Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إثيوبيا... أجواء ما بعد الحرب وقبل السلام

كان رئيس الوزراء آبي أحمد قد دعا مصر والسودان إلى التعاون والتعايش المتبادل

أكد آبي أحمد "أن الطريق نحو المستقبل هو تعزيز الوحدة الوطنية القائمة على محبة الشعب" (رويترز)

ثمّة متغيرات تشهدها الساحة الإثيوبية بعد دعوة حكومة أديس أبابا إلى السلام. فإلى أي مدى تتواءم الساحة السياسية الإثيوبية مع أجواء السلام؟ وما أبعاد تحقيقه؟

خيار السلام

جاءت دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لخيار السلام في ظروف شهدت فيها البلاد تنازعاً أدى إلى حرب قادت، بدورها، إلى فتنة تمثلت في نزاعات قومية أثرت في مسيرة واستقرار الدولة، وانطلقت الدعوة، العام الماضي، ببيان لمكتب رئيس الوزراء بعد الانتصارات التي حققتها الحكومة في ميدان القتال حينما خاطب "كل من حمل السلاح للانضمام من جديد إلى المجتمع، والامتناع عن الانخراط في أنشطة مدمرة، وأن يستأنفوا حياتهم الطبيعية ويعيشوا بسلام من دون أي مسؤولية قانونية".

وأوضح البيان الذي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، أنه "تم تزويد الأجهزة الأمنية والإدارية، وإنفاذ القانون ذات الصلة، بالموارد اللازمة للترحيب بهؤلاء الأهالي والتعاون معهم".

"لجنة للحوار الوطني"

في الموازاة، تبنى مجلس الوزراء في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تشكيل "لجنة للحوار الوطني" كمؤسسة مستقلة، تشمل نخباً سياسية واجتماعية معترفاً بها، وكان وزير الدولة بمكتب الاتصال الحكومي كبدي ديسيسا، قال إن "عملية الحوار الوطني تهدف إلى ضمان التوافق الوطني بما يتماشى مع تعزيز بناء الأمة".

أرض الواقع

وفي السابع من يناير (كانون الثاني) الحالي، تجسدت دعوة آبي أحمد حقيقة على أرض الواقع حينما أكد "أن الطريق نحو المستقبل هو تعزيز الوحدة الوطنية القائمة على محبة الشعب"، وقال إن "نهاية الصراع في ثقافتنا هي المصالحة والتسامح"، وترجم هذا التوجه بإطلاق سراح سجناء معارضين، من أبرزهم مؤسس جبهة تحرير "تيغراي" سبحات نغا، المعروف بـ"أبوي سبحت"، وجوهر محمد، الناشط السياسي "الأورومي"، وقيادات أخرى من جبهة تحرير "تيغراي"، وقال مكتب الاتصال الحكومي الإثيوبي حينها إن "إثيوبيا ستقدم أي تضحيات من أجل الوحدة الوطنية الدائمة للبلاد".

خيار سياسي

وفي سياق متصل أيضاً بالأجواء الإيجابية، إعلان الحكومة الإثيوبية، الشهر الحالي، عن مقترح لإنشاء منطقة عازلة لحل قضية المتأثرين بالحرب في "تيغراي"، ومساعدة المنظمات الدولية في أداء واجباتها الإنسانية.

كانت زيارة المبعوث الأميركي الجديد إلى القرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد إثيوبيا، الأسبوع الماضي، ضمن الجهد الأميركي المتواصل لإحلال السلام في البلاد، وعلى الرغم مما أحاط المحادثات مع الحكومة من تكتّم، فإن هدف تحقيق السلام وفق ترتيبات وخطى عملية، ما قرأه المراقبون عن خلفية زيارة ساترفيلد.

إلغاء حال الطوارئ

وإلى جانب مبادرة الحكومة المتمثلة بإطلاق معارضين سياسيين، في مقدمهم عناصر جبهة "تيغراي"، وموافقتها على المنطقة العازلة بالإقليم، تبنى مجلس الوزراء الإثيوبي، الأربعاء 26 يناير، قراراً برفع حال الطوارئ قبل انتهاء مدتها القانونية (ستة أشهر)، بهدف عودة الوضع الأمني إلى طبيعته، ورفع المجلس القرار إلى مجلس النواب (البرلمان) للنظر فيه والموافقة عليه.

كما شهدت، الأيام الماضية، احتفالات أعياد الميلاد التي جهّزت لها الحكومة فعاليات خاصة حشدت فيها جموع المغتربين (DIASPORA)  من مختلف دول العالم، وبينما اعتاد كثيرون منهم حضور المناسبة في البلاد كعرف تقليدي، استقبلت الحكومة آخرين في دعوات خاصة شهدوا خلالها فعاليات وطنية، ولقاءات توحّدت فيها الهموم تجاه هدف السلام، إلى جانب الاتفاق على تنشيط دورهم السياسي في الخارج تجاه القضايا الوطنية وخدمة بلادهم.

