Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعارضة التونسية تفشل في تعبئة أنصارها لمواجهة الرئيس

يرى مراقبون أن عدم انسجام تركيبة المعارضين أدى إلى فشلهم في إقناع الشعب بطروحاتهم

يرى مراقبون أنه على الرغم من كل الدعوات، إلا أن غياب الكثافة لدى المشاركين في التظاهرة الاحتجاجية كان واضحاً (أ ف ب)

توقع كثيرون أن يكون تحرك أحزاب المعارضة التونسية والقوى المؤيدة لها ضد الرئيس قيس سعيد، يوم الجمعة 14 يناير (كانون الثاني) الحالي، في الذكرى الحادية عشرة لسقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، قوياً ويشكل تحدياً لسلطته بعد القرارات التي أعلنها في 25 يوليو (تموز) الماضي، وجمّد على أثرها البرلمان وعلق العمل بالدستور وأقال الحكومة، إذ دعا القيادي في "مبادرة مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك إلى "إسقاط الانقلاب والعودة إلى مسار دولة القانون".

مشاركة متواضعة في "مسيرة الحسم"

وانتشرت الدعوات للتظاهر عبر كل وسائل الإعلام، من خلال قيادات المعارضة التي دعت أنصارها إلى النزول للمشاركة في التظاهرة الاحتجاجية، كما دعت "حركة النهضة" الإسلامية ناشطيها إلى المشاركة في "مسيرة الحسم" لإسقاط ما وصفته بـ"الانقلاب"، وساندتها "المبادرة الديمقراطية" وائتلاف "مواطنون ضد الانقلاب" و"تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية" الذين دعوا أنصارهم إلى المشاركة والتظاهر في "عيد الثورة وانتصار الديمقراطية".

كما دعا الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي التونسيين إلى التظاهر وإحياء ذكرى "ثورة الحرية"، معتبراً أن "هذه التظاهرات يجب أن تكون بداية نهاية الانقلاب".

وعلى الرغم من كل الدعوات، فإن غياب الكثافة لدى المشاركين في التظاهرة الاحتجاجية كان واضحاً، وبحسب تقديرات وزارة الداخلية لم يتجاوز عددهم 1200 متظاهر، ما شكل صدمة لقيادات قوى المعارضة وخلق حالة من الإحباط بين المتظاهرين.

القطيعة بين الأحزاب والشارع

ورأى الإعلامي التونسي حافظ النيفر أن ضعف المشاركة في التظاهرة "أظهر أن القطيعة بين الشارع والأحزاب، أصبحت حقيقة لا يمكن إنكارها. وتجسد ذلك في لا مبالاة المواطنين بالدعوات إلى التظاهر ضد الرئيس".

وأشار النيفر إلى أن "الشارع يحمل الأحزاب التي شاركت في الحكم، وخصوصاً حركة النهضة وحلفاءها، مسؤولية الانهيار الاقتصادي والاجتماعي".
بيانات المعارضة

في المقابل، اعتبرت قوى المعارضة أن السبب في عدم وصول أعداد كبيرة من الناس إلى وسط العاصمة، كان "الحصار الأمني الذي ضُرب على مداخلها وقيام قوات الأمن بتفريق المتظاهرين". وقالت قوى المعارضة في أحد بياناتها، إن "هذه الممارسات تسببت في حرمان المواطنين من حقهم في التعبير عن مواقفهم المناهضة للانقلاب".

تبرير الفشل

من جهة أخرى، اعتبرت الباحثة في القانون الدولي العام، بثينة بن كريديس، أن "العجز عن حشد الشارع سببه تخبط المعارضة فكرياً وسياسياً وفقدانها للتأييد الشعبي لأن مَن يعارض اليوم ويدعو إلى التظاهر كان بالأمس في حكومة فاشلة رفضها التونسيون والرموز الداعية إلى الانقلاب على تصحيح مسار الثورة والإصلاح. وهذه الرموز فقدت مصداقيتها ومشروعيتها وحادت عن مبادئ الثورة، وباتت منظومة معطلة أنتجت الفساد وسوء إدارة الأزمات".

