Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليمين المتطرف البريطاني يحصل على التمويل من متبرعين أميركيين وأنصار له حول العالم

دراسة تُحذّر أن السلطات "تتغاضى عن" شبكات تمويل اليمين المتطرف بسبب انهماكها بالتركيز على إرهاب المتطرفين الإسلامويين

صورة أرشيفية لمسيرة لليمين المتطرف في وسط لندن 4 يوليو 2015 (أ.ف.ب)  

حذّرت دراسة جديدة من أن غُلاة اليمين المتطرف البريطاني يعكفون على بناء شبكات تمويل عالمية تسمح لهم بنشر الكراهية مستغلين "تغاضي" السلطات عنهم. 

وفي هذا الصدد، وجد محللو "المعهد الملكي للخدمات الموحدة " (RUSI)، وهو مركز بحثي معني بشؤون الدفاع والأمن، أنه على الرغم من ازدياد عدد الاعتداءات المنسوبة إلى اليمين المتطرف، فإن الجهود الرامية لعرقلة تمويل الإرهاب في المملكة المتحدة ما زالت مشغولة عن هؤلاء المتشددين بالمجموعات الإسلاموية المتطرفة التي تحظى بجل اهتمامها.

وجاء في تقرير أخير أن عدم بذل جهود كافية للعثور على مصادر التبرعات المالية التي تجد طريقها إلى مجموعات اليمين المتطرف ولوضع حدٍ لهذه التبرعات، سمح للمتشددين الناشطين من أفراد وجماعات ببناء منابر كبيرة لهم في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا. وساق التقرير أمثلة على الفاعلين البريطانيين ممن يستفيدون من " الارتباط الدولي" فأورد أسماء منها تومي روبنسون، وأنصار حركة "هوية الجيل" من القومويين الأوروبيين البيض، ومجموعة "العمل الوطني" الإرهابية النازية الجديدة.

من جانبه، قال توم كيتنج، مؤلف الدراسة، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "اندبندنت" إننا "قد نطلق على هذا النوع من النشاط اسم التطرف المحلي، لكن من الواضح أن له ارتباطات دولية، وهذا ما يستوجب أن تدرك البنوك وغيرها أن الاهتمام فقط بتقصي تمويل الحركات الإسلاموية المتطرفة لا يكفي في حدّ ذاته". وأضاف مُبيّناً "كما نرى، هناك تزايد في التهديدات الصادرة عن اليمين المتطرف، والسؤال هو هل نحن نفكر أيضا بالعثور على مصادر تمويل هؤلاء من جماعات وأفراد؟".

وفي هذا السياق، سلّط الاعتداء الإرهابي الذي وقع مؤخرا في نيوزيلندا، الضوء على الروابط الدولية المتنامية لليمنيين المتشددين، حين اتضح أن الأسترالي المتهم بارتكاب المجزرة التي أوقعت عدداً من المسلمين، قد استلهم عمله الإجرامي من مجموعة "هوية الجيل" الأوروبية، كما تبرع بالمال لفرع هذه المجموعة في النمسا.

وأكد كيتنج، وهو مدير مركز دراسات الجريمة المالية والأمن في "المعهد الملكي للخدمات الموحدة "، أن المبالغ التي تمّ جمعها سمحت لمجموعات هامشية بتوسيع مداها إلى الحدّ الذي أصبحت فيه قادرة على الفتك بمن تستهدفهم.

فعلى سبيل المثال، استوحى الشخص الذي هاجم مسجدا في منطقة فينزبري بارك بلندن، فعله من منشورات لليمين المتطرف على شبكة الانترنت، وكان في ذلك مثل الرجل الذي خطط لتفجير مسجد في لندن، وأيضاً الآخر الذي قاد سيارة "فان" صوب مطعم هندي لأنه أراد أن "يقتل مسلماً".

