Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصرع زعيم "داعش" بغارة أميركية ينذر بمتاعب لتركيا

 يثير الحادث تساؤلات حول ما إذا كانت أنقرة غير كفوءة أو ما إذا كانت متواطئة في إيواء القرشي

 لا شك على الإطلاق أن المشهد لم يبدُ جيداً بالنسبة لتركيا.

 لقي أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، زعيم تنظيم "داعش في العراق وسوريا" مصرعه خلال غارة أميركية استهدفت بيته في أطمة الواقعة في شمال غربي سوريا، يوم الخميس. وذكرت تقارير أن البيت كان على بُعد بضع مئات من الأمتار عن حاجز تفتيش يشرف عليه الأتراك وفي قرية يفصلها كيلومتر واحد عن الحدود التركية.

وأتى الهجوم على القرشي بعد عامين ونيف من العثور على سلفه أبو بكر البغدادي وقتله جرّاء عملية قادها الأميركيون في قرية تبعد حوالى 15 كيلومتراً إلى الجنوب من أطمة.

هكذا كان مسرح الأحداث من جديد منطقة إدلب الحدودية التي بقيت منذ سنوات تخضع لسيطرة محكّمة إما من قبل قوات سورية تدعمها تركيا، أو من جانب "هيئة تحرير الشام"، وهو تنظيم كان يعرف سابقاً باسم "جبهة النصرة"، ويقودها أبو محمد الجولاني، وهو زعيم فرع "القاعدة" في سوريا سابقاً.

وتنشر تركيا قرابة 12 نقطة مراقبة عسكرية في المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة. ويُنظر إليها على أنها قوة ضامنة إلى حد ما لتلك الناحية من الأراضي السورية. وإذا قسّم المرء البلاد التي مزقتها الحرب بصورة تقريبية إلى مناطق نفوذ دولي، فإن إدلب قد صنفت منذ زمن طويل في خانة "رقعة تركيا".

 وسارعت قوات سوريا الديمقراطية ("قسد") التي يقودها الأكراد، وهم أقرب حلفاء الولايات المتحدة وألد أعداء تركيا، إلى الاستفادة من هذه الحادثة. وانبرى فرهاد شامي، وهو المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، لتوجيه الاتهامات عبر تويتر (باللغة الإنجليزية) بأن تركيا "كانت تحمي" زعيم "داعش".

وتساءل في وقت متأخر من يوم الخميس "هل هناك أي شك في أن تركيا كانت [قد] حولت أجزاء [من] شمال سوريا [إلى] بؤرة آمنة لقادة داعش"؟

وقد رفض مسؤولون أتراك التعليق على الغارة. غير أن وزارة الخارجية التركية أصدرت في وقت لاحق بياناً بنبرة دفاعية إلى حد ما، موحية بالشعور بالإهانة والإساءة.

وجاء في بيان الوزارة أن "موقف تركيا الثابت في القتال ضد المنظمة الإرهابية [داعش]، وإسهاماتها في جهود المجتمع الدولي في هذه المنطقة معروفان بشكل جيد".

وأضافت أن "تركيا بوصفها عضوة في التحالف الدولي، تلعب دوراً فعالاً في القتال ضد [داعش] والعقول المنحرفة التي تجسدها".

 وتركيا متهمة منذ وقت طويل من قبل منتقديها وأعدائها بإيواء أعضاء تنظيم "داعش"، ولم يتأخر هؤلاء الخصوم في التلويح بموقع إقامة القرشي كدليل آخر على ذلك. وقد وضع ذلك تركيا في موقف حرج.

ولفت تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا التابع لمعهد الشرق الأوسط Middle east institute، وهو مركز بحوث في واشنطن، إلى أن "أي مدون سيقرأ عن مدى قرب [البيت] من تركيا سيفترض بأن تركيا كانت مذنبة لعدم كفاءتها أو لأنها كانت تخفي زعيم داعش".

 وأضاف "ولكن حين تتعمق في تأمل السياق والموقع ومختلف المسائل، عندها تصبح الحالة أكثر غموضاً والتباساً. وتكون حينذاك أي مناقشة لتواطؤ [تركي] فعلي أقل دقة بكثير".

لكن العودة إلى تاريخ حوادث قريبة العهد لا تخدم [تصب في مصلحة] تركيا. ففي السنوات التي سبقت إنشاء "خلافة" داعش وتلتها، أخفقت تركيا في تأمين حدودها هي مع سوريا، الأمر الذي مكّن آلاف المقاتلين الأجانب من الالتحاق بالجماعات "الجهادية" الإرهابية. وتشير إليزابيث تسوركوف، الزميلة غير المقيمة في معهد "نيو لاينز" New lines Institute، وهو الآخر مركز بحوث أميركي، إلى أنه "بذلك المعنى فإن [تركيا]، قد أدت دوراً رئيساً في ظهور داعش".

 وتضيف، لكن فيما عدا ذلك، فإن الاتهامات بالتواطؤ هي في الواقع جزء من الجهود الرامية إلى تشويه سمعة تركيا وتصوير إدلب وكأنها نوع من الملاذ الآمن "للجهاديين"، وهذا غير صحيح.

فقد اعتقلت تركيا الآلاف من عناصر "داعش" في البلاد. كما شنت أيضاً عمليات عسكرية ضد هذا التنظيم في شمال سوريا عام 2016.

ولكن حال أطمه مختلفة بعض الشيء [عن عموم إدلب].

وباعتبار أن أمد الحرب الأهلية السورية قد طال بات سكان هذه المنطقة بشكل شبه كامل من النازحين على المستوى الدولي، الأمر الذي جعلها بؤرة مؤاتية للغاية للتخفي بنجاح.

والظاهر أن القرشي لم يبرح هذا البيت الذي عاش فيه بعدما انتقل إلى هناك منذ وقت غير بعيد. وقيل إنه اعتمد على مراسل من أجل التواصل مع العالم الخارجي، هو نائبه الذي عاش تحته في الطابق الأسفل.

وقال ليستر سيكون "[العثور عليه] أصعب من البحث عن إبرة في كومة من القش".

 وتابع "من كان ليظن أن شخصاً مشتبهاً فيه سيأتي مع عائلته إلى أكثر المناطق عرضة للزوال في سوريا كلها؟... إنها ليست المكان المثالي للاختباء، من جوانب عدة".

ولا تسيطر تركيا على أطمة الخاضعة لـ"هيئة تحرير الشام" التي تواجه أيضاً اتهامات بعدم الكفاءة.

 

والعلاقات التي تربط "هيئة تحرير الشام" بتركيا غامضة، فالدوريات التركية غالباً ما تعبر الحدود مع عناصر الهيئة، للقيام بمهمات الحراسة المنصوص عنها في صفقات وقف إطلاق النار التي أُبرمت مع روسيا راعية النظام السوري.

ومن المعروف أن لجهاز الأمن التركي "أم آي تي" اتصالات وثيقة مع نظرائه في "هيئة تحرير الشام"، لكن ليس هناك الكثير من الأدلة على أن أنقرة تمارس السيطرة على هذا التنظيم.

وتنظيم الجولاني هو بمثابة مجموعة سياسية قوية مستقلة القرار، سعت في السنوات الأخيرة إلى إعادة تسويق نفسها كفصيل أكثر اعتدالاً وعدواً لدوداً لـ"داعش" الذي تقاتله بانتظام.

وتواظب "هيئة تحرير الشام" على تنفيذ نظام مراقبة صارم في الأجزاء التي تسيطر عليها من محافظة إدلب. وهي قامت مراراً، من خلال نظام من المخبرين، بحملات لقمع ناشطي المجتمع المدني ممن يعارضون نسختها من الإسلام المتشدد.

وهكذا فإن الفشل في الكشف عن تواجد زعيم "داعش" على أراضيها يمثل قضية أمنية رئيسة.

وقد تواصلت صحيفة الـ "اندبندنت" مع "هيئة تحرير الشام"، بيد أنها لم تلق جواباً حتى الآن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وليس هناك من يعرف ما هو الدور الذي لعبته تركيا (هذا إذا أدت أي دور كان) في عملية قتل القرشي.

لكن من الواضح في الوقت الراهن أن الحدث أدى إلى تعريض أنقره للضغط، ولا سيما أنها فاوضت عملياً على منطقة المعزولة السلاح التي تسيطر عليها في سوريا، على أساس أنها ستضمن استئصال كل المجموعات "الجهادية"، بما في ذلك "داعش" والفصائل المنشقة عن "القاعدة" .

 وقد صبت الغارة على زعيم آخر لـ"داعش" في الشمال الغربي بشكل مثالي في مصلحة منتقديها.

وقد تثير مزيداً من التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، وهما سلفاً على جانبي خط المواجهة في شمال غربي سوريا لأن واشنطن تدعم "قوات سوريا الديمقراطية" التي هي في حالة حرب مع أنقرة عملياً.

وحده الزمن سينبؤنا كيف ستتطور الأمور بالنسبة لتركيا.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات