Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاقات الجنسية في المغرب… توصية أوروبية بإلغاء التجريم

يتماشى مطلب مجلس أوروبا مع دعوات بعض الهيئات الحقوقية والأكاديميين منذ سنوات

وزير العدل المغربي محمد أوجار (اندبندنت عربية)

طالبت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا المغرب بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية أو بين شخصين مختلفي الجنس لا تربط بينهما رابطة زواج، خلال اجتماع لها في العاصمة الفرنسية باريس إثر تقييمها للشراكة مع البرلمان المغربي في إطار وضع "الشراكة من أجل الديمقراطية"، الذي مُنح للمغرب في العام 2011.

النائب البرلماني علال عمراوي، أوضح بعد انتهاء الاجتماع، أن النقاش حول الموضوع مطروح منذ مدة، قائلاً "إذا أردنا اللحاق بركب الدول المتقدمة، فنحن نطمح أيضاً إلى إلغاء هذه العقوبة. التوصية المرتبطة بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية سبق أن طرحها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي فكرة مطروحة للنقاش العام، لكن المجتمع المغربي لم تتوفر فيه بعد الشروط لتفعيل هذه التوصية".

وأضاف أن المغرب لم يعد يعرف التابوهات، وأن المجتمع المغربي أصبح يناقش كل المسائل من دون تشنج وخوف، وأن كل التوصيات التي اقترحتها اللجنة الأوروبية طرحها المجلس الوطني لحقوق الإنسان من قبل ويتم تداولها محلياً.

حق من حقوق الإنسان

يتماشى مطلب مجلس أوروبا مع دعوات بعض الهيئات الحقوقية والأكاديميين منذ سنوات بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية، وبالتالي تعديل الفصل 490 من القانون الجنائي، الذي يجرم "كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية"، ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة. وهذا المطلب طُرح بقوة منذ العام 2012، حينما دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى إلغاء الفصل 490 وإلى "ضمان الحق في الممارسة الجنسية بين رجل وامرأة بعد توفر شرط التراضي بينهما، وأن حق الممارسة الجنسية خارج العلاقة الزوجية هو حق من حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً، ويدخل في إطار حق تملك الجسد الذي هو شأن خاص بالفرد ويندرج ضمن الحقوق الفردية التي ينبغي أن تصان".

لقي ذلك المطلب ردود فعل متباينة، رفض خلالها البعض إقحام الحرية الفردية فيه، إذ قالت الشابة سناء الشرقي في أحد التعليقات "ليس من واجبنا الدفاع عن الرذيلة لأننا حقوقيون فحسب، بل علينا تحضير العقل والمنطق في مثل هذه الأمور. الغربيون أصحاب الحريات أنفسهم يرفضون الخيانة الزوجية".

علاقات لا تعني المجتمع

قال وزير العدل المغربي محمد أوجار في وقت سابق، "إذا كانت اختيارات المواطنين هي ممارسة الحريات، فإنه لا يجب أن تمارس في الفضاء العام. العلاقات الجنسية الرضائية بين راشدين ومن دون عنف لا تعني المجتمع، لكن يجب احترام الآخرين عند ممارستها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتَبر القاضي السابق محمد الهيني أن ذلك التصريح يتماشى مع النظام العام القانوني والإسلامي، قائلاً إنه "تعبير عن اتجاه جدير بالتأييد، وهو موقف حقوقي وحداثي متميز لأنه ينسجم مع تعزيز الحريات الفردية ما دامت لا تمس بالآخرين ولا تعارض النظام العام في شيء سواء النظام العام القانوني أو النظام العام الإسلامي. فالفقه الإسلامي نفسه لا يعاقب على الزنا إلا إذا ارتُكب بصفة علنية، أي بتعبير عصرنا هذا في الفضاء العام. وهكذا نجد الفقه الإسلامي تشدد كثيراً في إثبات جريمة الفساد إلى درجة استحالة إثبات الجريمة في الواقع. لذلك، يشترط لإقامة حد الزنا ثبوته، وذلك إما بشهادة أربعة رجال أو بالإقرار أو بظهور الحمل مع انتفاء الشبهة وانتفاء دعوى الغصب والإكراه على الراجح".

في المقابل، قلّل إدريس السدراوي، رئيس "الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان"، من أهمية هذه المسألة، مشيراً إلى أن هناك قضايا أكبر وأهم تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعن العلاقات الرضائية والخيانة الزوجية، قال إن "الأمر يحتاج إلى تغيير جذري يراعي المرجعية الدينية وكذلك الحقوقية، وكذا إلى تغيير العديد من الفصول التي تكرس التمييز والعنصرية. فهناك حالات عديدة قضت على مستقبل كثيرين من الشباب، على الرغم من أن العلاقة كانت أحياناً مطبوعة بالاحترام، وجرت متابعتها تحت يافطة التغرير. وأمام منظومة قضائية تعرف أحكاماً وقرارات تمييزية مثل إطلاق سراح الشباب الذين اغتصبوا فتاة في الجديدة وقاموا بإجهاضها، في مقابل اعتقال العشرات في الوضعية نفسها وإصدار أحكام متشددة في حقهم، لا يمكن أن نعتبر أن ما نحتاج إليه الآن هو تغيير الفصول، بل نحتاج إلى تغيير شامل على مستوى الممارسة القضائية".

تحليل قانوني

في دراسته للقانون الجنائي المغربي، لاحظ عبد العزيز البعلي، مدير المجلة المغربية لنادي قضاة الدار البيضاء، أن "المشرع احتفظ بتعبير الفساد ضمن المقتضيات المذكورة في تعريفه لهذه الجريمة، خلافاً للعديد من التشريعات المقارنة وهو تفرد منتقد، طالما أن مفهوم الفساد يحمل أكثر من دلالة، حسب السياق الذي استُعمل فيه. يكفي التذكير أنه من الناحية الاصطلاحية في الثقافة العالمية المعاصرة، يُستعمل لفظ الفساد في التعبير عن الفساد المالي والإداري. ودفعاً لكل التباس، كان على المشرع أن يستعمل عبارة أخرى أكثر دلالة من قبيل الزنا، كما هو الشأن بالنسبة إلى التشريع الكويتي والليبي والقطري…".

وأضاف أن "المشرع قيّد من وسائل إثبات جريمة الفساد والخيانة الزوجية، عملاً بالفصل 493. إذ استبعد الاعتراف الذي تتضمنه مكاتيب وأوراق المتهم واكتفى باعتماد محضر يحرره ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس أو بناء على اعتراف قضائي، مع ما يترتب عن ذلك من استبعاد لأي وسيلة أخرى، كالتسجيلات الصوتية والتسجيلات بالكاميرا ووسائل الاتصال التكنولوجية المتطورة، وهو تضييق كذلك غير مفهوم، طالما أن القضاء مدعو للاعتماد على الوسائل الحديثة والقاطعة للإثبات في تكوين القناعة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي