Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح المبادرة الأممية في تجاوز الشكوك والتصدعات السودانية؟

هناك تشكيك في فعالية الحلول الخارجية

يتلخص جوهر التحفظات على المبادرة الأممية في اعترافها بواقع ما بعد الانقلاب (أ ب)

بينما يتهيأ مجلس الأمن الدولي لعقد اجتماع غير رسمي، الأربعاء 12 يناير (كانون الثاني)، في شأن تطورات الأزمة والأوضاع في السودان، وعلى الرغم من الترحيب الدولي والإقليمي الواسع الذي حظيت به مبادرة الأمم المتحدة بإطلاق عملية سياسية بين الأطراف السودانية للوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة في البلاد، وفيما رحب مجلس السيادة الانتقالي بها، فإن بعض القوى السياسية المؤثرة في الداخل السوداني قابلت المبادرة بالتحفظ والرفض، بينما تقول كيانات أخرى إنها ما زالت تدرس المبادرة ولم تتسلمها بشكل رسمي بعد.

المواقف المتباينة إزاء المبادرة تطرح أسئلة عدة بشأن فرص نجاحها، في ظل واقع الشكوك والتحفظات وتصدعات المواقف المحلية.

يتلخص جوهر التحفظات على المبادرة، في ما وصفته بعض القوى السياسية ومراقبون، في الاعتراف الضمني للمبادرة بواقع ما بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) وتأمينها على الشراكة مع العسكريين في إدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية. وهو ما يتعارض مع ما تطرحه "لجان المقاومة" و"تجمع المهنيين السودانيين" اللذان يديران الحراك الجماهيري وجداول المظاهرات المطالبة بإبعاد المكون العسكري، تحت شعار "لا شراكة، لا تفاوض والردة مستحيلة". بينما ترتب، من جهة أخرى، تنسيقيات كل من "قوى الحرية والتغيير" و"لجان المقاومة" في العاصمة والولايات، لإعلان ميثاق سياسي لتوحيد الجهود والتوافق على جبهة معارضة برؤية سياسية موحدة وقيادة الشارع في الفترة المقبلة.

من بين رافضي المبادرة، وصف "تجمع المهنيين"، في بيان، تحركات ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، بالمثيرة للجدل، وتخالف أسس المنظمة الدولية ورسالتها في دعم تطلعات الشعوب في الحرية والسلم والعيش الكريم.

تشكيك وانتظار

وعلى طريق "تجمع المهنيين"، أعلنت حركة "جيش تحرير السودان" رفضها دعوة رئيس البعثة الأممية في السودان للانضمام إلى عملية سياسية برعاية أممية.

وقال رئيس الحركة عبد الواحد محمد نور، في تصريحات صحافية، إن الحركة رفضت دعوة فولكر بيرتس التي تلقتها، بناء على موقفها المعلن والمبدئي ضد انقلاب 25 أكتوبر، مشيراً إلى أن فكرة الحوار السوداني - السوداني لوضع حلول جذرية للأزمة سبق أن طرحتها الحركة على رئيس البعثة الأممية في السودان، لكنها لم تجد استجابة.

وأعتبر نور أن أي حراك في ظل واقع الانقلاب ما هو إلا إضفاء للشرعية عليه، ما يجعل القوى السياسية التي تتطبع معه جزءاً منه.

وشكك في فعالية الحلول الخارجية المجربة، لكنها لم تضع حداً للأزمة كونها لم تتم بإرادة سودانية.

وفي الاتجاه ذاته، نفى "الحزب الشيوعي السوداني"، تلقيه أي دعوة من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بشأن المبادرة التي طرحها.

وأبدى الحزب، على لسان عضو اللجنة المركزية صديق يوسف، دهشته لموقف الأمم المتحدة ودول الترويكا وغيرها من الدول، برجوعها عن إدانة الانقلاب ومباركة اتفاق 21 نوفمبر (تشرين الثاني) واعتبرته مخرجاً للأزمة، داعياً المنظمة الدولية إلى العودة إلى موقفها الأول وإدانة الانقلاب.

وأضاف يوسف، "إذا وصلت الدعوة إلى الحزب فإنه سيبلغ بيرتس بآرائه تلك، ثم يجيء بعدها الحديث عن إمكانية قبول الحوار من عدمه".

تحذير

في السياق ذاته، يحذر الأمين العام لمبادرة أساتذة جامعة الخرطوم مجدي بكري محمود من أن "أي تجاهل لأي طرف في هذه المبادرة، لن يؤدي بها إلى نتائج مستقرة ومستدامة، لأن النجاح لن يتحقق إلا بالتوافق التام ومشاركة الأطراف كافة".

ويرى محمود أن "فرص نجاح المبادرة الدولية متوافرة على الرغم من التحدي الذي يمثله تعدد المبادرات الداخلية ويعكس حدة الأزمة في مواجهة المقترح الأممي، على أن تبدأ بالضرورة بتأسيس الأرضية اللازمة للحوار بين المكونات السياسية كلها، بما فيها الأحزاب ولجان المقاومة، حتى تلك التي ترفع شعار لا تفاوض لا شراكة"، مشيراً إلى أن "مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم قد تصلح لأن تكون أرضية للنقاش من دون القول إنها مثالية".

ويلفت إلى "أهمية أن يكون الحوار السوداني - السوداني برعاية أممية مبنياً على العدالة والشمول، بحيث يستصحب كل أصحاب القضايا الأساسيين من خلال العدالة الانتقالية، مؤسسياً وخدمياً، ومنحهم الفرصة للإدلاء بآرائهم عبر الأجسام الموجودة التي تمثلهم، وهي موجودة، كتجمع أسر الشهداء ومنظمات النازحين وغيرهما".

