Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تداعيات هجوم "داعش" على سجن الحسكة... من يعوض الأضرار؟

لطالما طالب أهالي حي غويران بنقل أكبر مراكز احتجاز المتشددين من منطقتهم

في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي عادت نور الأحمد، وهي مذيعة شابة من مدينة عامودا، الواقعة في محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، حيث تعمل في إذاعة محلية، إلى منزل عائلتها في حي غويران الواقع جنوب مدينة الحسكة لتقضي مع عائلتها عطلة نهاية الأسبوع. في ذلك اليوم الذي صادف الخميس في تمام السابعة ونصف ليلاً، دوى أول انفجار معلناً بدء هجوم تنظيم "داعش" على السجن القريب من حيهم، حينها شعرت الأحمد وأفراد عائلتها الخمسة برعب وفزع شديدين، خصوصاً أن الانفجار الأول تلاه آخر، وبدأت اشتباكات عنيفة داخل السجن وفي محيطه، تلا ذلك أصوات طيران التحالف الدولي وتحولت المنطقة إلى ساحة حرب.
خلال الساعات الأولى من الهجوم تسلل عناصر "داعش" إلى حيَي الزهور وغويران في محاولة منهم للفرار من السجن وإخراج عناصر آخرين من التنظيم الذين انضم عدد غير محدود منهم إلى العناصر المهاجِمة. وقالت الشابة الإعلامية، إنها لا تعلم وقت تسلل هؤلاء العناصر أو هويتهم، سواء إن كانوا مقيمين سابقاً في الحي كخلايا أو اقتحموا منازل المدنيين في الساعات الأولى من هجومهم على السجن ومحيطه.

أوقات عصيبة

وأمضت نور الأحمد وعائلتها أوقاتاً صعبة في أيام الاشتباكات بين "قوات سوريا الديمقراطية" والمتشددين، فآثروا البقاء في المنزل حيث بدأوا يفقدون المواد المعيشية الأساسية إضافة إلى الأدوية التي تحتاجها والدتها المسنة ووالدها المتقاعد، واللذان يقيمان في ذات المنزل منذ سبعينيات القرن الماضي، واكتسب بالتالي قيمة معنوية لدى العائلة، على حد تعبير الأحمد.
لكن آلاف العائلات اضطرت للخروج من منازلها في حيي غويران والزهور بعدما أمنت "قسد" والقوات الأمنية الكردية (الأسايش) لهم العبور عبر ممرات محددة. وجرت اشتباكات بين "قسد" وعناصر من "داعش" تسللت إلى الحيين، ما أدى إلى مقتل عدد منهم، بعضهم كان يحمل أحزمة ناسفة، بحسب المركز الإعلامي لـ"قسد" الذي اتهم عناصر التنظيم باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
وبحسب الأرقام المتداولة من مصادر حكومية وأخرى تابعة للإدارة الذاتية فإن حوالى 5 آلاف عائلة نزحت من الحيين فيما بقي عدد غير محدد من الأهالي في منازلهم وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة بجوار أحد أخطر السجون في العالم.

مساعدات إنسانية

وقالت الأمم المتحدة، إن نحو 45 ألف شخص نزحوا جراء هجوم "داعش" على السجن وتسلل مسلحوه إلى الحيين المجاورين، بينما اتهمت "الإدارة الذاتية" الكردية في بيان، مسؤولين حكوميين بمنع إيصال المساعدات الطبية، ووجهت اتهاماً إلى الصليب الأحمر الدولي "بمحاولة تسييس الدعم الإنساني واختزال المساعدات بالجهات المرتبطة بالنظام السوري، التي لا تتجاوز حدود سيطرتها الفعلية المربع الأمني داخل المدينة".
وقامت مبادرة أهلية من سكان مدينة الرقة، الأربعاء 26 يناير (كانون الثاني)، بإيصال دفعة من المساعدات الإنسانية إلى المتضررين. وقال أسعد الهادي، رئيس مجلس إدارة منظمة إنماء الفرات العاملة في الرقة، إن "منظمات إغاثية في الرقة استجابت لمناشدة مكتب شؤون المنظمات في مجلس الرقة المدني وأوصلت قافلة من المواد الأساسية إلى المدينة لتخفيف المعاناة عن السكان".

