Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينهي توحيد المصرف المركزي أزمات الاقتصاد الليبي؟

يتوقع محللون أن تستمر آثار الانقسام الطويل للمؤسسات المالية لعدة سنوات في البلاد

مقر البنك المركزي الليبي في طرابلس  (أ ف ب)

بعد انتظار طويل دام أكثر من سبع سنوات كاملة، وضع محافظ مصرف ليبيا المركزي "الصديق الكبير"، ونائبه علي الحبري، حداً لخلافاتهما المزمنة، وأعلنا البدء فعلياً في تنفيذ خطة من عدة مراحل لتوحيد المؤسسات المالية، ما عزز المؤشرات والآمال في أن يشهد العام الجديد انتعاشة اقتصادية بالبلاد، مدعومة بقفزة أسعار النفط خلال الأشهر الماضية.

وكان هذا الإعلان المنتظر تأخر لعدة أشهر بسبب الخلافات بين الكبير والحبري على بعض التفاصيل لتوحيد المصرفين المركزيين في طرابلس وبنغازي تحت إدارة واحدة، مما استلزم الاستعانة بشركة محاسبة دولية لمراجعة حسابات المصرفين وتنظيم الإجراءات الخاصة بإعادة دمجهما.

أربع مراحل

وجاء إعلان مصرف ليبيا المركزي الانطلاق الفعلي لعملية إعادة توحيد إدارته، بعد لقاء بين محافظ المصرف الصديق الكبير ونائبه علي الحبري "تتويجاً للجهود التي بذلت لإنجاز المهمة خلال الأشهر الماضية".

وعلى هامش اللقاء، تم توقيع عقد لتقديم خدمات استشارية مع شركة دولية للخدمات المهنية الرائدة، لدعم تنفيذ خريطة إعادة التوحيد المتفق عليها، بحسب بيان للمصرف، الذي أعلن أنها "ستتضمن خريطة إعادة التوحيد أربع مراحل، سينتج عنها نموذج تشغيلي متطور يحاكي أفضل الممارسات العالمية".

وكانت أزمة انقسام المصرف المركزي الليبي بدأت في الانفراج بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بتوقيع اتفاق بين الكبير والحبري، نص على "إطلاق عملية توحيد المصرف المركزي بشكل فعلي، والتوافق على مسارات العمل والفرق الفنية المعنية بتنفيذ عملية التوحيد، والتعهد بمواصلة التقدم لتحقيق الأهداف المرجوة من توحيد المصرف".

وقبل هذا الاتفاق بأشهر قليلة، كانت شركة دولية متخصصة أعلنت إنجاز عملية المراجعة المالية الدولية لحسابات المصرف المركزي، وكشفت تفاصيلها في يوليو (تموز) 2021.

انقسام قهري

وفي تصريح له بعد إعلان الاتفاق المبدئي على توحيد المصرف المركزي، كان محافظ المصرف الصديق الكبير أوضح أسباب هذا الانقسام وتداعياته، وتفاصيل خطة الإدارة الموحدة لمعالجة التشوهات التي تسبب بها للمؤسسات المالية والاقتصاد الليبي، قائلاً إن "حالة انقسام المصرف المركزي منذ عام 2014 لم تتم بإرادتنا، بل أملته علينا ظروف سياسية، تمثلت في انقسام السلطتين التشريعية والتنفيذية، والانفلات الأمني والحروب المتكررة".
وكشف الكبير عن الخطوات الكثيرة التي سبقت الإعلان الرسمي عن اتفاق توحيد المصرف وأسباب تأخره، "بدأنا بعملية المراجعة لحسابات المصرفين، وتم تكليف فريق عمل متخصص وتوفير جميع البيانات والمعلومات عبر مكتب النائب العام، تعزيزاً لمبادئ المسؤولية والشفافية والمحاسبة".

وأشار إلى "أن أهم خطوة بعد توحيد المركزي هي معالجة الآثار السلبية الناجمة عن انقسامه الطويل مثل أزمة المقاصة وتداعياتها على سلامة الأوضاع المالية للمصارف، التي أدت إلى إرباك الدور الرقابي المناط بمصرف ليبيا المركزي، إلى جانب تحديات سابقة يعانيها الاقتصاد الليبي والقطاع المصرفي منذ عقود، أهمها ضعف جودة وكفاءة الإنفاق العام، والخلل الهيكلي في الاقتصاد الليبي واعتماده على مصدر وحيد للدخل هو النفط، وما تعرض له من إقفال متكرر للحقول وموانئ التصدير".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وأوضح "أن حزمة الأهداف التي تم تحديدها على هامش اتفاق توحيد الإدارة المصرفية تهدف إلى إقرار سياسة نقدية فاعلة واتخاذ إجراءات داعمة لسياسة سعر الصرف التي انتهجها مجلس إدارة المصرف المركزي بداية من يناير (كانون الأول) عام 2021، وبذل العناية الواجبة لتعزيز جهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب". وأضاف "سنعمل على أن يكون للقطاع المصرفي دور محوري في تفعيل دور القطاع الخاص لتحريك عجلة الاقتصاد، وتنويع مصادر الدخل وإطلاق مشروعات التنمية المكانية والمستدامة، وخلق فرص العمل وفقاً لرؤية حكومة الوحدة الوطنية".

