أعلنت إيران، الخميس 30 ديسمبر (كانون الأول)، إطلاق صاروخ إلى الفضاء يحمل معدات لأغراض بحثية، وفق التلفزيون الرسمي، في خطوة أثارت قلق واشنطن خصوصاً أنها تأتي في ظل مباحثات لإحياء الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي.
وفي حين تشدد إيران على الطبيعة العلمية لبرنامجها الفضائي، سبق لدول غربية عدة أبرزها الولايات المتحدة، إضافة إلى إسرائيل العدو اللدود للنظام، أن أعربت عن قلقها منه، معتبرة أنه يسهم في تعزيز برنامجها للصواريخ الباليستية الذي يثير أيضاً انتقادات الدول الغربية.
وأتى الإعلان عن إطلاق الصاروخ في وقت تجري طهران والقوى الكبرى، بمشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات في فيينا بهدف إحياء اتفاق عام 2015 بشأن برنامج إيران النووي، الذي انسحبت منه واشنطن أحادياً عام 2018.
وكانت إيران التي تملك واحداً من أكبر البرامج الصاروخية في الشرق الأوسط، قد مُنيت بفشل محاولات سابقة لإطلاق أقمار اصطناعية في الأعوام القليلة الماضية بسبب مشكلات تقنية.
التفاصيل مجهولة
وقال المتحدث باسم منظمة الدفاعات الفضائية في وزارة الدفاع الإيرانية أحمد حسيني، "أرسل (الصاروخ) حامل الأقمار الاصطناعية ’سيمرغ‘ (طائر الفينيق بالفارسية) ثلاث شحنات بحثية إلى الفضاء"، وفق التلفزيون الرسمي.
وأوضح، "خلال مهمة البحث الفضائي هذه، وللمرة الأولى، تم إطلاق ثلاث شحنات بحثية بشكل متزامن على ارتفاع 470 كيلومتراً". وتابع، "تم تحقيق أهداف البحث الملحوظة لعملية الإطلاق هذه"، من دون أن يحدد طبيعة هذه الشحنات، وما إذا تم وضعها في المدار.
وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لعملية انطلاق صاروخ من منطقة صحراوية، مهنئاً بـ"إنجاز جديد للعلماء الإيرانيين".
ولم تحدد المصادر الإيرانية المكان الذي انطلق منه الصاروخ. لكن تقارير صحافية أميركية كانت ذكرت في وقت سابق من الشهر الحالي، استناداً إلى صور من الأقمار الاصطناعية وآراء من خبراء، أن إيران تستعد لعملية إطلاق صاروخ من مركز الإمام الفضائي في محافظة سمنان وسط البلاد.
ونقل التلفزيون الإيراني عن حسيني قوله إن الإطلاق الجديد كان عبارة عن "إطلاق تمهيدي، وستكون لدينا اطلاعات عملية في مستقبل قريب".
تجارب سابقة
ويأتي الإعلان عن إطلاق الصاروخ بعد نحو 11 شهراً من تأكيد وزارة الدفاع إجراء تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ مخصص لحمل قمر اصطناعي ومزوّد بتقنية "أقوى" محرك يعمل بالوقود الصلب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها إيران إجراء عمليات إطلاق مماثلة. فقد أفادت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في يونيو (حزيران) الماضي، بأن طهران فشلت في إطلاق قمر اصطناعي إلى الفضاء وتعتزم تكرار هذه المحاولة قريباً. إلا أن الأخيرة نفت تلك المعلومات في حينه.
وفي فبراير (شباط) 2020، أعلنت إيران فشل محاولة وضع قمر اصطناعي للمراقبة العلمية في المدار، في ثاني إخفاق من نوعه خلال نحو عام، بعد فشل محاولة وضع قمر في المدار في يناير (كانون الثاني) 2019 أيضاً.
إلا أن الحرس الثوري الإيراني كشف في أبريل (نيسان) 2020، عن نجاحه بإطلاق أول قمر اصطناعي عسكري حمل اسم "نور 1"، وحمله صاروخ "قاصد" إلى المدار على ارتفاع 425 كيلومتراً.
مخاوف غربية
وأعربت واشنطن عن قلقها حيال إطلاق الصاروخ الإيراني، قائلةً إن من شأن هذه الخطوة مساعدة برنامج طهران الصاروخي، لكنها شددت على أنها ما زالت تسعى للعودة إلى الاتفاق النووي عبر القنوات الدبلوماسية.
وأفادت ناطقة باسم الخارجية الأميركية بأن "الولايات المتحدة ما زالت تشعر بالقلق حيال تطوير إيران مركبات إطلاق فضائي، وهو أمر يمثل مصدر قلق كبير في ما يتعلق بانتشار" الأسلحة. لكنها أضافت، "نسعى للعودة إلى امتثال كامل بالاتفاق".
وغالباً ما تلقى النشاطات الفضائية الإيرانية، إدانة دول غربية على خلفية المخاوف من لجوء طهران إلى تعزيز خبرتها في مجال الصواريخ الباليستية من خلال إطلاق أقمار اصطناعية إلى الفضاء.
وبعد تجربة الإطلاق الصاروخي الإيرانية في فبراير 2021، أعربت الخارجية الأميركية عن قلقها "إزاء جهود طهران لتطوير مركبات الإطلاق الفضائي (الصواريخ الفضائية)، نظراً إلى قدرة هذه البرامج على دفع (آليات) تطوير الصواريخ الباليستية الإيرانية قدماً".
وأضافت، "تطرح مركبات الإطلاق الفضائي مخاوف كبيرة على صعيد الانتشار النووي نظراً إلى استخدامها تقنيات تكنولوجية متطابقة مع تلك المستخدمة في الصواريخ الباليستية، بما في ذلك الأنظمة البعيدة المدى".
في المقابل، تؤكد إيران أن برامج الأقمار الاصطناعية هي "حق" لها، ومخصصة لغايات مدنية وبحثية، وتتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدولي.
مباحثات فيينا
ويأتي الإطلاق الجديد في وقت تجري إيران والقوى الكبرى، بمشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات في فيينا تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي.
وخاض أطراف الاتفاق ست جولات بين أبريل ويونيو. وبعد تعليقها لنحو خمسة أشهر، استؤنفت المفاوضات أواخر نوفمبر (تشرين الثاني).
وبدأت الجولة الثامنة في 27 ديسمبر، وستعلّق بين الجمعة والأحد، قبل أن تُستأنف الاثنين المقبل.
ورأت الولايات المتحدة الثلاثاء تقدماً محتملاً في المفاوضات، إلا أنها اعتبرت أن هذا التقدم "لا يرقى إلى (مستوى) خطى إيران النووية المتسارعة".
وتشدد واشنطن والأطراف الأوروبيون على ضرورة احترام إيران كامل التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الذي قيّد عدداً من أنشطتها.
من جهتها، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها بعد انسحابها من الاتفاق، وضمان عدم إقدام الأميركيين على خطوة مماثلة مجدداً.