Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليورو بعد 20 عاما... ما زال يحلم بمنافسة الدولار

العملة الأوروبية الموحدة بقيت مستقرة في المركز الثاني منذ بدأ تداولها في يناير 2002 على الرغم من التقلبات

كانت العملة الأوروبية الموحدة وليدة تسوية مؤلمة بين فرنسا وألمانيا (رويترز)

عندما تبنت 12 دولة "اليورو" قبل عقدين من الزمن، أشاد الرئيس الفرنسي جاك شيراك في ذلك الوقت بأوروبا "التي تؤكد بهذا التوحيد هُويتها وقوتها".

بالنسبة إلى مروجي اليورو، لم تكن العملة مجرد قفزة في الإيمان بالوحدة الأوروبية، لكنها شكلت منافسة مع الولايات المتحدة ودولارها القوي.

لكن، بعد مرور 20 عاماً، ليس هناك شك في أن الدولار لا يزال مُسيطراً. وعندما أدى انتشار فيروس كورونا إلى إغلاق الاقتصاد العالمي، قفزت قيمة العملة الأميركية، إذ تدفق المُستثمرون على أمان العملة العالمية الفعلية في العالم.

واليوم، يُتداول أكثر من 2.1 تريليون بالدولار الأميركي، في حين أن نحو 60 في المئة من احتياطيات النقد الأجنبي الموجودة في البنوك المركزية مقومة بالدولار، حسب "التايمز" اليابانية. ووفق البنك المركزي الأوروبي، تبلغ حصة اليورو نحو 20 في المئة.

هيمنة الدولار

لكن، حتى لو لم يشكل اليورو أي تهديد مباشر لهيمنة الدولار، فلا تزال العملة الأوروبية الموحدة تحظى باحترام العالم، وتحتل المركز الثاني منذ أن بدأ تداولها في الأول من يناير (كانون الأول) 2002.

العملة الأوروبية الموحدة كانت وليدة تسوية مؤلمة بين فرنسا وألمانيا، مع تخلي برلين عن المارك الألماني العزيز مقابل دعم باريس لإعادة توحيد ألمانيا بعد سقوط جدار برلين.

في الأيام الأولى، اتخذت القواعد التي وضعها البنك المركزي الأوروبي على اليورو طابعاً ألمانياً مميزاً، حين كان الاستقرار، والقضاء على التضخم، هما الأولوية الوحيدة.

يقول جونترام وولف، مدير "بروغيل"، وهي مؤسسة فكرية اقتصادية مقرها بروكسل، لـ"التايمز" اليابانية، إن جعل اليورو عملة دولية رائدة "ربما كان وجهة نظر فرنسية، لكنها بالتأكيد لم تكن وجهة نظر الجمهور الألماني".

وأضاف وولف، "عندما بدأ البنك المركزي الأوروبي العمل عليها، كان يتبع إلى حد كبير نموذج البنك المركزي الألماني، مما يعني أن يكون محايداً بشكل أساسي".

لقد مر اليورو بأزمات موجعة فقد تحطم الحلم على صخور أزمة ديون منطقة اليورو في 2007 و2008 مع اندلاع الأزمة المالية العالمية.

هجوم ترمب ولدغات الواقع

عادت فكرة الترويج لليورو كأداة للقوة مع دخول دونالد ترمب البيت الأبيض. وكبرت مع تخلي ترمب عن الاتفاق النووي مع طهران، إذ وجدت الشركات الأوروبية التي سارعت إلى الاستثمار في إيران نفسها تحت تهديد عصا العقوبات الأميركية، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الهرولة لإيجاد حل قانوني لإبقاء الشركات الأوروبية بعيداً عن مرمى واشنطن، لكن الجهود باءت بالفشل حيث ارتجفت الشركات على حساب تحدي الولايات المتحدة والنفس الأميركي الطويل في العقوبات.

قال مسؤول أوروبي مطلع على النقاش، فضل حجب هُويته، إنه "منذ رحيل ترمب فقدت القضية زخمها". مضيفاً، "عندما تتحدث عن الدور الدولي لليورو، فإنك تتحدث عن كل شيء ولا شيء في الوقت نفسه".

وتابع "يتفق الجميع مع مبدأ أن يكون لليورو دور أكبر في العالم، لكن الخلافات تبرز عند الحديث عن كيفية تحقيق ذلك".

اليورو وسندات الخزانة الأميركية

يتفق المراقبون على أن العنصر السحري المفقود عند الحديث عن اليورو هو الأصول الآمنة، أي يورو يعادل سندات الخزانة الأميركية التي كانت منذ الحرب العالمية الثانية ملاذ المستثمر العالمي في الأسواق العاصفة.

كما أن الطلب الهائل على السندات المقومة باليورو للمساعدة في دفع تكاليف صندوق التعافي الضخم الكتلة للتعافي من جائحة كورونا لم يُؤدِّ إلا إلى دعم هذه الحجة.

لكن، إنشاء معادل لسندات الخزانة الأميركية لطالما كان أمراً محظوراً بالنسبة إلى الدول الأعضاء الأكثر ثراءً مثل ألمانيا أو هولندا التي تخشى سداد القروض التي تعود بالفائدة على فرنسا أو إسبانيا أو اليونان، البلدان ذات الديون الثقيلة.

