Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاضطراب السياسي في بريطانيا سيلحق الضرر بالشركات والاقتصاد

الأسواق قد تبدو غير متأثرة، لكن استمرار عدم الاستقرار سيولد وضعية مختلفة

جونسون في المقعد الخلفي لسيارة أقلته إلى مقر الحكومة في "داونينغ ستريت"، بعد حضوره جلسة صباحية للبرلمان، اعتذر فيها عن "سقطات في القيادة والقدرة على التقييم" تتعلق بحفلات أثناء إغلاقات كورونا (أ ف ب)

على الرغم من التركيز المكثف على مزاعم تتناول حفلات استضافتها رئاسة الوزراء [أثناء إغلاقات كورونا وبالضد من الإجراءات الحكومية بشأنها]، وتحقيق تجريه الشرطة، فضلاً عن انقسامات تطاول المستويات كلها في حزب المحافظين حول وجوب استقالة بوريس جونسون وتوقيتها، والغضب المنتشر بين عامة الناس، لم يستجب الاقتصاد.

ووفق تحليل أجرته مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، لا يشكل ذلك مدعاة استغراب. ولدى استخدام أرقام الناتج المحلي الإجمالي واستطلاعات أجراها "اتحاد الصناعة البريطانية"، بينت تلك المؤسسة أن النمو حافظ على مسار مستقر، وإن كان هزيلاً، في أعقاب شلل البرلمان سنة 2010 وأزمة بريكست.

ومن الواضح أن البيانات الاقتصادية تسير عبر فارق زمني [بين ظهور البيانات وحدوث المعطيات التي تتناولها البيانات]، لكن أحدث الاستطلاعات الخاصة بمديري الشراء خلال ديسمبر (كانون الأول) 2021، أظهر أن ناتج الشركات المصنعة، والطلبات الجديدة، وتشغيل العمالة سجلت كلها ارتفاعات. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن أثر المتغيرة "أوميكرون" ربما لم ينعكس في الأرقام.

ومنذ أن بدأت أخبار الحفلات في الظهور نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، ارتفع مؤشر البورصة "أف تي س إي- 100" FTSE-100 بأكثر من سبعة في المئة في أقل من شهرين. وإذا نظرنا إلى الوراء أبعد من ذلك، حققت سوق لندن مكاسب أثناء حملة "العودة إلى الأساسيات" [حين دعا المحافظون الحاكمون إلى إحياء تقاليد اجتماعية راسخة] وأزمة الاتحاد الأوروبي [في شأن سياسات مالية موحدة بين البلدان الأعضاء] خلال تسلم جون ميجور رئاسة الوزراء في تسعينيات القرن العشرين.

وبالتالي، إن سلوك المصارف المركزية، وليس عدم الاستقرار السياسي، هو ما سيحتل موقعاً مركزياً، على غرار ما حدث في تسعينيات القرن العشرين حينما أحب التجار خفض معدلات الفائدة الذي أمر به وزير المالية آنذاك كين كلارك في الفترة التي سبقت الانتخابات، وأيضاً القرار الذي اتخذه خليفته غوردون براون بجعل "بنك إنجلترا" مستقلاً.

وأياً كانت نتيجة الكارثة الحالية، لا شك في أن أي زعيم جديد، أو جونسون إذا بقي في منصبه، سيشعر بقدر أعظم من التمكين في التعامل مع التحديات الاقتصادية المقبلة.

إذاً، ما الذي ينتظر الزعيم الاقتصادي الجديد أو الجديد القديم؟ ستكون تكاليف أزمة المعيشة في القمة. فوفق "مؤسسة القرار"، سيشهد الحد الأعلى لأسعار الطاقة المقرر تطبيقه في 1 أبريل (نيسان) ارتفاع فواتير الأسر بنسبة تزيد على 50 في المئة. وهذا من شأنه أن يُترجَم إلى قفزة تتراوح بين ألف و277 جنيهاً استرلينياً (ألف و712 دولاراً) إلى نحو ألفي جنيه سنوياً، ما سيضطر 6.2 مليون أسرة إنجليزية، أو ربما ضعفي هذا الرقم على صعيد الناخبين، إلى الصراع والمعاناة في دفع فواتيرها.

