Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أعاد التواصل بين بايدن وأحمد مياه العلاقات الأميركية - الإثيوبية إلى مجاريها؟

اهتمام واشنطن بإثيوبيا يأتي ضمن جملة قضايا محلية وإقليمية تؤثر على استقرار منطقة القرن الأفريقي

إثيوبيون يتظاهرون في برلين للمطالبة بإنهاء الحرب في إقليم تيغراي، الاثنين 10 يناير الحالي (أ ب)

أعطى الموقف الأميركي المشجع لإثيوبيا بعد قرارها إطلاق سراح سجناء سياسيين وفي مقدمتهم رموز "جبهة تحرير شعب تيغراي"، مؤشراً إلى تحول جديد تجاه حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، فإلى أي مدى سيتجلى التأييد الأميركي لإثيوبيا؟ وما هي معالم المرحلة المقبلة في ظل قضايا لا تزال ضمن أجندة السياسة الأميركية، أبرزها السلام على الساحة الإثيوبية بين مختلف مكوناتها العرقية، وقضية سد النهضة، والعمل على ضمان الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.

نافذة علاقات جديدة

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي جو بايدن ناقشا خلالها مجريات الأحداث في إثيوبيا والعلاقات الثنائية إلى جانب القضايا الإقليمية.
ووفق ما أعلنته وكالة "فانا" الإثيوبية للأنباء، "أطلع رئيس الوزراء آبي أحمد الرئيس الأميركي جون بايدن على حالة عمليات سيادة القانون في شمال البلاد، والجهود التي تبذلها الحكومة لمعالجة القضايا المتعلقة بالمساعدة الإنسانية، وحقوق الإنسان، وإعادة البناء في المناطق المحررة. كما اتفق االجانبان على أهمية زيادة تعزيز التعاون بين البلدين من خلال الحوار البناء القائم على المنفعة المتبادلة والعمل بشكل تعاوني في الأمور ذات الاهتمام المشترك".
وكانت إثيوبيا أطلقت الأسبوع الماضي سراح عدد من المعتقلين السياسيين في إطار "دعوة  الحوار والمصالحة لإحلال السلام" التي أطلقها رئيس الوزراء الإثيوبي، وفي مقدمتهم بعض زعامات "جبهة تحرير تيغراي" إلى جانب عناصر قيادية معارِضة أخرى.
وأكد آبي أحمد أن "الطريق نحو المستقبل هو تعزيز الوحدة الوطنية القائمة على محبة الشعب". ودعا في بيان، الجمعة 7 يناير (كانون ثاني) الحالي، إلى إجراء مشاورة وطنية حول الخلافات الرئيسة.
وتأتي تطورات السلام بعد موافقة البرلمان الإثيوبي الأربعاء 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على مشروع إعلان تشكيل "لجنة الحوار الوطني" كمؤسسة مستقلة للحوار الوطني الشامل.
ولاقت الخطوة ترحيباً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال في بيان، إنه يتطلع إلى "تسهيل سبل وصول المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المتضررة من الصراع في إثيوبيا".
كما أشاد الاتحاد الأوروبي بدعوة السلام الإثيوبية. وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، "إن الإفراج عن عدد من قادة المعارضة في إثيوبيا وإنشاء لجنة الحوار الوطني، خطوات إيجابية نحو إنهاء الصراع الدائر في البلاد".
كذلك رحب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسي فكي بالإفراج عن السجناء السياسيين في إثيوبيا، والدعوة إلى الحوار.
ووصف مراقبون ما لقيته خطوات السلام من تأييد دولي واستحسان أميركي، وكأنها نافذة جديدة في مسار العلاقات بين واشنطن وأديس أبابا.
وقال آبي أحمد على حسابه الرسمي في مواقع التواصل الاجتماعي الاثنين 10 يناير الحالي، "أجريت محادثة هاتفية صريحة مع الرئيس الأميركي جون بايدن حول القضايا الحالية في إثيوبيا والعلاقات الثنائية والشؤون الإقليمية". وأضاف "نتفق كلانا على أن هناك قيمة كبيرة في تعزيز تعاوننا من خلال المشاركة البناءة القائمة على الاحترام المتبادل".