تعزيز قيمة الدينار

من جانبه، دعا عضو لجنة سعر الصرف في المصرف المركزي الليبي، مصباح العكاري، إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز قيمة الدينار الليبي وتعديل سعر صرفه الرسمي مقابل الدولار الأميركي، بعد الاتفاق على توحيد المصرف وانتعاش أسعار النفط، قائلاً إن "وصول سعر برميل الخام إلى 88 دولاراً، مع احتمال زيادة القدرة الإنتاجية للحقول النفطية بعد عودة بعض الحقول التي كانت مقفلة منذ فترة، هذه الأخبار لا تتماشى مع سعر الصرف الحالي (4,5 دينار للدولار الواحد)". وأكد أن "كل الظروف حالياً مهيأة لتحقيق انتعاشة اقتصادية في البلاد، بشرط استكمال توحيد المؤسسات المالية بما يضمن تناغم السياسات الثلاثة، النقدية والتجارية والمالية".

وأشادت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، بالخطوات التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي للبدء في عملية توحيده بشكل رسمي.

وقالت ستيفاني، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "أخبار سارة عن الخطوات التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي لإعادة توحيده، وتستند هذه المبادرة إلى توصيات المراجعة المالية المستقلة للمصرف المركزي، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا". وشددت على "ضرورة أن يمضي مصرف ليبيا المركزي قدماً في تنفيذ خريطة طريق إعادة توحيد إدارته، التي تطبق وتراعي المعايير والممارسات الدولية، من أجل تعزيز الاستقرار المالي والسياسي، الذي تحتاج إليه البلاد".

حصيلة كارثية لسنوات الانقسام

وكانت بداية الانقسام للمصرف الليبي المركزي حدثت في عام 2014، عقب انقسام البلاد بين حكومتين وبرلمانين، في الغرب والشرق، تبع ذلك انقسام داخل إدارة المصرف المركزي، حيث انتقلت مجموعة من أعضاء مجلس الإدارة وكونت مصرفاً موازياً في مدينة البيضاء شرق البلاد، قبل الانتقال إلى بنغازي أخيراً.

ويرى محللون "أن معالجة الأضرار التي تسبب بها انقسام المؤسسة المالية المركزية في ليبيا لن يكون هيناً، وقد يحتاج إلى سنوات مع الالتزام بخطة واضحة ومدروسة بدقة لإعادة التوازن والاستقرار للنظام المالي الليبي".

وعقب هذا الانقسام، تعرضت المصارف التجارية، خصوصاً في المنطقة الشرقية، إلى ضغوط وخسائر مالية كبيرة، بسبب إعلان تبعيتها إلى المركزي الموازي وانقطاع تواصلها مع المركزي بطرابلس، الذي رفض عملية انفصال إدارات تلك المصارف، وأغلق المنظومة الرئيسة التي تربط المصرف في طرابلس بفرعه في بنغازي.

وأوضح أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية علي الفايدي، تبعات انقسام المصرف المركزي على استقرار النظام المصرفي في ليبيا، قائلاً إن "الصراع بين المصرفين المركزيين انعكس على الخدمات التي تقدمها المصارف، مع إغلاق المنظومة المصرفية بين الشرق والغرب، وتوقف الكثير من المعاملات أبرزها المقاصة الإلكترونية".

وتابع، "أصبحت الخدمات التي تقدمها المصارف التجارية المرتكزة على بيع النقد الأجنبي للمواطنين وأصحاب الشركات وما عرف ببطاقات أرباب الأسر، التي صرفت للمواطنين، إضافة إلى الحوالات المالية، المصدر الرئيس لأرباح المصارف خلال سنوات الانقسام، لكنها كانت خدمات مؤقتة مرهونة بالوضع الاقتصادي غير المستقر، وليست دائمة".

اقرأ المزيد