Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطفال بريطانيون ضعفاء ينتظرون 3 سنوات لتلقي رعاية نفسية

آخرون يحصلون عليها خلال أسبوع والانتظار الطويل يتسبب في أزمة فعلية

تظهر الأرقام أن كثيراً من الأطفال ينتظرون سنة وأكثر قبل الحصول على معاينة أولى لحالتهم النفسية- العقلية (غيتي)

علمت "اندبندنت" أن أطفالاً ضعفاء يضطرون إلى الانتظار قرابة 3 سنوات للحصول على رعاية في مجال الصحة النفسية العقلية في بعض أنحاء المملكة المتحدة، فيما يحصل عليها آخرون في أقل من أسبوع. وقد وصف أطباء نفسيون هذا التفاوت في المعاملة بأنه أشبه بـ"فضيحة يانصيب الرمز البريدي" [يانصيب زائف بعث رسائل إلى آلاف الأشخاص في اسكتلندا يعلمهم بفوزهم بجائزته، ويطلب مالاً لتوصيله لهم، ثم تبين أنها رسائل زائفة]، محذرين من الآثار الإضافية التي تلحق بالصحة الذهنية لليافعين نتيجة وباء كورونا.

وأشار أحد الخبراء المتخصصين في مجال الرعاية بالأطفال إلى أن التأثير المضر للوباء على خدمات الصحة العقلية التي تشهد أساساً تأخيرات طويلة في تقديم العناية اللازمة لهم، يشبه "إلقاء قنبلة على المسألة برمتها".

تجدر الإشارة إلى أنه مع عمليات الإغلاق المتعددة في البلاد على مدار العامين الأخيرين، التي أبعدت الأطفال عن مدارسهم وأصدقائهم وهواياتهم، فقد أبلغ طفل من كل ستة أطفال عن اضطراب في صحته الذهنية في العامين 2020 و2021، في كان المعدل نفسه في 2017 طفل واحد من أصل كل تسعة أطفال.

وقد طلبت "اندبندنت" معلومات من نحو 48 مؤسسة للصحة النفسية تابعة لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس) NHS، عن الوقت الذي ينتظر خلاله الأطفال للحصول على موعدهم الأول مع "خدمات الرعاية الصحية العقلية الخاصة بالأطفال والمراهقين" Child and Adolescent Mental Health Services (CAMHS) بعد إحالتهم إليها، وعن مدى توافر أسرّة لمن يكونوا في أمس الحاجة لمثل تلك الرعاية الخاصة.

وتبين أنه في إحدى أسوأ حالات الانتظار، استغرق الأمر 1,019 يوم كي يجري تقييم طبي للحالة النفسية لدى مريض شاب في جنوب "يوركشاير".

في "ستافوردشاير" في "ويست ميدلاندز"، انتظر أطفال مدة لم يتجاوز معدلها 7 أيام، وفي "بروملي" جنوب شرقي لندن، واجه أطفال آخرون إمكانية الانتظار مدة بلغ معدلها 112 يوماً، قبل إجراء تقييم عن صحتهم النفسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطراداً، وصفت جو هاتشينسون مديرة المؤسسة البحثية "معهد سياسات التعليم" Education Policy Institute، الخدمة غير المتكافئة التي تقدم، بأنها مثيرة للقلق الشديد. وأخبرت "اندبندنت" إن "استمرار هذه الفوارق في خدمات الصحة الذهنية بالنسبة إلى الأطفال، يعد مصدر قلق كبيراً، خصوصاً أننا نعرف ما هي مفاعيل الوباء على الشباب".

الدكتورة إيلين لوكهارت رئيسة كلية الطب النفسي للأطفال والمراهقين في "الكلية الملكية للأطباء النفسيين" Royal College of Psychiatrists، شبهت وضع الخدمات الصحية العقلية للأطفال والشباب، بـ"يانصيب الرمز البريدي"، واصفة إياه بـ"الأمر الفاضح، إذ تفضي فترات الانتظار الطويلة لتلقي العلاج من اختصاصي، إلى تدهور الصحة الذهنية للأطفال والشباب، وينتهي بهم الأمر إلى معاناة أزمة فعلية".

يأتي الكشف عن هذه المعلومات في وقت حذر فيه روبرت هالفون أحد كبار أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، من أن وضع التلامذة كمامات الوقاية في المدارس قد يضر بالصحة العقلية للأطفال، وذلك عقب إعلان الحكومة أن هذا الإجراء سيعاود تطبيقه في الصفوف الدراسية خلال الفصل الدراسي المقبل.

وأعرب هالفون الذي يترأس "لجنة التعليم في مجلس العموم" Commons Education Committee، عن خشيته من أن تفوق المخاطر التي تتسبب بها القواعد الجديدة في حماية سلامة الأطفال، حجم الأضرار التي يسببها مرض "كوفيد" نفسه.

وأضاف، "إن السؤال المحير بالنسبة إلى يكمن في الطرق الوقائية التي نعتمدها، فتجدنا ندعو الناس إلى ارتداء كمامات الوقاية في المحال التجارية، بينما لا يُفرض ارتداؤها داخل المكاتب. ليس هناك من قاعدة تحتم على البالغين وضع الكمامات في المكاتب. فلماذا يطلب إذا من الأطفال وضعها في المدارس، وداخل الفصول الدراسية، في وقت يمثل هؤلاء الفئة الأقل عرضةً لخطر الإصابة بفيروس كورونا؟ أنا لا أفهم المنطق الكامن خلف ذلك".

واستطراداً، رأى هالفون أنه يتوجب على وزارة التعليم البريطانية العمل على تقييم التأثير السلبي لوضع كمامات الوقاية في المدارس. في المقابل، تشدد الحكومة على أن الكمامات "تسهم في الحفاظ على ارتياد الأطفال المدارس" في ظل انتشار واسع لمتحورة "أوميكرون" السريعة الانتقال مع إشارتها إلى أن التدابير المتخذة في ذلك الإطار تكون مؤقتة.

وبحسب بيانات جمعتها "اندبندنت"، فقد سجلت 6 مؤسسات أطول فترات انتظار، دامت أكثر من سنة، قبل التمكن من توفير "خدمات الرعاية العقلية للأطفال والمراهقين" وإخضاعهم لتقييم نفسي، بما في ذلك 476 يوماً في "مستشفى نورفولك وسافولك" Norfolk and Suffolk NHS Foundation Trust، و405 أيام في "مستشفى نورثهامبتونشير للرعاية الصحية" Northamptonshire Healthcare NHS Foundation Trust.

أما في بعض أسوأ الأمثلة على طول تلك الفترات، فقد تعين على شاب الانتظار 807 أيام كي يعطى موعداً من "مستشفى مقاطعة برادفورد للرعاية الصحية" Bradford District Care NHS Foundation Trust بغية الوصول إلى "الخدمات الصحية الذهنية للأطفال والشباب"، فيما انتظر أحد المرضى 642 يوماً للحصول من "مستشفى إيفون وويلتشير للصحة العقلية" Avon and Wiltshire Mental Health Partnership NHS Trust، على أول موعد له.

وفي السنة الماضية، جرى تسجيل متوسط فترات انتظار لأكثر من 70 يوماً من قبل فريق في جنوب مقاطعة "غلوسترشاير" يعمل بالتعاون مع "مستشفى إيفون وويلتشير للصحة العقلية"، و"مستشفى أكسفورد الصحي" Oxford Health NHS Foundation Trust، إضافة إلى "مستشفى نورث هامبتون شاير للرعاية الصحية".

وقد سجلت معظم مؤسسات الصحة النفسية في شمال إنجلترا متوسط فترات انتظار أقل من شهر، ما يتماشى مع أهداف هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، في الحصول على أول موعد مع "خدمات الصحية العقلية للأطفال والمراهقين"، الذي يكون في العادة بمثابة جلسة تقييم قبل مباشرة العلاج. وشمل ذلك 15 يوماً في "مستشفى مقاطعة برادفورد للرعاية الصحية"، و25 يوماً في مستشفيات "كامبريا" و"نورثمبرلاند" و"تاين" و"وير".

واستكمالاً، سجل أقصر متوسط لوقت انتظار، أقل بقليل من 7 أيام، في "مستشفى الرعاية الصحية المشتركة في نورث ستافوردشير" North Staffordshire Combined Healthcare NHS Trust.

في سياق متصل، شرحت كورين بيتمان، 19 عاماً، من مقاطعة "سوراي"، كيف وضعت على قائمة انتظار الحصول على دعم في مجال الصحة العقلية من قبل "الخدمات الصحية الوطنية" لمدة أربعة أعوام، وكيف أنها خلال هذه الفترة بلغت الثامنة عشرة من العمر، ونقلت إلى خدمات الأشخاص البالغين. وقد حصلت أخيراً في العام الماضي، على 6 جلسات من العلاج السلوكي المعرفي للقلق الذي تعانيه.

وفي ذلك الإطار، تذكر بيتمان، "فيما كنت أنتظر الحصول على موعد لبدء الجلسات العلاجية، كنت أعيش معاناة قاسية بمفردي، ما أدى في تلك الفترة إلى تزايد حالة القلق لديّ".

وجاء وباء "كوفيد" كي يزيد من تدهور حالتها، إذ أمضت فترات كثيرة من العزلة فيما هي تعيش بمفردها، خصوصاً بعد أن انتقلت والدتها إلى الخارج للعمل، وقد توجب عليها مواجهة ضغوط واجباتها المدرسية وتحصيل شهادة "المستوى أ" A Level بواسطة الدراسة من بعد. وتصف ما مرت به، "شعرت بوحدة شديدة وبعزلة كبيرة".

اعتبرت الدكتورة كارين ستريت من "الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل"، أن مفاعيل الوباء كانت كارثية على الجهود المتضافرة التي تبذل من أجل تحسين خدمات رعاية الأطفال. ووفق كلماتها، "لقد بتنا جميعاً نعرف أن خدمات الصحة العقلية في بريطانيا تعاني نقصاً في الموارد وتعمل فوق طاقتها. ونعلم أيضاً أن الأطفال الذين نراهم ضمن خدمات المستشفيات، يكونون إما مدرجين على قوائم الانتظار للحصول على رعاية لصحتهم العقلية، أو أن احتياجاتهم لم تلب على الإطلاق".

وأضافت، "علاوة على ذلك، أعتقد أن كورونا جاء بمثابة القنبلة التي فجرت الأمر برمته"، ولفتت إلى أنه يتعين معالجة "النقص المزمن في عدد الموظفين" لتقليص فترات الانتظار.

ورأت الدكتورة ستريت أنه "من المحزن للغاية أن نرى عدداً هائلاً من الأطفال والشباب عاجزين عن التحكم في حياتهم، إضافة إلى عدد آخر من الأطفال الذين أقحموا في ظروف منزلية شكلت لهم تحديات جمة، بالتالي ينتهي الأمر بحدوث تداعيات هائلة عليهم".

وفي هذا الإطار، أظهرت أرقام صادرة عن "الكلية الملكية للأطباء النفسيين" Royal College of Psychiatrists أن أكثر من 190,200 طفل ما دون سن الثامنة عشرة، قد أحيلوا إلى الخدمات الصحية العقلية في الفترة الممتدة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) 2021، ويفوق الرقم بنحو الضعفين مستويات ما قبل الجائحة في الأشهر نفسها.

كذلك أوضحت الدكتورة إيلين لوكهارت أن هناك إحالات "أكثر بكثير" مما يمكن للمؤسسات التعامل معها، وقد برزت "زيادة حقيقية" في أعداد الأطفال والشباب الذين يعانون اضطرابات في تناول الطعام خلال فترة وباء كورونا.

وتظهر بيانات "الخدمات الصحية الوطنية" أن أكثر من ألفي طفل وشاب كانوا قيد انتظار العلاج من اضطرابات في تناول الطعام خلال الفترة الممتدة ما بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) من العام الماضي، بارتفاع واضح عن الرقم المسجل في الفترة نفسها من سنة 2019 حينما وصل الرقم نفسه إلى نحو 481.

وبينت وثائق مجلس الإدارة أيضاً أن الأطفال يقضون وقتاً في أجنحة الحالات الطبية الحادة أو تلك الخاصة بالبالغين، أثناء انتظارهم توافر أسرة في "خدمات الصحية العقلية للأطفال والمراهقين" للمرضى الداخليين.

في ذلك الصدد، أعلن "مستشفى بيرمنغهام للنساء والأطفال" Birmingham Women’s and Children’s NHS Foundation Trust عن مواجهته مصاعب في استيعاب "مستويات عالية" من الإحالات إلى أسرة المستوى الرابع (أقسام الحالات الحادة)، ما أدى إلى إبعاد نحو 90 مريضاً كل شهر في نهاية العام الماضي. وقد ارتفع هذا الرقم منذ أن بدأ الوباء، فيما وصل إلى أقل من 20 كل شهر في سنة 2019.

وقد أوضح "مستشفى شيفيلد للأطفال" Sheffield Children’s Hospital، أنه حصلت "فترات انتظار كبيرة" بالنسبة إلى أسرة "الخدمات الصحية العقلية للأطفال والمراهقين" في أواخر 2021، مع بقاء المرضى عالقين في أجنحة الحالات الحادة في تلك الأثناء. وأفاد "مستشفى شرق لندن" East London NHS Foundation Trust أن ضغوط أسرة "خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين"، أدت إلى إدخال "عدد أكبر من الأطفال والشباب" إلى عنابر البالغين، وذلك أمر يتوجب تجنبه "كلما أمكن".

وذكر متحدث باسم "مستشفى جنوب غربي يوركشاير"South West Yorkshire Partnership NHS Foundation Trust إنه لا يستطيع التعليق على حالات فردية. وأضاف، "بصفتنا مؤسسة تابعة لـ(الخدمات الصحية)، فقد استخدمنا تمويلاً إضافياً في (خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين) لدينا، بغية زيادة عدد التقييمات من جهة، وتقليل فترات الانتظار من جهة أخرى".

في سياق متصل، أشار الناطق باسم "مستشفى مقاطعة برادفورد للرعاية الصحية" إلى أن الانتظار الأطول لدى مؤسسته الذي بلغ 807 أيام شكل "حالة استثنائية"، موضحاً أنها "تعود إلى فترة ما قبل تغيير مساراتنا التشغيلية التي باتت تحرص على أن تكون جميع الإحالات لدينا، على اتصال روتيني بقسم خدمات العناية بالاضطرابات في النمو العصبي، وذلك ضمن فترة انتظار وسطية تعادل 15.9 يوم".

وكذلك أوضح المتحدث باسم "مستشفى نورثهامبتونشير للرعاية الصحية" أن هناك ارتفاعاً في أعداد الإحالات إلى "خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين" الأساسية. ويظهر ذلك الارتفاع لدى مقارنة أرقام مايو (أيار) في سنتي 2020 و2021. وأكد أن المؤسسة تعمل على تلبية الزيادة في الطلب مع ضمان تقديم خدمة عالية الجودة وآمنة.

واتصالاً بذلك، علق الناطق باسم هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" على التأخيرات الحاصلة، مشيراً إلى إنه "في حين أن هذه البيانات مجرد نبذة صغيرة عن مستوى بعض الخدمات، فإنها لا تظهر الصورة الكاملة بكل تفاصيلها، وقد ترك الوباء تأثير حتمي على سلامة الشباب. ونتيجةً لذلك، تعنى خدمات الصحة العقلية التابعة للهيئة برعاية مزيد من الأطفال والشباب أكثر من أي وقت مضى. وقد جرى علاج أكثر من 420 ألف شخص في عامي 2020 و2021، وشمل ذلك ظاهرة حدوث طلب قياسي على خدمات الاضطرابات في تناول الطعام".

وأضاف أن هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" استثمرت في السنة الماضية نحو 120 مليون جنيه استرليني (162 مليون دولار أميركي) من خلال تمويل إضافي، في "خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين"، إضافة إلى إنشاء خطوط اتصال خاصة بأزمات الصحة العقلية، وتقديم مزيد من الدعم للمدارس.

يشار أخيراً إلى أنه في السنة الماضية، اقترحت "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" معايير جديدة تفضي إلى حصول الأطفال والشباب ممن يعانون مشكلات في الصحة العقلية، على الرعاية الملائمة في غضون 28 يوماً من تاريخ إحالتهم.

© The Independent

المزيد من صحة