Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حصري: الشرطة البريطانية تنبه إلى تفاقم صعوبة منع الهجمات الإرهابية

تلفت إلى أشخاص متطرفين بأنفسهم ويستعملون أساليب عادية في ضرباتهم

طوق للشرطة في شارع "سوتكليف" بمدينة ليفربول، عقب هجوم إرهابي فاشل على مستشفى فيها (أ ف ب)

نبه أحد كبار ضباط شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا، في مقابلة حصرية أجرتها معه "اندبندنت"، إلى أن منع الهجمات الإرهابية في البلاد، بات "أكثر صعوبة مما كان عليه في أي وقت مضى".

وأوضح دين هايدن، كبير منسقي "شرطة مكافحة الإرهاب" على المستوى الوطني، أن التغييرات التي طرأت على طريقة التخطيط للهجمات واستهدافاتها وتنفيذها، جعلت من الصعب رصدها وتحديدها، في وقت تغيرت فيه صورة الإرهابيين "بشكل كامل".

وأضاف المسؤول البارز في مكافحة الإرهاب أن "التهديد الرئيس الذي نشهده في الوقت الراهن، يأتي من أشخاص موجودين داخل البلاد عملوا ذاتياً على أنفسهم كي يصبحوا متطرفين. وقد نجحوا في اختصار المراحل الزمنية، بحيث بات ممكناً أن يخرج أحدهم لشراء سكين مطبخ من أحد متاجر السوبر ماركت، ويقرر تنفيذ هجوم بعد ظهر اليوم نفسه في موقع معين، أو ينفذ هجوماً إرهابياً تحت أي عنوان أيديولوجي مهما كان".

وتساءل هايدن، "هل ننتظر حدوث ذلك على أرض الواقع؟ هذا ما يصعب اكتشافه حقاً، لكن التحدي الجماعي الذي نواجهه، أصبح أصعب بكثير مما كانه في أي وقت مضى".

واستطراداً، من المستطاع القول إنه في بريطانيا، بات إلى حد ما كل هجوم إرهابي وقع منذ 2017، من تنفيذ مهاجم منفرد، بما في ذلك التفجير الذي طاول مدينة ليفربول أخيراً. وتقول أجهزة أمنية إنه جرى إحباط 32 مؤامرة في الفترة نفسها، 18 منها على يد "جهاديين"، و12 ليمينيين متطرفين، واثنتين لشخصين من أيديولوجيات أخرى.

ولوحظ أيضاً أن التهديد اليميني المتطرف قد نما بشكل كبير في الأعوام الأخيرة، وبات يشكل الآن نحو 13 في المئة من القضايا التي تتعامل معها شرطة مكافحة الإرهاب في الوقت الراهن، في حين أن معظم الهجمات ما زالت ذات طابع "جهادي".

في المقابل، تأتي غالبية المشتبه في أنهم إرهابيون ممن اعتقلتهم أجهزة الشرطة، من أوساط البيض والبريطانيين، في حين أن متوسط ​أعمار هؤلاء قد انخفض، ​​وهناك أعداد قياسية من الأطفال [تحت السن القانونية] قيد الاحتجاز.

وجزم الضابط هايدن بأن "صورة الإرهابي قد تبدلت تبدلاً كاملاً، ويعود ذلك إلى طريقة تغير التهديد. فنحن نتعامل الآن مع أفراد عملوا بأنفسهم على أن يكونوا متطرفين، ويبحثون عن مواد متطرفة على الإنترنت لاستخدامها في اعتداءاتهم".

وكذلك أوضح هايدن أنه في العقد الأول من الألفية الثانية (ما بين عامي 2000 و2010)، "انحصر" تطرف الإرهابيين بشكل أساسي في استهلاك مواد عبر الإنترنت مصدرها مجموعة واحدة يدعمونها، في حين أن الأفراد باتوا اليوم "يجمعون من مصادر مختلفة" عناصر الدعاية العنيفة، وينتقونها من مجموعة من الأيديولوجيات.

واستطراداً، لقد تمثل ذلك التحول في الانتقال من مرحلة المؤامرات المعقدة التي تنطوي على إقامة شبكات شخصية، إلى الهجمات الذاتية التي ينفذها أشخاص متطرفون عبر الإنترنت، ما "يشكل تحديات" بالنسبة إلى الشرطة والأجهزة الأمنية، لجهة تقليل فرص اكتشاف تلك المؤامرت مسبقاً.

