Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد تعيين رئيس جديد للأساقفة... ما وضع الحريات الدينية في الجزائر؟

هناك جدل في شأن متابعته الدراسة في المعهد اليهودي في إسرائيل

كنيسة في الجزائر العاصمة (وكالة الأنباء الجزائرية)

فتح تعيين بابا الفاتيكان فرانسيس، المطران جان بول فيسكو رئيساً لأساقفة الجزائر باب التساؤل عن الحريات الدينية في البلاد، خصوصاً في ظل استمرار الخارجية الأميركية في انتقاد الوضع. وبين مرحب وناقم، تبقى حرية ممارسة الشعائر الدينية مضمونة في الدستور الجزائري.

ووفق موقع الكنيسة الكاثوليكية في الجزائر، فإن البابا فرانسيس عيّن في عيد القديس جان الإنجيلي، في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2021، المطران فيسكو على رأس أساقفة الجزائر، خلفاً للأسقف بول ديسفارج.

وقال أسقف الجزائر الجديد، في رسالة وجهها إلى أبرشية وهران، إنه "سيكون رسمياً على رأس أساقفة الجزائر خلال فبراير (شباط) 2022"، داعياً إلى "مواصلة خدمة الأبرشية في صورة كاملة". وتمنى أن "تكون السنة الجديدة سنة اكتشافات وتبادل ومسيرة كاملة في خدمة الكنيسة في الجزائر".

وفيسكو المولود في مدينة ليون الفرنسية عام 1962، ليس غريباً عن الوضع الجزائري، فقد أمضى تسع سنوات على رأس أبرشية محافظة وهران، غرب البلاد، منذ بداية 2013. والتحق بالنقابة الدومينيكية عام 1995، بعد دراسة القانون وممارسة مهنة المحاماة. واتصاله الأول بالجزائر كان بعد عام من ترسيمه كاهناً في عام 2001، لينتقل إلى دير تلمسان الدومينيكي في أبرشية وهران، وأصبح نائباً لها في 2005، ثم أميناً للصندوق في 2007، ليتم تعيينه من قبل بنديكتوس الـ16 رئيساً لأبرشية وهران.

ويبدو أن تعيين فيسكو سيثير جدلاً في الجزائر، لا سيما بعد الحديث عن متابعته الدراسة في المعهد اليهودي في إسرائيل والمدرسة الإنجيلية في القدس، بين عامي 2000 و2002.

احترام القانون

إلى ذلك، يعتقد الحقوقي عابد نعمان أن "الحرية الدينية هي حرية ممارسة الشعائر والعبادات، وهذا مرجعه الشريعة الإسلامية، وتم اعتماده مبدأ في الدساتير، وتنص القاعدة الدستورية على حرية ممارسة العبادات وفق المادة 51 التي تذكر أن لا مساس بحرمة حرية الرأي وأن حرية ممارسة العبادات مضمونة وتمارس في إطار احترام القانون".

يضيف نعمان أن المادة الدستورية ألزمت الدولة "حماية أماكن العبادة من أي تأثير سياسي أو أيديولوجي"، والحرص على حياة غير المسلمين وعباداتهم بقدر الحرص على عدم السماح لهم بأن يشكلوا خطراً على المسلمين". وقال "يجب أن نفرق بين ممارسة العبادة في مكان مخصص وبين النشاط التبشيري في مكان عام تحت غطاء الاحتفال".

شد وجذب

ويشهد موضوع الحريات الدينية بين حين وآخر توتراً، خصوصاً في شأن تحرك الكنيسة البروتستانتية من دون ترخيص في مناطق عدة. الأمر الذي يدفع السلطات إلى غلق أماكن يستخدمها أتباع الكنيسة للعبادة. وقد عبّرت الكنيسة البروتستانتية عن "قلقها إزاء إغلاق أماكن العبادة"، ودانت ما وصفته بـ"الاعتداءات على حق الأفراد والجماعات في ممارسة الحريات الدينية، وحق الحرية الفردية الذي تكفله المادة 42 من الدستور الجزائري".

في حين تعترف الكنيسة الكاثوليكية بأن ليس هناك أي مشكل في حرية ممارسة الشعائر الدينية في الجزائر، وأن أماكن العبادة التابعة لها معترف بها من السلطات الجزائرية. وصرح أسقف الجزائر السابق، المطران بول ديفارج، خلال توليه مهماته، أن "حرية ممارسة الشعائر الدينية يكفلها ويضمنها القانون الساري في البلاد"، مشيراً إلى أن "الكنيسة الكاثوليكية في الجزائر تدير أماكنها المخصصة  للعبادة التي يعترف بها القانون".

مواد الدستور

وجاء في المادة 36 من الدستور الجزائري أن "حرية العقيدة والرأي مضمونة". وورد في المادة 29 أن "كل المواطنين سواسية أمام القانون، ولا يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد، أو العرق، أو الجنس، أو الرأي، أو أي شرط أو ظرف آخر، شخصي أو اجتماعي".

وتنص المادة 42 على أن "حرية ممارسة الشعائر الدينية مضمونة في ظل احترام القانون"، إضافة إلى أن "الدولة الجزائرية التي تدين بالإسلام تضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية في إطار احترام أحكام الدستور والقوانين والتنظيمات السارية المفعول". وتشير المادة 3 إلى أن "الجمعيات الدينية لغير المسلمين تستفيد من حماية الدولة".

واشنطن ومنظمة العفو الدولية

وقد أدرجت الخارجية الأميركية الجزائر في 2020، في خانة الدول المنتهكة للحريات الدينية، بسبب انتهاكات جسيمة للحريات الدينية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا تقتصر إشكالية حرية المعتقد في الجزائر على بعض الكنائس المسيحية، فبين حين وآخر تُفتح ملفات مجموعات دينية مثل الأحمدية والكركرية والشيعة. وفي حين تعبّر جماعات أنها تمارس طقوسها كما ينص دستور البلاد، لا يخلو الأمر من توجس رسمي. فقد اتهم وزير الشؤون الدينية والأوقاف السابق، محمد عيسى، الجماعة الأحمدية بأنها تقف وراء مؤامرة إسرائيلية لزرع بذور الاضطراب في الجزائر، على اعتبار أن الجماعة تتمتع بحرية الشعائر في إسرائيل ولديها مسجد في مدينة حيفا ومحطة تلفزيونية.

وردت منظمة العفو الدولية على لسان سيرين رائد، على عيسى، فاعتبرت أن الاتهامات التي تكال للجماعة الأحمدية لا أساس لها، ولا تؤدي سوى إلى تغذية التعصب الديني، داعية السلطات الجزائرية إلى حماية الأقليات والتعددية الدينية.

وفي حين لفت مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف السابق، المتخصص في الدراسات الإسلامية، عدة فلاحي، إلى أن الكركرية والأحمدية تختلفان، فالأولى طريقة صوفية بينما الثانية طائفة بحد ذاتها، اعتبر أن "خطرهما واحد على المجتمع الجزائري السني المالكي المتماسك". وأشار إلى أن شيعة الجزائر ينقسمون إلى فئات غير منسجمة، فهناك من له ولاء روحي لإيران وولاؤه السياسي للجزائر، وهناك من له ولاء سياسي وروحي لإيران ولخياراتها السياسية أيضاً.

أمن الجزائر واستقرارها

في السياق، يعتقد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، أن الجزائر من الدول التي عانت من تغلغل المذاهب الدينية التي كان هدفها متبايناً بحسب الجهة التي تتبناها. والجميع يذكر كيف أصبحت الجزائر مرتعاً لعديد من التنظيمات الإرهابية المتطرفة والمذاهب المختلفة خلال سنوات التسعينيات، التي كان هدفها زعزعة أمن البلاد واستقرارها، ورداً على ذلك ما ضبطت السلطة الخطاب الديني.

يضيف حبيب أن "تحرك المذهب الأحمدي والطريقة الكركرية وبعض الجهات المسيحية بشكل غير قانوني أصبح محل إزعاج للسلطات"، مشيراً إلى أن "هناك أطرافاً تتخذ من تعامل السلطات مع هذه التجاوزات مطية للتقرب من المنظمات الحقوقية الدولية بهدف الضغط على الجزائر". ويقول إن "محاولة بعض الدول وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية الضغط على الجزائر بهذه الجزئية أضحى أمراً مبالغاً فيه".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي