Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شعوب غرب أفريقيا ترحب بالانقلابات خوفا من المتطرفين

فشل المسؤولين المدنيين في معالجة المشاكل أصاب المواطنين باليأس ودفعهم إلى "أحضان" العسكريين

تظاهرة مؤيدة للسلطات العسكرية في مالي (رويترز)

في المرة السابقة التي حاول فيها جنود متمردون قلب نظام الحكم في بوركينا فاسو عام 2015، خرج مارسيل تنكاونو مع آلاف المحتجين إلى الشوارع للإطاحة بالمجلس العسكري. وخلال أيام أعادت القوات الموالية الرئيس إلى السلطة.

وفي الأسبوع الماضي، خرج تنكاونو إلى الشوارع مرة أخرى، لكن خروجه هذه المرة كان للترحيب بالانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس البلاد المنتخب روش كابوري.

قال تنكاونو في بيته خارج العاصمة واغادوغو، وهو من القيادات المدنية، "منذ التسعينيات حدثت موجة من الديمقراطية عبر غرب أفريقيا. لكن الديمقراطية خذلت الناس... لا بد أن نكون واضحين. نحن نحتاج نظاماً عسكرياً".

ويعكس هذا التحول في موقفه خيبة الظن في منطقة الساحل بغرب أفريقيا، حيث أخفقت الحكومات المنتخبة في احتواء عنف المتشددين المتنامي، والذي أسفر خلال العقد الأخير عن سقوط آلاف القتلى وتشريد الملايين.

فقد شجع الغضب الشعبي الجيوش في مالي وغينيا وبوركينا فاسو على أن تتولى دفة الأمور بنفسها، فوقعت أربعة انقلابات خلال 18 شهراً لتبدد ما تحقق من مكاسب ديمقراطية كانت سبباً في تخلص المنطقة من وصمة "حزام الانقلابات" الأفريقي التي لازمتها.

كما أضعف الفقر والفساد الثقة بالحكام المدنيين وأثار مخاوف الشركاء الدوليين، ومنهم فرنسا والولايات المتحدة، اللتان لهما قوات في المنطقة تحارب المتمردين المتشددين وتخشيان تزايد القلاقل.

والإثنين، 31 يناير (كانون الثاني)، أمرت السلطات في مالي التي شهدت انقلابين منذ أغسطس (آب) 2020، السفير الفرنسي بمغادرة البلاد مع تصاعد الخلافات مع المجلس العسكري الحاكم.

وقالت ماغي دواير، المحاضرة بجامعة إدنبره، والتي درست الانقلابات العسكرية في غرب أفريقيا، "الناس ليسوا معارضين للديمقراطية من حيث المبدأ، لكن ظنهم خاب جداً في القادة المنتخبين".

ظهور التطرف في غرب أفريقيا

وكان التحول الذي طرأ على موقف تنكاونو تدريجياً.

فقد ظهر خطر المتشددين في غرب أفريقيا أولاً في مالي عام 2012، عندما اختطف متطرفون بعضهم على صلة بتنظيم "القاعدة"، انتفاضة الطوارق.

وفي البداية، ردت القوات الفرنسية المتشددين لكنهم أعادوا تنظيم صفوفهم وشنوا في عام 2015 موجة من الهجمات الفتاكة، امتدت فيما بعد إلى بوركينا فاسو والنيجر.

وكانت أوائل علامات الاضطراب في بوركينا فاسو في يناير 2016، حين أعلن تنظيم "القاعدة" مسؤوليته عن هجوم على مطعم ومقهى في واغادوغو سقط فيه 30 قتيلاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومنذ ذلك الحين، تنامت حركة التمرد خصوصاً في المناطق الريفية التي تحملت العبء الأكبر من العنف في منطقة الساحل، وهي عبارة عن حزام شاسع من الأراضي القاحلة في الغالب جنوب الصحراء الغربية.

وكافحت جيوش لا تملك إمكانيات كافية للتصدي للمتطرفين، ووقع اللوم إلى حد كبير على الإدارات المدنية التي اقترنت صورتها في أذهان الناس أيضاً بالفساد.

وخرج الآلاف للاحتجاج في بوركينا فاسو في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد مقتل 49 من رجال الشرطة والجيش وأربعة مدنيين على أيدي المتشددين بالقرب من منجم ذهب في المنطقة الشمالية النائية، وذلك في أسوأ هجوم تعيه الذاكرة على قوات الأمن.

