن المشكلة أن معظم أصحاب براءات الاختراع من ذوي الإمكانات الضعيفة، ما يجعلهم غير قادرين على تطوير اختراعاتهم أو القيام بأي خطوة متقدمة، وهذا يعود أيضاً لعدم وجود جهات راعية للمبتكرين والمبدعين، خاصة أصحاب الاختراعات المميزة، لذلك هناك كثير من براءات الاختراع لا ترى النور، حيث تظل حبيسة الأدراج، ما عدا الاختراعات المقدمة من الشركات والمؤسسات بالنظر لإمكاناتها المادية. كما أن مقر هذا النشاط لا يتمتع بالمواصفات المطلوبة، إذ يفتقر لمعامل الفحص المطلوبة وغيرها من الإمكانات والمؤهلات التي تسهم بشكل موضوعي في إحداث قفزة في هذا المجال".

وتضيف "فيما يتعلق بشروط منح البراءات، كما هو معروف أن قانون براءة الاختراع يهدف إلى تشجيع الابتكار عن طريق توفير الحماية الكافية للاختراعات والمعرفة الفنية، ويتم منح براءة الاختراع عن كل اختراع جديد لم يسبق التطرق له، بمعنى ناشئ عن جهد في الابتكار وقابل للاستغلال الصناعي، وكذلك لأي اختراع يؤدي إلى تحسين اختراع قائم منحت عنه البراءة بشرط أن يكون التحسين جوهرياً، على أن لا تُعد من قبل الاختراعات القواعد النظرية والاكتشافات ذات الطبيعة العلمية. كما لا يُعد الاختراع متاحاً للعامة لمجرد قيام المخترع أو خلفه بعرض الاختراع في معرض دولي رسمي أو معترف به رسمياً في خلال الأشهر الستة السابقة على تقديم طلب البراءة".

ولفتت أبو بكر أنه لا يجوز منح براءات الاختراعات التي يكون في نشرها أو استغلالها إخلال بالنظام العام أو الآداب، ولكن لا يُعد استغلال الاختراع مخلاً بالنظام العام أو الآداب لمجرد أن استغلاله محظور قانوناً.

أدوية الأعشاب

وحول مدة سريان البراءة، توضح مسجل عام الملكية الفكرية، بأن الحقوق المترتبة على البراءة تنقضي بعد عشرين عاماً من تاريخ تقديم الطلب بشرط دفع الرسوم السنوية المقررة في اللوائح، كما تمنح مهلة ستة أشهر لدفع الرسوم السنوية بعد دفع الرسم الإضافي المقرر في اللوائح، على أن يقوم مكتب البراءات بنشر إعلان في الجريدة الرسمية بسقوط البراءة لعدم دفع الرسوم، وذلك بأسرع ما يمكن.

ونوّهت بأن إجمالي عدد براءات الاختراع في السودان قارب ستة آلاف براءة، بمعدل سنوي يتراوح بين 300 و500 براءة اختراع، لكنها ترى أنه في السنوات الثلاث الماضية تراجع عدد البراءات بالنظر إلى ظروف انتشار وباء كورونا، واندلاع الثورة السودانية التي حدّت من حركة ونشاط كثيرين.

والمجالات الأكثر انتشاراً وميولاً لبراءات الاختراع من قبل المخترعين السودانيين في أدوية الأعشاب، وعلاجات الأمراض المختلفة، خاصة المستعصية كالإيدز والسرطان والكلى والالتهابات عموماً، والأجهزة المختلفة مثل مكيفات السيارات.

وأشارت أبو بكر، إلى أنهم لا يتابعون المخترع في تنفيذ اختراعه، لكنهم يطالبون بتجديد اختراعه سنوياً لمدة 20 عاماً، حيث يصبح بعد ذلك متاحاً لعامة الناس، لكي يتم تطويره وتحسينه وفقاً للتطورات والطفرات التي يمكن أن تحدث في مجال التكنولوجيا، مبينة أن الحصول على اعتماد البراءة من جهات خارجية يعتمد على المخترع ومدى رغبته في تشغيل براءته في دولة بعينها مما يستوجب منه حماية براءته، وبلغ عدد الاختراعات السودانية المودعة خارجياً نحو 500 براءة.

ولفتت أبو بكر أنه سبق أن حدثت سرقة براءة اختراع مميزة جداً نالت المركز الأول في مسابقة خارجية من قبل أحد الأشخاص، لكن تم اكتشافها واتخذ صاحبها إجراءً قانونياً ضد السارق حصل بموجبه على حقوقه كاملة، لكن بشكل عام لا يوجد فساد أو سرقات بصورة تشكل ظاهرة تتطلب التدخل لمكافحتها، متوقعة مستقبل مشرق لهذا المجال من منطلق أن معظم براءات الاختراع التي تصل إلينا تحمل إبداعاً واضحاً وحلولاً مطلوبة في المجتمع، لكن يبقى اهتمام الدولة بهذا المجال هو العامل المهم والمطلوب لأهمية براءات الاختراع في النهوض باقتصاد البلاد بالنظر لما يقدم من أعمال ومشروعات في غاية من الإبداع والأهمية.

متطلبات التطوير

في السياق ذاته، يوضح المتخصص في مجال الملكية الفكرية المحامي محمد الحاج يونس، أن "واقع البراءات في السودان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقانون السوداني والذي يمنح البراءة على مسؤولية صاحبها، وذلك بمجرد اكتمال الشروط الشكلية لبراءة الاختراع، حيث لا يوجد فحص موضوعي للبراءات لعدم توافر الإمكانات المتاحة لذلك سوى من ناحية الكادر البشري المؤهل في جميع التخصصات الهندسية والطبية، وخلافه، أو من جانب الأجهزة والمعدات الحديثة في المجالات المختلفة".

وأشار إلى أن التحديات التي تعترض هذا المجال تكمن في ضرورة تعديل القانون الخاص ببراءة الاختراع، وفي تطبيقه الذي يتطلب أولاً التدريب وتوفير إمكانات تطبيق القانون وهي نفس متطلبات التطوير، إضافة إلى صعوبة إمكانية الفحص الموضوعي في ظل ظروف السودان الحالية، ويمكن البدء بالتدريب حالياً للكوادر الموجودة.

وفيما يتعلق بالشروط الخاصة ببراءة الاختراع، بيّن يونس أن القانون يشترط أن تكون براءة الاختراع جديدة وقابلة التصنيع، ويتم التسجيل متى ما استوفيت الشروط الشكلية فقط، وهي الرسومات إن وجدت، إضافة إلى توفير نسختين من البراءة ووصف لها، وكذلك تحديد حقوق الامتياز، لافتاً إلى أن هناك زيادة ملحوظة في عدد الإيداعات لبراءات الاختراع سنوياً.

ويرى أن مصير البراءات بعد تسجيلها يعتمد على صاحبها في تشغيل البراءة، لكن لا يوجد دور للجهة الرسمية غير التسجيل فقط، موضحاً أن من أكثر المجالات التي تتناولها البراءات في السودان هي الأدوية العشبية، واختراعات الأجهزة في مختلف المجالات، مشيراً إلى أنه ليس من الواجب اعتماد البراءة من جهة خارجية، لكن لصاحب البراءة كامل الحق والحرية في أن يسجل براءته خارجياً إذا رغب في ذلك، بخاصة أن السودان عضواً في اتفاقية التعاون في شأن البراءات.

واستبعد المتخصص في مجال الملكية الفكرية وجود أي نوع من الفساد في شأن تسجيل البراءات في السودان، إلا أن عدم وجود فحص موضوعي للبراءات قد يؤدي إلى تسجيل براءة واحدة لشخصين، لكن من حق صاحب البراءة أن يلجأ للمحكمة للمطالبة بحقه، راهناً مستقبل المجال نحو الأفضل بتعديل القانون وتطبيقه وتوفير الإمكانات المطلوبة.

الوصول إلى العالمية

وفي إطار التجارب العملية، قال المخترع السوداني عثمان ريحان (لديه عدة براءات اختراع)، "بدأت فكرة اهتمامي بهذا المجال من المشكلات التي كانت تواجهني، حيث أقوم بالبحث عن حلول لها، وقد واجهتني كغيري من المخترعين السودانيين كثير من التحديات يمكن إجمالها في عدم وجود الدعم اللازم بكل أشكاله، وانعدام البيئة والمقومات التي تساعد المخترع لكي ينطلق أي خطوة للأمام، فضلاً عن أن المجتمع محبط للغاية، بل يسعى لإبعادك عن أي تجربة أو مشروع ابتكار، بالتالي كان التحدي بالنسبة لي كيف أصل باختراعاتي إلى العالمية، فبدأت مرحلة البحث عن المسابقات العالمية، وبالفعل شاركت في عدد من المسابقات، ونلت جوائز عدة حتى أصبحت معروفاً على المستوى العالمي، إذ حصلت على منحة من قبل الحكومة التركية لتكملة دراسة الطب التي كنت أمارسها في السودان".

وأضاف، "كان أول اختراع لي هو جهاز فحص وظائف الكلى في المنزل، لعدم توفره عالمياً، وشجعني على ذلك إصابة والدي بمرض الكلى، بحيث يساعد هذا الاختراع مرضى الكلى بإجراء فحوصاتهم في المنزل، فضلاً عن قلة تكاليفه وقصر مدة زمن الفحص التي تستغرق دقيقة واحدة. أما الاختراع الثاني فيتمثل في جهاز لحماية الأطفال عبارة عن سرير ذكي يحمي الطفل في المنزل من الحرائق ونقص الأوكسجين في حالة عدم وجود شخص معه، وهناك اختراع لمساعدة المكفوف بأن يكون مثل الشخص العادي الذي يتمتع بكامل نظره الطبيعي، وهناك مشاريع أخرى".

وأوضح ريحان، "لديّ الآن فكرة ثلاثة اختراعات جديدة أعمل على بلورتها وتقديمها كبراءة اختراع، لكن ما أراه أن مجال الطب في العالم الذي أدرسه الآن سيتغير مستقبلاً، أي بالكثير خلال عشر سنوات، فلن يكون ذلك المجال التقليدي، بل سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي، وحالياً أخطط لإظهار اختراعاتي على أرض الواقع، حتى لا تكون مجرد أفكار، كما أن منظمة في السودان تركز جل نشاطها في مساعدة صغار المبتكرين، والعمل على نشر ثقافة الاختراع وسط المجتمع السوداني".

الابتكار المصري يبحث عن متنفس رؤية وتمويل

نجح باحث مصري شاب يدعى محمد عبد العزيز في ابتكار منصة روبوتية يمكن استخدامها في عمليات الجلطات والسكتات والعيوب الخلقية وغيرها من جراحات القلوب العليلة، وذلك في مركز "هاملين" للجراحة الروبوتية في "إمبريال كولدج" في لندن.

ابتكار عبد العزيز أهّله للحصول على جائزة "مبتكرون" الأميركية لمن هم دون سن الـ 35 سنة لعام 2021. وعن تسجيل براءة مثل هذه الابتكارات، قال، "إن براءة ابتكاره مسجلة في بريطانيا، وإن أغلب البراءات الخاصة بالمشروعات المشابهة يتم تسجيلها إضافة إلى لندن في الولايات المتحدة ودول أوروبية وأحياناً الصين".

من الصين عبر القاهرة إلى أميركا، حيث قاد المصري كيرلس شهدي وفريقه البحثي، الذي يتضمن مصرياً آخر هو بيشوي فلتس، كشفاً طبياً تاريخياً يمكن أن يكون نقلة نوعية في مواجهة السرطان عبر الكشف المبكر جداً. توصل البحث الذي قاده شهدي إلى أن الأورام السرطانية تفرز مادة وراثية سائلة في دم المريض يمكن من طريق تحليلها الحصول على معلومات بالغة الأهمية عن تطور المرض واحتمالاته.

احتمالات خروج مثل هذه الابتكارات العظيمة وغيرها المئات مما يخرج به مصريون ومصريات في دول عدة ليست كبيرة. الأدمغة هي نفسها، والقدرات ذاتها، وملكات الابتكار ومواهب الاختراع متطابقة، إلا أن البيئة الحاضنة أو الطاردة للابتكار والأجواء المشجعة أو المحبطة على الاختراع تختلف كثيراً أو قليلاً.

مبتكر المنصة الروبوتية في مجال جراحات القلب عبد العزيز قال في تصريحات إعلامية بالغة الذكاء والدبلوماسية، "إن اختيار الدول التي يتم فيها تسجيل براءات الاختراع يجري وفقاً للشركة التي تشتري أو ترخص الاختراع وبراءته من الجامعة التي جرى فيها البحث". وأضاف، "أن الجامعة تكون هي المالك الحصري لبراءة الاختراع، ما يعني أن تدخل المخترع لاختيار بلد التسجيل أمر غير وارد".

مكتب البراءات

ما هو وارد في رؤية "مكتب براءات الاختراع المصري" التابع لأكاديمية البحث العلمي يشير إلى اهتمام مصري رسمي بمنظومة الابتكار. المكتب أنشئ في عام 1951 استناداً إلى القانون رقم 132 لعام 1949.  وفي عام 2002 تم تعديل القانون، إذ صدر قانون الملكية الفكرية رقم 82.

رسالة المكتب القابع في شارع قصر العيني وسط القاهرة هي "إدارة نظام براءات الاختراع بكفاءة لنشر وتعميم المعرفة وتشجيع المخترعين وحماية حقوقهم، من خلال التطور الإداري وحوكمة الأعمال ووضع سياسات وآليات وطنية لبراءات الاختراع، ما يسهم في إحداث التنمية الشاملة للمجتمع في كافة المجالات الحياتية".

لكن كافة المجالات الابتكارية والأدمغة التي تنبئ بالقدرة على الابتكار والبيئات التي يفترض أن تكون حاضنة أو داعمة أو مهيئة لدعم الابتكار تحتاج إلى ما هو "أكثر من ذلك"، الذي تترجمه جهات عدة في مصر إلى قرارات بتدشين صناديق وتأسيس كيانات ومخصصات، وتبقى البيئة الحاضنة للإبداع والاختراع معلقة في الهواء.

هواء الابتكار

هواء الابتكار في مصر فيه صندوق دشنه البنك المركزي المصري برأسمال مليار جنيه (نحو 64 مليون دولار) لدعم وتمويل الاختراعات المتميزة في السوق المصرية.

الأخبار المصرية لا تخلو أسبوعياً من تغطيات لمؤتمرات واجتماعات أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا التابعة لوزارة التعليم العالي بهدف دعم الابتكار وبلورة منظومة متكاملة له ودراسة ما جرى في الماضي وواقع الحاضر وآفاق المستقبل.

ولا تخلو الأخبار اليومية من إشارات إلى الاستراتيجية التي وضعتها مصر للعلوم والابتكار 2030، التي تعكس اهتماماً رسمياً كبيراً بالابتكار. لكن على الرغم من أن الاستراتيجية تنص صراحة على "تهيئة بيئة محفزة وداعمة للابتكار وريادة الأعمال" إلا أن البيئة ما زالت غير مهيأة، والمبتكرين المرتبطين بها يعانون معاناة شديدة.

نسبة الإنفاق

نسبة إنفاق مصر على البحث العلمي، بحسب ما تؤكد الباحثة في معوقات البحث العلمي منى عبد الوارث، "لا تزيد على واحد في المئة من الناتج القومي، وهي نسبة متدنية جداً، لا سيما أنها تتضمن بنود الرواتب وصيانة المنشآت وتجهيزها وغيرها من بنود الإنفاق".

وتشير عبد الوارث كذلك إلى أن أغلب الجامعات المصرية ليست لديها برامج ورؤى، بخاصة في البحوث العملية بالمعنى المعترف به عالمياً، بل تقتصر في أغلبها على جهود فردية بغرض النشر بهدف الترقي الوظيفي،  إضافة إلى نقص التمويل اللازم للبحث والابتكار، الذي لا يحتاج إلى مخصصات حكومية فقط، بل برامج وخطط يشترك فيها القطاع الخاص والمنظمات الأهلية وغيرها من أذرع البحث والابتكار.

البحث والابتكار والاختراع ثم تسجيل البراءة، بحسب مكتب براءات الاختراع المصري، عملية سهلة وبسيطة. موقع المكتب يوفر إمكانية التقدم للحصول على براءة الاختراع حال توافقها والشروط المنصوص عليها. بحسب "دليل طلب براءة أو نموذج منفعة"، وتتمثل في أن يكون موضوع الاختراع جديداً لم يسبق نشره أو التطرق إليه أو التقدم به في داخل مصر أو خارجها، والقابلية للتطبيق الصناعي، وأن يكون الاختراع مبتكراً وإبداعياً، حيث لا يكون الاختراع بديهياً للمتخصصين في المجال.

ملء النموذج

لكن مجال الابتكار والاختراع أكثر تعقيداً من مجرد ملء نموذج براءة أو استيفاء أوراق اختراع. الجريدة الرسمية التي يصدرها المكتب تحوي بيانات كاملة بالاختراعات التي تمت الموافقة عليها وموضوعها. لكن العبرة تكمن في نسبة الاختراعات المسجلة والحاصلة على البراءة في التحول من مرحلة الاعتراف والحماية الفكرية إلى مرحلة التنفيذ والتشغيل عملياً.

المرحلة العملية التي يصل إليها مخترعون مصريون خارج مصر قوامها خطة عمل خاصة بالبحث والابتكار تتمتع برؤية واضحة وتعتمد على جهة بحثية أكاديمية تعتنق مبدأ البحث والابتكار وتمويل يكفل للاختراع الخروج من حيز النشر إلى فضاء التطبيق، مع الالتزام بمواثيق عالمية متفق عليها لأخلاقيات البحث والابتكار دون عراقيل ثقافية أو مكبلات تفسيرات دينية أو تشريعات انتهى عمرها الافتراضي قبل عقود، وربما قرون أو تعقيدات بيروقراطية تجعل موظفاً ملتزماً ترسانة أرشيفية من ميراث الروتين القاتل يتحكم في عقلية فريق بحثي، ويقرر إن كان اختراع ما جديراً للخروج للبشرية أو لا يستحق سوى التسويف والتعطيل، فإما يموت مخترعه كمداً أو يتوجه للسماء داعياً "اللهم هجرة".

وعلى الرغم من أن احتماليات إجازة اختراع لا يرقى لمكانة الابتكارات أو يستوفي الشروط المعلنة قليلة جداً، إلا أن الأثير يحفل بـ"أضخم اختراع يوفر ماء الشرب من الهواء" و"أعظم مبتكر يصمم سيارة تسير بالماء" و"أصغر مخترعة تتوصل إلى توليفة تعالج أدوار الإنفلونزا بخلطة من عند العطار" وغيرها من خبطات صحافية تستوفي شروط الترند، لكن تنتهك قواعد الابتكار.

 

براءة الاختراع محمية بحسب النظام السعودي

يحمي نظام الهيئة السعودية للملكية الفكرية حقوق الابتكارات والاختراعات، ويمنح صاحبها وثيقة استثنائية يطلق عليها "براءة اختراع"، وتكون محمية لمدة 20 عاماً بحسب النظام.

ويشترط للحصول عليها أن يكون الابتكار جديداً ومطوياً على خطوة ابتكارية جديدة غير معروفة في مجموعة المعارف المتوافرة في مجاله، أو يكون "غير بديهي"، بحيث لا يمكن لأي شخص له مهارات متوسطة في المجال التقني استنتاجه ببداهة، وقابلاً للتطبيق على أرض الواقع والتصنيع في حال كانت براءة الاختراع تدخل ضمن المجال الصناعي.

وأكد النظام أنه يجب أن يكون موضوع البراءة مبتكراً، ويدخل ضمن إطار النظريات العلمية، أو الإبداعات الجمالية، أو مناهج العلوم الرياضية، أو الأصناف النباتية أو الحيوانية، أو الاكتشافات المتعلقة بالمواد الطبيعية، أو المناهج التجارية.

ولفت إلى أهمية الكشف عن الاختراع في الطلب المقدم للحصول على وثيقة البراءة بما يكفي من الوضوح والكمال، كي يتمكن شخص له مهارات متوسطة في المجال التقني من صنع نسخة منه.

حق الانتفاع

وأوضح النظام أن علوم الطب ومنها ابتكار طرق جديدة لمعالجة جسم الإنسان أو طرق تشخيص الأمراض، تعد من براءة الاختراع، كما يشمل منح وثيقة براءة الاختراع برامج الحاسوب والأعمال الأدبية. ويحمي النظام حقوق المؤلف الفكرية، إذ يمنح المؤلفين الحق الحصري في منع أو الموافقة على استخدام العمل الإبداعي مثل العمل الأدبي، أو العمل السمعي، أو السمعي البصري، أو العمل الفني، ويحدد فترة معينة.

ويحمي هذا النظام المصنفات المبتكرة في الآداب والفنون والعلوم، أياً كان نوع هذه المصنفات، أو طريقة التعبير عنها، أو أهميتها، أو الغرض من تأليفها، بحيث يكون تعبيراً عن الفكرة وليس الفكرة نفسها، ويتم إنشاؤه بشكل مستقل، ولا يتم نسخه من عمل آخر أو من مواد.