بناء السلام

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي قد دعا مصر والسودان إلى السلام والتعاون، وقال في بيان، الخميس 20 يناير، "حان الوقت لإثيوبيا ومصر والسودان لبناء السلام والتعاون، والتعايش المتبادل والتنمية من دون إضرار بعضها ببعض"، وأضاف، "مياه النيل يمكن تطويرها بشكل معقول ومنصف لصالح جميع شعوب الدول المتشاطئة، من دون التسبب في ضرر كبير."

وجاءت زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى أديس أبابا، السبت 22 يناير، في أول زيارة رسمية لمسؤول سوداني، استجابة لدعوة الحكومة الإثيوبية في ظل التطورات الإيجابية التي شهدتها الساحة الداخلية، ومسعى لكسر جمود العلاقة بين إثيوبيا والسودان التي شهدت توتراً خلال الأشهر الماضية.

متطلبات المرحلة

وقال ياسين أحمد، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، "ما خطته الحكومة من خطوات لبلوغ السلام يعتبر إنجازاً مهماً في مسيرة إثيوبيا الحالية، ينتظر من جميع الوطنيين الإثيوبيين عملاً مشتركاً لكي يتحقق السلام واقعاً معيشاً"، مضيفاً، "إثيوبيا عانت خلال حقب ماضية عدم استقرار انعكس على حال الدولة، كما انعكس على المواطنين، والحكومة الحالية برئاسة رئيس الوزراء آبي أحمد أدركت حاجة الوطن إلى الاستقرار، وتحقيق السلام في مختلف أشكاله، للتفرغ للتنمية وتحقيق الغايات الاقتصادية والتنموية والنهوض بالدولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعما ينتظره السلام، تابع أحمد، "السلام ينتظر أن يتفاعل معه الجميع، مختلف المكونات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، وكما ينتظر من الحكومة ترتيبات تعمل لها حالياً، ويُنتظر كذلك من مختلف السياسيين والعلماء والأكاديميين وغيرهم، تجاوباً عملياً، وصادقاً في التوجه، لتتكامل جهودهم مع جهود الحكومة وتنطلق مسيرة الوطن".

السفير السوداني، مندوب السودان السابق بالأمم المتحدة الدكتور الخضر هارون قال بدوره، "السلام من أهم الأسباب لرفعة الأمم، عاشته دول غربية واقعاً بعد حروب طاحنة شهدتها مجتمعاتها خلال العصور الوسطى، وكان التحول إلى السلام بمثابة المدخل الحقيقي إلى النهضة"، مضيفاً، "والقارة الأفريقية في ظروف الحاضر أشد حاجة إلى السلام والاستقرار، والحياة الكريمة، في ظل ما يشهده المواطن الأفريقي من تهجير وضياع في متاهات البحار".

وحدة البلاد

وتابع هارون، "رئيس الوزراء الإثيوبي أبدى نيّة حسنة تجاه الخصوم بحديثه عن تجاوز مرارات الحرب، وهذا من أهم المؤشرات في تواؤم الساحة الإثيوبية مع السلام، وعليه في ما أرى، أن يتبع القول بالعمل، بالانخراط نحو سلام حقيقي يتطلب كثيراً من الجهد والتضحيات، إلى جانب توجهات سياسية جديدة على المستويين المحلي والإقليمي بخاصة مع دول الجوار، وتجاه قضايا لا تزال عالقة كقضية سد النهضة الذي يتطلب ملفه قرارات حاسمة، ليتكامل سلام الداخل مع سلام الخارج، ويتسنى له استعادة علاقاته الدولية والإقليمية".

أضاف السفير السوداني، "على المستوى الداخلي وتجاه استقرار التجربة الفيدرالية، الحكم الاتحادي الفيدرالي في ظروف إثيوبيا، ينبغي أن تُمنح خلاله الأقاليم حق إقامة مجالس تشريعية، واختيار حكوماتها من دون تدخل من الحكومة الاتحادية كما النظم في الهند وأميركا وكندا، إلى جانب كثير من التعديلات"، وختم، "ومن الأفضل أن تتمخض هذه الترتيبات الضرورية عبر حوارات جادة ومعمّقة بين النخب الإثيوبية، وتكون غايتها تمتين اللحمة، والتخلص من عبارة (شعوب إثيوبيا) ليحل محلها مصطلح (شعب إثيوبيا)، وأعتقد أن رئيس الوزراء مدرك تماماً وحدة البلاد كغاية وطنية ظل ينادي لها ويعمل من أجلها".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات