Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لغة الشارع لا تزال سائدة في السودان... المسيرات تقترب من قصر الرئاسة

إطلاق قنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وعمليات كر وفر بينهم وبين الشرطة

رفع المتظاهرون الأعلام الوطنية وأطلقوا هتافات تطالب بتسليم السلطة للمدنيين (أ ب)

واجهت قوات الأمن السودانية المتمركزة في مداخل وسط الخرطوم، جموع المتظاهرين الذين خرجوا اليوم الاثنين، السابع من فبراير (شباط)، إلى شوارع العاصمة، بقنابل الغاز المسيل للدموع والمياه الملونة لتفريقهم على بعد 500 متر من القصر الرئاسي، حيث تسبب إطلاق الغاز بكثافة إلى حدوث حالات اختناق وسط المتظاهرين، وعمليات كر وفر بين المتظاهرين والشرطة. بيد أنه لم يتم الإعلان عن إصابات أو سقوط قتلى كما جرى في المسيرات السابقة.
وتعد هذه المسيرة، التي دعت إليها "تنسيقيات لجان المقاومة" تحت شعار "مليونية 7 فبراير"، أولى مسيرات هذا الشهر الذي يتضمن أربعة مواكب حددت لها أيام 7 و14 و21 و28 من فبراير، التي اعتبرتها هذه التنسيقيات "خطوة نحو الهدف المنشود"، ألا وهو "مدنية الدولة".
ورفع المتظاهرون خلال سيرهم في المواكب المتجهة صوب القصر الرئاسي الأعلام الوطنية، وأطلقوا هتافات تطالب بتسليم السلطة للمدنيين بالكامل من دون مشاركة العسكريين، وذلك رداً على القرارات التي اتخذها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) بإعلان حالة الطوارئ وتعطيل الشراكة مع المكون المدني، الأمر الذي اعتبرته قوى سياسية ومجتمعية عريضة "انقلاباً عسكرياً". وتزامنت مسيرة الخرطوم مع مسيرات أخرى انطلقت في بورتسودان وكسلا ومدني وعطبرة وسنار والمناقل والقضارف.

الوجهة هي قصر الرئاسة

وكانت لجان مقاومة الخرطوم، أكدت أن "مليونية الاثنين، ستتجه إلى القصر الرئاسي للمطالبة بالحكم المدني الكامل، وتضامناً مع المحتجين في شمال البلاد"، عقب إغلاقهم الطريق القاري الرابط مع مصر، فضلاً عن أنها تأتي "تأكيداً لمواصلة طريق الثورة، ورسالة بأن السلطة للشعب، والثورة ثورة شعب، والعسكر للثكنات". وتابع البيان، "نضع بين أيديكم مسارات مليونية 7 فبراير التي توافقنا أن نطلق عليها تسمية، مليونية ترس الشمال، دعماً لرفاقنا في شمال السودان، وعليه ستكون مسارات وأماكن تجمع مواكبنا صوب القصر الرئاسي". وحدد البيان ستة أماكن لتجمع المتظاهرين وسط وجنوب العاصمة الخرطوم قبل التحرك نحو القصر.

تأمين الموكب

في المقابل، قال والي الخرطوم المكلف، الطيب الشيخ في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إنه "في إطار الحريات العامة المكفولة بموجب الوثيقة الدستورية، فإن المواكب متاحة ومسموح بها، وعلى المشاركين فيها التحرك حسب الجدول المعلن حتى تتمكن قوات الشرطة من تأمينها، ونحن كحكومة ولاية الخرطوم، نعتقد أنه من المهم أن يكون هناك ترتيب بيننا وبين الجهة المنظمة لمثل هذه المواكب لمنع أي محاولات للتعرض إليها بشكل أو بآخر". وأضاف الشيخ، "كالعادة، تسير ترتيباتنا لهذا الموكب على قدم وساق، وقوات الشرطة هي القوة النظامية الوحيدة التي ستكون موجودة لحماية المتظاهرين مثل كل مرة، وعلى المشاركين في هذا الموكب سلوك المسارات المحددة والابتعاد عن المناطق والمنشآت الاستراتيجية في وسط الخرطوم، وخلاف ذلك، كل شيء متاح، كما أن الجسور والكباري الواصلة بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان، والخرطوم، ستكون متاحة أمام حركة السير، ولن يتم إغلاقها في هذا اليوم، وكذلك الحال بالنسبة لشبكة الاتصالات وخدمة الإنترنت".
وحول حوادث القتل والعنف التي صاحبت المواكب السابقة، أجاب والي الخرطوم المكلف، "ما حدث كان عملاً مؤسفاً، والقضية الآن يجري التحقيق فيها، وعلى الرغم من تعقيداتها، فإنه لا بد من الوصول إلى الحقيقة، ومن قام بأعمال القتل، وحسب الترتيبات لمليونية الاثنين، فإن الأدوات المسموح بها للشرطة عند حدوث شغب هي قنابل الغاز المسيل للدموع، والرش بخراطيم المياه فقط".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


