Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمين عام "أوبك " الجديد: عودة الطلب على النفط تتعزز في 2022

هيثم الغيص في حوار خاص مع "اندبندنت عربية " يؤكد أن تحالف المنتجين ركيرة أساسية لإستقرار الأسواق من التقلبات

أمين عام "أوبك " الجديد هيثم الغيص ( أوبك)

لا يمكن أن يمر قرار تعيين أمين عام منظمة "أوبك" المنتخب الكويتي هيثم الغيص خلفاً للنيجيري محمد باركيندو، مرور الكرام، لعدة أسباب أبرزها، أن فترة تسلم الغيص المنصب (هو من المخضرمين في صناعة النفط) تأتي في ظل استمرار تحديات الطلب العالمي بسبب تفشي متحورات جائحة كورونا، كما أن اختياره الذي تم بالتزكية جاء بطريقة سلسة تظهر مدى التكامل الذي وصلت إليه المنظمة في مسيرة لأكثر من 60 عاماً.   الأمين العام الجديد يعد أول خليجي يتولى المنصب في نحو عقدين من الزمن، كما أنه الخليجي السابع والعربي رقم 12 في تاريخ المنظمة وثالث أمين عام للمنظمة ترشحه الكويت، إذ تولى ذلك المنصب عام 1965 أشرف لطفي، وفي عام 2005 الشيخ أحمد الفهد الصباح الذي شغل المنصب لمدة سنة واحدة بالوكالة عندما كان وزيراً للنفط.

تماسك المنظمة  

في بداية حواره مع "اندبندنت عربية" حرص هيثم الغيص، الذي سيشغل منصب أمين عام "أوبك" اعتباراً من أغسطس (آب) المقبل، على تقديم رسالة بقوله "إن الدعم، والطريقة التي انتخب فيها بالتزكية لهو لأمر يسجل في تاريخ المنظمة، بل ويعكس تماسكها وقوتها".  وحاز مرشح الكويت هيثم الغيص ثقة منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في منصب الأمين العام، خلفاً للأمين العام الحالي، محمد باركيندو، الذي تنتهي مدة عمله نهاية يوليو (تموز) 2022، وجرى التصويت على مرشح الكويت خلال اجتماع "أوبك" في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2022.ويتناقض هذا التعيين السلس مع الانتخابات المطولة السابقة التي كانت تشهد في بعض الأحيان ترشيح دول لعدد من المرشحين. 

من هو هيثم الغيص 

 يتمتع هيثم الغيص، بخبرة ومعرفة ببواطن وكواليس المنظمة ولجانها وأعمالها، ولديه إلمام كامل باتفاقية خفض الإنتاج من خلال عمله في مجلس المحافظين لمدة 5 سنوات، وعضواً في لجنة التدقيق الداخلي لمدة عامين، ثم رئيساً لها في 2020، وأيضاً هو أول رئيس للجنة المراقبة الفنية في السنة الأولى للاتفاق عام 2017، حيث أسهم في وضع أسسه، ويحمل في جعبته كل تفاصيل الاتفاق، وهذا من الأمور التي جعلت الدول الأخرى لا تدفع بمرشحين منافسين.  وشغل "الغيص" منصب محافظ الكويت في منظمة "أوبك" في الفترة من يونيو (حزيران) 2017 وحتى الشهر ذاته من 2021، كما تولى في الفترة من يناير (كانون الثاني) 2017 وحتى ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه منصب رئيس اللجنة الفنية المشتركة لمراقبة الإنتاج في تحالف "أوبك +" لمنتجي النفط من داخل وخارج منظمة "أوبك". كما مثل الغيص مؤسسة البترول الكويتية في ترأس مكاتبها الإقليمية في بكين ولندن خلال الفترة من 2005 حتى 2014، وتدرج خلال 30 عاماً في أنشطة مختلفة في مجال التسويق العالمي في مؤسسة البترول الكويتية، حتى أصبح نائباً للعضو المنتدب للتسويق العالمى في مؤسسة البترول الكويتية.  

 

أهداف وأولويات  

ورداً على سؤال حول أهم أولويات المنصب الجديد، أجاب الغيص بأن "هناك أهدافاً واضحة، لعل أبرزها له أولوية ملحة على المدى القصير، هو المحافظة على استقرار أسواق النفط وتوازنها، وذلك من خلال اتفاق خفض الإنتاج بين دول المنظمة وحلفائها المعروف باسم أوبك+، الذي يصب في المصلحة الأوسع للصناعة النفطية وجميع دول التحالف".  موضحاً، "كمنظمة أوبك، يعد هذا الاتفاق مهم جداً، وقد أثبت نجاحه منذ بدايته في 2017، حيث ساعد تحالف اتفاق أوبك + المسمى (إعلان التعاون)، في دعم سوق النفط العالمية منذ إنشائه عام 2017، بخاصة خلال جائحة كورونا، حيث أثبت للجميع أن قدرة هذا التحالف على إجراء تخفيضات تاريخية بحجمها تصل إلى 10 ملايين برميل يومياً قد أسهمت بشكل كبير في إعادة التوزان نسبياً إلى المستويات الطبيعية لأسعار النفط، ومخزونات الخام، هذا بالتزامن مع تعافي الطلب في عام 2021".  وكان تحالف "أوبك +" قد قرر في الرابع من يناير (كانون الثاني) الحالي خلال اجتماعه الرابع والعشرين، إضافة 400 ألف برميل أخرى من الإمدادات يومياً في فبراير (شباط) المقبل، والسير في خطط زيادة الإنتاج الشهرية المطبقة، وهو ما يفعله كل شهر منذ أغسطس (آب).   وأضاف هيثم الغيص في حوار خاص مع "اندبندنت عربية": "الآن من المتوقع أن يستمر تعافي الطلب على النفط ليعود إلى مستويات ما قبل الجائحة بنهاية العام الحالي 2022"، لافتاً إلى أن دعم اتفاق خفض الإنتاج والعمل على إنجاحه بكل الطرق سيكون على رأس أولوياته على المدى القصير، باعتباره عنصراً أساسياً وضمانة مهمة لاستقرار وتوزان سوق الخام، وسأعمل على صون الاتفاق وتعزيزه، معتبراً أن الاتفاق هو الركيزة والداعم لأسواق النفط، ولولاه لكانت الاضطرابات والتقلبات هي السائدة، بالتالي سيكون الأثر السلبي حتى على نمو الاقتصاد العالمي على حد وصفه.  وأكد أن الاتفاق شهد توسعاً بإعلان ميثاق التعاون في عام 2019، بحيث يشمل فتح آفاق التعاون في شتى المجالات النفطية، وليس فقط في اتفاق خفض الإنتاج.  

 

دور محوري  

وزاد الغيص بقوله، "أما على المدى البعيد، فهناك أهداف أخرى لمنظمة أوبك، وهي ضرورة أن يكون لها صوت ودور محوري في الحوار العالمي الدائر الآن، الذي بات يأخذ حيزاً وحجماً أكبر، وهو التحول العالمي في استخدامات الطاقة، وهو تغيير من شأنه أن يزيد من اهتمام المنظمة والأعضاء ليكونوا مسهمين فيه بشكل مباشر وفعال، وذلك ليس فقط من منطلق حرص الأعضاء على حماية البيئة التي يعيش فيها الجميع، ولكن أيضاً لأن النفط يشكل نسبة كبيرة من مزيج الطاقة العالمي، لذلك من الضروري لدول أوبك أن يكون لهم صوت ورأي واضح كجزء رئيس من منظومة الطاقة الجديدة. فبينما يتزايد اعتماد العالم بشكل كبير على النفط، علينا أن نكون فاعلين في عملية هذا التحول بشكل مدروس، وبما يحافظ على استقرار الأسواق لكي لا تحدث الفوضى".  وشدد الأمين العام المنتخب على ضرورة عملية التحول في استخدامات الطاقة وفق أساليب علمية ومدروسة تجنباً لأية اضطرابات في السوق أو خلل في هيكلة الطلب والاقتصاد العالمي.

أهمية الاستثمارات 

في الوقت ذاته أكد الغيص على أن جائحة "كورونا" قد أثرت على الاستثمارات النفطية خلال العامين الماضيين، حيث تراجعت 35 في المئة في عام 2020، وعلى الرغم من تحسنها في العام الماضي، إلا أنها وبمقارنتها مع عام 2019 أي ما قبل الجائحة، فقد تراجعت بانخفاض معدله 25 في المئة، حيث كانت استثمارات الاستكشاف والإنتاج تقدر بما قيمته 500 مليار دولارسنوياً، وذلك قبل الجائحة، في حين وصلت اليوم إلى 300 مليار دولارسنوياً على مستوى الشركات الوطنية والعالمية، وهذا التراجع بالتأكيد ستكون له تأثيراته السلبية بلا شك على المدى المتوسط والبعيد، حيث أن العالم ما زال بحاجة إلى ضخ رؤس أموال نفطية تحديداً في مجالي الإنتاج والاستكشافات بحدود لا يقل عن 380 مليار دولار سنوياً فقط للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالي.  وأكد الغيص (الذي شغل في السابق منصب محافظ الكويت في المنظمة) على أن تراجع الاستثمارات في القطاع النفطي سوف يعزز الحاجة المستمرة لتعويض ما تمت خسارته في السوق، بخاصة وأن الإنتاج الفعلي لا يبدأ عادة إلا بعد 5 إلى 6 سنوات، من أخذ القرار، مؤكداً أن وقف الاستمرار في خفض الاستثمارات في إنتاج النفط على مدى طويل قد يؤدي إلى نقص حقيقي في الطاقة، بل قد يخلق اختلالات في الأسواق وارتفاعاً في أسعار السلع على المستهلكين.  

أميركا في المنافسة العالمية للغاز  

ولفت إلى أن أي حديث عن وقف الاستثمار في صناعات النفط والغاز في الوقت الحالي هو تحول "غير صائب"، خصوصاً إذا عرفنا أن عديداً من الصناعة الحيوية والمهمة لاستقرار النمو الاقتصادي العالمي منبعها النفط، بل يمكن أن تكون جزءاً من الحل للتغلب على تغير المناخ.  وأوضح أن الغاز هو محرك كبير ورئيس ومهم للاقتصاد العالمي، وهو أيضاً من الوقود الأحفوري، حيث شهد أخيراً زيادة مطردة في الطلب، مما جعل على سبيل المثال الولايات المتحدة الآن تصبح أحد أكبر المصدرين للغاز الطبيعي المسال في العالم، بعد أن أدت أزمة الطاقة في أوروبا والنقص في الصين إلى ارتفاع معدلات الطلب على الشحنات الأميركية، حيث تجاوزت الصادرات نحو 7.7 مليون طناً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، متجاوزة بفارق ضئيل المنتجين المنافسين قطر وأستراليا للمرة الأولى.  وأشار إلى أن السؤال المطروح حول الاستغناء عن النفط والغاز ما زال يعد احتمالاً غير واقعي وفقاً لدراسات وتحليلات منظمة "أوبك" وغيرها من الجهات المتخصصة، مبيناً أن "أوبك" تتوقع أن يتجاوز الطلب العالمي على النفط مستويات ما قبل الوباء في العام الحالي، وأن ينمو باطراد حتى عام 2045، ليصل إلى مستوى حوالى 109 ملايين برميل يومياً في عام 2045.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "بغض النظر عن موعد حدوث ذروة الطلب، فإن العالم لن يتوقف عن استخدام النفط، ولكن يمكننا الحديث عن أن مزيج الطاقة قد يتغير في المستقبل، لكن النفط سيحافظ بالتأكيد على النسبة الأكبر في المتغيرات حتى عام 2045، بالتالي فإن الطلب عليه سيكون بلا شك أكبر. موضحاً أن النفط يمثل اليوم ما نسبته 30 في المئة من إجمالي استهلاك الطاقة العالمي، وقد تنخفض هذه النسبة قليلاً وفقاً لمجمل التحولات، لكن الإحصاءات والأرقام تشير إلى أن إجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة بات في صعود، حتى مع زيادة استخدام المصادر الأخرى للطاقة مستقبلاً. وقال "هناك تفاوت في التقديرات حول الوصول إلى ذروة الاستهلاك العالمي في 2030 أو 2040 أو 2050، بالتالي من الصعب التكهن في ظل ما يعيشه العالم حالياً من تداعيات جائحة كورونا، إلى جانب أزمة الطاقة وارتفاع أسعار السلع النهاية لمستقبل هذا المتغيرات. 

العودة للفحم 

ولفت الغيص في حديثه عن أزمة الغاز بقوله، "لعل التحويل في ارتفاع أسعارالغازالعالمية هو عودة بعض الدول إلى استخدام الفحم من جديد، فدول مثل بولندا وألمانيا وأستراليا باتت في عجز حقيقي في مجال الطاقة، لذلك لجأت إلى العودة لمنتج هو أحد أسباب التلوث للبيئة في العالم. مؤكداً أن عملية التحول للطاقة النظيفة يجب أن تكون وفق دراسات ورؤى واضحة وسليمة لتعزز استقراراً دائماً في سوق الطاقة. كما زاد بالقول، "بأن دول أوبك تدعم مسيرة الطاقة النظيفة، فعلى الرغم من أنها تمتلك ثلث الإنتاج العالمي من النفط، إلا أنها مع الحفاظ على نظافة البيئة. 

فقر الطاقة 

من جانب آخر يشير الغيص إلى اهتمام بالغ من "أوبك" بمعالجة "فقر الطاقة"، وتغير المناخ، موضحاً بأنهما وجهان لعملة واحدة، ففي الوقت الذي نحتاج فيه لضمان توفر الطاقة بأسعار ميسورة ننشد ذلك مع الانتقال إلى عالم أكثر شمولاً وعدلاً ومساواةً يحصل فيه كل شخص على الطاقة الرخيصة، تلبي احتياجات الأفراد لكن بشكل واقعي، ففي الدول النامية تختلف الاحتياجات عنها في الدول المتقدمة، بالتالي أصبح اهتمام منظمة "أوبك" بهذا التحول منذ زمن بعيد.

تحديات أمام "أوبك" في 2022 

وبسؤاله حول التحديات التي تواجه "أوبك" في 2022 بخاصة ما يتعلق باستخدام دول كبرى للاحتياطي الاستراتيجي ومواجهة الدول للتضخم في بلادها فأجاب، "بأن المنظمة مرت بتحديات سابقة، وفي عمرها الذي بلغ 60 عاماً، نجحت في تفادي تداعيات أكثر خطورة في السنوات الماضية، موضحاً بأنه متفائل بأداء أفضل، بخاصة مع وجود نخبة الخبراء في المنظمة طوال هذه السنين الطويلة".  

المزيد من حوارات