Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تتجه إلى "المحاكم المتنقلة" لخدمة المناطق النائية

من مساوئ هذه التجربة أنها لن تقاوم العقيدة المحلية التي ستفرض نفسها

بعد تنقل صناديق الاقتراع إلى المناطق النائية حان وقت المحاكم المتنقلة (الإذاعة الجزائرية)

تتجه الحكومة الجزائرية إلى استحداث محاكم متنقلة لخدمة سكان المناطق النائية، وأبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال مناقشة مسودة قانون التقسيم القضائي الجديد في اجتماع مجلس الوزراء، موافقته على الفكرة، بهدف مراعاة البعد الجغرافي بين المناطق والسماح بعقد جلسات قضائية للتخفيف عن المواطنين، لا سيما في المناطق النائية والبعيدة في أقصى الجنوب.

خريطة تقسيم قضائي جديدة

ولجأت حكومة أيمن بن عبد الرحمن إلى خريطة تقسيم قضائي جديدة تتيح الاعتماد على محاكم متنقلة، استجابة لمطالب متكررة من السكان والمتقاضين في المناطق الحدودية والصحراء بخاصة الذين يجدون مصاعب كبيرة في التنقل إلى المحاكم في المدن.

وكان برلماني يمثل محافظة "إليزي" في أقصى جنوب الجزائر، قد وجّه مساءلة إلى الحكومة حول معاناة المواطنين في المناطق الحدودية والنائية من مشكلات القضاء، على اعتبار أن كل المحاكم توجد في المدن، ليرد وزير العدل، عبد الرشيد طبي، عن إمكانية اللجوء إلى "القضاء الجواري"، لتمكين المواطنين من حقهم في التقاضي، وتجنيبهم عناء التنقل مسافات بعيدة، وعليه فإنه من المنتظر أن يناقش البرلمان خلال الأيام المقبلة خريطة التقسيم القضائي الجديدة.

الحل البديل

وقال الوزير طبي، "من حق المواطنين القاطنين في مناطق بعيدة عن الهياكل القضائية تقريب القضاء إليهم، وسنلجأ إلى القضاء الجواري كحل بديل، بحيث تنتقل تشكيلة من القضاة في القضايا المدنية، وكذا وكيل الجمهورية في القضايا الجزائية، إلى تلك المناطق للفصل في القضايا بصفة دورية، مع توفير مقرات لعقد الجلسات".

وأكد وزير العدل أن القضاء الجواري المتنقل تمت تجربته في بعض الدول، وأنه بمجرد المصادقة على قانون التقسيم القضائي في البرلمان، سيتم فتح فروع قضائية في المناطق النائية، وفي حال تعذر ذلك لنقص الاعتمادات المالية والقضاة والموظفين، "فإننا سنلجأ إلى القضاء المتنقل إلى حين إنشاء فروع قضائية ثابتة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

العقيدة المحلية

وفي السياق، صرح أستاذ الحقوق، عابد نعمان، أن "المحكمة المتنقلة لها وجود في العالم، ويعود الفضل في ذلك إلى هنري الثاني ملك إنجلترا الذي كان يقوم كل سنة، بدورية في الأرياف، لتلقي شكاوي السكان، والفصل بينهم من دون إجبارهم على الحضور إلى محكمة لندن، ثم تطوّرت الفكرة في وجود قضاة متنقلين يقومون بدوريات منظمة رفقة كتاب الضبط والمحامين، لتنتقل الفكرة إلى الولايات المتحدة، وطُبقت على المستعمرات منذ عام 1789 وحتى عام 1912، وكذلك في إيرلندا في سنة 1924، لتعرف الإمارات هذا النمط في عام 2014 كأول دولة عربية تعتمد المحاكم المتنقلة".
ورأى نعمان أن "من مساوئ هذه التجربة أنها لن تقاوم العقيدة المحلية التي ستفرض نفسها إزاءها، فهناك مناطق ترفض بتاتاً دخول المحاكم أو التحاكم لديها لعقيدة متطرفة". وختم بالقول إن "المحاكم المتنقلة هي وضع القاضي الذي يحكم باسم الشعب أمام خطر الجهوية المحلية على المديَين المتوسط والطويل".

إرساء دولة الحق والقانون

وفي شرحه لأهمية الخطوة، شدد وزير العدل عبد الرشيد طبي، على "أهمية المحاكم المتنقلة في تسهيل إجراءات التقاضي لسكان الجنوب الكبير"، مبرزاً أن "القوانين الجديدة تستهدف إرساء دولة الحق والقانون". وأكد أن "وزارة العدل سخّرت كل الوسائل المادية والبشرية الضرورية، لتجسيد مبدأ التقاضي خارج مقرات الجهات القضائية، بطلب من رؤساء المحاكم والنواب العامين". وأشار إلى أن "خاصية المحاكم والمجالس القضائية المتنقلة معمول بها في دولة الإمارات، تحديداً في أبو ظبي، وهذا ليس ببعيد عنا ويمكن اللجوء إلى هذا الحل".
وما يعزز سعي الجزائر إلى بلوغ قضاء مستقل، دسترة تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه تبون، بصفته الضامن لاحترام أحكام الدستور والقاضي الأول في البلاد، وذلك لأول مرة في تاريخ القضاء الجزائري، من خلال دستور الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، إلى جانب رفع عدد القضاة المنتخَبين من 10 إلى 15، مع مراعاة تمثيل قضاة الحكم أكثر من قضاة النيابة، كما جرى لأول مرة إضافة قاضيَين من التمثيل النقابي إلى السلك القضائي.

هندسة قضائية

من جانبه، اعتبر أستاذ القانون العام أبو الفضل محمد بهلولي، أنها "ليست محاكم متنقلة فقط، إنما جلسات قضائية متنقلة. وعليه نحن مقبلون على سياسة جنائية جديدة، هدفها المعالجة السريعة والاحترافية لعديد من القضايا"، موضحاً أنها "هندسة قضائية لمحاكم جوارية مستقبلاً يشرف عليها قضاة محترفون، أهدافها اجتماعية واقتصادية وإجرائية، أهمها تقريب القضاء من المواطن، وتسهيل اللجوء إلى آليات القضاء بشكل يبعث الثقة بين المواطن وجهاز العدالة، إلى جانب تخفيف الملفات عن الجهات القضائية".

وأضاف بهلولي أنه في المقابل، "توجد نصوص قانونية مرتبطة بالمشروع، لا بد من تعديلها"، على غرار القانون الأساسي للقضاء وقانون الإجراءات الجزائية، "إلا أنني أقترح في الجلسات القضائية بالمناطق النائية أن تُدعم التشكيلة، إلى جانب قضاة محترفين، بالمحلفين".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي