Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاعتداءات ضد السياح في المغرب تثير مخاوف من تبعات الإضرار بقطاع حيوي

تشهد البلاد منذ أعوام تنامي ظاهرة استقرار مواطنين أوروبيين متقاعدين فيه

أثار اعتداء مواطن مغربي على سائحتين خلال، الأسبوع الجاري، مخاوف جهات من المجتمع المدني من احتمال تأثير تلك الاعتداءات على القطاع السياحي في البلاد، حيث قام الجاني بطعن سائحة فرنسية بمدينة تيزنيت توفيت جراء ذلك، كما هاجم سائحة بلجيكية بمدينة أغادير وأصابها بجرح تطلب إخضاعها لعملية جراحية.

تفاصيل القضية

وأوقفت السلطات الأمنية المغربية، السبت الماضي، متهماً (31 سنة) بقتل سائحة فرنسية (79 سنة) خلال بداية الأسبوع، وذلك بعدما رصدت إحدى كاميرات المراقبة قيامه بالاعتداء عليها بآلة حادة في إحدى أسواق مدينة تزنيت الواقعة جنوب البلاد، إضافة إلى مهاجمته زبائن أحد مقاهي الشريط الساحلي بمدينة أغادير، وتسببه بجرح سائحة بلجيكية في حالة مستقرة الآن بعد نقلها إلى المستشفى. وأوضح صاحب المقهى حيث وقع الاعتداء في أغادير، أن الجاني هاجم مجموعة من السياح الذين كانوا في محله مستخدماً "ساطوراً"، فأصاب السائحة البلجيكية بجرح تطلب تدخلاً جراحياً بالمستشفى.
وذُكر أن الجاني يعاني من خلل عقلي كان يعالَج منه بجناح الأمراض النفسية والعقلية بمستشفى مدينة تزنيت.
ونظراً إلى وجود شبهة ارتكاب عمل إرهابي، أسندت النيابة العامة المغربية، التي تلاحق الجاني بتهمة القتل العمد والشروع بالقتل العمد، مهمة التحقيق معه للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، فيما قرر قاضي التحقيق، مساء الأربعاء 19 يناير (كانون الثاني) الحالي، إيداع المشتبه فيه مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية بمدينة سلا قصد إجراء فحوص طبية لقواه العقلية.
ودفعت تلك الهجمات وزارة الخارجية الفرنسية إلى دعوة مواطنيها إلى "توخي الحذر في الأماكن العامة وأثناء التنقل في المغرب، في أعقاب الاعتداء الذي أدى إلى وفاة سائحة فرنسية بمدينة تيزنيت".

ويعود آخر اعتداء على أجانب في المغرب إلى عام 2018، حين قامت خلية تابعة لتنظيم "داعش" بقطع رأسي سائحتَين إسكندنافيتَين في إحدى المناطق النائية بجبال الأطلس.

ضرورة الأمن السياحي

وطالبت هيئات مدنية بضرورة تعزيز الأمن السياحي لتجنب عمليات الاعتداء على الأجانب، محذرين من تبعات مثل تلك الهجمات على القطاع السياحي، حيث استغربت "الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان" من وقوع حادث طعن بمدينة تزنيت، معتبرةً أنه الأول من نوعه في تاريخ تلك المدينة المعروفة بهدوئها، والتي تُعتبر من الوجهات المفضلة للسياح، ومحذرة من كون مثل تلك الاعتداءات من شأنها "تهديد القطاع السياحي بالكامل، في ظل منافسة إقليمية ودولية شرسة، حيث يعتبر قطاعاً مُشغّلاً بامتياز للأيدي العاملة، ومحركاً لقطاعات أخرى عدة، ما يستدعي تكثيف جهود السلطات والمجتمع المدني لضمان تحقيق الأمن الشامل بشكل عام والأمن السياحي على وجه الخصوص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ليست ظاهرة