اتهامات بالجملة

ووجه قياديون في أحزاب المعارضة اتهامات إلى قوات الأمن بمنع المواطنين من التظاهر والاعتداء عليهم. واتهمت يمينه الزغلامي، النائبة عن "حركة النهضة" في البرلمان المجمد، قوات الأمن بالاعتداء على المتظاهرين ومحاصرتهم ومنعهم من الوصول إلى وسط العاصمة. وكرر هذه الاتهامات، غازي الشواشي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، الذي شارك في التظاهر وسط العاصمة واتهم قوات الأمن "باستعمال العنف المفرط خلال تظاهرات الجمعة ضد مواطنين أبرياء".

من جهتها، عقبت بثينة بن كريديس على تصريحات قياديي المعارضة معتبرة، أن "فشل خطابهم السياسي في إقناع الشعب التونسي يُفسر بعدم انسجام تركيبتهم التي جمعت رموزاً من اليسار مع رموز الإسلام السياسي وحقوقيين وناشطي المجتمع المدني، وهي تركيبة أيديولوجيات مختلفة لم تجتمع يوماً، والآن تتحالف ضد ما يسمونه استبداداً وانقلاباً لصالح منظومة كرست الاستبداد ومتهمة بارتكاب جرائم من قبيل الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب إلى سوريا وشبهات فساد وتبييض الإرهاب والسيطرة على القضاء".
وتابعت بن كريديس "من يعارض مسار ما بعد 25 يوليه ليسوا بمعارضة حقيقية بل تقتصر مطالبهم على عودة المشهد السياسي السابق والمحافظة على المنظومة المعطلة وهي مجرد أبواق لسلطة أثبتت فشلها وعجزها"، معتبرةً أن "هذه الأسباب أسهمت في تعرية عجز المعارضة عن كسب ثقة الشعب التونسي، لذلك كان الخيار الوحيد المتبقي أمامها هو المراهنة على الشارع، وهو ما لم تستطع كسبه ولن تتردد في استعمال كل الأساليب من عنف وفوضى حتى تحافظ على ما تبقى لها من حظوظ ولو عنوةً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تطبيق القانون

من ناحية أخرى، أصدرت وزارة الداخلية على موقعها الرسمي بياناً ذكرت فيه أنه "إثر تعمد مجموعات متفرقة من الأشخاص ناهز عددهم 1200 شخص التظاهر في المناطق المحيطة بشارع الحبيب بورقيبة في العاصمة، مخالفين القرار الوزاري القاضي بمنع كافة التظاهرات بالفضاءات المفتوحة والمغلقة خلال هذه الفترة توقياً من تسارع انتشار فيروس كورونا، وتعمدوا محاولة اقتحام الحواجز الأمنية ومهاجمة الأمنيين المتمركزين لحفظ النظام، تولت الوحدات الأمنية، مع التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، التدرج نحو استعمال المياه لتفريقهم بعد دعوتهم إلى المغادرة".

الحاضر الغائب

وعلى الرغم من دعوة أنصارها إلى "التحرك والنزول بكثافة في ذكرى انتصار الثورة التونسية للتصدي للانقلاب"، فاجأ غياب القيادات البارزة لـ"حركة النهضة" وابتعاد أنصارها عن المشاركة الكثيفة في التظاهرات على الرغم من مشاركة عدد من قادة الأحزاب المعارِضة ورموز قوى المجتمع المدني، يُظهِر بوضوح، بحسب الإعلامي إبراهيم الوسلاتي، "حقيقة واقع الحركة التي هزتها الخلافات وأضعفتها الانقسامات، بما فيها تلك التي بقيت وفية لرئيسها راشد الغنوشي. وللمفارقة فإن عدداً كبيراً من أنصار النهضة صوتوا للرئيس قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، إذ رأوا فيه مثالاً للاستقامة والصدق". وأضاف الوسلاتي أن "حركة النهضة تعمل دائماً بمفهوم الوكالة حيث تستعمل أطرافاً سياسية وحقوقية لخدمة برامجها من دون أن تتورط مباشرة في الأزمات والصراعات وهذا ربما يفسر غياب قادتها عن التظاهرات". وأضاف أن "حركة النهضة أصبحت عاجزة عن حشد قواعدها"، مذكراً بما جرى ليل الخامس والعشرين من يوليو عندما وجه راشد الغنوشي صرخة لأنصاره من أمام البرلمان ليكونوا معه، فلم يتفاعل معه أحد بمَن فيهم أنواب الحركة.

المزيد من متابعات