Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منازل ساحلية في إنجلترا "تهوي في البحر" بسبب أزمة المناخ

أحد السكان الذي يقدر أن منزله لن يصمد أكثر من 30 عاماً يقول: "أحاول الابتعاد عن الحافة مسافة متر واحد على الأقل"

العواصف الشديدة والمتكرّرة المتأتية عن أزمة المناخ، وتزايد هطول الأمطار، من بين العوامل المحتملة وراء زيادة تآكل الجرف (اندبندنت)

لطالما أدرك بول غريو أن منزله الذي يقع على قمة جرفٍ في منطقة ديفون في إنجلترا، لن يدوم إلى الأبد. وكان قد أجرى حساباته عندما اشتراه في أواخر التسعينيّات، بأن الأمر سيستغرق نحو 300 سنة كي يصل الشرخ المتداعي للجرف إلى ملكيته.

لكن معدل التآكل زاد منذ ذلك الحين، بحيث بات هذا الرجل المتقاعد البالغ من العمر 73 سنة يرى كما قال لـ "اندبندنت" من غرفة معيشته المطلة على البحر، أن "المنزل في أحسن الأحوال، لن يصمد الآن أكثر من 30 عاماً". 

المنزل الكائن في بلدة سيدمث، يُعدّ أحد مساكن عدة منتشرة في مختلف أنحاء المملكة المتّحدة، التي سيتم تحديد عمرها وفقاً لسرعة انهيار المنحدرات التي شُيّدت عليها.

وحذّرت "لجنة تغير المناخ" Climate Change Committee، وهي هيئة تقدّم المشورة للحكومة البريطانية، من أن أكثر من 10 آلاف عقار قد تتعرّض لخطر التآكل الساحلي بحلول عام 2080.

منذ أن انتقل السيّد غريو للعيش في منزله المشيّد على رأس هضبة "كليف رود"، شاهد كيف انزلقت مساحة تُقدر بنحو 20 متراً من حديقته، بما فيها منزل صيفي، إلى مياه القنال الإنجليزي.

عندما هوى القسم الأول من عقاره، هرع الرجل البالغ من العمر 73 سنة للتحقّق من أن البستاني - الذي كان موجوداً هناك قبل وقتٍ ليس بطويل - هو في مأمن. وقال: "أبلغته بما حصل، فبرح مكانه متسمّراً من هول الصدمة".

بعد نحو خمس دقائق، مال المنزل الصيفي نحو حافة الجرف. وأوضح غريو أنه كان على وشك أن يهمّ بالذهاب إليه لجمع بعض الأشياء منه عندما انهار الجزء الآخر، وقال: "من حسن حظّي أنني لم أفعل".

على الرغم من ذلك، يشير المستشار المتقاعد إلى أنه لا يقلق كثيراً من خطر أن ينهار منزله. وقال إن ذلك "يحدث مرّةً كلّ ست سنوات، بحيث تتمّ خسارة 5 أو 6 أمتار. من هنا فإن فرص حدوث انهيار كامل عندما نكون هناك هي منخفضة للغاية". ويضيف: "أحاول في أي حال الابتعاد عن الحافة مسافة مترٍ على الأقل".

وفيما كانت التقديرات عندما اشترى العقار للمرة الأولى تشير إلى فقدانه نحو 10 سنتيمترات من حديقته كلّ سنة، إلا أن الوتيرة ارتفعت لتصل الآن إلى متر.

ويوضح غريو أن أحد الأسباب هو أن الدفاعات ضدّ الفيضانات التي أقيمت لحماية بلدة سيدمث قد حالت دون نشوء عامل يُعرف باسم "الانجراف البحري الطويل" - وهو دفاع طبيعي ضد تآكل السواحل (عملية جيولوجية تتكوّن من نقل رواسب كالطين والحصى والألواح الخشبية نحو الشاطئ) - ما أدّى إلى عدم تكدّس تلك المواد وتشكّلها تلقائياً عند أسفل قاعدة الجرف.

"وكالة البيئة" Environment Agency (الهيئة التي تُعنى بحماية البيئة في إنجلترا) نبّهت هي أيضاً إلى أن مخاطر تآكل السواحل آخذة في التزايد في البلاد، مع ارتفاع مستوى سطح البحر، وتواتر العواصف نتيجة أزمة المناخ.

