Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعاون "السعودي - الكوري" من المفاعلات النووية إلى "أل جي"

اتفق البلدان على العمل معاً في مجال تطوير اقتصاد الهيدروجين

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن في الرياض (واس)

أسفرت زيارة الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-أن إلى الرياض، الثلاثاء 18 يناير (كانون الثاني)، حيث كان في استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن توقيع اتفاقات بين جهات حكومية وخاصة في البلدين.
وعُقد على هامش الزيارة، المنتدى السعودي - الكوري الذي شاركت فيه شركات وطنية رائدة مستثمرة ومهتمة بالاستثمار، من أجل توقيع مذكرات تفاهم بين الجانبين في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة والصحة والتكنولوجيا والصناعات المتقدمة.
وتعمل الدولتان على تعزيز العلاقة الاقتصادية بينهما في السنوات الأخيرة، بدءاً من الاتفاق الموقَّع قبل سنوات وقضى ببناء مفاعل نووي في مشروع مشترك، وصولاً إلى ما أُعلن، أخيراً، بأن تكون الرياض مقراً إقليمياً لشركة "أل جي" التقنية العملاقة المقبلة من الشرق.

الهيدروجين الأخضر

وأعلن البلدان بدء العمل في المجالات المتعلقة باقتصاد الهيدروجين. وقال الرئاسة الكورية الجنوبية في بيان نُشر على وكالة يونهاب، "إنه بعد إجراء المحادثات وقّع البلدان اتفاقيات أولية لتطوير الهيدروجين الأخضر بشكل مشترك، والذي يُنتج من مصادر الطاقة المتجددة وخصوصاً الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبناء نظام بيئي للهيدروجين بشكل مشترك".
وبموجب الاتفاق، يمكن لكوريا الجنوبية تأمين إمدادات من الهيدروجين والأمونيا المحايدة للكربون من السعودية، وفي المقابل، يمكن لشركة النفط الوطنية الكورية الجنوبية مساعدة الرياض في تشغيل سيارات تعمل بالهيدروجين ومحطات وقود الهيدروجين.
في سياق متصل، أعلن صندوق الاستثمارات العامة وشركة "بوسكو" وشركة "سامسونغ سي تي"، عن توقيعهم مذكرة تفاهم ثلاثية، تهدف إلى تطوير مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، لأغراض التصدير.

"أل جي" تنضم إلى المسافرين نحو الرياض

من جهة أخرى، أعلنت "أل جي" الكورية الجنوبية عن نيتها اتخاذ الرياض مقراً إقليمياً لها في الشرق الأوسط، وذلك بحسب ما صرح به مدير عام الشركة كين جيونغ في مقابلة تلفزيونية مع قناة "الشرق بلومبيرغ"، مؤكداً أن افتتاح المكتب الإقليمي سيجري قريباً.
كما أعلنت شركة النفط السعودية "أرامكو" عن توقيع 9 مذكرات تفاهم واتفاقية إضافية واحدة، مع كيانات كورية وتهدف إلى تعزيز استراتيجيتها في قطاع التكرير والكيماويات، ودعم تطوير حلول طاقة الهيدروجين، فضلاً عن إيجاد خيارات تمويلية جديدة للشركة.
وأكد أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو"، أن "هذه الاتفاقيات ستؤدي إلى استكشاف مزيد من الفرص مع تركيز الشركة على 4 مجالات وهي، تنمية طاقة الهيدروجين وتقنيات التحويل المباشر للسوائل إلى كيماويات وتشكيل وصب المعادن وكذلك التعاون في مجال التمويل مع بنك الصادرات والواردات الكورية"، مشيراً إلى أن "أرامكو تُعتبر أكبر مورد للنفط إلى كوريا، كما أن لديها استثمارات استراتيجية دولية في كوريا ضمن منظومتها العالمية للتكرير والكيماويات، ومن أبرز تلك الاستثمارات مصفاة أس أويل، وكذلك مصفاة بنك هيونداي"، مشيراً إلى "شراكة كوريا الجنوبية مع مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير".

الرؤية المشتركة

وتأتي هذه الزيارة في إطار تحقيق رؤية "كوريا الجنوبية - السعودية 2030"، التي تتضمن 40 مبادرة مشتركة، فمنذ الإعلان عنها في عام 2017، شهد البلدان زيادة سريعة في الزيارات والاجتماعات الثنائية. وتعود هذه العلاقة التي بدأت منذ 60 سنة واتخذت مساراً دبلوماسياً سلمياً إلى عام 1962، ومنذ ذلك الحين والعلاقات تسير من حسن إلى أحسن بين الرياض وسيول. ومن أبرز المحطات في العلاقات الاقتصادية بين البلدين كانت في عام 1990 بالتوقيع على اتفاقية تبادل الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية على نشاط مؤسسات النقل الجوي التابعة لكلا البلدين. وحققت كوريا الجنوبية خلال العقد الماضي تقدماً كبيراً في العلاقات مع السعودية على أصعدة الدبلوماسية والأمن والطاقة والاقتصاد، إذ تُعد من بين أكبر 10 مستوردين للنفط الخام وأكبر خمسة مستوردين للغاز الطبيعي المسال في العالم.