الطرق السلمية

في المقابل، ذكر بيان للبيت الابيض أن "الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع رئيس الوزراء الإثيوبي مجريات الحوار الشامل ووقف إطلاق النار". وأعرب بايدن عن قلقه إزاء الضربات الجوية الأخيرة وما سببته من سقوط ضحايا مدنيين، مؤكداً التزام بلاده "العمل جنباً إلى جنب مع الاتحاد الأفريقي والشركاء الإقليميين لحل نزاع إثيوبيا بالطرق السلمية".
وضمن المؤشرات الواضحة، ظلت تعقيدات عدة تشوب مجرى العلاقات الأميركية - الإثيوبية خلال السنتين الماضيتين نتيجة الحرب التي شنتها إثيوبيا على إقليم تيغراي (شمال) ضمن "عملية إنفاذ القانون" في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وما ترتب عليها من انتهاكات إنسانية، وحرب لا تزال آثارها ماثلة في معاناة ملايين الإثيوبيين.

لوم وتحذيرات

وكانت الولايات المتحدة منذ تسلم الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن مهماتها، وبعد عملية إنفاذ القانون وتفاقم الأوضاع الإنسانية في إقليم تيغراي، تراقب الأوضاع عن كثب. وفرض البيت الأبيض عقوبات على أديس أبابا تتضمن تعليق المساعدات الأميركية، كما أوقفت واشنطن إصدار تأشيرات الدخول لعدد من المسؤولين الإثيوبيين (والإريتريين) في ظل اتهامات بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، إلى جانب قرار بالحد من التعاون الاقتصادي والعسكري مع أديس أبابا.
ووجهت واشنطن لوماً وتحذيرات متكررة للحكومة الإثيوبية محملةً إياها مسؤولية الأوضاع الإنسانية المترتبة على الصراع، وساق التوتر بين الجانبين إثيوبيا إلى اتهام الولايات المتحدة بالانحياز إلى "جبهة تحرير تيغراي"، وتعميم جو من التخويف إزاء الأوضاع في إثيوبيا. وساءت العلاقة إلى حد إزالة الولايات المتحدة إثيوبيا من امتيازات قانون الفرص والنمو الأميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتكتسي التطورات الإثيوبية الأخيرة نحو السلام أهمية، كونها تشكل استجابةً لنداءات سبق أن أصدرتها الإدارة الأميركية لأديس أبابا للكف عن الحرب، والدخول في مفاوضات سلمية مع "جبهة تحرير تيغراي"، محذرةً من تفاقم حرب أهلية تنعكس على إقليم القرن الأفريقي في ظل اهتمام واشنطن بالمنطقة وما يجمعها بها من مصالح.