لكن بالنسبة إلى ماريا وريتشارد دادلي اللذين يعيشان في مكان أبعد بقليل من موقع منزل غريو، فإن التهديد يُعدّ ثمناً زهيداً يتعيّن دفعه، لقاء امتلاك منزلٍ في مثل هذا الموقع الخلاب. وتسأل ماريا وهي جالسةٌ في حديقتها المطلة على البحر: "في أي مكان آخر يمكنك الحصول على مثل هذا المنظر، بمبلغ أقلّ من مليون جنيه؟"

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوضح أن الحديقة فقدت متراً واحداً فقط من طولها البالغ 60 متراً منذ أن اشتريا العقار قبل نحو سبعة أعوام. وأكّد زوجها لـ"اندبندنت" أن تآكل السواحل "ليس بمشكلة"، إلا أنه مع ذلك، قال إنه ملّ من الدعاية الإعلامية الحاصلة.

مقيمة أخرى تُدعى جاسمين ريفز، أشارت إلى أن أسعار المنازل تتدهور بسبب مشهد التآكل - لكنها عزت الأمر إلى النقص في تأمين سبل الحماية بدلاً من الاهتمام الإعلامي.

وتقول المرأة البالغة من العمر 31 سنة إن منزلها - الذي فقد بستاناً تابعاً له يقع إلى جانب حافة الجرف - قدّرت قيمته بنحو 750 ألف جنيه استرليني (مليون دولار أميركي). وتضيف أن "العقارات الموجودة هنا كانت سترتفع قيمتها أكثر لولا الجرف".

لكن هذه ليست بمشكلة بالنسبة إلى السيّد غريو الذي لا يفكّر في بيع منزله - على الرغم من حقيقة أنه قد يختفي في البحر خلال العقود القليلة المقبلة.

هذا لا يعني أن العمر المقدّر للعقار بـ30 عاماً لا يسبّب له الإزعاج. إذ إن الأمر قد يكون أسرع من ذلك، لكن سيكون من الجيد أن ينقل ملكية المنزل إلى أبنائه، كما يوضح. ويضيف في وقتٍ يتألق البحر عبر الأبواب الزجاجية الضخمة في الجزء الخلفي من المنزل: "لكنه أيضاً مكان جميل، والمسألة تستحق أن يتمّ الاحتفاظ بمنازل هنا".

بعد أعوامٍ من الأخذ والردّ بين وكالات مختلفة ومهندسين واستشاريّين والمجلس المحلّي، تمّ وضع خطط لتدابير وقائية، تقضي بتركيز أمتارٍ عدة من أكوام الحصى والألواح الخشبية والحواجز المنخفضة لتدعيم الموقع، كما يقول غريو. ويضيف: "قيل لنا إن صيف عام 2023 سيكون موعداً محتملاً للشروع في تلك الأعمال، لكنني لا أشعر بالحماسة كثيراً ولا أحبس أنفاسي في الوقت الراهن".

متحدّثٌ باسم "مجلس مقاطعة شرق ديفون" East Devon District Council يرى أن التآكل التدريجي لمنحدرات الشاطئ الشرقي هو "طبيعي ولا يمكن توقّع متى يحدث"، لأن الصخور ناعمة وعرضة للانهيار - على الرغم من أن فترات هطول الأمطار الغزيرة يمكن أن تزيد من معدله.

وأشار خبراء إلى أن العواصف الشديدة والمتكرّرة المتأتية عن أزمة المناخ، وتزايد هطول الأمطار، وانهيار نفق مهجور للسكك الحديد، ووضع بنياتٍ من صنع الإنسان فوق المتنزّه، إضافة إلى تشييد دفاعات سيدمث في وجه الفيضانات، تشكّل كلّها عوامل وأسباباً محتملة وراء زيادة تآكل الجرف. وقالوا: "يمكن أن يكون أيّ ممّا سبق ذكره هو السبب، أو قد يكون مزيجاً من جميع هذه العوامل".

متحدّث رسمي أوضح أخيراً أن المجلس المحلّي واجه تأخيرات في خطة تحصين الشاطئ أثناء محاولته تأمين تمويل إضافي، وأنه ينوي بدء العمل في المشروع الذي تبلغ كلفته 14 مليون جنيه استرليني (19 مليون دولار)، في عام 2024.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة