Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"وباءان" في عامين: كورونا والمعلومات المضللة

نشر الأكاذيب يأتي في سياق "مشاريع حقيقية ذات طبيعة سياسية" وله تداعيات عدة على المجتمع

مع ظهور وباء فيروس كورونا انتشرت آلاف الأكاذيب بشأنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي (أ ف ب)

أظهرت جائحة "كوفيد-19" مدى تأثير المعلومات المضللة على المجتمع، كما شرح لوكالة الصحافة الفرنسية الباحث في علم الأعصاب في جامعة فريبورغ في سويسرا والمؤلف المشارك لكتاب "لو كومبلوتيسم" سيباستيان دييغيز.

واعتبر دييغيز أنه للمرة الأولى يواجه العالم "فعلياً فشل النموذج الإعلامي بالمعنى الضيق"، موضحاً "هذا أمر عرفناه بالنسبة إلى المناخ، لا يكفي إعطاء الحقائق أو نشر العلم لخلق الدعم أو حتى جعل الناس يفهمون ما يجري، ومع كوفيد أصبح الأمر واضحاً. في البداية لم يكن أحد يعرف شيئاً، وبالتالي تشكل العلم حول الفيروس تدريجاً وبسرعة مع أوجه عدم يقين وتردد. في غضون ذلك، كان الناس يؤلفون سجل معرفة خاصاً بهم، أحياناً من خلال المعلومات المضللة المنتشرة على الإنترنت أو من خلال ما يتناقله الناس، وأحياناً أخرى من نسج الخيال وأفكار تدور في أذهانهم حول ماهية المرض".

مشاريع سياسية

وأكد الباحث أن الجائحة أظهرت أن "المعلومات المضللة هي موضوع قائم بذاته. إنها ليست مجرد عقبة، مجرد أخبار مزعجة تتعارض مع المعلومات. المعلومات المضللة تنتج يوماً بعد يوم وهي سريعة وانتهازية، وهي أيديولوجية أكثر مما هي ساذجة. إنها أمر ديناميكي ونشط ينخرط فيه الناس، وكنا نعرف ذلك إلى حد ما لكننا لم نتلقها أبداً بهذه الطريقة في وجهنا مباشرة".

وشدد دييغيز على أهمية هذه المسألة، معتبراً أنها ينبغي أن "توجه خطى العلماء والباحثين والسلطات والصحافيين، ويحب عدم اعتبار الأخبار المضللة مجرد هراء بل اعتبارها مشاريع حقيقية ذات طبيعة سياسية". وأضاف، "يجب بالطبع تصحيح المعلومات الخاطئة، لكن يجب أن نفهم أن هناك مجموعة من محبي المعلومات المضللة الذين يدعمونها ليس لأنها خاطئة، بل تحديداً لأنها خاطئة وتنفيها السلطات ومرفوضة، وذلك يجعلها جذابة. لذلك هم ليسوا أشخاصاً نستطيع أن نوعيهم من خلال نقل المعلومات الصحيحة إليهم، فهم يتوقعون أن يتم وصفهم بالسذج أو بأنهم من محبي نظريات المؤامرة"، مشيراً إلى أنهم "ليسوا أشخاصاً معزولين تماماً أو مجموعة صغيرة من الأشخاص الحمقى".

آثار عدة

وعن تأثير الأخبار المضللة على المجتمع، قال دييغيز إن "الأشخاص الذين يدعمونها بقوة لديهم مهمة في العالم الواقعي، ويمكنهم التأثير في القرارات، وستحاول السلطات عدم إغضابهم خوفاً من ردود الفعل والتظاهرات وما إلى ذلك، وهذا سيجعل صانعي القرار السياسي حذرين جداً، خصوصاً في فترة الانتخابات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "للمعلومات المضللة آثار عدة، فهي مضللة لكنها ستغير أيضاً بيئة فكرية عامة وسيكون لها تأثير على ما سيقال، بسبب ضغط مجموعة تشكل أقلية صغيرة لكنها صاخبة جداً".

وأشار الباحث إلى وجود "انطباع حتى لو كان من الصعب إثباته، بأنه تم تكييف مكافحة الفيروس مع تشكيك بعضهم، على سبيل المثال بحملات التحصين، الأمر الذي أثار استياء عدد من الباحثين"، مضيفاً أن "هذا الأمر صحيح أيضاً في المحادثات اليومية، إذ لم يعد الناس يريدون التحدث عن الفيروس لأنهم يعلمون أن هذا الشخص أو ذاك لا يتفق معهم في آرائهم وسيتشاجرون".

وأوضح دييغيز، "يجد الناس أنفسهم مجبرين على اختيار طرف، ولقد دخل مفهوم التضليل والتآمر إلى قلب العائلات وهو يمزق الصداقات والفئات الاجتماعية، وهناك استقطاب وتطرف. كيف أقنع قريبتي بالتوقف عن مشاهدة مقاطع الفيديو هذه؟ أو لقد فقدت والدتي الاتصال بالواقع تماماً. ويشكل ذلك أيضاً مصدر قلق للناس، فهم يخافون مما أصبحت عليه بيئتهم الاجتماعية أكثر مما يخافون من الفيروس، وهناك حاجة إلى إصلاح الدمار الذي تسببت به المعلومات المضللة".

العالم ليس جاهزاً

ووسط هذا الكم من الأخبار المضللة، هل أصبحنا مجهزين بشكل أفضل لمحاربتها؟ يجيب دييغيز، "للأسف لا، لكن قد يكون لدينا درس أول، فإذا أردنا نشر العلم فيجب ألا ننسى العلوم الإنسانية مثل علم النفس الاجتماعي".

ويوضح، "يجب معرفة كيف يتصرف الناس وكيف تعمل هذه المعلومات المضللة وكيف يتم تداولها؟ وذلك يجب أن يحصل بالتعاون مع علماء الأوبئة وعلماء المناخ الذين لا يستطيعون إيصال رسالتهم".

وأضاف، "تستغل المعلومات المضللة كل وسائل الاتصال الجديدة والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لكنها وسائل يمكننا إعادة السيطرة عليها للحصول على معلومات، وهناك أيضاً تقصي الحقائق والصحافة عموماً، لكن هناك أيضاً القوانين التي يجب أن تتكيف مع الواقع، هل نفرض رقابة أم لا (على المعلومات المضلّلة التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي) من دون الاكتفاء بلجان أو تقارير من هنا وهناك؟".

المزيد من تقارير