يقول وولف من معهد بروغيل، إن الحصول على سندات دولية من شأنه أن "يساعد بالتأكيد". لكنه قال إن الشيء الأفضل لليورو هو الاقتصاد المُنتج. وأضاف، "إذا كان لديك اقتصاد ديناميكي، فإن الاستثمار الدولي سيأتي إلى أوروبا وسيقوي اليورو كعملة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قصة اليورو

مع احتفال أوروبا بالعام الجديد قبل 20 عاماً، ودعت 12 دولة من دولها المارك الألماني والفرنك الفرنسي والليرة والبيزيتاس، ورحبوا بعملة اليورو الموحدة. في الأول من يناير 2002، أصبحت الأوراق النقدية والعملات المعدنية باليورو حقيقة واقعة لنحو 300 مليون شخص من أثينا إلى دبلن، بعد ثلاث سنوات من إطلاق العملة رسمياً في شكل "افتراضي".

وبعيداً عن احتفالات العام الجديد الصارمة التي فرضتها جائحة كورونا بعد 20 عاماً، اشتعلت الألعاب النارية والموسيقى والأضواء في منتصف الليل في الصباح الباكر من يوم الأول من يناير 2002، لإعلان أكبر تحول نقدي في التاريخ.

العديد من الأشخاص في ذلك الوقت مروا بحفلات ليلة رأس السنة التقليدية، واختاروا الوقوف في طابور في أجهزة صرف النقود في حماسهم للحصول على أول أوراق نقدية من اليورو.

وفي برلين، قال الألمان مرحباً باليورو ووداعاً لعملتهم المحبوبة في حفل خاص عند بوابة براندنبورغ، حين احتشد ما يصل إلى مليون شخص في الشوارع لحضور حفل الشارع التقليدي العملاق في ليلة رأس السنة الجديدة هناك.

وانتشر اليورو أيضاً في المقاهي ومنطقة الضوء الأحمر في أمستردام.

ومع ذلك، لم يكن المُحتفلون الإيرلنديون في عجلة من أمرهم للترحيب باليورو، واستمروا في الدفع بالعملة الإيرلندية، تاركين صداع التغيير حتى اليوم التالي.

وكما كان يخشى الكثيرون في ذلك الوقت، أثار تبديل اليورو ارتفاعات متقطعة في الأسعار في جميع أنحاء أوروبا من تذاكر الحافلات الإسبانية، التي قفزت بنسبة 33 في المئة، إلى البازار الفنلندي، لقد أصبح "كل شيء باليورو".

قال رئيس البنك المركزي الأوروبي في ذلك الوقت، ويم دويسنبرغ، الذي حذر التجار من الاستفادة من إطلاق اليورو لزيادة الأسعار، إنه "لم يرَ مؤشرات على انتشار الانتهاكات".

وأضاف دويسنبرغ، للصحافيين آنذاك، "عندما اشتريت ساندويتش بيغ ماك وميلك شيك بالفراولة هذا الأسبوع (في عام 2002)، كان سعرها 4.45 يورو (خمسة دولارات أميركية)، وهو المبلغ نفسه الذي دفعته مقابل الوجبة نفسها الأسبوع الماضي".

وقتها قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن أوروبا فاجأت نفسها بالتحول الخالي من الأخطاء تقريباً إلى العملة الموحدة.

وتبين أن الألمان، المُشككين في العملة الموحدة والحنين إلى عملتهم، كانوا من بين أكثر الأوروبيين حماسة.

ونتذكر المقال الافتتاحي لصحيفة التابلويد الألمانية الشهيرة "بيلد" عندما قالت "أموالنا الجديدة تتقدم بأقصى سرعة. ولا توجد مشاكل على الإطلاق في قول وداعاً للعملة الألمانية، فلا دموع تُذرف".

لكن سرعان ما تراجعت اللهجة المتفائلة مع ظهور عدد قليل من العثرات، مثل نقص السيولة والطوابير الطويلة في البنوك ومكاتب البريد وأكشاك الرسوم.

في ذلك الوقت حثت فرنسا المواطنين على عدم الاندفاع دفعة واحدة إلى البنوك بمدخراتهم، التي غالباً ما يتم تخزينها تحت المراتب وفي أوعية مربى، إذ كان أمامهم حتى 30 يونيو (حزيران) للتخلص من فرنكاتهم في البنوك التجارية وحتى عام 2012 في بنك فرنسا.

وأبلغت المفوضية الأوروبية عن مشاكل بسيطة في توزيع سندات اليورو الصغيرة والعملات المعدنية في معظم البلدان.

ومع ذلك، قال دويسنبرغ، آنذاك، إنه متأكد من أن الأول من يناير 2002 سيُكتب في كتب التاريخ على أن اليورو بداية لعصر أوروبي جديد.

واليوم، وبعد مرور 20 عاماً على ولادة اليورو الأوروبي هل تحقق الحلم؟

اقرأ المزيد