Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرض الموظفين يحتاج إلى مقاربة جديدة في عالم ما بعد كورونا

أصحاب العمل مطالبون بفهم أن "الوضع الطبيعي" يعم مجالات الحياة كلها

مارة يرتدون كمامات ويعبرون قرب يافطة تطلب موظفين، في "آرلينغتون" بولاية فيرجينيا (أ ف ب)

إذاً، نحن نتحرك نحو "التعايش مع الفيروس". على مدى عطلة نهاية الأسبوع، دعا الدكتور كليف ديكس، الرئيس السابق لفريق العمل المعني باللقاحات في المملكة المتحدة، إلى إعادة النظر في استراتيجية البلاد في شأن كورونا وتبني "وضع طبيعي جديد". وفي هذا الوضع، سيجري التعامل مع "كوفيد" باعتباره شبيهاً بالإنفلونزا وغيرها من الفيروسات المتوطنة.

وقد سرت أيضاً تقارير حول نهاية الفحص المجاني. على الرغم من أنها سرعان ما نفيت، وقد انتشرت هذه القصة من قبل، وكان رصد بصمات وزارة المالية سهلاً بما فيه الكفاية. ومن ناحية أخرى، أكدت الحكومة أنها تدرس خفض فترة العزل الذاتي من سبعة إلى خمسة أيام لتخفيف الضغط على المدارس و"هيئة الخدمات الصحية الوطنية".

ويصخب النواب المحافظون مطالبين بإنهاء القيود المحدودة نفسها للخطة الاحتياطية المطبقة في إنجلترا. فثمة كلام كثير يدور حول إيجاد "مخرج" من هذا الوضع لأن الاقتصاد أيضاً يمرض مرة أخرى، بعد أن سدد له بالفعل "بريكست"، الأثير على قلوبهم، ضربة في وجهه.

تتمثل المشكلة في هذا كله أن الفيروس سيتخذ قراراته الخاصة، ولن يولي أي اعتبار لرغبات الساسة أو خبراء الاقتصاد أو أي شخص آخر حين يفعل ذلك. إذ تنتشر المتحورة "أوميكرون" في شكل أفضل، لكن أداءها أسوأ حين يتعلق الأمر بقتل الناس، ومرحى لذلك. في المقابل، إذا ظهرت المتحورة سيغما، أو فلنقل حينما ستظهر، فقد تكون لديها القدرة على إحداث فوضى في كل مجال مرة أخرى... [سيغما هو الحرف الثامن عشر في الأبجدية اليونانية. ويقصد بالإشارة إلى المتحورة "سيغما"، غير الموجود فعلياً، أن فيروس كورونا أنتج متحورات كثيرة، وربما يستمر في ذلك].

في ضوء ذلك كله، يبدو من الحصافة بدء الكلام عما قد يعنيه "الوضع الطبيعي الجديد" لأنه من غير الممكن أن يشمل عودة إلى "ما كانت عليه الأوضاع". بالأحرى، يتطلب ذلك شيئاً من الإقرار بأن الفيروس بغيض، وسيواصل تطلب احتياطات كالغسل المنتظم لليدين، وارتداء كمامات في بعض الظروف.

من منظور الاقتصاد، يتطلب الفيروس أيضاً من أصحاب العمل اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وربما إعادة النظر في نهجهم وسياساتهم. وأنا أتحدث بشكل خاص عن المرض.

حضرنا أغلبنا، في مرحلة ما، إلى العمل ونحن معتلون، ونحن نسعل ونعطس، قبل الجائحة، على الرغم من أن ذلك يشمل حتماً نشر فيروسات كورونا طبيعية بغيضة في أرجاء المكتب، بالتالي يجب أن يتوقف هذا الحضور إلى العمل أثناء المرض. ففي "الوضع الطبيعي الجديد"، من دون فحص مجاني وكمامات وتنظيف عميق، قد يكون ذلك العطس أمراً سيئاً بمقدار يكفي لقتل زميل ضعيف.

أخشى أننا أصبحنا لا مبالين في شكل مزعج إزاء عدد الأشخاص الذين توفوا نتيجة لـ"كوفيد". لقد أصبحت المملكة المتحدة أول دولة أوروبية تسجل أكثر من 150 ألف حالة وفاة في عطلة نهاية الأسبوع. ويشير ذلك الرقم إلى وفيات خلال 28 يوماً من الحصول على نتيجة فحص إيجابية. ولم تعبر هذه المرحلة الرئيسة القاتمة نفسها سوى ستة بلدان أخرى هي الولايات المتحدة والبرازيل والهند وروسيا والمكسيك وبيرو.

ومع ذلك، هناك مقياس آخر في هذا البلد، يوضح عدد المرات التي يذكر فيها "كوفيد" في شهادات الوفاة. ويرفع ذلك الأمر رقمنا إلى أكثر من 174 ألفاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد سدد تبني العمل الهجين أو العمل من المنزل، ضربة إلى الحضور إلى العمل أثناء المرض، إذ يستطيع أصحاب العمل المسؤولين أن يطلبوا من الموظفين أن يبقوا في منازلهم إذا عانوا أعراضاً، ويعملوا من هناك إذا استطاعوا.

في المقابل، تبقى ثقافة "الأيام القديمة السيئة" قوية إلى حد كبير في بعض مصارف القلب التجاري للندن، ومستودعات السلع، وحتى القطاع العام. يخبرني أحد مصادري في القطاع العام عن سياسة يوضع بموجبها الموظفون في خطط مرضية إذا تجمعت لديهم أيام إجازات أكثر مما ينبغي. وتشمل هذه الخطط مقابلات مع مسؤولي الموارد البشرية وأنواع أخرى من الضغط. ويمكن أن يشعر أولئك الذين يتعرضون إلى خطر أن يوضعوا في إحدى هذه الخطط، بأنهم يتعرضون إلى ضغط لأن يحضروا إلى العمل مهما كانت درجة المرض التي يعانونها.

لفهم مدى الضرر الذي قد تتسبب به هذه الخطط، اسمحوا لي أن أشارككم مقابلة لفت انتباهي إليها قبل جائحة "كوفيد-19". مثلاً، قد يسأل مسؤول الموارد البشرية، "أنا آسف، أعرف مسألتك، لكن يتعين علي أن أسأل الأمر نفسه. كيف تخطط لخفض عدد الأيام التي تأخذ فيها إجازة مرضية؟".

ويرد الموظف، "حسناً. ما رأيك بأن يكون الحل أني سأبذل قصارى جهدي كي لا أصاب بالسرطان مجدداً".

واستطراداً، أنا أدرك أن التغيب المستمر قد يمثل مشكلة لدى أصحاب العمل. هناك حتماً أشخاص "يخادعون" حين يرغبون، مثلاً، في تمضية وقت تحت اللحاف، ويفترض بهذه السياسات أن تعالج ذلك الأمر، لكن، ما سبق ذكره من معطيات يبين أنها [السياسات حيال الإجازات المرضية] استخدمت على نحو مدمر ولا معنى له. ومن المحتمل، في عالم "كوفيد"، أن تكون خطيرة أيضاً.

[يجب التفكير في تلك المعطيات] قبل أن نبلغ مشكلة المرض الضخم الآخر في العمل، الذي يحذر "مؤتمر الاتحادات المهنية" منه منذ بداية الجائحة، ويتمثل في أنه عند مستوى أقل من 100 جنيه استرليني (136.21 دولار) في الأسبوع، كان أجر الإجازة المرضية القانونية منخفضاً للغاية، ولا يتأهل مليونا شخص للحصول عليه في أي حال.

ووقع عدد أكبر مما ينبغي من البريطانيين مراراً وتكراراً في خضم معضلات مستحيلة على مدى السنتين الماضيتين، إذ طلب منهم الاختيار بين الأوضاع المالية الشخصية الرثة وبين خطر تعريض زملائهم إلى فيروس قاتل. ولا ينبغي لهذا أن يكون اختياراً يتعين عليهم مواجهته.

الآن، هناك أكثر مما ينبغي من الجزر والعصي التي تحفز الناس على الحضور إلى العمل وهم مرضى. ولا بد من معالجة ذلك باعتباره جزءاً من "الوضع الطبيعي الجديد"، لأننا إذا لم يحصل ذلك نجازف بالعودة المنتظمة إلى الوضع الطبيعي البغيض الذي ظللنا عالقين به طيلة السنتين الماضيتين.

© The Independent

المزيد من تقارير