Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غصة فلسطينية كبيرة في استقبال عيد الفطر

السلطة امتعضت من إسرائيل وقررت عدم استلام أموال المقاصة كاملة

قبيل أيام من عيد الفطر، تكتظ الأسواق الفلسطينية في الضفة الغربية بالمواطنين لتحيط بهم الزينة والحلويات والملابس والألعاب ورائحة كعك العيد من كل جانب، والشوارع الرئيسة أغلقت أمام حركة المركبات، لمنح المتسوقين حرية الحركة، وعلى الرغم من الظروف السياسية والمعيشية الصعبة التي تحيط بهم، إلا أن ذلك لم يمنع الفلسطينيين في الضفة الغربية من استراق فرحة العيد وإن كانت جيوب معظمهم فارغة.

الفسيخ

يعد طبق السمك المملح "الفسيخ" من أهم الأكلات الشعبية الفلسطينية في صبيحة يوم عيد الفطر، وخصوصاً في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، التي تُزيّن موائدها الصباحية بطبق الفسيخ المصاحب لطبق الطماطم المقطعة والمقلية مع الفلفل والبصل، فهم يرون في هذا الطبق الشعبي والمتوارث من الآباء والأجداد، فوائد كثيرة من حيث زيادة شرب السوائل وتعويض ما نقص منها في شهر رمضان.

فاتن عبد الحق (33) عاماً من مدينة نابلس تقول لـ "اندبندنت عربية" "منذ كنت طفلة وأنا استفيق صباح يوم العيد على طبق الفسيخ الذي كانت تعده امي باكراً، وبعد أن تزوجت نقلت هذه العادة الى عائلتي، فأولادي اليوم يعشقون سمك الفسيخ، ويحذرونني سلفاً بالمخاصمة إذا ما تناسيت طبق الفسيخ صباح عيد الفطر."

القائمون على مسمكة العقاد في المدينة يقولون "الطلب يزداد كثيراً في آخر خمسة أيام من رمضان على سمك الفسيخ، ونحن نتحضر في كل عيد بما يقارب من ثلاثة إلى أربعة أطنان من الفسيخ بأنواع متعددة وأحجام مختلفة اذ يتراوح سعر الكيلوغرام بين ثلاثة وعشرة دولارات."

معمول وكعك

مع بدء العد التنازلي لشهر رمضان، تسارع النساء الفلسطينيات لإنهاء آخر المهمات الرمضانية التي تتركز بإعداد المعمول أو كعك العيد، لتجد أن الأم وبناتها والأخوات والجارات اجتمعن على تقسيم المهام. فهناك العجن، والتقطيع، والنقش والطَّرق، أما مهمة الخَبز فهي توكل عند غالبية الأسر الفلسطينية الى الأب او ربِ الأسرة، الذي يُعتقد شعبياً أنه خبير في الشواء.

تبتسم المواطنة سحر البرق أثناء انهماكها بإعداد المعمول وتقول "المعمول هو روح العيد، ومع أن تصنيعه متعب، إلا أن العيد لا يحلو من دونه، وهو عبارة عن كعك محلّى، يحضّر بعجين من السميد والطحين والسمن، ويجري حشوه بالتمر، أو المكسرات مثل الجوز والفستق الحلبي، واللوز."

العيدية

لم تستطع ثورة التطور التكنولوجي والعلمي والتحضر والرقي في كثير من المناطق، أن تؤثر ولو قليلاً على عادة "العيدية" التي يتوارثها الفلسطينيون منذ مئات السنين، فهي تضفي جمالاً وسعادة لا توصف في الأعياد وخصوصاً لدى الأطفال، وعرفت العيدية بأنها مبلغ مالي يحصل عليه الأطفال والنساء في الأعياد من الرجال والأقارب والأحبة والأصدقاء، ويقول مصعب عبد الحق (11) عاماً  "يوم العيد أستيقظ باكراً، أرتدي ملابسي الجديدة وأنطلق في جولة باتجاه منزل جدتي وأقاربي لأحصل على العيدية، وطوال النهار أنافس أبناء أعمامي بجمع مبلغ أكبر، وأتباهى جداً إن كنت الأغنى منهم في يوم العيد، وكل ما أفكر فيه ما الذي سأشتريه بالعيدية؟ لتوفر أمي عليّ العناء كما في كل عيد، وتأخد العيدية مني بحجة "أنا بحوشلك ياهم (أوفرهم)."