وقال كيتنج في تعليقه على جرائم من هذا النوع "أنتَ لا تحتاج إلى كثير من المال لارتكاب اعتداءات كهذه، لكن المال يجعل نشر الكراهية أكثر سهولة وبالتالي يزيد من التهديدات الإرهابية". وأضاف أن “التمويل يجعل من الممكن تنظيم العمل بشكل أفضل. فالأفراد يتحولون من كونهم فقط أصحاب وجهات نظر متطرفة إلى أشخاص قادرين على التنظيم وكسب شعبية ما". ولذلك، يرى مؤلف هذه الدراسة الأساسي أنه "كلما تم الترويج على نطاق أوسع لقضية يؤمن بها شخص ما، كلما زادت الفرص لطلب المال - إنها حلقة يعزز كل طرف فيها الطرف الآخر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبهم، قال باحثون، إن روبنسون، و اسمه الحقيقي هو ستيفن ياكسلي- لينون، استفاد من دعم ضخم جاءه من متبرعين أجانب، ومن تمويل جماعي قام به متبرعون أفراد من شتى أنحاء العالم. وفي هذا السياق، ذكر، "منتدى الشرق الأوسط"، وهو مركز دراسات استراتيجية يتخذ من مدينة فيلاديلفيا الأميركية مقراً له، أنه أنفق قرابة 60 ألف دولار على تظاهرات مؤيدة لليمني المتطرف في لندن العام الماضي، عُرفت باسم "اطلقوا سراح تومي".

وقال روبنسون، في مقابلة أجريت معه خلال حملته الفاشلة للفوز بمقعد في البرلمان الأوروبي، إن "منتدى الشرق الأوسط" دفع 78 ألف جنيه، لتغطية أتعاب محاميه في الدعوى المرفوعة ضده بتهمة ازدراء المحكمة، والتي لم يصدر الحكم بصددها بعد، بيد أن المركز البحثي الأميركي لم يؤكد دفع هذا المبلغ.

وإضافة إلى ذلك، استفاد روبنسون من " زمالة" منحه إياها روبرت شيلمان، وهو ملياردير أميركي بنى ثروته الكبيرة من العمل في مجال الإلكترونيات. وقد أدت هذه "الزمالة" إلى زيادة الراتب الذي تقاضاه البريطاني المتشدد من الموقع الإلكتروني الكندي، "ربيل ميديا" (إعلام متمرد)، حيث كان يعمل من أوائل عام 2017 وحتى فبراير (شباط) الماضي.

من جانبه، ظلّ إزرا ليفانت، مؤسس هذا الموقع الالكتروني، يوفّر الأتعاب القانونية في القضية المرفوعة ضد روبنسون، ويقوم بتنظيم حملات التمويل الجماعي لتغطية تكاليف الناشطين كي يسافروا إلى بريطانيا بهدف التصدي للتقارير التي تبثها "وسائل الإعلام البارزة" فيها، عن الناشط المتطرف.

إلى ذلك، زار روبنسون إسرائيل وسعى إلى الحصول على تمويل من داعمين له هناك. ففي فيديو مسرب، تباهى المتشدد بشراء المخدرات. وادعى أنه تكلم مع بنجامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل، مؤكداً " أخرجتُ بطاقتي الصهيونية وقلت أنا صهيوني، واشتريت كل شيء. شالوم أيها السافل". وقد نشر أوائل الشهر الجاري، صورة فوتوغرافية له على قناة تلغرام الخاصة به وهو يعتمر قبعة مطرزة بالعلم الإسرائيلي مع تعليق قصير جاء فيه "أريد شواقلكم"، في دعوة صريحة للإسرائيليين لدعمه مالياً.