وتُعد السعودية من أوائل الشركاء التجاريين لكوريا الجنوبية في منطقة الشرق الأوسط، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2020 أكثر من 242 مليار ريال سعودي (64 مليار دولار أميركي) وبلغت قيمة صادرات السعودية إلى كوريا الجنوبية، 69 مليار ريال سعودي (18 مليار دولار أميركي) مقارنة بـ54 مليار ريال سعودي (15 مليار دولار أميركي) في 2020، فيما بلغت واردات كوريا إلى السعودية 10 مليارات ريال سعودي (3 مليارات دولار) وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين، نحو 14 مليار ريال سعودي (4 مليارات دولار) وذلك بحسب بيانات الهيئة العامة السعودية للإحصاء.

التعاون العسكري

وسعت كوريا الجنوبية إلى تعزيز علاقاتها مع السعودية إلى ما هو أبعد من الطاقة والنفط إلى الصناعات العسكرية، فبدأت كوريا الجنوبية، أخيراً، باقتحام سوق بيع السلاح والتصنيع العسكري.
وتسعى وزارتا الدفاع في البلدين من خلال لجنة التعاون العسكري السعودية - الكورية إلى تعزيز التعاون إذ وقعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) مذكرة تفاهم مع ثلاث شركات تابعة لمجموعة "هانوا" الكورية لتوطين الصناعات العسكرية في السعودية تحت اسم مبدئي "سامي-هانوا لأنظمة الذخائر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


المناخ

ومع زيادة اهتمام المجتمع الدولي بتغير المناخ والبيئة، بدأت السعودية منذ سنوات العمل على مشاريع الطاقة النووية السلمية كما تصرح دائماً، ووقعت اتفاقيات في هذا المجال مع العديد من الدول ومن بينها كوريا الجنوبية. إذ أبرمت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة اتفاقية تأسيس وتشغيل مركز للأبحاث والتطوير المشترك مع معهد أبحاث الطاقة الذرية الكوري الجنوبي. وفي إطار التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين، بدأ 48 مهندساً سعودياً في عام 2018 مشروعاً مشتركاً مع معهد أبحاث الطاقة الذرية الكوري (KAERI) في مدينة دايجون، وذلك لإعداد التصاميم الهندسية لمفاعل "سمارت" النووي في السعودية مع برامج تدريبية مكثفة في مجالات مختلفة بالطاقة النووية ومنها برامج متخصصة في تصميم قلب المفاعل وتصميم نظام الموائع، والتصميم الميكانيكي وتصميم التفاعل بين الآلة وتحليل السلامة لتقنية مفاعلات "سمارت".
وفي مطلع يناير (كانون الثاني)، اتفق البلدان على تعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية ومجالات الطاقة الأخرى، وذلك من أجل تسهيل انتقالهما إلى الاقتصاد منخفض الكربون.

البنى التحتية السعودية

ولا يمكن أن يتم الحديث عن التعاون السعودي - الكوري الجنوبي من دون ذكر الأيدي العاملة الكورية التي أسهمت بشكل كبير في أعمار البنية التحتية السعودية، فبالعودة إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، عمل أكثر من 100 ألف كوري في مواقع إنشاء البنية التحتية في السعودية من مباني الوزارات والمستشفيات والجامعات والطرق السريعة والمطارات والمناطق، إلا أن السعودية استعادت هذا التعاون من خلال "رؤية السعودية وكوريا الجنوبية 2030".

وكانت الرئيسة السابقة لكوريا الجنوبية "بارك كون هي" ذكرت في كلمتها خلال منتدى الأعمال السعودي - الكوري بالرياض في عام 2015، أن علاقات بلادها مع السعودية التي قامت منذ نحو 53 عاماً، أسهمت في تعزيز اقتصادي البلدين، مشيرةً إلى أن "كثيراً من الكوريين لا ينسون ما قدمته السوق السعودية من فرص لنمو الشركات الكورية المتخصصة في البنى التحتية".

لكن هذه الأيدي العاملة لم تؤثر في الثقافة السعودية كما فعل الممثلون والفنانون. وبدأت الثقافة الكورية كلاعب رئيس في السوق الناشئة والمترابطة عالمياً لألعاب الفيديو والموسيقى والأزياء والطعام والتلفزيون والأفلام. وبدأت "الكي بوب" في الاستحواذ على معجبين من الشباب السعودي، وأسرت الدراما الكورية المشاهدين السعوديين، فبين ليلة وضحاها اكتشف السعوديون انتشار الثقافة الكورية بين أبنائهم بعدما أقامت هيئة الترفيه السعودية حفلة موسيقية لإحدى الفرق الموسيقية "بي تي أس". وبدأ السعوديون بمناقشة "الغزو الكوري" وتفاجؤوا أيضاً بإتقان شبابهم اللغة الكورية على الرغم من عدم وجود معاهد تعليمية لذلك.
يُشار إلى أن النمو الثقافي الذي حققته كوريا الجنوبية كان إحدى نتائج جهود حكومية واستراتيجية أثمرت وتُرجمت إلى نمو اقتصادي ونفوذ عالمي كبير.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-أن، إن القوة الناعمة كوريا الجنوبية تضاهي إنجازاتها الاقتصادية".