عبء مادي

في الوقت الذي يفرح فيه الأطفال بالعيدية، هناك عدد من الرجال يعتبرون "العيدية" عبئاً مادياً وشراً لابد منه، فهم لا يستطيعون الغاءها خوفاً من الحرج، وباتت من العادات والتقاليد التي يصعب تغييرها، يقول أحمد منصور 66 عاماً "أصرف في العيد حوالى 800 دولار، فهناك ما لا يقل عن 20 امرأة من عائلتي وجب علي تكريمهن بالعيدية، وعلى الرغم من أن الظروف المادية صعبة للغاية والدخل الشهري لا يكاد يكفي عائلتي، إلا أن العيدية تبقى أساساً لأي رجل في العيد سواء كان مقتدراً مادياً أم لا، وشعوراً محرجاً للغاية أن تدخل مع مجموعة رجال من الأقارب وأنت لا تحمل عيدية لابنتهم، إضافة لذلك، فهي نوع من صلة الرحم ويجب المحافظة عليها."

سعف النخيل

يتحضر أهالي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وكما جرت العادة في عيدي الفطر والأضحى لشراء سعف النخيل، ويتميز أهالي المدينة عن سواهم من المدن والقرى الفلسطينية بتعليق سعف من النخيل على قبور موتاهم، ويعتبرها البعض من السنن الحميدة التي قام بها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، بينما يراها آخرون بدعة، يجب أن تختفي من قاموس العادات والتقاليد، ومع الانشغال باستعدادات العيد المرافق لظروفٍ اقتصادية سيئة، بدأت هذه العادة بالتلاشي شيئاً فشيئاً في السنوات الأخيرة.

بأي حال عدت يا عيد!

تَحل آخر أيام شهر رمضان على الضفة الغربية، ولسان حال كل مواطنيها يقول "بأي حال عدت يا عيد"، فمع ظروف اقتصادية وسياسية ومعيشية مضنية، نُغِصت فرحة الفلسطينيين بالعيد، خصوصاً في ظل استمرار أزمة الرواتب الحكومية، ما انعكس على حياة المواطنين بشكل ملموس، فالسلطة الفلسطينية وجراء الأزمة المالية التي تعاني منها منذ أربعة أشهر، والناجمة عن اقتطاع إسرائيل لأموال المقاصة (عائدات الضرائب) لم تَدفع لموظفيها خلال الشهر الحالي سوى 60 في المئة من قيمة الراتب كما في بداية شهر رمضان.

أصوات فلسطينية رسمية وشعبية كانت خرجت منذ بداية الأزمة، لمطالبة السلطة بتبني إستراتيجية وطنية لمواجهة القرصنة الإسرائيلية للأموال الفلسطينية، تتضمن خطة لمجابهة السياسات الإسرائيلية والأميركية الساعية لتصفية القضية الفلسطينية.

مواجهة القرار الإسرائيلي

المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري قال لـ "اندبندنت عربية" "مواجهة القرار الإسرائيلي يجب ألا تقتصر على رفض السلطة استلام أموال الضرائب كافة وحسب، بل يجب أن تشمل وقف التنسيق الأمني، وهذا يتطلب توفير عملية خروج من طوق التحكم الإسرائيلي بموجب اتفاق أوسلو، والخيارات المتاحة على المدى القصير أمام السلطة للتعامل مع الأزمة تتمثل بتنفيذ تدابير التقشف والاقتراض من البنوك، وإيقاف التوظيف والترقيات والعلاوات والتعامل مع الرواتب قدر الإمكان بحكمة وبإنصاف، وتأجيل المشاريع غير الضرورية وتفعيل شبكة الأمان العربية."

يذكر أن السلطة الفلسطينية وبعد قرار اقتطاع أموال المقاصة بسبب دفعها رواتب الشهداء والأسرى، امتعضت من إسرائيل، وقررت عدم استلام الأموال كاملةً، ما خلق أزمة مالية حادة في خزينة السلطة، ويضاف كل ذلك العجز، إلى الدعم الأميركي المتوقف عن السلطة الفلسطينية منذ عام تقريباً.

المزيد من تحقيقات ومطولات