Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ستتأثر الأسواق بهجوم روسي على أوكرانيا؟

مؤشرات على ارتفاعات مقبلة لأسعار النفط والغاز واضطراب في البورصات العالمية

تقلبات حادة مقبلة قد تعصف بأسواق المال والطاقة مع غزو روسي محتمل لأوكرانيا (أ ب)

أثار التحذير الأميركي نهاية الأسبوع الماضي من غزو روسي وشيك لأوكرانيا موجة رد فعل قوية في السوق أدت إلى عمليات بيع مكثفة للأسهم، ما هوى بمؤشرات الأسواق وهبوط سعر العملات المشفرة وارتفاع أسعار النفط في العقود الآجلة. واقترب سعر خام النفط من حاجز 95 دولاراً للبرميل، بينما يتوقع المحللون في السوق أن يستمر هذا الارتفاع في الأيام المقبلة مع زيادة القلق من تصعيد عسكري في أوكرانيا خلال أيام، كما فهم من تصريحات أخيرة لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان.

وتتحسب الأسواق لاستمرار ارتفاع أسعار النفط والغاز، ربما ليتجاوز سعر برميل النفط حاجز الـ 100 دولار. وفي مقابلة مع شبكة "سي أن بي سي" الأميركية قدرت ربيكا بابين من "سي آي بي سي" للثروات الخاصة أن زيادة الطلب مع تراجع المخزونات وافتقار السوق إلى إمدادات جديدة يعني أن احتمالات ارتفاع الأسعار بسبب التصعيد في أوكرانيا قوية جداً. وأضافت، "كانت السوق في حالة قلق بشأن هذه النتيجة لأسابيع عدة، لكن الأغلبية لم تكن أن يحدث ذلك، أو على الأقل ليس خلال الأولمبياد... المهم في ما يتعلق بخام النفط هو نوع وحجم العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها في حال التصعيد العسكري في أوكرانيا، فذلك سيؤثر بشدة بتأكيد حجم إمدادات النفط".

الطاقة وبدائلها

وقدّرت دراسة للمجلس الأوروبي لعلاقات الخارجية، كتب باحثون عدة ملخصها في تعليق على الموقع الرسمي للمجلس، أن يؤدي التصعيد العسكري في أوكرانيا إلى نتائج ضخمة على الأسواق حول العالم، بخاصة أسعار الطاقة من نفط وغاز وأسعار الحبوب وغيرها من السلع.

وكانت الولايات المتحدة بدأت بالفعل زيادة شحنات الغاز الطبيعي المسال لأوروبا في الفترة الأخيرة تحسباً لتوقف إمدادات الغاز من روسيا للدول الأوروبية. وتعتمد الدول الأوروبية على الغاز الطبيعي الروسي الذي يلبي نحو 40 في المئة من احتياجات دول الاتحاد الأوروبي، لكن الشحنات الأميركية، وهي عالية التكلفة عن تعاقدات الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا إلى أوروبا، لم تشكل فارقاً كبيراً، واستمرت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا مرتفعة.

وبادرت الولايات المتحدة بالتواصل مع منتجين للغاز الطبيعي كقطر واليابان والجزائر لحثهم على زيادة الإمدادات لأوروبا لتعويض احتمال توقف الإمدادات الروسية، لكن المحللين في السوق يرون أن تلك الجهود قد لا تفي باحتياجات أوروبا من الطاقة في حال اندلاع صراع عسكري في أوكرانيا.

وكانت بعض دول جنوب المتوسط مثل مصر بدأت في زيادة إمدادات الغاز الطبيعي منها إلى دول أوروبا، لكن يظل ذلك في نطاق ضيق لأن أغلب الإنتاج متعاقد عليه مسبقاً في عقود متوسطة وطويلة الأجل. وعلى الرغم من أن الشركات العاملة في الجزائر مثل "إيني" و"توتل إنرجي" قد ترحب بالاستجابة للطلب الأميركي وزيادة إمدادات الغاز لأوروبا، فإن أقصى ما يمكن أن تفعله هو إضافة نحو سبعة مليارات متر مكعب سنوياً لإمداداتها الحالية.

إمدادات الغاز

وكتب الأكاديمي والباحث في شؤون الطاقة في معهد الشرق الأوسط نيكولاي كوزانوف أن قطر، وإن رحبت بالتعاون مع الولايات المتحدة في سياق حل أزمة طاقة محتملة في أوروبا، لكن قدرتها أيضاً تظل محدودة. فإنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال المخصص للبيع الفوري في السوق يتراوح بين 10 و13 في المئة من إنتاجها، الذي يخضع أغلبه لتعاقدات مسبقة طويلة الأجل مع عملاء آخرين، بالتالي فإن حجم الغاز القطري المطروح للبيع الفوري هو في حدود ما بين 9.7 و13.8 مليار متر مكعب سنوياً، تستورد أوروبا منها بالفعل ما بين 2.8 و4.1 مليار متر مكعب سنوياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى إذا قامت قطر بتحويل الحد الأقصى من هذا الإنتاج من الغاز الطبيعي المسال، أي ما يصل إلى 11 مليار متر مكعب سنوياً من آسيا إلى أوروبا، فإنه لن يغير كثيراً من أزمة أوروبية محتملة، إذ يبلغ الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي الذي تلبيه الإمدادات الروسية 326 مليار متر مكعب سنوياً.

أما بالنسبة لاحتمالات تعطل بعض إمدادات النفط الخام الروسي للسوق العالمية، فإن دولاً مثل السعودية والكويت يمكن أن تستخدم طاقة الإنتاج الإضافية المتاحة لديها، وتبلغ نحو 4 ملايين برميل يومياً، لسد النقص المحتمل في العرض في السوق العالمية بما يحافظ على استقرار السوق، حسب تقديرات المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

الحبوب والغذاء

لن يقتصر تأثير تصاعد الصراع في أوكرانيا على قطاع الطاقة العالمي، وإن كان أكثر المتضررين، بل سيمتد ذلك إلى ارتفاع تكلفة السلع والخدمات، بالتالي تغذية الضغوط التضخمية في الاقتصاد العالمي، فضلاً عن اضطراب أسواق الأسهم والسندات والأوراق المالية حول العالم.

ومن النتائج الواضحة المتوقعة تعرض أسعار القمح والذرة وغيرهما من الحبوب لصدمة ترفعها بشدة مع احتمالات تعطل صادرات أوكرانيا من الحبوب وتأثير العقوبات المنتظرة من قبل الغرب على روسيا على الصادرات الزراعية والغذائية الروسية.

وكتب كريستين دان تاترو مدونة لمعهد الشرق الأوسط أشار فيها إلى أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستكون من بين المتضررين من تلك الهزة في سوق الحبوب والأغذية، إذ تأتي نسبة 12 في المئة من تجارة الحبوب العالمية من حوض البحر الأسود. وتصدر أوكرانيا 95 في المئة من إنتاجها من الحبوب، وتذهب نسبة 50 في المئة من تلك الصادرات إلى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتعد مصر مثلاً من أكبر المستوردين للقمح والذرة من أوكرانيا، كما أن نصف واردات لبنان من القمح تأتي من أوكرانيا. أما ليبيا فتستورد 43 في المئة من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا. ومن شأن التصعيد العسكري واحتمالات الحرب أن تتوقف تلك الصادرات الأوكرانية لعملائها حول العالم، ذلك فضلاً عن أن نقص تلك الإمدادات سيؤدي إلى ارتفاع هائل في أسعار الحبوب.