وفي ذلك الصدد، يرى كبير منسقي شرطة مكافحة الإرهاب أنه "لا توجد في الغالب أي قيادة لهؤلاء أو تحكم، وكل ما هناك، أن أشخاصاً قرروا من تلقاء أنفسهم، بعد النظر في المواد المتوافرة لديهم، التوجه نحو ارتكاب هجوم. إنهم لا ينتظرون في الواقع أي نوع من التوجيه أو الحصول على موافقة من جهة أعلى منهم".

وفي السياق نفسه، أشار هايدن إلى أن بعض الجماعات، بما فيها تنظيما "القاعدة" و"داعش"، ما زالت تطمح إلى ارتكاب هجوم إرهابي "مثير للذهول"، لكنها تجد أن من الأسهل تحريض مؤيدين لها على العمل بمفردهم من خلال المواد المتوافرة عبر الإنترنت.

ولفت المسؤول الأمني أيضاً إلى أنه "بات في إمكان الناس الوصول تحديداً إلى أي شيء عبر الإنترنت. ففي السابق، كان يتوجب على الفرد الذهاب إلى معسكر تدريب في منطقة صحراوية ما، أما الآن فيكفي بمجرد بإجراء بحث على شبكة الإنترنت تعلم صنع عبوة ناسفة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تجدر الإشارة إلى أن الدعاية "الجهادية" التي يقوم بها تنظيم "داعش"، لطالما ركزت على استعمال سكاكين وسيارات في شن هجمات ذات طابع دموي، بدلاً من استخدام متفجرات معقدة قد يستغرق إعدادها وقتاً وتتطلب معرفة لطريقة صنعها. وأسهمت دعاية هذه الجماعة في تغيير طريقة تنفيذ الإسلاميين هجماتهم، بعد إعلانهم عن وجوب قتل "الكفار" في أي مكان، ومن دون إذن مسبق.

ويرى الضابط هايدن أن هذا التبدل في الأسلوب، قلص في المقابل فرص اكتشاف المؤامرات، نتيجة خفض كلفة الحصول على ما هو مطلوب من مواد لتنفيذ اعتداءات، ما يعني أنه لم تعد توجد "مسارات مالية" يمكن للشرطة تتبعها وملاحقتها.

وأضاف، "من خلال مراجعة الهجومات الخمسة التي ارتُكبت في 2017 - في ويستمنستر، ومانشستر، ولندن بريدج، ومسجد فينسبري بارك، وضاحية بارسونز غرين، يتبين أن جميع المخططات التي وُضعت، والأسلحة التي أتى بها المعتدون، والمركبات التي استأجروها، والمواد الكيماوية الأولية التي استعملوها، كانت كلفتها أقل من خمسة آلاف جنيه استرليني (6800 دولار أميركي)".

وأكد أن "الأشخاص يبحثون عبر الإنترنت عن العناصر والمواد اليومية التي يمكنهم الوصول إليها بشكل مشروع. إنهم لا يحتاجون مبالغ طائلة من المال لارتكاب هجوم في الوقت الراهن".

أما في ما يتعلق بالأهداف، فقد ابتعدت الهجمات على نحو متزايد عن استهداف معالم بارزة في البلاد، أو مواقع حكومية وعسكرية، فصارت تستهدف أماكن عامة يجري اختيارها عشوائياً كي تطاول أمكنة يغيب عنها الأمن أو يكون ضئيلاً. وأمام هذا الواقع، أطلقت الشرطة حملات تحت عنوان "إجراءات عملية لمكافحة الإرهاب"، هدفها إطلاع الناس على إشارات التحذير المحتملة، وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي مخاوف.

وفي هذا الإطار، يلفت المسؤول في "شرطة مكافحة الإرهاب"، دين هايدن، إلى أن الشرطة "تريد من مختلف الأهالي وأفراد الأسر، بل النظام المجتمعي بأكمله، الإبلاغ عن الأشخاص الذين يشكلون مصدر قلق. فقد بات التهديد الإرهابي والتحدي اللذان نواجههما جميعاً في محاولة لوقف الهجمات، أكثر صعوبة من أي وقت مضى".

وختم بالإشارة إلى أن عمليات الإغلاق في البلاد بسبب تفشي فيروس "كورونا"، أحدثت "وضعاً متكامل العناصر [بالنسبة إلى الإرهابيين]" من خلال جعل أفراد أكثر عزلة وعرضة للتطرف عبر الإنترنت، في وقت تراجع فيه الدعم لهؤلاء من قِبَل أجهزة الأمن وأقاربهم.

يُطلب من أي شخص توجد لديه مخاوف، زيارة الموقع الإلكتروني: Act Early، أو الاتصال بـ"خط المشورة الآمن لبرنامج بريفانت التابع للشرطة" Police Prevent Advice Line على الرقم 08000113764.

© The Independent

المزيد من دوليات