Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما علاقة الحراك الجزائري بالزوايا الدينية والسلفية والإخوان؟

رايات المتظاهرين تحمل عناوين وطنية وديمقراطية

منذ إنهاء مهمات المستشار الرئاسي المكلف بالزوايا، تأكدت أنباء عن إلغاء رئاسة الجمهورية امتيازات النقل والإقامة والعلاج في الخارج، التي كانت مخصصة لشيوخ الزوايا، وهي سياسة أقرها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لصالح زعماء مؤسسة الزوايا، في سياق تحالف وثيق منح بوتفليقة دعم تيار ديني واسع على حساب السلفية والإخوان. 

وتعامل الحراك الشعبي مع التيارات الدينية الممثلة في البلاد من مسافة واحدة. فرايات المتظاهرين حملت عناوين وطنية بعيدة من الشعارات ذات المرجعية الدينية. وعلى الرغم من محاولة حضور بعض العناصر بشعارات "سلفية"، ومرات بهتافات قريبة من الإخوان المسلمين، إلا أن الحراك عموماً، ظل "وطنيا" غير متحزب ولا بلون ديني. 

وحاولت مجموعة سلفية في مسيرة الجمعة الـ15، وسط العاصمة، رفع شعار "دولة إسلامية"، وسعت إلى محاكاة شعارات سابقة للجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلّة، ومنها "عليها نحيا وعليها نموت وفي سبيلها نجاهد". 

وارتدى رافعوا تلك الشعارات أزياء "أفغانية" وقد أطلقوا لحاهم، ما حرض فريقاً آخر في المسيرة، لم ترقه الشعارات، فهتف "جزائر حرة ديمقراطية". 

إلا أن عموم المسيرات خلت من أي لون ديني، على الرغم من تخوف مصالح الأمن في المسيرات الأولى من احتمال استغلال الوضع من جانب متشددين.

الحراك يراجع دور الزوايا 

جمع مؤسسة الزاوية والرئيس السابق بوتفليقة تحالف بدأ دينياً وأخذ طابعاً سياسياً بمرور الوقت، فدعمت الزوايا ترشح الرئيس في ولاياته الأربع، ودعمته في نية الترشح لولاية خامسة قبل إلغائها تحت ضغط الشارع. 

وكان للزوايا دور كبير في استمالة الملايين من أتباعها، ووصل تحالف الرئيس والزوايا إلى حد إعلان الأخيرة أن "التفكير في مرشح آخر لرئاسة الجمهورية غير بوتفليقة حرام". 

وترسخ نفوذ الزوايا داخل المنظمة الوطنية للزوايا، التي يقودها عبد القادر باسين، وهو شخصية مقربة من بوتفليقة وشقيقه السعيد، وكانت للزاويا مشاركات في تنظيمات وجمعيات وحتى حزبية، تدلي برأيها في ملفات كثيرة (تعديل الدستور والانتخابات الرئاسية مثلاً). 

وتحول دور الزوايا سياسياً بامتياز بعد ترشيحها بوتفليقة لولاية رابعة، ثم استقبالها وزير الطاقة السابق شكيب خليل، بعد عودته من "منفاه" في الولايات المتحدة إثر التلويح بمذكرة توقيف دولية ضده بتهمة فساد. وتنقل خليل بين مقار الزوايا في الولايات في ما شُبّه بـ"عملية تبييض لصورة الرجل". 

ووُصف نفوذ الزوايا في السنوات الماضية من حكم بوتفليقة، بالواسع وصاحب التأثير الكبير في القرار الرسمي، إلا أن الحراك الشعبي أعطى صورة مغايرة تثير الريبة والشكوك بشأن مدى احتفاظ الزاويا بنفوذها.

الفكر المتطرف 

قال الصحافي المتخصص في الزوايا دفة مبارك لـ"اندبندت عربية" إن "رئاسة الجمهورية الحالية تتعامل بحذر مع شيوخ الزوايا". وتابع "لا سيما النفقات التي كانت مخصصة لها، مثل بطاقات السفر والإقامة في الفنادق الفاخرة، إضافة إلى العلاج في الخارج، وكلها أُلغيت". 

وقال مبارك إن "هناك احتمالاً لتقلص دور الزوايا، لأن نجمها سطع في فترة بوتفليقة من دون غيره وهو الذي أعطى اهتماماً كبيراً بها". 

ونشاطات بوتفليقة الرسمية، كما يذكر مبارك، "كانت تدشين مقر للزاويا في بلدية بئر خادم في العاصمة، ليجدد حينها وقوفه إلى جانب فكر هذه المؤسسة التي ظلت حليفاً له من الأيام الأولى لحكمه عام 1999. ودعم بوتفليقة الزوايا بشكل كبير ضمن خططه لمواجهة الفكر المتطرف، ما أعاد المكانة والسلطة المعنوية لشيوخ الزوايا بعد سنوات تراجع فيها دورها، أي منذ الاستقلال، خصوصاً في فترة الرئيس هواري بومدين، وبشكل أقل في فترة الرئيس الشاذلي بن جديد.

التيار السلفي والإخوان 

قبل مدة، استقبل النائب العام المساعد في مجلس قضاء الجزائر، علي بن حاج، نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلّة، الذي تقدم بشكوى إلى مكتب النائب العام المعين حديثاً، بلقاسم زغماتي. 

وشكل الخبر، بغض النظر عن مصير الشكوى، علامة فارقة في تعامل الأجهزة الرسمية مع هذا الرجل المثير للجدل. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمنع السلطات الأمنية بن حاج منذ أشهر من تأدية صلاة الجمعة في مسجد الحي، وحجتها تنظيم نائب الجبهة الإسلامية المنحلة حلقات "عقب كل صلاة"، تعتقد السلطات أن مضمونها "تحريضي". 

وقرار المنع وقّعه أحمد أويحيى، في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2016، عندما كان مدير ديوان رئيس الجمهورية. وجاء في القرار أن رئيس الجمهورية يتلقى باستمرار معلومات عن تنقلات بن حاج خارج إقليم ولاية الجزائر ليتحدث في مساجد بمدن أخرى، إذ يغتنم فرصة تنظيم جنائز وأفراح لأشخاص كانوا في الحزب المنحل كي ينشط حلقات تحريضية. وهذا تحايل على قرار منعه من التدخل عبر المساجد. 

و"خلاف" السلطات مع بن حاج بشأن المساجد يعود إلى نحو ثماني سنوات. وفي 2009، أبلغت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف هيئة محامين بالنظر في إمكانية توجيه شكوى قضائية ضده، بسبب اعتلائه منبر مسجد في الضاحية الشرقية للعاصمة عقب صلاة الجمعة. 

وتوقع مراقبون، مع بداية الحراك في 22 فبراير (شباط) 2019، أن يكون حضور التيار السلفي مهيمناً على مسيرات الحراك الشعبي، لا سيما أنها تتزامن مع نهاية صلاة الجمعة، لكن اللون الوطني غالب. ما قدم قراءات جديدة ومغايرة لما هو مسلّم به. 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي