Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إليزابيث هولمز دينت بالاحتيال في شركة تكنولوجيا "ثيرانوس"

وادي السيليكون زاخر بالجشع والخوف والرغبة ورواد للأعمال يسلبون الحمقى أموالهم بعروض مغرية

بذل وادي السيليكون قصارى جهده لمحاولة إبعاد نفسه عن إليزابيث هولمز و"ثيرانوس" التي كانت بالفعل شركة للرعاية الصحية أكثر من كونها مؤسسة تكنولوجية. وشمل داعموها [قطب الإعلام والمال] روبرت مردوخ، وعائلة وزيرة التعليم في عهد دونالد ترمب بيتسي ديفوس، وعائلة كوكس، مالكة "شركات كوكس" التي تمثل تكتلاً أميركياً، ولا أحد منهم متخصص في التكنولوجيا، إذ فوّت المتخصصون (الأذكياء) تلك "الفرصة".

لكن، فيما لم يتحرك كثيرون بفعل عرض هولمز، يتعلق بتكنولوجيا من شأنها أن تحدث ثورة في مجال الفحص التشخيصي بمجرد وخز الإصبع ثم الانطلاق لبناء شركة تماثل "أبل"، [إشارة إلى ترويج "ثيرانونس" تقنية زعمت أنها تشخص الأمراض باستخدام كمية صغيرة جداً من الدم، بفضل آلة مبتكرة. ثم تبين زيف ذلك]. لقد زخر الوادي بكثيرين ممن رغبوا في المشاركة!

وتمكنت هولمز أيضاً من الاستعانة بمصداقية أمثال لاري إليسون، المؤسس المشارك لشركة "أوراكل"، ودون لوكاس، الرأسمالي المغامر في وادي السيليكون، لتعزيز مصداقيتها.

كانت هذه قصة صنعت في كاليفورنيا، حيث امتطت "ثيرانوس" الموجة الخاصة بثقافة يدعمها الجشع والرغبة، بل الخوف بشكل خاص. الخوف من تفويت الاستثمار في الشركة الكبرى التالية، الشركة التي ستقتفي أثر "غوغل" أو "أبل" أو "أمازون" أو "فيسبوك"، بالتالي إن الجشع والرغبة الخاصين بالاستثمار في المرحلة الأولى على أمل رؤية جنيه استرليني واحد (1.35 دولار أميركي) يتحول 10 جنيهات، ثم 100 جنيه، ثم ألف جنيه، ثم 10 آلاف جنيه، وهكذا.

وفعلت "ثيرانوس" ذلك، فقد صعدت المسافة كلها وصولاً إلى تسعة مليارات دولار (6.6 مليار جنيه)، ثم هبطت المسافة كلها وصولاً إلى لا شيء. ثمة مقولة مفادها بأن تظاهروا بشيء ما حتى تحققوه، وأدت هولمز الدور، بكنزاتها البولو السوداء ذات الرقاب التي تستحضر الراحل ستيف جوبز، وبمواضيع الأغلفة التي تناولتها في مجلات الأعمال، وبإعلاناتها اللامعة، وبوضعها كأول امرأة تصبح مليارديرة في عالم التكنولوجيا.

ولم يرجع ذلك إلى أن "ثيرانوس" لم تتمكن أبداً من تحقيق الشيء المبتغى، على على الرغم امتلاء مجلس إدارتها الفاخر بأوزان سياسية ثقيلة وأسماء كبيرة متنوعة. لقد لمست صحيفة "وول ستريت جورنال" وجود خلل ما، وتمكنت من إثبات وجوده، ثم فتحت أبواب الجحيم كلها.

من المحتمل أن يكون لدى هولمز وقت طويل للتفكير في ذلك كله. وإذا واتاها الحظ، فستضطر إلى العيش في التقشف المعروف عن الزنزانات الخاصة، بدلاً من استعمال الطائرات الخاصة. والأرجح أنها ستبقى في زنزانتها ليس للعشرين سنة القصوى التي قد تواجهها، باعتبار أن تلك عقوبة جريمة واحدة، بل ربما عدد من الفترات المماثلة، على الأقل. ويفترض هذا أن الاستئناف المنتظر لن ينجح، مع إنكار هولمز الاتهامات الموجهة إليها.

وقد ترثي حظها. لا يوجد في موقعها عديدون ممن تنتهي بهم الحال إلى تمضية وقت في السجن. ومرد ذلك أن غالبية أقرانها الذين يقدمون وعوداً لا يتمكنون من الوفاء بها، قادرون على النهوض ونفض الغبار عن أنفسهم، ثم إذا استطاعوا، يبدأون من جديد وهم مكلومون، لكن من دون أن يكونوا خاضعين. وغالباً، لا يلاحظهم الرأي العام. وفي غالبية الأحيان، يفلتون من العقاب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فعمليات الاحتيال من النوع الذي دينت به هولمز، الاحتيال على المستثمرين، تصعب ملاحقتها تماماً، إذ يبرع محامو الدفاع في تعمية المحلفين إلى حد أن هؤلاء يصبحون حائرين أكثر مما ينبغي في شأن التفاصيل التي قد تسمح بالإدانة. وفي الأغلب لا يكون الضحايا من نوع الأشخاص الذين من المحتمل أن يولدوا كثيراً من التعاطف. وليس هولاء من النوع العادي من الرجال والنساء، فتسلب معاشاتهم التقاعدية. إنهم مستثمرون أثرياء يخسرون مالاً يستطيعون غالباً تحمل خسارته.

وواجهت هولمز 11 تهمة، ودينت بأربع منها، وهي ثلاث تهم بالاحتيال من خلال وسائل الاتصالات، وواحدة بالتآمر لارتكاب الاحتيال من خلال وسائل الاتصالات، وذلك بالكذب على المستثمرين لجمع المال لمصلحة شركة "ثيرانوس". وحكم على هولمز أيضاً بأنها غير مذنبة في أربع تهم أخرى تتعلق بالاحتيال على المرضى الذين استخدموا مجموعة أدوات "ثيرانوس". ووصل المحلفون إلى طريق مسدودة في شأن ثلاث تهم أخرى تخص المستثمرين.

ويستطيع المدعون العامون العودة إلى هذه التهم، لكن، لماذا قد يهتمون كي يفعلوا ذلك؟ في هذا النوع من القضايا، يمثل مجرد النصر الجزئي حلاً مباشراً، ونصراً كبيراً.

إنه نصر مهم. ليس من غير المعروف أن تستثمر صناديق التقاعد من النوع الذي يعتمد عليه الرجال والنساء العاديون من أجل تقاعدهم، في شركات ناشئة، أو في صناديق تدعم شركات ناشئة. وإن السرقة التي ترتكب في قاعة اجتماعات مجلس الإدارة، لا تزال سرقة. وفي نهاية المطاف، لن يكون من مصلحة أي منا أن تمر هذه السرقة من دون عقاب.

ويبقى التساؤل حول ما إذا كانت هذه القضية قد تغير أي شيء سؤالاً مفتوحاً. فالشباب المهرة الذين لديهم أفكار مثيرة، بل وأفكار أكثر إثارة حتى في المبيعات، سيظلون مدعوين إلى غرف المؤتمرات، سواء أكانت افتراضية أو غير افتراضية، للتقدم بعروضهم. وستظل تفاصيل منتجاتهم غامضة، تماماً على غرار ما حصل مع "ثيرانوس"، بسبب براءات الاختراع والمنافسة والحاجة إلى السرية التجارية، لذلك لا يمكننا أن نخبركم أكثر مما ينبغي. اكتفوا بالوثوق بنا. سيكون الأمر رائعاً. أعطونا نقودكم، لأننا سنفعل كيت وكيت، ومن ثم سنصبح جميعاً أغنياء.

وسيدفع المستثمرون لأن أحداً لا يريد أن يفوت الفرصة الكبيرة التالية.

وهناك محاكمة أخرى مقبلة ستطاول "ثيرانوس"، وهي محاكمة رامش بلواني، الشريك السابق لهولمز، الذي زعمت أنه كان مسيئاً، وسعت إلى إلقاء اللوم عليه لفشل الشركة. وأنكر المسؤول الأول السابق عن العمليات في شركة "ثيرانوس"، ذلك الأمر، وكذلك ينكر التهم الموجهة إليه.

في المقابل، لن تتغير قواعد هذه اللعبة، أو الطريقة التي تؤدى بها، حتى مع إدانة ثانية. ولن يستطيع تغييرها ربما، ولا حتى الساسة الأميركيون ممن يخفون مخالبهم ويعززون صلاحيات المشرعين.

لا تعولوا على سوى أن ضجيجاً آخرَ مماثلاً سوف يحدث في قاعة محكمة، ومن ثم يحدث بعده ضجيج آخر. هل ستكون المشاهدة ممتعة على نحو مماثل؟ ربما، لكن على وجه الخصوص، لن يتعلم أحد شيئاً منها.

© The Independent

المزيد من علوم