جرس إنذار

من جهة أخرى، صرح أحد مؤسسي لجان مقاومة الخرطوم وسط، محمد همشري، أن "المواكب هي جرس إنذار للسلطة الحاكمة، وتعاهدت هذه اللجان ألا توقف حراكها الثوري إلى حين سقوط الحكم العسكري، وقد تغير في أي لحظة تكتيكاتها ومسارات مواكبها لما أصبحت عليه من خبرة تراكمية في هذا العمل. ونأمل من الطرف الآخر أن يرتقي في التعامل مع هذه المواكب السلمية من دون أن يكون هناك بطش ممنهج، فهي ليست مواكب مسلحة حتى يمارس ضدها هذا العنف المفرط الذي أوقع حتى الآن 79 قتيلاً برصاص الأجهزة الأمنية. فهذه المجموعات الشبابية التي تشارك وتقود هذه التظاهرات مؤمنة بالتحول الديمقراطي وتريد الوصول إلى حكم مدني كامل في البلاد، ولا بد أن تحتل هذه القوة الشبابية وضعها الطبيعي في المشهد السياسي الذي يسيطر عليه العسكريون وديناصورات السياسة".
وتابع همشري، "المحاولات الجارية لشرعنة الواقع الراهن القائم على انقلاب 25 أكتوبر مضيعة للوقت، لأنه من الصعب فرض حكم عسكري على أغلبية كاسحة لديها استعداد لمناهضته مهما كلفها من ثمن، لذلك، التفاؤل والثقة بالانتصار متوفران، لأننا نعيش حالياً سيناريو الأيام الأخيرة نفسه لنظام عمر البشير الذي سقط بأدوات الشارع الحالية نفسها. فكل الممارسات التي تتبعها السلطة الحاكمة الآن، تؤكد أن هناك سقوطاً أخلاقياً وانزلاقاً غير محمود، ويكذب من يقول إن في استطاعته إيقاف هذا الحراك الذي أصبح ثقافة مجتمع يناهض المحاولات التي تسعى للوقوف ضد التحول الديمقراطي".
ولفت إلى أنه لا أحد ينظر إلى الجيش السوداني بأنه عدو، بالعكس، الكل يكن تقديراً كبيراً لهذه المؤسسة العسكرية، ويرى أنه من الواجب أن ترتقي لتكون مؤسسة وطنية حامية للتحول الديمقراطي لأن التاريخ لن يرحم. وأكد همشري أن "شباب الثورة السودانية ملتزمون بثوابت ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي تتمثل شعاراتها في الحرية والسلام والعدالة". وأشار إلى أن "كثيرين يبحثون عن موطئ قدم لهم في أجهزة الحكم في ضوء المبادرات الجارية لحل الأزمة السياسية المستفحلة بين أطراف الصراع من عسكريين ومدنيين، بيد أن مجموعة الحراك الشبابي لا تسعى لذلك، وليس في نيتها أن تكون حاضنة سياسية، فكل همها أن يكون هناك حكم مدني".

تعقد الأزمة

ويعيش السودان منذ 25 أكتوبر حالة من التوتر جراء تصاعد موجة التظاهرات المتواصلة في الشارع، التي قوبلت بعنف مفرط من قبل القوات الأمنية أدى إلى سقوط 79 قتيلاً، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية، الأمر الذي وضع الشارع السوداني وقواه السياسية والعسكرية أمام اختبار صعب في كيفية الخروج من هذه الأزمة، التي باتت تتعقد يوماً بعد يوم، في ظل تزايد دائرة العنف في قمع هذه التظاهرات باستخدام الرصاص الحي والمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية من ناحية، واتساع الخلاف بين المكونين المدني والعسكري في التعاطي مع الأزمة من ناحية أخرى.
وعلى الرغم من طرح المجتمع الدولي ممثلاً ببعثة الأمم المتحدة في الخرطوم، مبادرة أطلقها رئيسها فولكر بيرتس، فضلاً عن المبادرات الوطنية التي تقودها شخصيات سودانية مؤثرة في المجتمع، فإن هذه المبادرات مجتمعة ما زالت في طور المشاورات لإيجاد حلول ناجعة، في وقت يسيطر فيه الانسداد السياسي على المشهد العام.
وحسب بيان لبعثة الأمم المتحدة في الخرطوم، فإنها أجرت حتى الآن مشاورات مع أكثر من 20 مجموعة تمثل مختلف منظمات المجتمع المدني، ومنظمات حقوق المرأة، والأحزاب السياسية، والأكاديميين، والخبراء الوطنيين من أجل إنجاح الوساطة الأممية التي دخلت أسبوعها الرابع.

المزيد من العالم العربي