وحدد النظام عقوبات التعدي على براءة الاختراع وسرقتها بغرامات مالية تقدر بـ50 ألف ريال (13.33 ألف دولار).

من جانبه، نفى المتحث الرسمي باسم الهيئة السعودية للملكية الفكرية ياسر الحكمي وجود أي نوع من التلاعب في ما يتعلق بمنح وثيقة براءة الاختراع، وقال "إن طلبات براءات الاختراع المقدمة إلى الهيئة يتم فحصها شكلياً وموضوعياً، وفقاً للشروط المقررة في النظام ولائحته التنفيذية، وقد حدّد النظام ولائحته التنفيذية شروط المنح كما تم ذكرها سابقاً، ومنها القابلية للتطبيق الصناعي، وهذا ينفي منح براءات اختراع للطلبات الخيالية أو غير الحقيقية".

وأضاف، "كما أن النظام كفل حق معالجة ما يخص السرقة، بحيث يتم تحويل البراءة إلى مالكها الحقيقي بعد تقديمه طلباً إلى لجنة النظر في دعاوى براءات الاختراع، مرفقاً الأدلة على صحة ادعائه، بحسب نص المادة السابعة من النظام".

ولفت الحكمي إلى أنه لا ينظر في دعوى تحويل ملكية براءة الاختراع بعد مضي خمسة سنوات على منح وثقية الحماية، إلا في حال ثبوت سوء نية مقدم الطلب، مؤكداً في الوقت ذاته أن براءة الاختراع حق خاص لمن صدرت باسمه، وينتقل هذا الحق بالوراثة، مضيفاً أن "مالك البراءة له حق التصرف فيها كما يشاء، ووثيقة البراءة تعطيه حق رفع دعوى ضد أي شخص يتعدى على اختراعه أو استغلاله من دون موافقته داخل السعودية".

 

 

أكثر من 7000 براءة اختراع في العراق غالبيتها معطلة

منذ تشريع قانون براءة الاختراع في العراق عام 1935 الذي حدّد كيفية تلقي براءات الاختراع وشروطها، كأول قانون في هذا المجال في الدولة العراقية الحديثة، قبل تعديله في عام 1970 بشكل يتيح استقبال كل براءات الاختراع، باستثناءات محددة تتعلق بالجنس والمعادلات الرياضية والخرائط.
وعلى الرغم من تقديم براءات الاختراع إلى الجهات المختصة في العراق، فإن أغلبها لم تسلك طريقها للتنفيذ باستثناء بعض الحالات التي حدثت في فترة العقوبات الاقتصادية على العراق في مجالات محدودة استُغِلت سياسياً من قبل النظام العراقي السابق لإبراز قدراته على مواجهة وتحدي العقوبات الدولية التي فُرضت بعد غزو العراق للكويت في أغسطس (آب) 1990 نظراً إلى حاجة العراق في حينها إلى بدائل لمواجهة الحصار الاقتصادي، فيما ظلت غالبية براءات الاختراعات بعد عام 2003 معطلة وركنت إلى رفوف أصحابها مع الأمل بالحصول على فرصة استثمار لاختراعاتهم، فيما عمّد آخرون إلى استثمارها في الخارج.
 
 700 اختراع سنوياً
 
وأوضحت مديرة القسم الفني في مديرية براءة الاختراع والنماذج الصناعية العراقية، أمل هاشم حمود، أن "عدد براءات الاختراع الممنوحة في العراق هي 7074 براءة"، فيما بينت أن المديرية يصلها ما يقارب لحدود 700 طلب براءة اختراع سنوياً. وأضافت حمود أن عدد براءات الاختراع الممنوحة منذ إنشاء الجهاز إلى حد الآن هي 7074 براءة اختراع بمعدل طلبات سنوي يصل إلى 700 طلب"، مشيرة إلى أن المديرية تمنح براءات في كل المجالات ما عدا تلك المخلة بالآداب والمعادلات الرياضية والرسوم والخرائط وبرامج الكمبيوتر".
ولفتت الى أن طلب نيل الموافقة أو الرفض يمر عبر آلية خاصة بالمديرية لفحص الطلبات، وذلك بحسب دليل الإجراءات المُعد في المديرية وفق مواصفات "الأيزو" العالمي. ويعتمد القبول والرفض على موافقة مسجل براءات الاختراع والنماذج الصناعية، وهو رئيس الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية. 

التنسيق مع أوروبا وأميركا

واستبعدت حمود "منح براءة اختراع لاختراعات مسجلة بأسماء أخرى، نظراً لوجود قاعدة بيانات لدى المديرية تظهِر جميع الاختراعات المسجلة بالعراق. كما يتم البحث عن الاختراعات المسجلة في دول أخرى ومن ضمنها المكتب الأميركي أو الأوروبي".
وعن مدى تنفيذ هذه الاختراعات على أرض الواقع، بينت حمود "نحن جهة مانحة لبراءة الاختراع والشخص الذي يحصل على براءة الاختراع هو يبحث عن آلية استثماره. المديرية تخاطب الجهات المستفيدة من خلال شعبة الاستثمار حول إمكانية استثمار البراءة"، مشيرة إلى عزم المديرية على "إعداد دليل بالجدوى الاقتصادية لكل براءة اختراع تصدر عنها".
يُذكر أن العراق انضم إلى اتفاقية باريس وأصبح عضواً في المنظمة العالمية للملكية الفكرية في عام 1975، فيما انضم إلى معاهدة التعاون بشأن البراءات (بي سي تي) في عام 2021.
 
مرحلة العقوبات
 
من جهته، أفاد زيدون الساعدي، رئيس منتدى المخترعين العراقيين، أن "كثيراً من براءات الاختراع نُفذت في تسعينيات القرن الماضي إبان الحصار الاقتصادي على العراق". وأضاف أن "براءات الاختراع التي تجاوز عددها 7000 براءة اختراع، منها لشركات أجنبية وأخرى عربية، سُجلت باسم العراق لحماية ملكيته الفكرية، لا سيما في مجال شركات الأدوية"، لافتاً إلى أن "جزءاً من براءات الاختراع دخل حيز التنفيذ في تسعينيات القرن الماضي عند حاجة العراق إلى البدائل وبراءات الاختراع، بينما الآن لا تعدو كونها جانباً اعتبارياً للمخترع".

3500 أستاذ وخبير

ولفت الساعدي إلى أن "استثمار براءات الاختراع  بحاجة إلى رؤية متكاملة من القيادات وهذا ما نصبو إليه خلال المنتدى الذي يضم أكثر من 3500 مخترع ما بين أستاذ جامعي وخبير صناعي"، مشيراً إلى أن "العراق بحاجة إلى وضع استراتيجية وطنية للابتكار وإدارة الأعمال لاستثمار إمكانيته. وهذا قدمناه لمجلس النواب أسوة بالإمارات التي كانت باكورة استراتيجيتها مسبار الأمل".
وأكد  "عدم وجود رعاية واحتضان للإبداع والابتكار" وأن كثيراً من العلماء العراقيين انتشروا في كل دول العالم، مبيناً أن "هناك براءات اختراع تم استثمارها خارج العراق وسُجلت في مكتب براءات الاختراع الأميركي جزء منها تم استثماره من قبل المخترعين أنفسهم". واستبعد أن "يكون لباب الفساد المالي والإداري دخل في قضية منح براءة الاختراع، لا سيما وأن الفاحص ومقدم طلب براءة الاختراع، حُجب اسماهما".
وتابع الساعدي أن "أغلب براءات الاختراع قابلة للتنفيذ إلا أنها بحاجة إلى استراتيجية واضحة"، مشيراً إلى أن "المدة الزمنية التي تستغرقها عملية الحصول على براءة الاختراع هي ما بين السنة وثلاث سنوات، وهذه المدة تندرج ضمن المعاير الدولية في منح براءات الاختراع".
 

 

المخترعون في الأردن يشكون البيروقراطية وغياب الدعم

ظل المخترع الأردني عيسى مضاعين ينتظر أن يتحول حلمه إلى حقيقة منذ عام 2010، وهو العام الذي اخترع فيه سلاحاً عسكرياً متطوراً، وجرى عرضه على العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأمر بتصنيعه، لكن شيئاً لم يحدث منذ ذلك الوقت.

يفاخر عيسى مضاعين باختراعه الذي يساعد رجال الأمن في المواقع الخطيرة، قبل عمليات الاقتحام، بحيث يحافظ على حياتهم، لكن حال هذا المخترع الأردني هو حال كثيرين، تم إهمالهم رسمياً، فيما اختار آخرون التوجه باختراعاتهم إلى دول غربية، بحثاً عن الدعم.

وحل الأردن بالمرتبة 50 في مؤشر الابتكار العالمي، ووفقاً للجهات الرسمية، كانت القطاعات الطبية والصيدلانية تشكل النسبة الأكبر، فيما شكلت الطلبات الهندسية بمختلف أنواعها 20 في المئة.

4 آلاف اختراع

في المقابل، تقول الحكومة إن الأردن يعد من أفضل الدول العربية حالاً من حيث براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية، إذ سجل حتى الآن أكثر من أربعة آلاف اختراع، و150 علامة تجارية فيما يستعد الأردن للدخول في معاهدة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، التي تساعد مكاتب براءات الاختراع في قرارات منح البراءة، وتسهل وصول الجمهور إلى ثروة من المعلومات التقنية المتعلقة بهذه الاختراعات.

وتحارب الجهات المختصة في الأردن القرصنة على برامج الحاسوب، وفك تشفير الأجهزة، أو الإشارات التلفزيونية. وفي عام 2017 جرى تعديل قانون براءات الاختراع، ومشروع قانون لإنشاء مراكز دعم الابتكار والتكنولوجيا.

ووفقاً لقانون براءات الاختراع الأردني، يكون الابتكار قابلاً للحماية بالبراءة بتوافر عدة شروط، من بينها أن يكون جديداً من حيث التقنية الصناعية وغير مسبوق بالكشف عنه للجمهور في أي مكان في العالم، وأن يكون منطوياً على نشاط ابتكاري لم يكن التوصل إليه بديهياً لرجل المهنة العادي، فضلاً عن أن يكون قابلاً للتطبيق الصناعي، بحيث يمكن صنعه أو استعماله.

ولا يمنح القانون ذاته براءة الاختراع للابتكارات التي يترتب على استغلالها إخلال بالآداب العامة أو النظام العام. أو الإضرار بالبيئة.

البيروقراطية وغياب الدعم

وعلى الرغم من وجود قسم متخصص لتسجيل براءات الاختراع، يتضمن مجموعة من العمليات الفنية والشكلية، يشكو المخترعون الأردنيون من ارتفاع رسوم التسجيل، والإجراءات البيروقراطية، وعدم وجود دعم.

ويلجأ كثير من المخترعين إلى تسجيل اختراعاتهم في دول غربية، كما فعلت الباحثة الأردنية سلام المساعدة، التي سجلت براءة اختراع في الولايات المتحدة بمجال علاج السرطان عبر جزيئات النانو تكنولوجي، التي تعمل على العلاج الدقيق لخلايا السرطان من دون التأثير على الخلايا السليمة.

ويعوّل الباحثون الأردنيون على دعم أبحاثهم واختراعاتهم في المجالات الطبية، واحتياجات البلاد التنموية، بخاصة في مجالات المياه والطاقة والبيئة.

ووفقاً لرئيس الجمعية الأردنية للبحث العلمي أنور البطيخي، تقدر تكلفة تسجيل براءة الاختراع الواحدة في الولايات المتحدة الأميركية بنحو 30 ألف دولار، لكنها ستعود على المخترع في حال استثمارها بملايين الدولارات.

البحث العلمي ضعيف

يصف مراقبون البحث العلمي في الأردن بأنه ضعيف نسبياً، على الرغم من إطلاق صندوق لدعم البحث العلمي والابتكار في وزارة التعليم العالي.

ومع ضعف انتشار ثقافة البحث العلمي، وتدني جودته، وغياب ثقافة الابتكار والإبداع والريادة، فإن الأمر يصبح شاقاً أكثر أمام المخترعين والمبتكرين الأردنيين الذين يرون أن البيئة ليست خصبة تماماً لتشجيعهم.

ويدلل مراقبون على هذا الضعف بعدم استغلال نحو 33 مليون دولار، مخصصة للبحث العلمي في الجامعات خلال السنوات الماضية، فضلاً عن البيروقراطية السائدة، وغياب القيادات البحثية.

ومن المؤشرات الرقمية السلبية تراجع ترتيب الأردن من حيث البحث العلمي، فبينما تضم الجامعات الأردنية أكثر من 10 آلاف عضو هيئة تدريس، لم يقدم من بين هؤلاء سوى 300 فقط طلبات للبحث العلمي العام الماضي.

المزيد من تحقيقات ومطولات