واستطراداً، ستتعرض الحكومة بقيادة زعيم جديد، أو جونسون مع تفويض جديد من النواب إذا بقي في منصبه، إلى ضغوط شديدة تدفعها صوب التوصل إلى حلول جزئية كاتخاذ إجراءات مؤقتة تكون لازمة في التخفيف من تكاليف الطاقة والضرائب غير المتوقعة، أو مزيد من الإعفاء الدائم من خلال نظام الضرائب والمنافع. وبالتالي، سيتزايد معدل التضخم الذي قد يصل إلى سبعة في المئة هذه السنة، متجاوزاً بكثير النمو السنوي المحتمل في الأجور والرواتب، ما يضاعف البؤس الذي تعانيه الأسر، وبالتالي الشركات التي تعتمد على إنفاق الأسر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستجابة لذلك، قد يواصل "بنك إنجلترا"، سواء عن حق أو خطأ، برنامجه في زيادة معدلات الفائدة، ربما عبر ما قد يصل إلى أربع مراحل هذه السنة، فيبلغ المعدل الخاص بالمصرف 1.25 في المئة. وفي حين يشدد المصرف السياسة النقدية، ستبدأ الزيادات في مدفوعات الضمان الوطني للموظفين وأصحاب العمل، إذا أبقاها وزير المالية ريتشي سوناك على ما هي عليه في نهاية المطاف، في سحب 130 جنيهاً إضافية من حزمة الأجور السنوية لشخص يكسب 20 ألف جنيه سنوياً.

وفي سياق متصل، يشير خبراء اقتصاديون لدى "دويتشه بنك" إلى أن هذا التشدد المتزامن في السياسة المالية العامة والنقدية لا بد من أن يشكل "نقطة تحول في السياسة المتساهلة جداً" التي انتُهِجت خلال العامين الماضيين. وأخيراً، يمكن أن يكون انتعاش النمو الاقتصادي أقل قوة مما كان مأمولاً مع احتساب "دويتشه بنك" معدله عند 3.5 في المئة عام 2022 بدلاً من الخمسة في المئة المتوقعة من قبل "بنك إنجلترا"، والستة في المئة المرجحة من قبل "مكتب مسؤولية الميزانية".

وفي حين يتعين على أي زعيم أن يعالج تلك التحديات، من شأن نهج أكثر هدوءاً يتبناه زعيم من أصحاب الخبرة الوزارية كسوناك، أو وزيرة الخارجية ليز تراس، أو الرجل المسؤول عن أجندة "تحقيق المساواة"، مايكل غوف، أن يطمئن أسواق المملكة المتحدة واستثمار الشركات المحلية. وحسب المسؤول في "بيرنبرغ بنك"، هولغر شمايدينغ، "من المرجح أن يتبنى خليفة محافظ [لجونسون] سياسات مماثلة تقريباً لكن على نحو أكثر انتظاماً بكثير".

في المقابل، سيتعرض الزعيم الجديد إلى ضغوط للعودة إلى عملية محافظة أكثر تقليدية في مجال وضع السياسات من خلال استخدام خفض الإنفاق في تمويل التخفيضات الضريبية التي يريدها النواب المحافظون قبل الانتخابات في 2023 أو 2024، واستخدام تحرير السياسة المالية في تشجيع مزيد من استثمار الشركات. لكن، نظراً إلى مطالب الناخبين بإعفاءات، ستكون مهمة الزعيم صعبة، لا سيما أن ذلك يأتي بعد نمط جونسون المتمثل في زيادة الضرائب والإنفاق بهدف تعزيز الدعم الذي بُنِي في 2019 مع ناخبي الدوائر الانتخابية الموالية تاريخياً لحزب العمال. وكذلك قد يقلل خفض الإنفاق الحكومي من الذخيرة المالية اللازمة لتحقيق أجندة تحقيق المساواة.

وفي المقابل، يتمثّل الأمر الأكثر أهمية في تعرّض رئيس الوزراء أو رئيسة الوزراء، إلى ضغوط شديدة بهدف فرض سياسات أكثر تشدداً في مجال بريكست، حتى إذا استمر الروتين الإداري وغيره من العراقيل في التسبب بتأخيرات في عمليات النقل ونواقص في رفوف المحال. وإذا ظل جونسون في منصبه حقاً، تفيد "كابيتال إيكونوميكس" بأن العواقب السياسية والاقتصادية في الأجل المتوسط قد تكون أضخم، بالمقارنة مع حالها إذا جرت تنحيته.

قد يؤدي عدم اليقين وعدم الاستقرار المستمرين إلى إرغام جونسون على مضاعفة سياساته الخاصة ببريكست بهدف حفاظ على دعم الناخبين المحافظين، لكن هذا يهدد بفترة أخرى من التوترات الإضافية بين لندن وبروكسل. وقد تشهد العقوبات الانتقامية المحتملة أخيراً هبوط مؤشر الثقة في الشركات [توقعات حركة انتاجها ونموها]، الأمر الذي سيلحق الضرر باقتصاد المملكة المتحدة والجنيه الاسترليني.

© The Independent

المزيد من تحلیل