Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بواتييه نجم "الأوسكار" يرحل في زمن "الصوابية السينمائية"

أول ممثل من أصل أفريقي يحصل على التمثال الذهبي ومسيرته ألهمت أجيالاً متعددة

هو ابن مُزارع الطماطم المتحدر من جزر بهاماس، شاب نحيل أسود جاء من أصول أفريقية، تربّى في أسرة متواضعة. حصل مُصادفةً على الجنسية الأميركية وهو رضيع بسبب ولادته قبل موعده، فاضطرت الأم للبقاء في ميامي، ووضع صغيرها الذي عانى وزناً ضئيلاً ومشكلات هددت حياته، ولكنه عاش حتى تجاوز الرابعة والتسعين، كما غيّر تاريخ هوليوود بأكمله.

سيدني بواتييه يغيب عن الحياة في حين أن إنجازاته أنارت طريقاً كان مظلماً، ولا تزال رسائل النعي تتواصل من المسؤولين السياسيين، ومن أشهر نجوم العالم، فالرجل الذي كان أول ممثل من ذوي البشرة السمراء، ونال جائزة أوسكار، يرحل في خضم موسم الجوائز التي طالما زيّنت تاريخها باسمه، وفي وقت تتصارع فيه المؤسسات على إرضاء ذوي العرقيات المختلفة في زمن الصوابية السينمائية، وحملات الهجوم التي لا تفوت هفوة من قبل رواد السوشيال ميديا، فيما كان هو يناضل منذ نهاية أربعينيات القرن الماضي كي يفوز بمجرد دور غير نمطي يجعله يرفع رأسه بين أفراد عائلته.

تمرد على النمطية

قدّم بواتييه 55 عملاً كممثل، كما انطلقت مسيرته كمخرج منذ مطلع السبعينيات، وكانت له تجارب في الإنتاج والتأليف كذلك، وحتى قبيل وفاته بوقت قصير كان قد أعلن عن عرض جديد على مسرح برودواي.

هرب الشاب الأسمر في شبابه من ميامي إلى نيويوك بحثاً عن مجتمع أكثر حناناً مع ذوي البشرة الملونة، وشقّ طريقه بصعوبة في المسرح، ثم جاءته الفرص في هوليوود، وحرص على الظهور في أدوار غير اعتيادية حينها، حيث كانت تقتصر مشاركة أقرانه على الأغلب في ذلك الوقت على الأدوار الهامشية أو السلبية التي كانت تتماشى مع فكرة العنصرية ضد السود السائدة آنذاك، ولكنه رفض أدواراً كثيرة من هذا النوع، وشقّ طريقه بأظافره حتى ترشّح للأوسكار كأحسن ممثل في نهاية الخمسينيات عن دوره في فيلم "The Defiant Ones"، واقتنصها بشخصية العامل الذي يساعد مجموعة من الراهبات الألمانيات في بناء كنيسة بمنطقة صحراوية في "Lilies of the Field" عام 1964، وعاد عام 2002 وحصل على أوسكار شرفية أيضاً تقديراً لمشواره الاستثنائي وعنفوانه وذكائه، وهي الجائزة التي ألقى كلمة ملهمة حينما حملها وسط تصفيق حار.

مسيرة بواتييه وإصلاحات الجوائز العالمية

نجح سيدني بواتييه، مواليد 20 فبراير (شباط) 1927 في تغيير صورة الأميركي ذي البشرة السمراء على الشاشة في وقت مبكر جداً، حيث قدم أدواراً مثل الطبيب والمهندس والضابط وكثيراً من الشخصيات التي تسهم إيجاباً في بناء المجتمع، وتميز في أفلام

مثل "The Greatest Story Ever Told، وA Patch of Blue، وEdge of the City، وGuess Who's Coming to Dinner، وIn the Heat of the Night"، ومنح الأمل لقائمة طويلة ممن جاءوا بعده واعتبروه ملهماً، ونضاله على الشاشة وخارجها حصد ثماره الكثيرون، وحتى اليوم لا تزال المكاسب تتحقق لأقليات وعرقيات عدة بسبب تفرّد بواتييه وزملائه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رحيل بواتييه يأتي في وقت تتم فيه مراجعات من قبل أبرز الجوائز العالمية بما فيها "غولدن غلوب" التي أعلنت بشكل صريح أنها تعمل على إصلاحات جذرية في هيئتها التي ستشهد تنوعاً أكبر بعد اتهامات لاحقتها بالعنصرية والفساد، كما غيرت أكاديمية أوسكار من قواعد اختيارها لأفضل فيلم، وشددت على أنه يجب أن يحمل فريق الفيلم تمثيلاً أكبر للعرقيات المختلفة والفئات الأكثر تنوعاً خلف وأمام الكاميرا، وعلى الرغم من أن عدداً من الشروط واجه اعتراضات، وسبب جدلاً لا يتوقف، فإنه في نظر البعض خطوة تأخرت، حيث يعتبرون أن التحيز العنصري لا يزال يسيطر على أسلوب منح الجوائز العالمية.

سياسيون ومشاهير ينعون الراحل

جاء فقدان سيدني بواتييه الحاصل على نحو 28 جائزة، والمترشح لأكثر من 40، بينها "أوسكار"، و"بافتا"، و"غولدن غلوب"، كخبر ثقيل استقبله كثير من المحبين، حيث نعاه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما من خلال حسابه الرسمي بـ"فيسبوك" قائلاً، "من خلال أدواره الرائدة وموهبته الفريدة، جسّد سيدني بواتييه الكرامة، وكشف عن قوة الأفلام التي تقربنا من بعضنا البعض. كما فتح الأبواب لجيل من الممثلين"، واختتم تدوينته، "نرسل أنا وميشيل حبنا لعائلته وحشود معجبيه"، وأرفق الرسالة بصورة له وزوجته ميشيل أوباما تعود إلى عام 2009 مع بواتييه حينما منح الأخير وسام الحرية الرئاسي تقديراً لمشواره، ويعد أعلى وسام مدني بالولايات المتحدة الأميركية.

ونشر النجم مورغان فريمان صورة لهما معاً، ووصفه بأنه مصدر إلهامه، فيما نشرت الحسابات الرسمية لأكاديمة أوسكار فيديو نادراً من تتويجه بجائزة أفضل ممثل، وجاء التعليق عليه، "سيدني بواتييه يتسلم جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن فيلم "Lilies of the Field" (التاريخ هنا)". وتابع حساب الجائزة الرفيعة، "كسر بواتييه الحواجز، وكان ملهماً فيما يتعلق بإزاحة الخطاب العنصري الأميركي من خلال فنه. قلة من نجوم السينما كان لهم، أو سيكون لهم، تأثير بواتييه داخل وخارج الشاشة".

وفي سياق ذي صلة أكدت أوبرا وينفري أنها كانت تعتز به كثيراً، ونشر أيضاً الممثل تايلر بيري عدة صور مع الراحل، لافتاً إلى "أن دوره في حياته كإنسان وفنان لن ينسى". ونعته فيولاد ديفيس بالقول، "ليس هناك كلمات يمكن أن تصف كيف غيرت أعمالك حياتي بشكل جذري"، أما نبأ الوفاة فقد أعلنه نائب رئيس وزراء جزر بهاماس، مشيراً إلى أن العالم فقد أيقونة ومعلماً ومحارباً وبطلاً وكنزاً وطنياً"، وكان الراحل قد توفي في لوس أنغلوس فيما لم يتم الكشف عن الأسباب، حيث فارق الحياة قبيل أسابيع من احتفاله بعيد ميلاده الـ95.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة