في حوار مع مجلة "التايم" الأميركية أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، "أن السعودية تستثمر مليارات الدولارات في التحول نحو مصادر طاقة صديقة للبيئة من الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين، في الوقت الذي تنوي فيه زيادة إنتاجها النفطي إلى أكثر من 13 مليون برميل يومياً من نحو 9 ملايين برميل حالياً، أي بنسبة نحو خمسين في المئة". موضحاً أن الطلب العالمي على النفط لن يتوقف عن الزيادة في المدى المنظور، وأن السعودية ستواصل رفع قدرتها على تلبية تلك الزيادة في الطلب وضمان نصيب جيد من سوق الطاقة العالمية. كما ذكرت المجلة، أن السعودية تسير في الاتجاهين معاً لتلبية احتياجات العالم مع الالتزام بتعهداتها مكافحة التغيرات المناخية. ويتراوح إنتاج السعودية حالياً حول معدل 9 ملايين برميل يومياً، ولديها ما يزيد على 15 في المئة من احتياطيات النفط في العالم. كما تعد شركة "أرامكو"، من أكبر الشركات حول العالم حسب القيمة السوقية. وأضاف الأمير عبد العزيز أن السعودية تسير في اتجاه تحقيق هدف الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2060 الذي تعهدت به.
تدوير الكربون
وتعتمد خططها على ما يسمى "اقتصاد تدوير الكربون"، بمعنى الحد من مخاطر التأثير على المناخ بالتقاط الكربون من الهواء وتخزينه أو إعادة استخدامه في صناعات معينة. المهم في النهاية ألا يضر البيئة ويزيد من التغير المناخي لكوكب الأرض. كما أن إعادة استخدام الكربون المنبعث من احتراق الوقود الأحفوري يعد مصدراً اقتصادياً أيضاً.ويقول وزير الطاقة في حواره مع "التايم"، إن الأمر ليس خياراً حتمياً بين الطاقة من الوقود الأحفوري أو من مصادر نظيفة، بل إن الخيارات ستبقى مفتوحة، وأن يسيرا جنباً إلى جنب. وأضاف: "إننا نفضل التحول للطاقة النظيفة، فإذا كان بإمكاني بيع النفط أو الغاز في الوقت الذي يمكن فيه التعامل مع انبعاثات الكربون منه فلماذا تحد من خياراتك؟ من المهم أن تبقي خياراتك مفتوحة وتوسعها بحل مشكلة الانبعاثات الكربونية"، وذلك في رد على بعض المقولات بأن اعتماد العالم على الوقود الأحفوري سيتراجع بسرعة إلى حد الانتهاء واستبداله بمصادر الطاقة منعدمة الانبعاثات الكربونية ومن مصادر طبيعية مستدامة طاقة نظيفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقع المسؤول السعودي استمرار نمو الطلب العالمي على النفط، وأشار إلى أن السعودية اتخذت قراراً في مارس (آذار) 2020، أي في بداية أزمة وباء كورونا، بزيادة طاقة الإنتاج إلى ما بين 13.4 و13.5 مليون برميل يومياً بحلول عام 2027. ورد على أي تعجب من قرار كهذا في وقت إنهار فيه الطلب وهوت الأسعار بسبب إغلاق الاقتصادات حول العامل للحد من انتشار الفيروس بالقول: "مع انخفاض أسعار النفط سيقل الإنتاج. كذلك سيتراجع الاستثمار في مشروعات إنتاج جديدة. ومع برنامجنا للتوسع تكون فرصتنا أكبر لضمان نصيب جيد من السوق". وعلق على ما ذكرته وكالة الطاقة الدولية، العام الماضي، حين طالبت بوقف أي استثمارات جديدة في إنتاج الوقود الأحفوري، مشبهاً ذلك بأنه مجرد "فيلم سينمائي تشاهده لساعتين ثم تعود إلى حياة الواقع".
مصادر الطاقة
وأكد أن الواقع يعني حاجة الأجيال الجديدة لكافة مصادر الطاقة بما فيها النفط والغاز والطاقة من مصادر متجددة مستدامة. وأشار في هذا الصدد إلى أرقام الأمم المتحدة التي تفيد بأن حوالى 3 مليارات نسمة من سكان الأرض لا تتوفر لديهم مصادر طاقة، ويعتمدون على حرق الوقود الحيوي، ويقطعون الأشجار لمجرد طهي طعامهم. وأضاف الوزير السعودي: "كيف تذهب إلى تلك البلدان وتتحدث لسكانها عن تغير المناخ وخفض الانبعاثات والاستدامة والتنوع، بينما هم لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية؟".
ويبدو أن تحركات السوق تدعم ما قاله الوزير السعودي في حواره مع مجلة "الـتايم" الأميركية، حيث أخذ الطلب العالمي على النفط والغاز في الارتفاع بقوة في فترة التعافي من أزمة وباء كورونا. حتى وكالة الطاقة العالمية التي رسمت صورة متشائمة لمستقبل الطلب على النفط خلال أزمة وباء كورونا عدلت من توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط. وهذا ما أدى إلى ارتفاع الأسعار حتى عادت إلى أعلى مستوياتها منذ نحو 8 سنوات.
كما أن مصادر الطاقة الخضراء، مثل الشمس والرياح والطاقة النووية وغيرها، لم تلب حاجة الاقتصاد العالمي حين زاد الطلب على الطاقة. وشهدت دول ذات اقتصاد متقدم أزمة منذ نهاية الصيف الماضي اضطرتها للعودة إلى زيادة إنتاج الكهرباء بالفحم، وهو أكثر تلويثاً للبيئة من النفط والغاز إذ ينتج عن حرقه انبعاثات ثاني أوكسيد كربون أضعاف ما ينتج عن الغاز والنفط.