Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا يستجيب الأتراك لدعوة أردوغان دعم الليرة؟

تدهور الثقة في سياسات الحكومة الاقتصادية والمخاوف من استمرار ارتفاع التضخم

العملة التركية في منحنى صعب بسبب الأزمات الإقتصادية في البلاد ( رويترز)

واصلت العملة التركية، الليرة، منحى التراجع ليصل سعر صرفها الأربعاء إلى أكثر من 13.4 ليرة للدولار، حيث تكاد تكون فقدت نصف الارتفاع الكبير الذي حققته في يومي 20 و21 ديسمبر (كانون الأول). وكان سعر الليرة وصل قبل ذلك إلى أكثر من 18 ليرة للدولار، حين أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خطط دعم الادخار بالليرة في محاولة لحشد دعم الأتراك للعملة. لكن استجابة الأتراك لتلك الدعوة، على الرغم من تعهد الحكومة بتعويض من يحولون مدخراتهم من الدولار واليورو والذهب وغيرها إلى الليرة عن خسارتهم نتيجة التضخم وخفض نسبة الفائدة، كما ذكر تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأربعاء.

وفقدت الليرة التركية أكثر من 85 في المئة من قيمتها منذ عام 2012 حتى الآن، وذلك نتيجة السياسة النقدية الميسرة. فعلى الرغم من ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد التركي، إلا أن الرئيس يضغط باستمرار على البنك المركزي ليخفض سعر الفائدة، ما يؤدي إلى مزيد من التدهور في سعر الليرة وارتفاع التضخم وزيادة تكاليف المعيشة على ملايين الأتراك نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وحسب الأرقام الرسمية التركية ارتفاع معدل التضخم الشهر الماضي إلى نسبة 36 في المئة، من نسبة 21 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني).

استمرار ارتفاع التضخم

يتوقع أغلب المراقبين والمحللين أن تواصل معدلات التضخم الارتفاع ما لم تغير الحكومة من سياستها النقدية، ويبدأ البنك المركزي في رفع سعر الفائدة. وكان البنك خفض سعر الفائدة بخمس نقاط مئوية من نسبة 19 في المئة في سبتمبر (أيلول) إلى نسبة 14 في المئة الشهر الماضي.

توقعت أوزليم دريشي سنغول مؤسسة شركة "سبين كونسلتنغ" في إسطنبول، في مقابلة مع "بي بي سي" الإنجليزية، أن يصل معدل التضخم إلى نسبة 50 في المئة بحلول الربيع المقبل، ما لم تغير الحكومة سياستها. وأضافت: "يتعين البدء في رفع سعر الفائدة بشكل قوي وكبير على الفور فذلك أمر طارئ وملح". وقال إبراهيم أكصوي، من بنك "إتش أس بي سي" في إسطنبول لـ"لفاينانشيال تايمز" الاثنين، إن معدلات التضخم سترتفع أكثر في الأشهر المقبلة، متوقعاً أن يصل معدل التضخم في تركيا إلى نسبة 42 في المئة في أبريل (نيسان) المقبل.

ويحاول البنك المركزي التركي دعم الليرة مع الإبقاء على سعر الفائدة منخفضاً بضخ الدولارات في السوق مباشرة، أو بشكل غير مباشر دون إعلان. لكن احتياطيات البنك من العملات الأجنبية تراجعت بشدة. وحسب "بلومبيرغ"، فإن احتياطيات البنك الإجمالية التي تصل إلى 110 مليارات دولار، لا يعتد بها الاقتصاديون كمقياس لقدرته على التدخل في سوق العملة لدعم الليرة. إنما ينظر إلى صافي تلك الاحتياطيات من العملات الأجنبية، التي لا تزيد على 8.6 مليار دولار لدى البنك المركزي التركي.

كانت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني خفضت مطلع ديسمبر الحالي توقعاتها لتصنيف الدين السيادي التركي إلى "سلبية"، محذرة من أن استمرار تدخل البنك المركزي لدعم سعر صرف الليرة "يهدد بالإضرار أكثر في الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي المتدهورة أصلاً".

استمرار الادخار بالدولار واليورو

من شأن استجابة الأتراك لدعوة الرئيس أردوغان أن تحسن وضع احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، ما يسهل إجراءات دعم العملة الوطنية. لكن "بلومبيرغ" ذكرت في تقريرها الأربعاء، أن الأتراك ما زالوا يفضلون الادخار بالدولار. إذ زادت الشركات التركية ما لديها من العملات الأجنبية بنحو 1.6 مليار دولار في الأسبوع الأخير من العام الماضي مستفيدة من الارتفاع قصير الأمد في سعر صرف الليرة لشراء الدولارات واليورو. بينما لم يحول الأفراد في تركيا سوى 100 مليون دولار إلى ليرة، وهو ما لم يغير كثيراً من حجم الادخار بالعملات الأجنبية في تركيا الذي ارتفع إلى 239 مليار دولار حسب أرقام البنك المركزي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان وزير المالية التركي نور الدين نيباتي أعلن أن الأتراك حولوا 84 مليار ليرة (6.8 مليار دولار) إلى الحسابات المرتبطة بالعملات الأجنبية حسب خطة الرئيس أردوغان. لكن ذلك المبلغ لا يعني كثيراً من حجم الودائع البالغ 386.5 مليار دولار (5.2 تريليون ليرة). وبحسب أرقام القطاع المصرفي التركي الرسمية، فإن أكثر من 60 في المئة من مدخرات الأتراك فيه هي بالعملات الأجنبية. بينما لا يزيد حجم الادخار بالعملة الوطنية في القطاع المصرفي على نحو 98 مليار دولار (1.1 تريليون ليرة).

وتنقل "بلومبيرغ" عن المحلل الاستراتيجي في إسطنبول إيفرين كيركوغلو قوله، "السبب في أن الناس تراكم العملات الأجنبية حتى الآن هو عدم الثقة، وما زالت الثقة مفقودة". ويبرر كيركوغلو عدم استجابة الأتراك لبرامج الادخار بالليرة التي دعا إليها الرئيس بقوله، "يبدو أن الناس لم تستوعب بعد ميزات النظام الجديد، وهم يخشون أن أي تطور قد يجعلهم غير قادرين على شراء العملات (الأجنبية) التي باعوها".

مخاوف من التغيرات

بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية عن مسؤولين في الحكومة الأسبوع الماضي، فإن هناك مليارات الدولارات من ادخار الأُسر لا تدخل النظام المصرفي، إنما يحتفظ بها الأتراك في بيوتهم، ومعظمها عبارة عن ذهب. وهذا عامل آخر يضاف إلى عوامل عدم الثقة في والتخوف من النظام المصرفي لدى كثير من الأتراك.

وتتطلب استفادة المودعين من البرامج التي أعلنتها الحكومة لدعم الليرة أن تظل المدخرات لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. وفي تلك الحالة، لا يُتوقع أن يغير كثيرون من حسابات ادخارهم لأن معظم المودعين يفضلون خيار إمكانية السحب من حساباتهم في أي وقت. فحسب بيانات القطاع المصرفي الرسمية، فإن نسبة 35 في المئة من الادخار في البنوك هي في حسابات لا تزيد على شهر.