تصحيح الموقف

في السياق، حض البروفيسور الإثيوبي أباتي تاديسي، الأستاذ في جامعة تكساس، الولايات المتحدة إلى "تصحيح موقفها في ما يتعلق بالوضع في إثيوبيا في ظل التطورات الحالية، من أجل ضمان مصالحها في المنطقة".
وقال تاديسي لوكالة الأنباء الإثيوبية في 11 يناير الحالي، "إنه من المحير أن نرى الولايات المتحدة، منارة الديمقراطية، تفشل في دعم الحكومة الديمقراطية المنتخبة حديثاً في إثيوبيا".
وأشار إلى أن "دور إثيوبيا في ضمان السلام والتنمية في القرن الأفريقي وفي أفريقيا بشكل عام، تم تسجيله منذ فترة طويلة في التاريخ الذي فشلت الإدارة الأميركية في فهمه". وأضاف "لكون إثيوبيا هي محور المنطقة وموقعها الاستراتيجي، فهي مهمة للغاية للمصالح الأميركية. وللولايات المتحدة اهتمامات كبيرة بالمنطقة تمتد من الأمن إلى الاقتصاد، وفي هذا الصدد فإن إثيوبيا بسوقها الواسع الذي يضم أكثر من 110 ملايين شخص وجيشها القوي، تُعد بلداً بالغ الأهمية".
وتابع الأستاذ الجامعي الإثيوبي "من أجل المصلحة الأميركية، تحتاج واشنطن إلى تصحيح مسارها في ما يتعلق بتعاملها الحالي مع إثيوبيا. وأن التحول الديمقراطي الذي لوحظ في إثيوبيا تم الاعتراف به بشكل جيد من قبل المجتمع الدولي بما في ذلك الاتحاد الأفريقي". وأضاف "لأول مرة في تاريخ البلاد انتخب المواطنون حكومتهم الخاصة، لذلك يجب على الإدارة الأميركية أن تفهم حقيقة أن مهاجمة الحكومة الإثيوبية هي مهاجمة للأشخاص الذين انتخبوها".

المحلية والإقليمية

أما الباحث في الشؤون الدولية، الدكتور عادل عبد العزيز حامد، فقال إن "الموقف الأميركي والسياسة الأميركية تجاه إثيوبيا كانت واضحة جداً منذ بداية الحرب وأثناء تطورتها. وكانت تصريحات الخارجيه الأميركية تقول إن الحرب لن تكون حلاً للمشكلة الإثيوبية، وكان المبعوث الأميركي خلال عديد من زياراته إلى إثيوبيا يحاول إقناع الحكومة بضروره الجلوس للحوار مع جبهة تحرير تيغراي".
وتابع حامد "حتى عندما كانت جبهة تحرير تيغراي تتقدم نحو أديس أبابا، ظلت أميركا تنادي لوقف الحرب وتبني الحوار، لأنها كانت موقنة أن الحرب لن تؤدي إلى حلول مهما كانت النتائج. وهذا موقف متقدم جداً واستراتيجي وعقلاني، وهذا ما أثبتته الأيام".
ولفت الباحث في الشؤون الدولية إلى أنه "يُحسَب لآبي أحمد إطلاق سراح الزعماء السياسيين المعارضين له. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة جاءت متأخرة، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً". وأضاف "الحل لإثيوبيا هو السير وفق النظام الفيدرالي، ولكن عبر تعديلات جوهرية تراعي حقوق كافة القوميات، وتحفظ التوازن بكل أشكاله، ما يعطي ضمانات السلام المحلي الذي يشغل الاهتمام الأميركي".
على المستوى الإقليمي، رأى حامد أن "السياسة الأميركية بقدر اهتمامها بالساحة المحلية الإثيوبية، تولي اهتماماً متعاظماً بعلاقات إثيوبيا بجوارها الإقليمي للحيلولة دون حدوث أي توترات تنعكس على منطقة القرن الأفريقي التي تمثل نطاقاً حيوياً للمصالح الأميركية، لذلك شهدت المرحلة السابقة نشاطاً ملموساً للمبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتيمان في جولاته المكوكية بين الخرطوم وأديس ابابا إبان المشكلة الحدودية بين البلدين".
وأوضح حامد أن "قضية سد النهضة تُعد هاجساً حقيقياً للإدارة الأميركية، وهي ضمن أولويات قضايا المياه، لما تمثله من أهمية حيوية لا يمكن التغافل عنها". وأضاف "واشنطن تهتم بمنطقة القرن الأفريقي انطلاقاً من جملة قضايا محلية وإقليمية، وتقف ضد أي عوامل سلبية سواء على نطاق السلام، أو ضد أي تدخلات منافِسة تؤثر على استقرار المنطقة".

المزيد من متابعات