واستمر روبنسون بطلب التبرعات من أنصاره البريطانيين مدعيا أنه بحاجة إلى المال للإنفاق على حملته لنيل عضوية البرلمان الأوروبي، وعلى حافلة، وتنظيم احتجاجات، وتغطية أتعاب قانونية.  وتلقى خلال فترة اعتقاله التي استغرقت شهرين في العام الماضي، حوالي 20 ألف جنيه من التبرعات المدفوعة بعملة البيتكوين وحدها. وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كشف أنه ما زال في حوزته فائض " يزيد على بضع مئات آلاف الجنيهات ".

وخلال حملته الانتخابية للوصول الى البرلمان الأوروبي، قدم روبنسون نفسه كشخص محدود الإمكانيات باعتباره ينتمي إلى الطبقة العاملة، بيد أن ثمن بيته المطروح حاليا للبيع هو 915 ألف جنيه. وجاء في الإعلان عن هذا البيت الذي يقع في قرية ينعم أهلها عموماً بمستوى جيد من الثراء، أنه "لا يتطلب أي تكاليف إضافية" وهو مزود بنظام تدفئة من النوع الذي يتوضع تحت الأرضية، وملحق، ومغطس ساخن.

وبعد هزيمته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة قال روبنسون "يجب أن نعود بشكل أقوى... حركتنا بحاجة إلى أن تُسيَّس".

من جانبه أكد كيتنج، الباحث في الجرائم المالية والأمن، أن التمويل الجماعي يسمح للمتطرفين بأن ينشئوا منصات عالمية تنشر الكراهية بين جماهير أوسع. وأضاف قائلا إن "التمويل الجماعي هو نقطة ضعف في النظام، إنه طريقة وفرت شبكة الانترنت من خلالها فرصا لجمع الأموال لم يكن من الممكن تصورها سابقاً". فشبكة الانترنت في رأيه "تسمح لك بالتفكير بشكل أسرع وأرخص وعلى نطاق أوسع بكثير مما مضى".

غير أن الباحثين قالوا إن قرار موقع "بَاي بال" Paybal الالكتروني لخدمات التحويلات المالية، إغلاق حسابات يستخدمها روبنسون و"هوية الجيل" ووجوه أخرى يمنية متطرفة يمكن أن يساعد على عرقلة حملات المجموعات المتشددة لجمع التبرعات.

وفي هذا السياق، قال كيتنج إنه في الوقت الذي تواجه الحكومات صعوبات سياسية في تشديد الخناق على التطرف الذي لا يرقى إلى مستوى النشاط الإرهابي، فإن الشركات الخاصة تستطيع أن "تتخذ قرارات تستند فيها إلى سمعتها بدلا من القانون".

من ناحية أخرى، تفيد الدراسة بأن بعض المجموعات تحاول التهرب من الإجراءات الصارمة ضدها، وذلك عن طريق بيع تذاكر المناسبات التي تنظمها علاوة على السلع التي تريد عرضها، بما في ذلك شبكة "دم وشرف" الموسيقية النازية الجديدة.

وفي هذا الصدد، اشارت الدراسة إلى أن مجموعة "الفعل الوطني" (ناشونال أكشن) أصبحت "أكثر اعتماداً على معاملات سرية تجري بين فرد وآخر" بينما تتجه مجموعات أخرى إلى التعامل بعملات مشّفرة بعد أن حُظر عليها استخدام إجراءات الدفع التقليدي. ونبّه باحثون  إلى ضرورة تبني "مقاربة ناجمة عن تنسيق وانسجام" بين أطراف القطاعين الخاص والعام كلها وذلك لمنع المتطرفين من التحول إلى قنوات تمويل جديدة.

وخلُص التقرير إلى أن "التهديد الإرهابي، أو التهديد الذي يمثله جناح اليمين المتطرف، في المملكة المتحدة وبلدان غربية أخرى، سينمو على الأرجح في السنوات المقبلة". وأضاف مؤكداً أن هذا يجعل من "تطوير تحليل مالي مقترن بفهم لطبيعة هذه المجموعات، ونشاطاتها ووسطائها، امراً في غاية الضرورة".

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات