تسببت غزارة الأمطار التي هطلت على قطاع غزة في غرق شوارع رئيسة وعدد من المنازل، واجتاحت المياه المتراكمة في الطرقات أحياءً سكنية كاملة، الأمر الذي فاقم معاناة السكان، وجعلهم يتهمون البلديات المحلية في تجاهل تهيئة الشوارع، وصيانة مصارف المياه قبل حلول الشتاء.
ومنذ ثلاثة أيام، يضرب قطاع غزة وإسرائيل منخفض جوي ماطر وبارد، وعلى أثره، تساقطت الأمطار بشكل متواصل، وتجمعت المياه في شوارع غزة، وأدى ارتفاع منسوبها إلى اجتياحها عدداً من المنازل، وإغراق أحياء سكنية بشكل كامل.
أمطار فوق القدرة الاستيعابية
وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة، أدهم البسيوني، إن كمية الأمطار التي هطلت على القطاع بلغت ما يفوق 150 مليمتراً مكعباً، وهذا لم يحدث منذ سنوات طويلة، وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الكمية مشجعة ومبشرة بالخير للقطاع الزراعي، لذلك نحن متفائلون بأن يشهد الموسم الزراعي إنتاجية عالية. وأوضح البسيوني أن نسبة هطول المطر خلال هذه الفترة بلغت 59 في المئة، بكمية، خلال اليوم الماضي، تقدر بـ9.8 مليون متر مكعب، وبإجمالي الكمية منذ بدء فصل الشتاء تقدر بنحو 68 مليون متر مكعب، وهذا يفوق القدرة الاستيعابية، ويتسبب في أضرار كبيرة في الأراضي الزراعية.
كما تسبب المنخفض الجوي في توقف الحياة بشكل كامل، إذ عطل الحركة المرورية، وأعاق حركة المشاة، وتوقفت المؤسسات الحكومية عن العمل، ونتيجة ذلك، أغلقت المحال التجارية بسبب غرق الشوارع والأحياء في القطاع بالمياه.
هشاشة البنية التحتية
وأظهرت كمية الأمطار الكبيرة التي أغرقت القطاع، هشاشة البنية التحتية، التي تعرضت لتدمير ممنهج خلال العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في مايو (أيار) 2021، وخلالها، دمرت الطائرات الشوارع الرئيسة والطرق الواصلة بين المدن والمفترقات المهمة، وتركز القصف حينها على البنية التحتية لشبكات الصرف الصحي والخطوط الناقلة للمياه في مدن القطاع.
ولم تتم إعادة تأهيل وإعمار البنية التحتية، بسبب معارضة إسرائيل لذلك، وتوجه المانحون لإعادة إصلاح وإعمار الوحدات السكنية قبل الشروع في الأعمال الأخرى، وقال رئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف إن الجهات المانحة لديها رغبة في إعادة إعمار البيوت السكنية المدمرة، ثم إعمار وإصلاح البنية التحتية، ما يخالف رغبة الجهات الحكومية التي تفضل البدء في مشاريع إصلاح الطرقات وشبكات الصرف الصحي حتى يكون الإعمار على أسس صحيحة.
وخلق عدم إصلاح وتأهيل شوارع غزة حالة من الاستياء للسكان، واتهموا البلديات بالتقصير، لعدم تعاملها مع الأزمة، وطالبوا في تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على أسباب غرق المدينة، وتعرض حياة الأطفال للخطر خلال المنخفض الجوي، وجاءت هذه المطالب بعد أن أعلنت بلدية غزة عن الاستعداد الجيد المدروس علمياً وفنياً في التعامل مع حالات الطوارئ خلال فصل الشتاء، عبر تهيئة وحدات تجميع المياه، وصيانة خطوط التصريف.
السلطة تساعد لإصلاح غزة
وأوضح رئيس اللجنة الحكومية المركزية للطوارئ زهدي الغريز أنهم يشكلون كل عام لجنة تنسيق وتعاون للتعامل مع موسم الشتاء، لكن الأزمة التي حدثت كانت نتيجة ارتفاع معدل هطول المطر بنسبة 30 في المئة من المعدل السنوي. وقال الغريز إن شبكات البنية التحتية في القطاع متهالكة، وعمرها يزيد على 50 عاماً، ولم يتم تجديدها لأن إسرائيل ترفض، ذلك والحكومة الفلسطينية لم تتعاون بهذا الأمر، فضلاً عن تدمير البنية التحتية خلال العمليات العسكرية التي جرت في القطاع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن وزير الحكم المحلي في الحكومة الفلسطينية مجدي الصالح اتهم السلطات في غزة بالتقصير، لذلك تعرض القطاع لمأساة حقيقية كادت تودي بحياة عشرات الأطفال، وقال إنهم صرفوا الملايين في البنية التحتية لغزة، لكن البلديات مقصرة، ولا تقوم في التطوير المناسب، لافتاً إلى أنه كان ينبغي على السلطات الموافقة على عقد الانتخابات المحلية في القطاع، لتجديد الهيئات المحلية لتقديم أفضل خدمات للسكان.
وبغضّ النظر عن الاتهامات، فإن الأمطار في غزة سببت كوارث حقيقية، ولفت مدير الأمن والسلامة في الدفاع المدني محمد المغير إلى أنهم تعاملوا خلال المنخفض الجوي مع 253 مهمة إغاثة، منها 19 حريقاً، و31 مهمة تطاير ألوح معدنية، و15 مهمة انهيار منازل، و28 حالة سحب سيارات عالقة في المياه، 103 حالات شفط مياه من منازل تعرضت للغرق، إلى جانب عدد آخر من مهمات الإنقاذ والإسعاف.
فتح السدود والعبارات الإسرائيلية
ولم يقتصر الأمر على غرق غزة الكامل نتيجة الأمطار، بل زادت إسرائيل الطينة بلّة، إذ فتحت عبارات وسدود تجميع مياه الأمطار، وضخت الفائض منها قرب الحدود مع القطاع، الأمر الذي تسبب في فيضان مجرى "وادي غزة"، ما سبب غمر المناطق الزراعية بالمياه، ونزوح السكان من منازلهم التي تعرضت للغرق نتيجة ذلك.
وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة أدهم البسيوني إن إسرائيل تتعمد كل عام فتح القنوات والسدود القريبة من غزة لإغراق الأراضي الزراعية، من دون أي سبب ومن دون سابق إنذار، وهذا يكلف خسائر كبيرة، ويؤدي لانجراف التربة، وإغراق ونفوق مزارع الأبقار والنحل، لكن منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية غسان عليان، نفى الأمر وقال إن ذلك ادّعاء مغلوط، ولا أساس له من الصحة، والحالات التي حصلت فيها أضرار جراء الأمطار، لا علاقة لإسرائيل بها إطلاقاً، بل تحاول المساعدة في مثل هذه الحالات.