Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التلوث يفسد مياه دجلة في بغداد والبصرة تدفع الثمن مضاعفا

منظمات غير حكومية أخذت على عاتقها ممارسة دور تثقيفي في الأوساط الشعبية

على امتداد مساره في الأراضي التركية والسورية والعراقية يواجه نهر دجلة تهديدات بيئية متفاقمة أفقدت مياهه عذوبتها المعهودة. وتفيد دراسات حديثة بأن معدلات التلوث في النهر بلغت مستويات غير مسبوقة، وأن مياهه تحوّلت إلى مصدر تهديد لسلامة وصحة العراقيين في ظل غياب الحلول الجذرية.

محطات المجاري تستبيح النهر

تعد بغداد التي يقطنها أكثر من تسعة ملايين نسمة المدينة الأشد تلويثاً لمياه دجلة، وبحسب معاون عميد كلية علوم الطاقة والبيئة في جامعة الكرخ للعلوم إبراهيم السوداني، فإن "في بغداد 18 محطة للمجاري تلقي المياه الثقيلة من دون معالجة في مجرى النهر بمعدل 700 ألف متر مكعب في اليوم"، مبيناً أن "محطة الكاظمية للمجاري الواقعة في قلب العاصمة تتخلص من مياه المجاري في النهر، وعلى مقربة منها توجد محطة ماء الكرامة التي تأخذ المياه من النهر وتضخها إلى أحياء سكنية".

وأشار السوداني لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "مخلفات طبية تلقى أيضاً في مجرى النهر، وعندما أخذنا عينات من مياه النهر بالقرب من مدينة الطب وجدنا عند تحليلها أن عنصر الرصاص أكثر من الحد المسموح به بمعدل ضعفين، وكذلك عنصر النيكل كان مرتفعاً، وهما من العناصر شديدة الخطورة على الصحة العامة".

ولا تقل المخلفات الصناعية خطورة عن مياه المجاري والمخلفات الطبية، ويؤكد السوداني أن "الأسماك التي يتم اصطيادها قرب مصفى الدورة للمنتجات النفطية غير صالحة للأكل، وأحياناً تنبعث منها روائح هيدروكربونية". وتفيد دراسة حديثة للجامعة المستنصرية عن تلوث مياه دجلة بأن "أكثر المشاريع الصناعية في بغداد تلويثاً لمياه دجلة هي محطة كهرباء الدورة، ومحطة كهرباء جنوب بغداد، وشركة الصمود للصناعات الفولاذية، ومصفى الدورة للمنتجات النفطية، وشركة نصر للصناعات الميكانيكية".

لا حلول تلوح في الأفق 

بعد أن ينبع نهر دجلة من جبال طوروس في تركيا، يمتد داخل الأراضي السورية بطول 50 كلم، ثم يبلغ الأراضي العراقية، ويسير فيها بطول 1400كلم، قبل أن يلتقي مع نهر الفرات في منطقة القرنة ويكوّنا شط العرب الذي يصب في الخليج، ولأن محافظة البصرة تقع في نهاية النهر فإنها تعاني بشكل مضاعف من تلوث مياهه، حيث تتراكم فيها الملوثات التي تلقى في النهر على امتداد مساره.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المهندس الزراعي الاستشاري علاء البدران قال، إن "نهر دجلة يستخدم أيضاً للتخلص من مياه الصرف لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وهي محملة ببقايا مواد خطرة ناجمة عن استخدام أسمدة كيماوية ومبيدات للآفات الزراعية"، معتبراً أن "المخلفات العضوية لمياه المجاري تتحلل، لكن العناصر النزرة المتعلقة باستخدام المبيدات والأسمدة لا تتحلل، وتبقى لفترات طويلة في مياه النهر".

ولفت البدران الذي كان نقيباً للمهندسين الزراعيين في البصرة إلى أن "خطورة تلوث مياه دجلة تكمن في العناصر النزرة التي تؤدي إلى الإصابة بأنواع من الأمراض السرطانية"، مضيفاً أن "البصرة تواجه ارتفاعاً في معدلات الإصابة بهذه الأمراض بسبب تفاقم ظاهرة التلوث، ولا حلول تلوح في الأفق".

لجان حكومية ومنظمات مدنية

منظمات غير حكومية عديدة أخذت على عاتقها ممارسة دور تثقيفي في الأوساط الشعبية والضغط على الجهات الحكومية لحثها على إنقاذ النهر من التلوث، ومنها جمعية حماة دجلة التي قال رئيس هيئتها الإدارية علي الكرخي، إن "مياه دجلة تطغى عليها مياه المجاري المشبعة بالملوثات، والحل لا يتطلب أكثر من معالجة مياه المجاري قبل التخلص منها في النهر، فضلاً عن منع مؤسسات صناعية من إلقاء مخلفاتها في النهر".

وأكد الكرخي أن "تلوث مياه دجلة يكون أكثر كثافة وبشاعة في مواسم الجفاف، حيث تسود مياه البزل الزراعي ومياه المجاري"، مضيفاً أن "في مواسم الوفرة المائية تنحسر حالة التلوث، لكن في الحالتين تبقى مياه النهر ملوثة، وغير صالحة للاستخدام البشري".

وعلى الرغم من وجود وزارة للبيئة في العراق، فإنها تبدو غير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ دجلة من التلوث، وكذلك اللجان الحكومية التي تم تشكيلها لحماية النهر تكتفي عادة بتقدير خطورة الموقف وتقديم توصيات، وأبرزها لجنة عليا تم تشكيلها عام 2019 برئاسة رئيس الوزراء.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير