Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية تستعرض "نفطها الصلب" في مؤتمر "مستقبل المعادن"

تسعى الرياض من خلال استضافة مناسبة عالمية للمنتجات المعدنية إلى رفع الاستثمار في القطاع الواعد

تسعى السعودية إلى الاعتماد على قطاع التعدين كأحد المجالات الأساسية في تنويع الاقتصاد (أ ف ب)

هل تملك السعودية بديلاً للنفط؟ سؤال جال في الأوساط الاقتصادية عام 2016 عندما صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال استعراضه برنامج "رؤية السعودية 2030"، بأن الدولة تسعى إلى استغلال المعادن بشكل أفضل، وأبدى أسفه على حال التعدين في الوقت الماضي، والاستغلال غير الصحيح له، مشيراً إلى أن الاستفادة منه لا تتجاوز 5 في المئة.

وأكد في الحديث ذاته أن احتياطي بلاده من اليورانيوم يمثل ما نسبته "6 في المئة من إجمالي احتياطات العالم، وهي ثروة كبيرة غير مستغلة".

ومنذ ذلك الحين، بدأت السعودية بأخذ خطوات جادة لمستقبل التعدين، كان أولها في عام 2019 عند إنشاء وزارة الصناعة والثروة المعدنية، حيث شهد القطاع تحركاً عملياً، باعتباره جزءاً رئيساً من استراتيجية تفعيل موارد السعودية الطبيعية وتعزيز الواقع الاقتصادي للبلاد.

أما في هذا العام، 2022، فتطلق الرياض، غداً الثلاثاء، خطوة تسويقية جديدة تتمثل في استضافة تجمع لقادة القطاع في العالم في مؤتمر يحمل اسم "مستقبل المعادن الدولي" المزمع إقامته بين 11 - 13 يناير (كانون الثاني) الحالي.

جلب استثمارات أجنبية لسوق التعدين السعودية

ويعول القائمون على القمة بوصفها "منصة عالمية"، لجلب استثمارات أجنبية مباشرة للسوق المحلية والمنطقة، مع إقامة الشراكات، وتحقيق المعرفة الفنية، والإحاطة بالتقنيات المتقدمة في مجال التعدين، وكذلك "تقديم صورة المنطقة باعتبارها مركز التعدين العالمي، ورفع مستوى الإدراك بأهمية صناعة التعدين في السعودية والمنطقة، فيما يهدف المنظمون إلى أن يكون المؤتمر هو المنتدى العالمي الأبرز لرسم مستقبل التعدين ومساهمته في تنمية المجتمعات".

ويؤسس هذا المؤتمر، الذي تعتبره الوزارة من أهم الأحداث التي أقيمت لخدمة قطاع التعدين في السعودية، لتفاهمات وشراكات طويلة الأمد في هذا المجال، بالنظر إلى الموضوعات التي يحملها برنامجه، والذي يشمل واقع "مستقبل التعدين في المنطقة والعالم، ومساهمة مشاريع التعدين في تنمية المجتمعات، واستعراض إمكانات وفرص القطاع في السعودية والإقليم"، بحسب برنامج القمة المعلن.

وسيشارك في فعاليات المؤتمر، أكثر من 2000 شخص من أكثر من 100 دولة، وأكثر من 150 من كبار المستثمرين العالميين، و100 متحدث دولي بارز، بينهم عدد من الوزراء المعنيين بقطاع التعدين، وقادة الاستثمار التعديني على مستوى العالم، بالإضافة إلى قادة القطاعات المالية، ورؤساء كبرى شركات التعدين، من مختلف الدول.

وحول هذا، أشار المحلل المالي عصام خليفة، إلى ضرورة هذه المناسبة التسويقية نظراً إلى أن الحجم المستغل في قطاع التعدين "لا يزال ضعيفاً للغاية"، ولا يزيد على 5 في المئة، مشيراً إلى أن الاستغلال الأمثل لهذه الثروات من شأنه أن "يعزز من الإيرادات غير النفطية، ويدعم خطط اقتصاد المعرفة، وتوطين الوظائف في المرحلة المقبلة".

وأعرب عن أمله في أن تحقق الوزارة الوليدة اختراقاً في الاستثمار بقطاع التعدين لتحقيق الآمال المرجوة في ظل ما خصصته من دعم للصناعة والثروة المعدنية، وأشار إلى أهمية أن تتوفر خريطة البيانات المحدثة للثروة المعدنية، والعمل على تقديم مزايا للمستثمرين في هذا المجال، الذي يتطلب استثمارات كبيرة على مدى سنوات طويلة.

مسح جيولوجي لثلث أراضي السعودية

وفي الوقت الذي تعمل فيه السعودية على تسويق القطاع الواعد في البلاد، أصدرت الرياض نظاماً تعدينياً مستقلاً بالتزامن مع البدء في مسح جيولوجي واسع يغطي قرابة ثلث أراضي السعودية، في خطوة من شأنها تحفيز المستثمر للاستفادة من الفرص العملاقة المتاحة.

فالسعودية التي تقف في مقدمة الدول التي تمتلك احتياطيات نفطية، تعي وفق التصريحات الرسمية أنها مطالبة بالتقليل من اعتماد اقتصادها على النفط، ليس فقط لمواجهة أفكار نضوبه أو حدوث أعمال تخريبية، بل في استجابة عقلانية للمستقبل، في استثمار عائدات النفط الضخمة لما بعد عصر النفط.

وعلى الرغم من تباهي المسؤولين النفطيين في السعودية بالاحتياطي الهائل، وأن آخر برميل نفط بالعالم سيخرج من حقول السعودية، وستظل الرياض مصدراً موثوقاً للنفط للسنوات المقبلة، بحسب تصريحات وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، فإنها اتخذت خطوات جادة لتخفيض الاعتماد على النفط والبحث في فرص استثمارية بمجال التعدين.

وفي هذا السياق، قال عضو مجلس الشورى السابق سامي زيدان، "بالنسبة إلى المعادن والفلزات، فالسعودية لديها مصادر غنية يمكن استغلالها اقتصادياً لتوفير دخول جيدة، وهذا سوف يقلل من اعتماد البلاد على النفط، لكن لا حاجة إلى الاستغناء عن إنتاج النفط، والاستفادة من ريع تصديره، لا سيما أن بقية العالم في حاجة ماسة إلى إنتاج السعودية من النفط، وهذه مسؤولية تحملها الرياض من دون تهاون أو تفريط".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعكس إعلان تأسيس وزارة للصناعة والثروة المعدنية، والبدء في أعمالها مطلع العام الحالي 2020، حجم الاهتمام الكبير الذي سيحظى فيه القطاعان في ظل فرص استثمارية تصل إلى 5 تريليونات ريال (قرابة المليار ونصف المليار دولار) في التعدين والصناعة.

وجاء الاهتمام بالقطاع، وفصله عن الطاقة بأن كانا يعملان تحت وزارة واحدة تتويجاً لمطالبات مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات، في ظل التحديات التي تواجه الصناعة الوطنية، وانخفاض الاستثمارات في قطاع التعدين على الرغم من القدرات التعدينية التي لم يستغل منها سوى 3 في المئة فقط.

قد يضخ قطاع التعدين 240 ملياراً

في بداية الحديث، يقول الكاتب الاقتصادي لؤي الطيار، "يعد الاهتمام بالصناعة والثروة المعدنية ركيزة أساسية في رؤية 2030، التي تستهدف تنويع القاعدة الإنتاجية، ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20 في المئة، بدلاً من 11 في المئة حالياً".

ولفت إلى أن رؤية السعودية 2030 تستهدف رفع الاستثمارات في قطاع التعدين إلى 240 مليار ريال (64 مليار دولار) مقابل 64 مليار ريال (17 مليار دولار) في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن القطاع لم يحظَ بالاهتمام الكافي في المرحلة الماضية، لكن مع انطلاق رؤية 2030 أصبح ركيزة أساسية لتنويع الإنتاج من خلال استقطاب المستثمرين المحليين والأجانب، داعياً إلى ضرورة إدراك أن الاستثمار في هذا المجال يحتاج إلى 5 سنوات كاملة حتى يؤتي ثماره، وهو ما أخذته رؤية 2030 في الاعتبار.

بالمقابل، قال الاقتصادي عبد الله المغلوث، إن الاستثمار التعديني "سيشهد طفرة نوعية في المرحلة المقبلة مع قرب الإعلان النهائي عن نظام التعدين الجديد، الذي نتمنى أن يخرج مستفيداً من التجارب السابقة عالمياً وإقليمياً، استناداً إلى طبيعته كاستثمار طويل الأجل يحتاج إلى مغامرة وضخ أموال كبيرة".

وأشار المغلوث إلى "أهمية دور هيئة المساحة الجيولوجية في إعداد قاعدة بيانات شاملة وموثوقة عن الثروة المعدنية من خلال مسح جيولوجي لمنطقة الدرع العربي على مساحة 700 مليون متر مربع".