تهبط "سبايس إكس" أخيراً على سطح القمر بدءاً من العام الحالي. لكن ليس بصاروخ كامل، إذ ستتحطم الطبقة الثانية من صاروخ "فالكون 9" على سطح القمر في مارس (آذار)، وفق علماء فلك أعادوا حساب مسار المركبة التي بقيت في الفضاء بشكل عشوائي منذ إطلاقها قبل سبع سنوات.
وأُطلق الصاروخ عام 2015، وكانت مهمته أن يضع في المدار "مرصد مناخ الفضاء العميق (Deep Space Climate Observatory)"، وهو قمر اصطناعي يراقب المناخ على الأرض.
اصطدام مؤكد
وقال عالم الفلك بيل غراي، الأربعاء 26 يناير (كانون الثاني)، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الطبقة الثانية من المركبة الفضائية كانت منذ تاريخ الإطلاق تطفو في الفضاء في مدار وصفه علماء الرياضيات بـ"الفوضوي" بسبب صعوبة التكهن بوضعه.
وتمر المركبة قرب القمر منذ أوائل يناير، ما أدّى إلى تغيير مدارها، وفق ما شرح مبتكر "مشروع بلوتو"، وهو برنامج يحسب مسارات الكويكبات والأجسام الأخرى وتستخدمه برامج الرصد المموّلة من وكالة الفضاء الأميركية "ناسا".
وبعد أسبوع، تمكّن الخبير من رؤية قطعة تابعة للصاروخ وأدرك أنها ستصطدم بالجانب المظلم من القمر في الرابع من مارس، وذلك بسرعة تزيد على تسعة آلاف كيلومتر في الساعة.
ويمكن أن يتغير توقيت الاصطدام ومكانه بضع دقائق وكيلومترات، وذلك بسبب التأثير غير المتوقع لضوء الشمس الذي يدفع الصاروخ بطريقة ملحوظة.
وتشير التقديرات إلى أن طبقة الصاروخ ستُرى مجدداً في أوائل فبراير (شباط)، لكن الاصطدام مؤكد في كل الأحوال.
اصطدام غير مخطط له
وقال غراي، "أتتبّع منذ نحو 15 عاماً مخلفات فضائية من هذا النوع، وهذه المرة الأولى التي سيحصل فيها اصطدام غير مخطط له بالقمر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر عالم الفلك جوناثان ماكدويل أن حالات اصطدام مماثلة يمكن أن تكون حصلت في الماضي من دون علم الخبراء بها.
وقال، "هناك ما لا يقل عن 50 جسماً بقي في الفضاء خلال ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وتُركت من دون تتبّع".
ولم ترصد عمليات المراقبة التي تحصل حالياً هذه الأجسام كلّها. ويشير ماكدويل إلى "احتمال أن يكون بعضها اصطدم بالقمر صدفةً".
وفي مارس المقبل، لن يكون اصطدام الطبقة الصاروخية التي تزن حوالى أربعة أطنان مرصوداً من الأرض عند حدوثه.
ويُتوقع أن يتسبب هذا الاصطدام بحفرة يمكن للعلماء رؤيتها في وقت لاحق من خلال مسبار "مستكشف القمر المداري" التابع لـ"ناسا"، أو عبر مركبة "شاندريان 2" الهندية، ما سيوفّر مزيداً من المعلومات عن جيولوجيا القمر.
ضبط المخلفات الفضائية
وفي الماضي، أُطلقت مركبات للاصطدام بالقمر بهدف إنجاز مهمات علمية، من بينها بعثات "أبولو" لاختبار أجهزة قياس الزلازل. وعام 2009، أرسلت وكالة "ناسا" طبقة ثانية من صاروخ تحطم في منطقة قريبة من القطب الجنوبي للقمر بهدف دراسة وجود المياه.
ويُطلَق عدد كبير من صواريخ "سبايس إكس" لمسافات أقل، مما يسمح عادةً للطبقة الثانية بدخول الغلاف الجوي للأرض مرة أخرى، حيث تتفكك فوق المحيط. أما الطبقة الأولى، فتُستعاد وتُستخدم من جديد.
ويرى بيل غراي أن هذه الاصطدامات غير المتوقعة بالقمر من المحتمل أن تتضاعف في المستقبل، خصوصاً بسبب المخلفات التي تتركها البرامج القمرية الأميركية أو الصينية. وتعمل الولايات المتحدة على بناء محطة في المدار حول القمر.
ويشير ماكدويل إلى أن هذه الأحداث "ستصبح مشكلة عندما يكون هناك مزيد من الحركة" في الفضاء، مضيفاً "ليس من مهمات أحد حالياً تتبّع مسار المخلفات التي نتركها في الفضاء". ويؤكد "حان الوقت للبدء بضبط هذه المخلفات".
ولم تردّ "سايس إكس" بعدما حاولت وكالة الصحافة الفرنسية التواصل معها. وتعمل الشركة التي أسسها إيلون ماسك حالياً على تطوير المسبار الذي سيسمح لـ"ناسا" بإرسال أميركيين إلى القمر عام 2025 على أقرب تقدير.