وكانت مؤونة أفراد القوات الأمنية في الموقع من الطعام قد نفدت، واضطروا لذبح الماشية في المنطقة المجاورة وفقاً لمذكرة أرسلها قائد الموقع إلى رؤسائه واطلعت عليها وكالة "رويترز".

وخلال التظاهرات التي أعقبت ذلك، تم القبض على تنكاونو وأمضى 25 يوماً محبوساً. وخرج من السجن مقتنعاً بضرورة رحيل كابوري.

وبعد أيام، نظم جنود أحبطهم تزايد عدد القتلى وضعف الأجور وسوء الأحوال المعيشية، انقلاباً.

وقال تنكاونو، "لا يمكن أن تتناول وجبة واحدة يومياً وتتحدث عن الديمقراطية".

ولم يتضح ما الذي يمكن أن ينجزه المجلس العسكري ولم تفعله الحكومة التي أطاح بها في ضوء الموارد المحدودة المتاحة له. ولم تستطع "رويترز" الاتصال بالجيش للتعليق على خططه منذ استيلائه على السلطة.

"أملنا الوحيد"

وعلى الجانب الآخر من الحدود، في مالي، لم يتحسن الوضع الأمني بدرجة ملحوظة في ظل الحكومة العسكرية التي قالت الشهر الماضي، إنها ليست مستعدة لإجراء انتخابات، وإنها باقية في السلطة.

وفرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عقوبات صارمة عليها. ورداً على ذلك، تظاهر الآلاف تأييداً للمجلس العسكري.

وقال موسى ديالو الذي يعمل كهربائياً في باماكو عاصمة مالي، إنه أدلى بصوته لصالح الرئيس السابق إبراهيم أبو بكر كيتا عندما تولى السلطة في عام 2013.

ثم حدثت وقائع العنف. واستمرت الاعتداءات على المدنيين والعسكريين منذ عام 2015، ليصبح كثيرون من المعوزين تحت سيطرة جماعات على صلة بشبكات متشددة عالمية، ومنها تنظيم "داعش".

واشترى كيتا طائرة رئاسية بـ40 مليون دولار، مما أثار ضجة في البلاد. وتعرض ابنه كريم لانتقادات في الصحافة المحلية بسبب عربدته في جزيرة إيبيزا الإسبانية.

وثار سخط ديالو وشارك في احتجاجات جماهيرية في عام 2020 تدعو للإطاحة بكيتا. وحدث ذلك، فرحل كيتا بحلول أغسطس (آب).

غياب القانون وتردي الأوضاع المعيشية

وعبر منطقة الساحل، سقط آلاف القتلى في عنف المتطرفين الذي أدى إلى أزمة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، على الرغم من أنه لم يسفر عن قيام دولة موازية مثلما حدث في بعض أجزاء سوريا والعراق.

واضطر الملايين للرحيل عن قراهم، مما خلق عبئاً على المراكز الحضرية والأسر التي تعيش فيها. وفي بعض المناطق الريفية اختفت إدارات الحكم المحلي.

وفي بلدة دوري الصغيرة في شمال شرقي بوركينا فاسو، قضى العنف على تجارة الماشية التي كانت في وقت من الأوقات قوة دافعة للاقتصاد المحلي. وازداد عدد السكان لثلاثة أمثاله ليصل إلى 80 ألف نسمة، مع هروب الناس من القرى القريبة على حد قول رئيس البلدية أحمد عزيز ديالو.

وامتلأت المدارس بالتلاميذ الصغار، إذ يصل العدد إلى 150 تلميذاً في الفصل الواحد. ويتعين على السكان قطع مسافة تمتد كيلومترات عديدة للحصول على المياه.

وبسبب تهديدات القتل وانعدام الأمن، يقضي ديالو معظم الوقت في واغادوغو على بعد 260 كيلومتراً إلى الجنوب. وعندما يسافر إلى بلدته، لا يقطع الطريق المليء بالحفر بالسيارة بل يسافر بالطائرة.

وقال، إن السكان يشعرون بأن الدولة تخلت عنهم، مضيفاً أن تأييد الانقلابات العسكرية يبدو أمراً معقولاً.

المزيد من تقارير