Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توترات روسيا تنعكس سلبا على إمدادات الأغذية إلى بريطانيا

حصري: زعزعة الاستقرار في أوروبا الشرقية تفضح تقصير المملكة المتحدة في التخطيط لأمنها الغذائي

تعد أوكرانيا العدة لاحتمال اندلاع الحرب مع روسيا وتدرب المدنيين على استخدام السلاح (أ ب)

نبهت مسؤولة بارزة في هيئة تمثل القطاع الزراعي في المملكة المتحدة، إلى أن التوترات الحاصلة بين روسيا وأوكرانيا، كشفت عن وجود خطر على إمدادات بريطانيا من الأغذية، خصوصاً مع تسبب ارتفاع تكاليف المواد والنزاع الداخلي في مرحلة ما بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، في نشوء "وضع بالغ السوء" في البلاد.

معلوم أن الجارتين المتنافستين تمدان دول العالم بنحو 30 في المئة من صادرات القمح التي تحتاجها، كما أن التجميد المؤقت الأخير لكيماويات الأسمدة التي تصدرها روسيا، أدى إلى ارتفاع الأسعار بأكثر من الضعف.

مينات باترز، رئيسة "الاتحاد الوطني للمزارعين" National Farmers’ Union (NFU) (يمثل الأسر المزارعة وصيادي الأسماك ومربي الماشية) أشارت إلى أن التحذيرات السابقة من أن الأمن الغذائي في المملكة المتحدة مهدد، لم تلق آذاناً صاغية منذ أعوام، لكن الآن، بات يتعين على الحكومة أن تأخذها على محمل الجد.

وقالت في هذا الإطار لـ"اندبندنت": "لا يمكنني أن أفهم لماذا لا تتعامل (الحكومة) مع موضوع الأمن الغذائي بالأهمية نفسها التي توليها للدفاع. إن أسرع طريقة لوقوع مشكلة خطيرة (في بلد ما)، تكمن في حدوث نقص في الغذاء".

ولفتت باترز إلى أن روسيا فرضت في فبراير (شباط) الجاري حظراً لمدة شهرين على صادرات نيترات الأمونيوم، وهي سماد رئيس يستخدم لزيادة غلال المحاصيل الزراعية كالقمح والقطن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه الخطوة تسببت في ارتفاع تكاليف الأسمدة العالمية، والتي كانت قد أججتها العقوبات التي فرضتها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى في العام الماضي، على شركة "بيلاروسكالي" Belaruskali وهي أكبر مورد للبوتاس في بيلاروس.

وتبين أرقام جمعتها الحكومة الكندية، أن بيلاروس وروسيا تؤمنان معاً نحو 38 في المئة من الموارد العالمية لأسمدة البوتاس.

في غضون ذلك تراجعت هوامش الربح بالنسبة إلى المزارعين البريطانيين نتيجة عوامل عدة، منها الارتفاع الطفيف في أسعار الأسمدة، وتزايد كلفة فواتير الطاقة، وتكاليف العمالة، والاضطرابات التي تشهدها سلاسل التوريد العالمية.

السيدة باترز ضربت مثلاً على ذلك قائلة: "في العام الماضي دفعت أقل من 300 جنيه عن كل طن من الأسمدة النيتروجينية، أما هذه السنة، فقد تجاوز سعر الطن منها 700 جنيه إسترليني (945 دولاراً).

وأشارت رئيسة "الاتحاد الوطني للمزارعين" إلى أنهما "[روسيا وأوكرانيا] تعرفان بالضبط [لا يخفاهما] مدى اعتماد العالم عليهما في إمدادات الغاز الطبيعي والأسمدة".

تنبيه السيدة باترز يأتي في الوقت الذي حذر فيه "البنك الدولي" ووكالات أخرى متعددة الأقطاب، من ارتفاع أسعار المواد الغذائية حول العالم وغياب الأمن، إلى جانب زيادة التضخم في المنتجات الزراعية بنسبة 25 في المئة، في يناير (كانون الثاني) 2022، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2021.

وربطت تفاقم المشكلة بالتغييرات التي طرأت في مرحلة ما بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، في مجالي التجارة والسياسة الزراعية، واللذين يهددان بإيقاف عدد من المزارعين عن العمل. وقالت: "يبدو أن الزراعة هي البيدق الذي يتم استخدامه في الاتفاقات التجارية. من هنا، أرى أن مجمل هذا العوامل شكلت وضعاً ضاغطاً بالغ السوء".

واعتبرت أنه على الرغم من وجود "أشخاص في الحكومة يبدو أنهم يدركون خطورة ما يحصل"، فإن هذا الوعي "لم يظهر لدى رئيس الوزراء".

وأضافت، أن "كل ما نسمعه هو هذا الخطاب عن تسخير الأرض من أجل الطبيعة، وعبارة build back beaver (أطلقها بوريس جونسون تعبيراً عن طموحه في تنمية أنحاء من البلاد كي تعود حيوانات برية إليها، كثعالب الماء والقنادس إلى أنهار ديفون). وهذا يشكل نهجاً متنازعاً [مثيراً للجدل] ومحبطاً للغاية يتراوح بين تنحية الأرض جانباً وإنتاج الأغذية". والنتيجة هي أن قطاع إنتاج الغذاء "لم يعد قادراً على التعامل بالشكل الملائم مع الصعوبات القائمة في الوقت الراهن".

تدخل "الاتحاد الوطني للمزارعين"، يأتي بعد تحذير أطلقه الشهر الماضي السير جيفري كليفتون براون من حزب "المحافظين" الذي يتولى منصب نائب رئيس "لجنة الحسابات العامة" في مجلس العموم public accounts committee (تدقق في القيمة المالية للمشاريع والبرامج الحكومية وتحاسب المسؤولين على الإنفاق العام)، من أن الخطط الجديدة لوزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية Defra التي تتناول "البيئة وإدارة الأراضي" Environment Land Management، من شأنها أن "تقوض قطاعاً وطنياً حيوياً"، ما قد يدفع بمزارعين إلى التوقف عن العمل ويقصيهم.

واعتبر السير جيفري أن "الأزمة الأخيرة لأسعار الطاقة ينبغي أن تكون بمثابة تحذير ترتجى منه فائدة من المخاطر المحتملة على توافر الغذاء، والقدرة على تحمل تكاليفه، إذا ما أصبحت المملكة المتحدة أكثر اعتماداً على واردات الأغذية".

ويرى سيمون إيفينت أستاذ الاقتصاد في "جامعة سان غالين" السويسرية، ومؤلف كتاب Global Trade Alert، أن مشكلة الأمن الغذائي انكشفت وخرجت إلى العلن، خلال فترة تفشي جائحة "كوفيد - 19"، بعدما عمدت دول عدة إلى وضع حواجز لوقف الصادرات الغذائية والمنتجات الطبية.

يضاف إلى ذلك أن التكاليف تواصل الارتفاع بالنسبة إلى المستهلكين في بريطانيا، مع تحذير مجموعة متاجر "تيسكو"، من أن أسعار السلع ستزيد بنسبة 5 في المئة في الأشهر المقبلة.

وأشارت إلى أنه "في الوقت الراهن، يحصل المستهلك هنا على قيمة أفضل للسلع بثمن أقل، من أي شخص آخر في العالم، إلا إذا كان يعيش في بعض الولايات الأميركية أو في سنغافورة. فلدينا الآن أسعار أغذية معقولة أكثر من أي دولة أخرى في أوروبا".

لكن هذا يرجع في جزء كبير منه إلى أن المملكة المتحدة تمكنت من الحفاظ على اكتفاء ذاتي بنسبة 60 في المئة فيما خص الإنتاج الغذائي، وهو أمر أصبح الآن عرضة للتهديد.

وفي تعليق على ما تقدم، أشار متحدث باسم وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية، إلى أن الحكومة البريطانية تعتمد في الوقت الراهن نهج "الاختبار والتجربة"، بالنسبة إلى الإعانات الجديدة للقطاع الزراعي.

وختم بالقول: "إننا نواصل دعمنا لإنتاج الأغذية في البلاد، لكن إجراء بعض التغييرات في استخدام الأراضي هو أمر لا مفر منه، إذا أردنا إعادة 300 ألف هكتار من الأراضي إلى الطبيعة. لكن على الرغم من ذلك، فإن هذه المساحات تمثل نسبة قليلة إلى حد ما، من أكثر من 9 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية في إنجلترا".

© The Independent

اقرأ المزيد