Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتسبب التضخم في إصابة قادة الاحتياطي الفيدرالي بالحيرة؟

محللون يرون مخاطر كبيرة في تحريك أسعار الفائدة... الخطوة تضرب سوق الإسكان

هل يتردد بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة؟ (رويترز)

قبل شهر واحد فقط، اعتقدت نسبة كبيرة من المستثمرين أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لن يحتاج إلى رفع أسعار الفائدة في مارس (آذار) المقبل، لكن الوضع يتغير بسرعة شديدة، وربما ستكون البداية الحقيقية للمعركة مع التضخم أصبحت قريبة جداً.

تشير البيانات إلى أن أسواق الأسهم والسندات تسيطر عليها مخاوف من زيادات متعددة في أسعار الفائدة هذا العام، في وقت انتشرت فيه مخاوف التضخم في الأسابيع القليلة الماضية، وبلغت ذروتها مع تقرير أسعار المستهلك الصادر، الخميس 10 فبراير (شباط)، والذي أظهر أكبر زيادة سنوية في نحو 40 عاماً، لدرجة أن كثيرين يعتقدون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة مرات عدة.

ويرى أحد الأعضاء البارزين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، جيمس بولارد، أن المعدلات قد تحتاج إلى الارتفاع بنقطة مئوية كاملة بحلول يوليو (تموز) المقبل، وقال السيناتور الديمقراطي المؤثر جو مانشين، في بيان حديث، "لقد حان الوقت لكي يعالج الاحتياطي الفيدرالي هذه القضية بشكل مباشر... كلما طال انتظارنا نحن أو مجلس الاحتياطي الفيدرالي للتصرف، كلما زاد الألم الاقتصادي".

هل تبالغ الأسواق في ردود أفعالها؟

السؤال الأهم في الوقت الحالي هو هل السوق تبالغ في رد فعلها؟ يجادل بعض أعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي بأنه قد لا يكون هناك سبب لرفع أسعار الفائدة بهذه السرعة وبأكثر من ربع نقطة في أي اجتماع. وترى ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، أن رفع نصف نقطة "ليس من المفضل"، وتتوقّع لوريتا ميستر، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، أن يهدأ التضخم في وقت لاحق من هذا العام، ما يعني أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكنه إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مع أخذ هذه التصريحات في الاعتبار، تظهر العقود الآجلة للصناديق الفيدرالية المتداولة في بورصة شيكاغو التجارية الآن فرصة بنسبة 64 في المئة لرفع نصف نقطة في مارس المقبل، بانخفاض عن احتمالات الخميس بنسبة 100 في المئة تقريباً لما يسمى بزيادة قدرها 50 نقطة أساس. مع ذلك، لا يزال المستثمرون يسعون لسبع زيادات في الأسعار هذا العام بنسبة 30 في المئة.

وربما يكون هذا هو الوقت المناسب للمستثمرين لأخذ نفسٍ عميق وتذكر أن لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي كثيراً من البيانات للنظر فيها قبل اجتماعه في 16 مارس المقبل. لكن، لن يتم اتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة بناءً على قراءة التضخم لشهر يناير (كانون الثاني) فحسب.

ويرى ريتشارد سابيرستين، كبير مسؤولي الاستثمار في "تريجوري بارتنرز"، أنه "حتى مع مستويات التضخم المرتفعة، نتوقع أن يكون تشدد الاحتياطي الفيدرالي أقل مما تتوقعه السوق في عام 2022". وأضاف، "لا نتوقع أن يعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة في كل اجتماع، وتوحي سيناريوهات التشديد هذه بأننا نشهد ذروة هوس الاحتياطي الفيدرالي".

مخاطر تحريك أسعار الفائدة بسرعة

بينما يجادل آخرون بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون متردداً في رفع أسعار الفائدة بسرعة كبيرة جداً. ويمكن أن تنخفض الأسهم وترتفع عائدات السندات. وقد يرتكب الاحتياطي الفيدرالي خطأً إذا ما رفع أسعار الفائدة بسرعة، إذ من المتوقع أن تقود هذه التحركات إلى تباطؤ الاقتصاد الأميركي بشكل كبير، لا سيما سوق الإسكان شديدة الحساسية لسعر الفائدة. لكن، في الوقت نفسه، فإن ذكريات الارتفاعات الهائلة في الأسعار قبل 40 عاماً ما زالت تطارد المتخصصين.

ولا يريد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن يكون في 2022 مجرد نسخة من الراحل بول فولكر، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في السبعينيات والثمانينيات الذي رفع أسعار الفائدة بقوة لمحاربة التضخم، وهي خطوات أدت في النهاية إلى ركود قصير، لكنه عميق.

ويقول ديفيد كيلي، كبير المحللين الاستراتيجيين العالميين، "إذا ارتفعت أسعار الفائدة بسرعة أكبر خلال العام المقبل، بسبب نفاد صبر بنك الاحتياطي الفيدرالي مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم، هناك خطر كبير من حدوث انتكاسة لاحقة مع تخلي مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن تصميمه الجديد الذي لا يزال هشاً لمكافحة التضخم".

ويلاحظ آخرون، وخصوصاً محللي بنك "جي بي مورغان"، أن لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الوقت إلى جانبه لمراقبة مزيد من البيانات ومعرفة خطة التضخم الخاصة به، ولا يتعين عليه القيام بأي تحركات متهورة. يشار إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي، على عكس بنك إنجلترا، لم يرفع أسعار الفائدة ولو مرة واحدة حتى الآن بسبب مخاوف التضخم، وكان آخر رفع لمعدل الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول) 2018، لذا، يبدو أنه من السابق لأوانه المراهنة على عدد المرات التي قد يرفعها هذا العام.

في مذكرة بحثية حديثة، قال ستيف سوسنيك، كبير المحللين الاستراتيجيين في "إنتراكتيف بروكرز"، "في الوقت الحالي، لا يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي بقيادة باول يتحدث عن رفع أسعار الفائدة وخفض مشترياته من السندات، لكن رفع أسعار الفائدة هو مجرد نظرية". وأضاف، "هذا يعني أن المستثمرين سيضطرون إلى إبقاء أعينهم على البيانات، تماماً كما يفعل باول وزملاؤه... وفي النهاية فإنه حتى خطابات أعضاء الاحتياطي الفيدرالي هي مجرد ضوضاء".