Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا على بعد شهرين من أزمة معيشية قاسية

ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة الفائدة وضرائب إضافية تهدد ملايين الأسر الفقيرة

يواجه البريطانيون أزمة متوقعة خلال الشهرين المقبلين بسبب ارتفاع أسعار الغاز وتكاليف المعيشة (أ ف ب)

مع ارتفاع معدلات التضخم في الدول المتقدمة، وغيرها، تتبع الحكومة البريطانية استراتيجية رائدة في إصلاح المالية العامة عبر زيادة الضرائب وتشديد السياسة النقدية "رفع نسبة الفائدة" أسرع من غيرها في أوروبا وأميركا الشمالية. وتوقّع تقرير لوكالة "بلومبيرغ" أن يواجه البريطانيون كارثة في ارتفاع تكاليف المعيشة بعد شهرين، عندما تزيد تكلفة فواتير استهلاك الكهرباء والغاز في البلاد. ورجّحت مؤسسة "ريزوليوشن فاونديشن" أن يتضاعف عدد الأسر التي لا تستطيع تحمّل تكلفة الفواتير ثلاث مرات بحلول شهر أبريل (نيسان) المقبل، إذ من المنتظر أن تقرر هيئة تنظيم سوق الطاقة في بريطانيا "أوفجيم" رفع سقف فواتير الاستهلاك المنزلي مجدداً بعد شهرين. وكانت "أوفجيم" رفعت ذلك السقف في أغسطس (آب) العام الماضي وبدأ تنفيذه في أول أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك لحماية ما تبقى من شركات توزيع الطاقة للمنازل من الإفلاس بسبب خسائرها الناجمة عن فارق أسعار الطاقة بالجملة وأسعار التجزئة للمستهلكين.وسيصل سقف فاتورة البيت مع رفع السقف مجدداً بعد شهرين إلى نحو 2730 دولاراً (2000 جنيه استرليني). وقدّرت المؤسسة أن رفع سقف الفواتير بنسبة 50 في المئة، كما هو متوقع، سيزيد نسبة من لا يستطيعون تحمّل تكلفة فواتير الطاقة لاستهلاكهم المنزلي إلى 27 في المئة من السكان، مقابل 9 في المئة حالياً. وتُحسب عدم قدرة الأسرة على تحمّل تكاليف الفواتير على أساس من ينفقون أكثر من 10 في المئة من دخلهم على فاتورة الطاقة. بالتالي لن يتأثر فقط الفقراء في بريطانيا، بل أيضاً منخفضو ومتوسطو الدخل من الأسر البريطانية.وتوقعت شركة "كورنوول إنسايت" أن يرتفع سقف فاتورة الطاقة للأسرة البريطانية بحلول الخريف إلى أكثر من 3035 دولاراً (2225 جنيهاً استرلينياً)، ربما بحلول شهر أكتوبر المقبل، وتلك زيادة بنسبة 77 في المئة عن مستوى تكلفة الفواتير حالياً.

التضخم والفائدة

يضاف الارتفاع المنتظر في تكاليف استهلاك الوقود في المنازل، وهي تكلفة مرتفعة حالياً بالفعل، إلى زيادة أسعار السلع الأساسية للبريطانيين. فقد أعلن مكتب الإحصاء الوطني الأربعاء أن معدل التضخم في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصل إلى نسبة 5.4 في المئة، أي أعلى مستوى له منذ 30 عاماً. وجاء الارتفاع في معدل التضخم أعلى من توقعات الاقتصاديين ومقابل ارتفاعه إلى أعلى معدل في عشرة أعوام في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عند نسبة 5.1 في المئة. وكان معدل التضخم الأساسي، الذي تُستثنى منه أسعار الطاقة والغذاء، ارتفع الشهر قبل الماضي إلى نسبة 4 في المئة ليصل إلى أعلى معدل له في 30 عاماً. كما جاءت أرقام التضخم الأربعاء بعد يوم واحد من أرقام رسمية أظهرت أن الزيادة في الأجور ضاع تأثيرها تماماً بسبب الزيادة الهائلة في تكلفة المعيشة في بريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوقع الاقتصاديون أن يصل معدل التضخم إلى أعلى مستوى له في شهر أبريل، عندما ترفع الهيئة المنظمة لسوق الطاقة في بريطانيا (أوفجيم) سقف تكلفة فواتير استهلاك الطاقة في المنازل مجدداً. وكانت الهيئة رفعت ذلك السقف في أغسطس الماضي وبدأ تطبيقه في أول أكتوبر 2021، إذ زادت تكلفة فواتير الطاقة لملايين الأسر في بريطانيا. ويمكن أن يصل معدل التضخم إلى نسبة 7 في المئة بعد شهرين. وإذا حدث ذلك، يصبح معدل التضخم في الاقتصاد البريطاني أعلى من ثلاثة أضعاف معدل التضخم المستهدف من قبل البنك المركزي عند نسبة 2 في المئة.

وبحسب تقرير "بلومبيرغ"، فإن سرعة رفع نسبة الفائدة في بريطانيا سيزيد العبء على الأسر البريطانية التي تدفع أقساط الرهن العقاري، إذ ستزيد الفائدة وترفع الأقساط الشهرية، إضافة إلى ارتفاع قيمة إيجارات السكن التي صعدت بالفعل بنسبة 1.8 في المئة العام الماضي. وبالنسبة إلى أسرة لديها قرض رهن عقاري بقيمة نحو 200 ألف دولار (150 ألف جنيه استرليني)، فإن رفع بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) سعر الفائدة بربع نقطة مئوية إضافية إلى 0.5 في المئة سيزيد مدفوعات أقساطها بأكثر من 800 دولار (600 جنيه استرليني) في السنة.

زيادة الضرائب

كان بنك إنجلترا سبق البنوك المركزية في الدول الرئيسة برفع سعر الفائدة الشهر الماضي من 0.1 في المئة إلى 0.25 في المئة. لذا اعتبرت بريطانيا سباقة في ضبط وضعها المالي والنقدي عن الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" و"المركزي الأوروبي".ومما يجعل كارثة تكاليف المعيشة احتمالاً أكبر وأكثر قسوة أن ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة الفائدة تأتي في وقت ستبدأ الحكومة المالية ضبط ماليتها العامة بزيادة الضرائب. ويتزامن رفع سقف تكلفة فواتير الطاقة مع بدء تحصيل الخزانة البريطانية أكثر من 19 مليار دولار (14 مليار جنيه استرليني) هذا العام بزيادة مساهمات العاملين والشركات في التأمينات الاجتماعية. كما ستنفذ الحكومة قرارها بتجميد سقف الشرائح الضريبية للضريبة على الدخل، بحيث يوفر عدم رفع السقف مليارات أخرى للخزانة. وتنوي الحكومة أيضاً جمع أكثر من 16 مليار دولار (12 مليار جنيه استرليني) أخرى عندما تبدأ رفع الضريبة على الشركات العام المقبل 2023.