"مخطط كبير لداعش"

وأظهرت الصور حجم الدمار الكبير الذي لحق بمحيط السجن لا سيما المرافق الدراسية وتحديداً كلية الاقتصاد. وكانت نور الأحمد أعدت مع فريق إذاعتها المحلية تقريراً عن مطالبات سكان حي غويران التي تتحدر منه لنقل السجن المعروف بـ"سجن الصناعة" من الحي، لما يشكله من خطورة على أمن سكان الحي واستقرارهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن نوروز أحمد، عضو القيادة العامة لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، قالت في بيان إعلان انتهاء العمليات العسكرية في السجن المذكور، الأربعاء، إنهم أحبطوا مخططاً كبيراً لـ"داعش" كان هدفه نشر الفوضى في العديد من المناطق في شمال شرقي سوريا ومنها الرقة والهول ودير الزور، مضيفة أن "عمليات التمشيط مستمرة في باقي المناطق الأخرى حتى إنهاء خلايا داعش".
وقالت نوروز أحمد في مؤتمر صحافي، "كل السجن تحت السيطرة الآن... ويجري نقل السجناء إلى مكان آمن". وأضافت، "عملياتنا في المنطقة مستمرة وستستمر"، مشيرة إلى أن "تسعة آلاف عنصر من قوات سوريا الديمقراطية والأسايش" شاركوا في عملية استعادة السيطرة على السجن.
وختمت القيادية في "قسد" البيان الصحافي بالقول، إن هناك أعداداً كبيرة من معتقلي "داعش" في سجون قواتها، وإن "إنهاء خطرهم ليس مسؤولية قواتنا وشعوب المنطقة، بل مسؤولية المجتمع الدولي والقوى الدولية، الذين يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم".

حصيلة القتلى

وأوقعت الاشتباكات داخل السجن وفي محيطه 181 قتيلاً، وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، 124 منهم من عناصر التنظيم و50 من القوات الكردية، إضافة الى سبعة مدنيين.
وقد ترتفع الحصيلة القتلى مع دخول القوات الكردية والوحدات الطبية إلى كل أجزاء السجن بعدما انتهى الهجوم.
وذكر المرصد السوري أن القوات الكردية لجأت إلى "قطع الماء طوال يومين عن السجناء"، بهدف الضغط عليهم من أجل "الاستسلام".
ورفضت قوات سوريا الديمقراطية التحدث عن "مفاوضات" مع المتشددين، إلا أن مدير المرصد رامي عبد الرحمن قال لوكالة الصحافة الفرنسية، الأربعاء، إن قيادياً سورياً في صفوف التنظيم تولى التفاوض مع الجانب الكردي لوقف المعارك وتأمين الطبابة لعدد كبير من الجرحى في صفوف الإرهابيين.

السجون في المنطقة الكردية

ويضم "سجن الصناعة" العدد الأكبر من السجناء المنتمين إلى "داعش" في سوريا، ورأى مسؤولون أكراد وخبراء وباحثون غربيون أن العملية التي استهدفته ينبغي أن تكون بمثابة جرس إنذار.
وتضم السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألف متشدد من نحو 50 جنسية، وفق السلطات الكردية.
وقال قائد قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة اللواء جون برينن في بيان، إن هجوم سجن الصناعة في حي غويران يندرج ضمن "مشكلة عالمية تتطلب تعاون دول عدة لإيجاد حل دائم بعيد المدى".
واعتبر أن "السجون المؤقتة في كل أنحاء سوريا تشكل أرضاً خصبة لفكر تنظيم داعش الفاشل"، داعياً إلى "التحقيق بدقة في الظروف التي أتاحت حصول هذا الهجوم".
وقال مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" الكردية، عبد الكريم عمر لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "هذه القضية مشكلة دولية، وليس بإمكاننا مواجهتها وحدنا. هي أشبه بكرة نار تكبر وتزداد خطورة".
وطالب المجتمع الدولي بـ"دعم الإدارة الذاتية لتحسين الظروف الأمنية والإنسانية للمحتجزين في مراكز الاعتقال والموجودين في المخيمات المكتظة"، في حال كانت عاجزة عن استعادة رعاياها.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم، تطالب "الإدارة الذاتية" الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجَزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية أو مستقلة لمحاكمة المتشددين في سوريا. لكن مناشداتها لا تلقى آذاناً مصغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.

المزيد من العالم العربي