ويشدد محمود على "أهمية أن تبنى قضايا المبادرة من أسفل إلى أعلى لا العكس، مع الدعوة إلى جمع المبادرات والمواثيق المطروحة لاستخراج نقاط الاتفاق وحصر نقاط الاختلاف"، مشيراً إلى "أهمية تكوين الآليات التحضيرية بالتشاور بتمثيل الأطراف كلها".

البعد عن التكتلات

من جانبه، يرى رئيس "منبر الحوار بين قادة القوى السياسية" عصام صديق، في الفترة (2003-2005)، أن "على المبادرة أن تتجنب التعامل مع التكتلات (الكتل)، بل مع كل حزب على حدة، أو أن تكتفي بجمع كل الأطراف إلى طاولة الحوار، من دون طرح أي حلول أو مقترحات جاهزة".

ويدعو صديق إلى "قصر دور الأمم المتحدة في تهيئة المناخ للحوار بين السودانيين"، مشيراً إلى أن "كل ذلك لا بد أن يسبقه عمل تحضيري جاد تحدد فيه أجندة الحوار وآلياته ومكانه لتحدد القوى السياسية من يجلس إلى الطاولة المستديرة". وينتقد إقحام الجيش كجزء من أطراف المبادرة، أو تثبيت مشاركة المكون العسكري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشدد على "عدم دخول الجيش ضمن الأحزاب السياسية، إذ لا علاقة له بالسياسة، إنما ينحصر دوره في التدخل في حالة الفراغ ثم يعيد تسليم السلطة إلى المدنيين، كما أن المكونات المدنية لو أجمعت خلال الطاولة المستديرة على كيفية إدارة الفترة الانتقالية وتكوين مجلس سيادة مدني ومجلس تشريعي مثلاً، يجب أن يمتثل الشريك العسكري لذلك فوراً".

ويستخلص صديق، الذي كان رئيس "منبر الحوار بين قادة القوى السياسية" من الدروس المستفادة في تجارب السودان مع الطاولات المستديرة في 1965 و2003 و2005، أن "على المبادر كالأمم المتحدة أو خلافها، ألا يتقدم بأي حلول، بل يقتصر دوره على تهيئة المناخ وتحديد الأجندة واختيار المكلفين بإدارة الحوار بينهم بالإجماع، ودعوة كل الأطراف ليقدموا هم الحلول".

لذلك، يرى أنه "من المفيد أن يوحد الوسطاء جهودهم ما دام هدف المبادرة هو جمع الفرقاء حول طاولة مستديرة، ويجب عليهم أن يمتنعوا عن تقديم أي مقترحات، كي لا يصبحوا طرفاً في النزاع، إذ يجب أن يكون دورهم توفيقياً فحسب، من دون طرح أو تقديم حلول إلا إذا طلب منهم الفرقاء ذلك، كما أن على أي حزب أو كيان الاحتفاظ بطرحه ولا يتقدم به إلا بعد جلوس الجميع إلى الطاولة".

ويختم صديق أن "مفتاح نجاح الطاولة المستديرة هو دعوة الفرقاء كافة من دون أجندة مسبقة، كي لا يضطر الوسيط إلى دعوته إلى الانضمام لاحقاً، ولأن كل الاتفاقيات ذات الطابع الثنائي أو الثلاثي أثبتت فشلها".

رسالة

في السياق نفسه، وجه وزير الإعلام السابق، المستشار السابق لرئيس الوزراء، فيصل محمد صالح، رسالة إلى الأسرة الدولية، والأمم المتحدة، وبعثة "يونيتامس"، بأن المداخل الخاطئة ستقود إلى نتائج خاطئة، وأن عليها قراءة الواقع الحالي ومعرفة الثوابت التي تتفق عليها الجماهير التي تسير في الشوارع منذ 25 أكتوبر، رفضاً للانقلاب وما ترتب عليه.

وأشار صالح، في تصريحات صحافية، إلى أن المجموعات السياسية قد تختلف بشكل طبيعي على التفاصيل، لكنها تتفق على مبدأين أساسيين، الأول هو خروج مجموعة المكون العسكري الحالية من المشهد السياسي كمطلب أساسي، وبالتالي يجب أن تركز أي مقترحات علی استراتيجية ذلك الخروج، إلى جانب التفكير في علاقة مختلفة ودور محدد للمؤسسة العسكرية في إطار دورها المهني بعد أن أغلق الانقلاب العسكري طريق الرجوع إلى الوضع الذي كان سائداً حتی 24 أكتوبر.

وكانت الأمم المتحدة أطلقت رسمياً في نهاية الأسبوع الماضي عملية سياسية للحوار بين الأطراف السودانية للوصول إلى اتفاق يهدف إلى الوصول إلى حل الأزمة السياسية الممتدة في البلاد والمضي قدماً نحو التحول الديمقراطي والسلام.

وقال المبعوث الأممي إلى السودان، بيرتس، في بيان، إن الوقت قد حان لإنهاء العنف والدخول في عملية بناءة ستكون شاملة للجميع، وستتم دعوة أصحاب المصلحة الرئيسيين من المدنيين والعسكريين بما في ذلك الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمجموعات النسائية ولجان المقاومة.

وأكد البيان "ستبقى الأمم المتحدة ملتزمة دعم تحقيق تطلعات الشعب السوداني إلى الحرية والسلام والعدالة".

كذلك، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، التزام المنظمة الدولية دعم الفترة الانتقالية في السودان حتى الوصول إلى الانتخابات.

المزيد من العالم العربي