يُجمع المراقبون على أن الاعتداءات ضد السياح تبقى محدودة في المغرب، وأنها يمكن أن تقع في أي بلد، ولا يمكن وصفها بالظاهرة. وأوضح الخبير في المجال الأمني محمد أكظيظ، أنه "لا يمكن وصف الاعتداء على السائحتين بالظاهرة، لأن المغرب يشكل أرضاً للتسامح الديني ومقاماً للعيش المشترك بدليل وجود مواطنين يهود مغاربة مقيمين وسياحاً"، مشيراً إلى أن "المملكة تعتمد منذ أعوام إصلاحات كبرى في مجالات مختلفة منها المجال الديني، ناهيك عن أن المغرب أرض تقاطع الحضارات والثقافات، انخرط في محاربة الإرهاب بقوة مؤسساته الاستخباراتية وما تتوفر عليه من كفاءات".
ورأى الخبير الأمني أن "الحادثتين اللتين شهدتهما مدينتا تزنيت وأغادير، عرضيتان ومعزولتان، وليس من شأنهما التأثير على سمعة المغرب باعتباره وجهة سياحية واستثمارية عالمية، وذلك نظراً إلى المناخ والبنية الأساسية التي تتمتع بها البلاد في مجال السياحة، من وحدات فندقية وطبيعة كرم المغاربة وانفتاحهم على جميع الجنسيات والديانات"، مذكراً بحدوث اعتداءات فردية بالسلاح الأبيض في بعض الدول الأوروبية، الأمر الذي لم يؤثر لا على الاقتصاد ولا السياحة في تلك الدول. أما بخصوص شبهات الإرهاب التي تحوم حول تلك القضية، شدد أكظيظ على "ضرورة انتظار نهاية البحث التي تجريه مصالح الأمن حتى تتضح الصورة بخصوص المتهم الذي يمكن أن يكون مصاباً بمرض عقلي أو لديه تراكمات نفسية".

من جانبه، لفت الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية، عصام لعروسي، أن "حوادث الاعتداء على الأجانب أو حوادث العنف بشكل عام لا يخلو منها أي مجتمع"، مؤكداً أن "وقوع تلك الحوادث في المجتمع المغربي أمر نادر الحدوث ولا يمكن القياس عليه، باعتبار أن ذلك المجتمع به منسوب جد مرتفع من التسامح بدليل استقباله أعداداً هائلة من السياح". وأوضح أن "المغرب يُعتبر، حسب العديد من المؤشرات العالمية، بلداً آمناً بكل المقاييس". وقال لعروسي، إن "الجريمة موجودة في كل المجتمعات، والمغرب لا يشكل استثناءً عن القاعدة، وبعض الحوادث لو تكررت، قد تسهم بشكل أو بآخر في الإضرار بسمعة البلد من الناحيتين الأمنية والسياحية"، مضيفاً أن" آخر تلك الحوادث ضد سياح كانت قد وقعت، لكن بدوافع إيديولوجية، في عام 2018 بحق سائحتين، إحداهما دانماركية وأخرى نرويجية بالقرب من ضريح شمهروش، والتي عُرفت إعلامياً بجريمة شمهروش، ولم يشهد المغرب منذ ذلك الحين وقوع أي اعتداءات من هذا القبيل".

وجهة للاستقرار بعد التقاعد

ويشهد المغرب منذ أعوام تنامي ظاهرة استقرار مواطنين أوروبيين متقاعدين فيه، وبحسب استطلاع للرأي أجراه موقع "تقاعد بلا حدود" الفرنسي، صُنف المغرب رابع أحسن وجهة يختارها المتقاعدون الفرنسيون للاستقرار، بعد اليونان والبرتغال وتونس. ويعتمد الاستطلاع على معايير تضم تكاليف المعيشة وثمن السكن، إضافة إلى جودة الخدمات الصحية والطقس والبنى التحتية والموروث الثقافي.

وبحسب إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية، يقيم أكثر من30 ألف متقاعد فرنسي في المغرب، خصوصاً في مدن مراكش وأغادير وورزازات وطنجة.              

المزيد من العالم العربي